كشف المعانى فى المتشابه من المثانى

سورة الممتحنة
436 - مسألة:
قوله تعالى: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ) ثم قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) كرر ذلك مرتين، فما فائدة تكراره؟ .
جوابه:
أن الأولى: أريد بها التأسي بهم في البراءة من الكفار، ومن عبادة غير الله تعالى.
وأريد بالثانية: التأسي بهم في الطاعات واجتناب المعاصي لقوله تعالى بعده: (لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) يريد ثوابه وعقابه.
سورة الصف
437 - مسألة:
قوله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ)

(1/355)


بالألف واللام وسائر المواضع: افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا) منكرا.
جوابه:
أن المراد بآية الصف: كذب خاص وهو جعلهم البينات
سحرا
والمراد في بقية المواضع: أي كذب كان، وعطف عليه (أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ) أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ) (أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ) وشبه ذلك.
سورة الجمعة
438 - مسألة:
قوله تعالى: (وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا) ، و (لَنْ يَتَمَنَّوْهُ)
في سورة البقرة تقدم جوابه عند تلك الآية.

(1/356)


سورة المنافقين
39، - مسألة:
قوله تعالى: (وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ)
ثم قال بعده: (وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) ؟ .
جوابه:
لما قالوا: (لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ) ختم بأنهم (لَا يَفْقَهُونَ) أي لايفهمون أن الأرزاق على الله تعالى، وأن منعهم ذلك لا يضرهم لأن الله تعالى يرزقهم إذا منعوهم من جهة أخرى، فلما كان الفكر في ذلك أمرا خفيا يحتاج إلى فكر وفهم، وأن خزائن الله سبحانه مقدورته إذا شاءها قال (لَا يَفْقَهُونَ) .
وأما: (لَا يَعْلَمُونَ) : فرد على عبد الله بن أبي حين قال: (لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ) لأن ذلك يدل على عدم علمه أن العزة لله وللرسول، يعز من يشاء ويذل من يشاء، فمنه العزة وهو معطيها لمن يشاء، وليس ذلك إلى غيره، وذلك من الأمور الظاهرة لمن عرف الله تعالى، فجهَّلَهم

(1/357)


بقولهم ذلك مع ظهور دليله.
سورة التغابن
440 - مسألة:
قوله تعالى: (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) ثم قال تعالى: (يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) ثم قال تعالى: (وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ) بإثبات (ما) ؟ .
جوابه:
لما كان تسبيح أهل السموات يختلف مع تسبيح أهل الأرض في الكمية والكيفية والإخلاص والمواظبة، ناسب ذلك التفصيل ب (ما) .
ولما كان "العلم " معنى واحدا لا يختلف معناه باختلاف المعلومات ناسبه ذلك حذف (ما) لاتحاده في نفسه. ولما اختلف معنى " الإسرار والإعلان " ناسب ذلك إتيان

(1/358)


(ما) لما بينهما من البيان، والفرق بينه تعالى وبين غيره
في علم السر والعلن دون السر.
441 - مسألة:
قوله تعالى: (يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ)
وفى الطلاق: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ) أسقط (يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ) ؟ .
جوابه:
لما تقدم قوله تعالى: (وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ)
دخل فيه أعمال الطاعات، والسيئات.
وقال تعالى: (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا) وهو
كفر وسيئة ناسب ذلك: (وَمَنْ يُؤْمِنْ) أي بعد (ما)
كفر عنه سيئاته في سره أو علنه، من أقواله وأفعاله وآية
الطلاق لم يتقدمها ذكر سيئات ولا ما يفهم منه، بل قال:
(فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا) فناسب ذلك
ذكر الصالحات وترك ذكر السيئات. وأيضا تقدم فيها تكفير

(1/359)


السيئات في قوله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ) فكفى عن إعادته.
442 - مسألة:
قوله تعالى: (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ) أي
محنة تمتحنون بها.
وقال تعالى: (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ)
وقال تعالى: (يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ)
وقال تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى) ونحو ذلك من الآيات الدالة على ثناء بعض أرباب الأموال
جوابه:
أنه محمول على الأغلب في الأموال والأولاد، فقد تأتي (إنما) ولايقصد بها الحصر المطلق كقوله تعالى: (إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ) وهو بشير أيضا، ورسول، وشفيع.

(1/360)


سورة الملك
443 - مسألة:
قوله تعالى: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ)
ثم قال تعالى: (أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا) قدم الخسف على الحاصب
وفى الأنعام: قدم المؤخر ههنا وأخر المقدم في قوله تعالى: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) ؟ .
جوابه:
لما تقدم هنا: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا) الآية،
ناسب أن يليه الوعيد بالخسف في الأرض التي أذلها.
وأية الأنعام: تقدمها قوله تعالى (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً)

(1/361)


(قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) الآية، وهو فوق الأرض فناسب ذلك تقدم ما هو من جهة فوق.