مشكل إعراب القرآن

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة مَرْيَم عَلَيْهَا السَّلَام
قَوْله تَعَالَى {ذكر رَحْمَة رَبك} قَالَ الْفراء هُوَ مَرْفُوع بكهيعص وَأنكر ذَلِك عَلَيْهِ الزّجاج وَقَالَ الْأَخْفَش هُوَ مُبْتَدأ مَحْذُوف الْخَبَر تَقْدِيره فِيمَا يقص عَلَيْك ذكر رَحْمَة رَبك
وَقيل تَقْدِيره هَذَا الَّذِي يُتْلَى ذكر رَحْمَة رَبك وَتَقْدِير الْكَلَام ذكر رَبك عَبده زَكَرِيَّا برحمة
قَوْله {إِذْ نَادَى ربه} الْعَامِل فِي إِذْ هُوَ ذكر
قَوْله {شيبا} نصب على التَّفْسِير وَقيل هُوَ مصدر شَاب شيبا

(2/449)


قَوْله {يَرِثنِي وَيَرِث} من جزمه جعله جَوَابا للطلب لِأَنَّهُ كالأمر فِي الحكم وَمن رَفعه جعله نعتا للْوَلِيّ أَو على الْقطع تَقْدِيره اذا جعلته نعتا فَهَب لي من لَدُنْك وليا وَارِثا علمي ونبوتي
قَوْله {من الْكبر عتيا} نصب ببلغت وَتَقْدِيره سنا عتيا وَأَصله عتوا وَهُوَ مصدر عتا يعتو فأبدلوا من الْوَاو يَاء وَمن الضمة الَّتِي قبلهَا كسرة لتصح الْيَاء وَلِأَن ذَلِك أخف ولتتفق رُءُوس الاي وَقد قرىء بِكَسْر الْعين لاتباع الْكسر الْكسر
قَوْله {قَالَ كَذَلِك} الْكَاف فِي مَوضِع رفع أَي قَالَ الْأَمر كَذَلِك فَهِيَ خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف
قَوْله {سويا} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي تكلم أَو نعت لثلاث لَيَال وَكَذَلِكَ بشرا
قَوْله {وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبيا} صَبيا نصب على الْحَال
قَوْله {وَحَنَانًا} عطف على الحكم
قَوْله {مَكَانا قصيا} ظرف وَقيل هُوَ مفعول بِهِ على تَقْدِير فقصدت بِهِ مَكَانا قصيا

(2/450)


قَوْله {فناداها من تحتهَا} من كسر الْمِيم فِي من كَانَ الضَّمِير فِي فناداها ضمير عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَي فناداها عِيسَى من تحتهَا أَي من تَحت ثِيَابهَا وَيجوز أَن يكون الضَّمِير لجبريل عَلَيْهِ السَّلَام وَيكون التَّقْدِير فناداها جِبْرِيل من دونهَا أَي من أَسْفَل من موضعهَا كَمَا تَقول دارى تَحت دَارك أَي أَسْفَل من دَارك وبلدي تَحت بلدك أَي أَسْفَل مِنْهُ وكما قَالَ فِي الْجنَّة تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار أَي من أَسْفَل مِنْهَا
فتحت يُرَاد بهَا الْجِهَة المحاذية للشىء فَيكون جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام كلمها من الْجِهَة المحاذية لَهَا لَا من أَسْفَل مِنْهَا واذا كَانَ الضَّمِير لعيسى عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ تَحت بِمَعْنى أَسْفَل لِأَن مَوضِع ولادَة عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَسْفَل مِنْهَا وَيدل على أَن 4 تَحت تقع بِمَعْنى الْجِهَة المحاذية للشىء قَوْله {قد جعل رَبك تَحْتك سريا} أَي فِي الْموضع المحاذي لَك لَا أَنه أَسْفَلهَا فَأَما فتح الْمِيم من من فانه جعل من هُوَ الْفَاعِل وَلَيْسَ فِي فناداها ضمير فَاعل وَمن فِي هَذِه الْقِرَاءَة هُوَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَسْفَل مِنْهَا فَوَقَعت من للخصوص فِي هَذَا وَأَصلهَا أَن تكون للْعُمُوم وَقد قيل أَيْضا ان من لجبريل عَلَيْهِ السَّلَام كَالْأولِ

(2/451)


قَوْله {تساقط عَلَيْك رطبا} نصب رطبا على الْبَيَان وَقيل هُوَ مفعول لهزي وَهَذَا انما يكون على قِرَاءَة من قَرَأَ بِالتَّاءِ وَالتَّخْفِيف أَو التَّشْدِيد أَو بِفَتْح التَّاء وَالتَّشْدِيد وَفِي تساقط ضمير النَّخْلَة وَيجوز أَن يكون ضمير الْجذع هَذَا على قِرَاءَة من قَرَأَ بِالتَّاءِ كَمَا قَالُوا ذهبت بعض أَصَابِعه فَأَما من قَرَأَهُ بِالْيَاءِ فَلَا يكون فِي يساقط الا ضمير الْجذع فَأَما من قَرَأَ بِضَم التَّاء وَالتَّخْفِيف وَكسر الْقَاف فرطب مفعول تساقط وَقيل هُوَ حَال وَالْمَفْعُول مُضْمر تَقْدِيره تساقط ثَمَرهَا عَلَيْك رطبا جنيا نعت والنخلة تدل على الثَّمر فَحسن حذفه وَالْبَاء فِي بجذع زَائِدَة
قَوْله {وقري عينا} نصب على التَّفْسِير
قَوْله {فإمَّا تَرين} وَزنه فِي الأَصْل تفعلين كتضربين وأصل لَفظه ترأيين فألقيت حَرَكَة الْهمزَة على الرَّاء كَمَا يفعل فِي ترى ثمَّ أبدل من الْيَاء الْمَكْسُورَة الَّتِي هِيَ لَام الْفِعْل الْفَا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا ثمَّ حذف الْألف لسكونها وَسُكُون يَاء التَّأْنِيث بعْدهَا فبقى تَرين فَدخلت النُّون الْمُشَدّدَة للتَّأْكِيد فحذفت نون الاعراب للْبِنَاء وَكسرت الْيَاء لسكونها وَسُكُون

(2/452)


أول النُّون الْمُشَدّدَة وَلم تحذف الْيَاء اذ لَيْسَ قبلهَا كسرة تدل عَلَيْهَا وَلِأَنَّهُ قد حذف لَام الْفِعْل قبلهَا فَصَارَت تَرين كَمَا هِيَ فِي التِّلَاوَة فَافْهَم ذَلِك
قَوْله {أمك بغيا} أصل بغيا بغوي فَهُوَ فعول لَكِن أدغمت الْوَاو فِي الْيَاء وَكسرت الْغَيْن لمجاورتها الياءين ولتصح الْيَاء الساكنة وفعول هُنَا بِمَعْنى فاعلة وَلذَلِك أَتَى بِغَيْر هَاء وَهُوَ صفة للمؤنث كَمَا يَأْتِي فعول بِغَيْر هَاء للمؤنث اذا كَانَ بِمَعْنى مفعول كَقَوْلِه تَعَالَى {فَمِنْهَا ركوبهم} وَلَيْسَ بغيا فِي الأَصْل على وزن فعيل وَلَو كَانَ فعيلا للزمته الْهَاء للمؤنث لِأَن فعيلا اذا كَانَ للمؤنث بِمَعْنى فَاعل لَزِمته الْهَاء كَقَوْلِهِم امْرَأَة رحيمة وعليمة بِمَعْنى راحمة وعالمة فَلَمَّا أَتَى بغي بِغَيْر هَاء علم أَنه فعول وَلَيْسَ بفعيل
قَوْله {يَا أُخْت هَارُون} التَّاء فِي أُخْت لَيست بِأَصْل لَكِنَّهَا بِمَنْزِلَة الأَصْل لِأَنَّهَا زيدت للالحاق لِأَن أصل الِاسْم أخوة على فعلة فحذفت الْوَاو وضمت الْهمزَة لتدل على الْوَاو المحذوفة كَمَا كسرت الْبَاء

(2/453)


فِي بنت لتدل على الْيَاء المحذوفة وأصل بنت بنية فبقى الإسم على حرفين الْهمزَة وَالْخَاء فزيدت التَّاء وَألْحق بِبِنَاء فعل والتصغير وَالْجمع يدلان على مَا قُلْنَا لِأَنَّك تردها إِلَى أَصْلهَا فِي التصغير وَالْجمع فَتَقول أخية وأخوات وَحذف الْوَاو فِيهَا على غير قِيَاس وَقيل لِكَثْرَة الإستعمال وَكَانَ الْقيَاس أَن تَقول فِي الْوَاحِدَة أخاة تقلب الْوَاو ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا وَكَذَلِكَ التَّاء فِي بنت زيدت لتلحق الإسم بِبِنَاء جذع لِأَن الْيَاء مِنْهَا حذفت على غير قِيَاس إِلَّا أَن بِنْتا لَا ترد الْيَاء فِيهَا فِي الْجمع وَترد فِي التصغير تَقول فِي التصغير بنية كَمَا تَقول فِي أُخْت أَخِيه وَتقول فِي الْجمع بَنَات وَلَا تَقول بنيات كَمَا تَقول أَخَوَات
قَوْله من كَانَ فِي المهد صَبيا صَبيا نصب على الْحَال وَكَانَ زَائِدَة وَالْعَامِل فِي الْحَال الأستقرار وَقيل كَانَ كَانَ هُنَا بِمَعْنى وَقع وَحدث وفيهَا اسْمهَا مُضْمر وصبيا حَال أَيْضا وَالْعَامِل فِيهِ نُكَلِّم وَقيل كَانَ وَقَالَ الزّجاج من للشّرط وَالْمعْنَى من كَانَ فِي المهد صَبيا كَيفَ نكلمه

(2/454)


قَوْله {مَا دمت حَيا} مَا فِي مَوضِع نصب على الظّرْف أَي حِين دوَام حَياتِي وَقيل فِي مَوضِع نصب على الْحَال وَحيا خبر دمت وَالتَّاء اسْم دَامَ لِأَن دَامَ من أَخَوَات كَانَ
قَوْله {وَبرا بوالدتي} عطف على مُبَارَكًا ومبارك مفعول ثَان لجعل وَمن خفض برا عطفه على الصَّلَاة
قَوْله {قَول الْحق} من رفع قولا أضمر مُبْتَدأ وَجعل قَول الْحق خَبره تَقْدِيره ذَلِك عِيسَى بن مَرْيَم ذَلِك قَول الْحق أَو هَذَا الْكَلَام قَول الْحق وَقيل ان هُوَ الْمُضمر كِنَايَة عَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام لِأَنَّهُ بِكَلِمَة الله جلّ ذكره كَانَ وَقد سَمَّاهُ الله كلمة اذ بِالْكَلِمَةِ يكون وَلذَلِك قَالَ الْكسَائي على هَذَا الْمَعْنى ان قَول الْحق نعت لعيسى عَلَيْهِ السَّلَام وَمن نصب قولا فعلى الْمصدر أَي أَقُول قَول الْحق
قَوْله {وَإِن الله رَبِّي} من قتح أَن عطفها على الصَّلَاة وَمن كسرهَا اسْتَأْنف الْكَلَام بهَا

(2/455)


قَوْله {إِنَّه كَانَ صديقا نَبيا} صديق خبر كَانَ وَنَبِي نعت لصديق وَقيل هُوَ خبر بعد خبر
قَوْله {أراغب أَنْت عَن آلهتي} رَاغِب مُبْتَدأ وَأَنت رفع بِفِعْلِهِ وَهُوَ الرَّغْبَة ويسد مسد الْخَبَر وَحسن الِابْتِدَاء بنكرة لاعتمادها على ألف الِاسْتِفْهَام قبلهَا
قَوْله {قَالَ سَلام عَلَيْك} ابْتِدَاء وَالْمَجْرُور خَبره وَحسن الِابْتِدَاء بنكرة لِأَن فِيهَا معنى الْمَنْصُوب وفيهَا أَيْضا معنى التبري والمتاركة فَلَمَّا أفادت فَوَائِد جَازَ الِابْتِدَاء بهَا وَالْأَصْل أَن لَا بيتدأ بنكرة الا أَن تفِيد فَائِدَة عِنْد الْمُخَاطب
قَوْله {مرضيا} أَصله مرضو على وزن مفعول وَهُوَ من ذَوَات الْوَاو لقَولهم الرضْوَان ثمَّ أبدلوا من الْوَاو يَاء وكسروا مَا قبلهَا لتصح الْيَاء الساكنة وَلِأَنَّهُ أخف من الْوَاو
قَوْله {وقربناه نجيا} نجيا نصب على الْحَال
قَوْله {خروا سجدا وبكيا} انتصبا على الْحَال وَيكون بكيا جمع باك وَقيل بكيا نصب على الْمصدر وَلَيْسَ بِجمع باك تَقْدِيره خروا سجدا وَبكوا بكيا وَأَصله فِي الْوَجْهَيْنِ بكويا على فعول ثمَّ أدغمت الْوَاو

(2/456)


فِي الْيَاء وَكسر مَا قبلهَا ليَصِح سُكُون الْيَاء وَلِأَنَّهُ أخف وَقد كسر جمَاعَة من الْقُرَّاء الْيَاء ليتبع الْكسر الْكسر وليكون أخف فِي عمل اللِّسَان
قَوْله {إِلَّا سَلاما} نصب على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع وَقيل هُوَ بدل من لَغْو
قَوْله {تِلْكَ الْجنَّة الَّتِي نورث من عبادنَا من كَانَ تقيا} نورث يتَعَدَّى الى مفعولين لِأَنَّهُ رباعي من أورث فالمفعول الأول هَاء محذوفة من صلَة الَّتِي لطول الِاسْم تَقْدِيره نورثها وَالْمَفْعُول الثَّانِي من فِي قَوْله من كَانَ تقيا وَمن مُتَعَلقَة بنورث أَو بتقي وَالتَّقْدِير تِلْكَ الْجنَّة الَّتِي نورثها من كَانَ تقيا من عبادنَا
قَوْله {فِيهَا جثيا} نصب على الْحَال ان جعلتة جمع جاث وَنصب على الْمصدر ان لم تَجْعَلهُ جمعا وَجَعَلته مصدرا وَأَصله فِي الْوَجْهَيْنِ جثوو على فعول ثمَّ أدغمت الْوَاو فِي الْوَاو فثقل اللَّفْظ بِضَمَّتَيْنِ وواوين متطرفتين فابدلوا من الْوَاو يَاء وَكسر مَا قبلهَا لتصح الْيَاء الساكنة وَلِأَنَّهُ أخف وَقَرَأَ جمَاعَة من الْقُرَّاء بِكَسْر الْجِيم على الِاتِّبَاع للخفة والمجانسة

(2/457)


قَوْله {أَيهمْ أَشد على الرَّحْمَن عتيا} قَرَأَ هَارُون القارىء بِنصب أَيهمْ أعمل فِيهَا لننزعن وَالرَّفْع فِي أَيهمْ عِنْد الْخَلِيل على الْحِكَايَة فَهُوَ ابْتِدَاء وَخَبره أَشد تَقْدِيره ثمَّ لننزعن من كل شيعَة الَّذِي من أجل عتوه يُقَال أَي هَؤُلَاءِ أَشد عتيا وَهُوَ كَقَوْل الشَّاعِر
... فأبيت لَا حرج وَلَا محروم ...
أَي بِمَنْزِلَة الَّذِي يُقَال لَهُ لَا حرج وَلَا محروم وَهَذَا عِنْد سِيبَوَيْهٍ مَرْفُوع بِلَا لِأَنَّهَا كليس وَخبر لَيْسَ مَحْذُوف تَقْدِيره لَا حرج وَلَا محروم فِي مَكَاني وَالْيَاء تعود على اسْم بَات وَالْجُمْلَة خبر بَات وَمن جعله حِكَايَة جعل الْجُمْلَة المحكية خبر بَات وَالْهَاء فِي لَهُ الْمقدرَة عَائِدَة

(2/458)


على الَّذِي وَذهب يُونُس على أَن أيا رفع بِالِابْتِدَاءِ على الْحِكَايَة ويعلق الْفِعْل وَهُوَ لننزعن فَلَا يعمله فِي اللَّفْظ وَلَا يجوز أَن يعلق مثل لننزعن عِنْد سِيبَوَيْهٍ والخليل وانما يجوز أَن يعلق مثل أَفعَال الشَّك وَشبههَا مِمَّا لم يتَحَقَّق وُقُوعه وَذهب سِيبَوَيْهٍ الى أَن أيا مَبْنِيَّة على الضَّم لِأَنَّهَا عِنْده بِمَنْزِلَة الَّذِي وَمَا لَكِن خالفتهما فِي جَوَاز الاضافة فِيهَا فاعربت لما جَازَت فِيهَا الاضافة فَلَمَّا حذف من صلتها مَا يعود عَلَيْهَا لم تقو فَرَجَعت الى أَصْلهَا وَهُوَ الْبناء كَالَّذي وَمَا وَلَو أظهرت الضَّمِير لم يجز الْبناء عِنْده وَتَقْدِير الْكَلَام عِنْده ثمَّ لننزعن من كل شيعَة أَيهمْ هُوَ أَشد كَمَا تَقول لننزعن الَّذِي هُوَ أَشد ويقبح حذف هُوَ مَعَ الَّذِي وقرىء تَمامًا على الَّذِي أحسن بِرَفْع أحسن على تَقْدِير حذف هُوَ والحذف مَعَ الَّذِي قَبِيح وَمَعَ أَي حسن فَلَمَّا خَالَفت أَي أخواتها حسن الْحَذف مَعهَا فَلَمَّا حذفت هُوَ بنيت أيا على الضَّم وَقد اعْترض سِيبَوَيْهٍ فِي قَوْله وَقيل كَيفَ يبْنى الْمُضَاف وَهُوَ مُتَمَكن وَفِيه نظر وَلَو ظهر

(2/459)


الضَّمِير الْمَحْذُوف مَعَ أَي لم يكن فِي أَي الا النصب عِنْد الْجَمِيع وَقَالَ الْكسَائي لننزعن وَاقعَة على الْمَعْنى وَقَالَ الْفراء معنى لننزعن لننادين فَلم يعْمل لِأَنَّهُ بِمَعْنى النداء وَقَالَ بعض الْكُوفِيّين انما لم يعْمل لننزعن فِي أَيهمْ لِأَن فِيهَا معنى الشَّرْط والمجازاة فَلم يعْمل مَا قبلهَا فِيهَا وَالْمعْنَى لننزعن من كل فرقة إِن تشايعوا أَو لم يتشايعوا كَمَا تَقول ضربت الْقَوْم أَيهمْ غضب وَالْمعْنَى ان غضبوا أَو لم يغضبوا وَعَن الْمبرد أَن أَيهمْ رفع لِأَنَّهُ مُتَعَلق بشيعة وَالْمعْنَى من الَّذين تشايعوا أَيهمْ أَي من الَّذين تعاونوا فنظروا أَيهمْ
قَوْله {إِمَّا الْعَذَاب وَإِمَّا السَّاعَة} انتصبا على الْبَدَل من مَا الَّتِي فِي قَوْله {حَتَّى إِذا رَأَوْا مَا يوعدون}
قَوْله {ونرثه مَا يَقُول} حرف الْجَرّ مَحْذُوف تَقْدِيره ونرث مِنْهُ مَا يَقُول أَي نرث مِنْهُ مَاله وَولده
وَقَوله {ويأتينا فَردا} حَال

(2/460)


قَوْله {إِلَّا من اتخذ عِنْد الرَّحْمَن} من فِي مَوضِع رفع على الْبَدَل من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي يملكُونَ وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء على أَنه لَيْسَ من الأول
قَوْله {وتخر الْجبَال هدا} هدا مصدر
قَوْله {أَن دعوا للرحمن ولدا} أَن فِي مَوضِع نصب مفعول من أَجله
قَوْله {للرحمن أَن يتَّخذ ولدا} أَن فِي مَوضِع رفع يَنْبَغِي
قَوْله {إِن كل من} إِن بِمَعْنى مَا وكل رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر إلااتي الرَّحْمَن واتي اسْم فَاعل والرحمن فِي مَوضِع نصب بالاتيان وعبدا نصب على الْحَال وَمثله فَردا

(2/461)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة طه
قَوْله تَعَالَى {إِلَّا تذكرة} مفعول من أَجله أَو على الْمصدر وتنزيلا مصدر
قَوْله {طوى} من ترك تنوينه فعلته أَنه معدول كعمر وَهُوَ معرفَة وَقيل هُوَ مؤنث اسْم للبقعة وَهُوَ معرفَة وَمن نونه جعله اسْما للمكان غير معدول كصرد وَهُوَ بدل من الْوَادي فِي الْوَجْهَيْنِ
قَوْله {وَمَا تِلْكَ بيمينك} تِلْكَ عِنْد الزّجاج بِمَعْنى الَّتِي وبيمينك صلتها وَهِي عِنْد الْفراء بِمَعْنى هَذِه وَهَذِه وَتلك عِنْده تحتاجان الى صلَة كَالَّتِي وَذكر قطرب عَن ابْن عَبَّاس أَن تِلْكَ بِمَعْنى هَذِه وَمَا فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمَا بعْدهَا الْخَبَر وَمعنى الِاسْتِفْهَام فِي هَذِه التَّنْبِيه
قَوْله {تخرج بَيْضَاء} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي تخرج واية بدل من بَيْضَاء حَال أَيْضا أَي تخرج مبينَة عَن

(2/462)


قدرَة الله جلّ ذكره وَقيل آيَة انتصبت باضمار فعل التَّقْدِير آتيناك آيَة اخرى وَالرَّفْع جَائِز فِي غير الْقرَان على هَذِه آيَة
قَوْله {وَاجعَل لي وزيرا من أَهلِي هَارُون} هَارُون بدل من وَزِير وَقيل هُوَ مَنْصُوب باجعل على التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير أَي وَاجعَل لي هَارُون أخي وزيرا
قَوْله {نسبحك كثيرا} كثيرا نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره نسبحك تسبيحا كثيرا أَو نعت لوقت مَحْذُوف تَقْدِيره نسبحك وقتا طَويلا
وَمن قَرَأَ بوصل ألف اشْدُد وَفتح ألف أشركه جعله على الدُّعَاء والطلب فَهُوَ مَبْنِيّ وَمن قطع ألف اشْدُد وَضم ألف أشركه وَهُوَ ابْن عَامر جعله مَجْزُومًا جَوَابا لأجعل فالألفان ألفا الْمُتَكَلّم وهما فِي الْقِرَاءَة الأولى الْألف الأولى ألف وصل وَالثَّانيَِة ألف قطع
قَوْله {أَن اقذفيه فِي التابوت فاقذفيه فِي اليم}

(2/463)


ان فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من مَا وَالْهَاء الأولى فِي اقذفيه لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَالثَّانيَِة للتابوت
قَوْله {فِي كتاب لَا يضل رَبِّي وَلَا ينسى} مَا بعد كتاب صفة لَهُ من الجملتين وربي فِي مَوضِع نصب بِحَذْف الْخَافِض تَقْدِيره لَا يضل الْكتاب عَن رَبِّي وَلَا ينسى وَيجوز أَن يكون رَبِّي فِي مَوضِع رفع يَنْفِي عَنهُ الضلال وَالنِّسْيَان وَقد بَينا هَذِه الْآيَة فِي كتاب الْهِدَايَة بأشبع من هَذَا
قَوْله {مَوْعدكُمْ يَوْم الزِّينَة} الرّفْع فِي يَوْم على خبر مَوْعدكُمْ على تَقْدِير حذف مُضَاف تَقْدِيره مَوْعدكُمْ وَقت يَوْم الزِّينَة وَقد نصب الْحسن يَوْم الزِّينَة على الظّرْف
وَقَوله {وَأَن يحْشر النَّاس ضحى} أَن فِي مَوضِع رفع عطف على يَوْم على تَقْدِير مَوْعدكُمْ وَقت يَوْم الزِّينَة وَوقت حشر النَّاس وَقيل أَن فِي مَوضِع خفض على الْعَطف على الزِّينَة وَمن نصب يَوْم الزِّينَة جعل أَن فِي مَوضِع نصب على الْعَطف على يَوْم الزِّينَة وَيجوز أَن تكون فِي مَوضِع رفع على تَقْدِير مَوْعدكُمْ وَقت حشر النَّاس أَو فِي مَوضِع خفض على الْعَطف على الزِّينَة
قَوْله {مَكَانا سوى} الْمَكَان مَنْصُوب على أَنه مفعول ثَان لجعل وَلَا يجوز نَصبه بالموعد لِأَنَّهُ قد وصف بقوله تَعَالَى

(2/464)


{لَا نخلفه نَحن وَلَا أَنْت} والأسماء الَّتِي تعْمل عمل الْأَفْعَال اذا وصفت أَو صغرت لم تعْمل لِأَنَّهَا تخرج عَن شبه الافعال بِالصّفةِ والتصغير اذ الْأَفْعَال لَا تُوصَف وَلَا تصغر فاذا خرجت بِالصّفةِ والتصغير عَن شبه الْفِعْل امْتنعت من الْعَمَل وَهَذَا أصل لَا يخْتَلف فِيهِ البصريون وَكَذَلِكَ اذا أخْبرت عَن المصادر أَو عطفت عَلَيْهَا لم يجز أَن تعملها فِي شَيْء بعد ذَلِك لِأَنَّك تفرق بَين الصِّلَة والموصول لِأَن الْمَعْمُول فِيهِ دَاخل فِي صلَة الْمصدر وَالْخَبَر والمعطوف غير داخلين فِي الصِّلَة وَلَا يحسن أَن يكون مَكَانا فِي هَذَا الْموضع ظرفا لِأَن الْموعد لم تجره الْعَرَب مَعَ الظروف مجْرى سَائِر المصادر مَعهَا أَلا ترى أَنه قد قَالَ تَعَالَى {إِن موعدهم الصُّبْح} بِالرَّفْع وَلَو قلت ان خُرُوجهمْ الصُّبْح لم يجز إلاالنصب فِي الصُّبْح على تَقْدِير وَقت الصُّبْح وَقد جَاءَ الْموعد اسْما للمكان قَالَ الله جلّ ذكره {وَإِن جَهَنَّم لموعدهم أَجْمَعِينَ} وَقد قيل مَعْنَاهُ لمَكَان موعدهم
وَقَوله {سوى} هُوَ صفة لمَكَان لَكِن من كسر السِّين جعله نَادرا لِأَن فعلا لم يَأْتِ صفة إِلَّا قَلِيلا مثل هم قوم عدى وَمن ضم السِّين أَتَى بِهِ على الْأَكْثَر لِأَن فعلا كثير فِي الصِّفَات نَحْو رجل حطم ولبد وشكع

(2/465)


وَهُوَ كثير
قَوْله {إِن هَذَانِ لساحران} من رفع هَذَانِ حمله على لُغَة لبني الْحَارِث بن كَعْب يأْتونَ بالمثنى بِالْألف على كل حَال قَالَ بَعضهم
... تزَود منا بَين أذنَاهُ طعنة ... دَعَتْهُ هابي التُّرَاب عقيم ...

وَقيل إِن بِمَعْنى نعم وَفِيه بعد لدُخُول اللَّام فِي الْخَبَر وَذَلِكَ لَا يكون الا فِي شعر كَقَوْلِه ... أم الْحُلَيْس لعجوز شهر بِهِ ... ترْضى من اللَّحْم بِعظم الرقبه ...

وَكَانَ وَجه الْكَلَام لأم الْحُلَيْس عَجُوز وَكَذَلِكَ كَانَ وَجه

(2/466)


الْكَلَام فِي الْآيَة ان حملت ان على معنى نعم إِن لهذان ساحران كَمَا تَقول نعم لهذان ساحران وَنعم لمُحَمد رَسُول الله وَفِي تَأَخّر اللَّام مَعَ لفظ ان بعض الْقُوَّة على نعم وَقيل إِن الْمُبْهم لما لم يظْهر فِيهِ اعراب فِي الْوَاحِد وَلَا فِي الْجمع جرت التَّثْنِيَة على ذَلِك فَأتي بِالْألف على كل حَال وَقيل الْهَاء مضمرة مَعَ ان وَتَقْدِيره انه هَذَانِ لساحران كَمَا تَقول إِنَّه زيد منطلق وَهُوَ قَول حسن لَوْلَا أَن دُخُول اللَّام فِي الْخَبَر يبعده فَأَما من خفف إِن فَهِيَ قِرَاءَة حَسَنَة لِأَنَّهُ أصلح الاعراب وَلم يُخَالف الْخط لَكِن دُخُول اللَّام فِي الْخَبَر يَعْتَرِضهُ على مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ لِأَنَّهُ يقدر أَنَّهَا المخففة من الثَّقِيلَة ارْتَفع مَا بعْدهَا بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر لنَقص بنائها فَرجع مَا بعْدهَا الى أَصله وَاللَّام لَا تدخل فِي خبر ابْتِدَاء أَتَى على أصلة إِلَّا فِي شعر على مَا ذكرنَا وَأما على مَذْهَب الْكُوفِيّين فَهُوَ من أحسن شَيْء لأَنهم يقدرُونَ إِن الْخَفِيفَة بِمَعْنى مَا وَاللَّام بِمَعْنى إِلَّا فتقدير الْكَلَام مَا هَذَانِ إِلَّا ساحران فَلَا خلل فِي هَذَا التَّقْدِير إِلَّا

(2/467)


مَا ادعوهُ أَن اللَّام تَأتي بِمَعْنى إِلَّا
قَوْله {يخيل إِلَيْهِ من سحرهم أَنَّهَا تسْعَى} من قَرَأَ يخيل بِالْيَاءِ جعل أَن فِي مَوضِع رفع لِأَنَّهَا مفعول لم يسم فَاعله ليُخَيل وَمن قَرَأَ تخيل بِالتَّاءِ وَهُوَ ابْن ذكْوَان فانه جعل أَن فِي مَوضِع رفع على الْبَدَل من الْمُضمر فِي تخيل وَهُوَ بدل الاشتمال وَيجوز مثل ذَلِك فِي قِرَاءَة من قَرَأَ بِالْيَاءِ على أَن تجْعَل الْفِعْل ذكر على الْمَعْنى وَيجوز أَن تكون أَن فِي قِرَاءَة من قَرَأَ بِالتَّاءِ فِي مَوضِع نصب على تَقْدِير خذف الْبَاء تَقْدِيره تخيل اليه من سحرهم بِأَنَّهَا تسْعَى وَتجْعَل الْمصدر أَو اليه فِي مَوضِع مفعول لم يسم فَاعله
قَوْله {فأوجس فِي نَفسه خيفة مُوسَى} مُوسَى فِي مَوضِع رفع بأوجس وخيفة مفعول لأوجس وأصل خيفة خوفة ثمَّ أبدل من الْوَاو يَاء وَكسر مَا قبلهَا ليَصِح بِنَاء فعلة وانما خَافَ مُوسَى أَن يفتتن النَّاس وَقيل لما أَبْطَأَ عَلَيْهِ الْوَحْي بالقاء عَصَاهُ خَافَ وَقيل بل غلب عَلَيْهِ طبع البشرية عِنْد مُعَاينَة مالم يعتده وَالله اعْلَم

(2/468)


قَوْله {وألق مَا فِي يَمِينك تلقف مَا صَنَعُوا} من جزم تلقف جعله جَوَابا لِلْأَمْرِ وَمن رَفعه وَهُوَ ابْن ذكْوَان رفع على الْحَال من مَا وَهِي الْعَصَا وَقيل هُوَ حَال من الملقي وَهُوَ مُوسَى نسب اليه التلقف لما كَانَ عَن فعله وحركته كَمَا قَالَ {وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى} وَهِي حَال مقدرَة لِأَنَّهَا انما تلقفت حبالهم بعد أَن أَلْقَاهَا
قَوْله {إِنَّمَا صَنَعُوا كيد سَاحر} مَا اسْم إِن بِمَعْنى الَّذِي وَكيد خَبَرهَا وَالْهَاء محذوفة من صَنَعُوا تَقْدِيره إِن الَّذِي صنعوه كيد سَاحر وَمن قَرَأَ كيد سحر فَمَعْنَاه كيد ذِي سحر وَيجوز فِي الْكَلَام نصب كيد بصنعوا وَلَا تضمر هَاء على أَن تجْعَل مَا كَافَّة لَان عَن الْعَمَل وَيجوز فتح أَن على معنى لِأَن مَا صَنَعُوا
قَوْله {إِنَّمَا تقضي هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا} مَا كَافَّة لَان عَن الْعَمَل وَهَذِه نصب على الظّرْف والحياة بدل من هَذِه أَو نعت تَقْدِيره انما تقضى فِي هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا وَيجوز فِي الْكَلَام رفع هَذِه والحياة على أَن تجْعَل مَا بِمَعْنى الَّذِي وَالْهَاء محذوفة مَعَ تقضى وَهَذِه خبز

(2/469)


ان الْحَيَاة بدل من هَذِه أَو نعت تَقْدِيره ان الَّذِي تقضيه أَمر هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا
قَوْله {وَالَّذِي فطرنا} الَّذِي فِي مَوضِع خفض على الْعَطف على مَا وان شِئْت على الْقسم
قَوْله {وَمَا أكرهتنا عَلَيْهِ} مَا فِي مَوضِع نصب على الْعَطف على الْخَطَايَا وَقيل هُوَ حرف ناف فاذا جعلت مَا نافيه تعلّقت من بالخطايا واذا جعلت مَا بِمَعْنى الَّذِي تعلّقت من بأكرهتنا
قَوْله {لَا تخَاف دركا وَلَا تخشى} من رفع تخَاف جعلة حَالا من الْفَاعِل وَهُوَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَالتَّقْدِير اضْرِب لَهُم طَرِيقا فِي الْبَحْر غير خَائِف دركا وَلَا خاشيا وَيُقَوِّي رفع يخَاف اجماع الْقُرَّاء على رفع يخْشَى وَهُوَ مَعْطُوف على يخَاف وَيجوز رفع تخَاف على الْقطع أَي أَنْت لَا تخَاف دركا وَقيل إِن رَفعه على أَنه نعت لطريق على تَقْدِير حذف فِيهِ وَمن جزم تخَاف وَهُوَ حَمْزَة جعله جَوَاب الْأَمر وَهُوَ فَاضْرب وَالتَّقْدِير إِن تضرب لَا تخف دركا مِمَّن خَلفك ويرتفع وَلَا تخشى على الْقطع أَي وَأَنت لَا تخشى غرقا وَقيل ان الْجَزْم فِي لَا تخف على النَّهْي وَأَجَازَ الْفراء أَن تكون وَلَا تخشى فِي مَوضِع جزم وَتثبت الْألف كَمَا تثبت الْيَاء وَالْوَاو على تَقْدِير حذف الْحَرَكَة مِنْهُمَا وَهَذَا

(2/470)


لايجوز فِي الْألف لِأَنَّهَا لَا تتحرك أبدا الا بتغييرها الى غَيرهَا وَالْوَاو وَالْيَاء يتحركان وَلَا يتغيران
قَوْله {ألم يَعدكُم ربكُم وَعدا حسنا} يجوز أَن يكون الْوَعْد بِمَعْنى الْمَوْعُود كَمَا جَاءَ الْخلق بِمَعْنى الْمَخْلُوق فنصب وَعدا على هَذَا التَّقْدِير على أَنه مفعول ثَان ليعدكم على تَقْدِير حذف مُضَاف تَقْدِيره ألم يَعدكُم ربكُم تَمام وعد حسن وَيجوز أَن يكون انتصب وعد على الْمصدر
قَوْله {وواعدناكم جَانب الطّور الْأَيْمن} انتصب جَانب على أَنه مفعول ثَان لواعد وَلَا يحسن أَن ينْتَصب على الظّرْف لِأَنَّهُ ظرف مَكَان مُخْتَصّ غير مُبْهَم وَإِنَّمَا تتعدى الْأَفْعَال والمصادر الى ظروف الْمَكَان بِغَيْر حرف جر اذا كَانَت مبهمه هَذَا أصل لااختلاف فِيهِ وَتَقْدِير الْآيَة وواعدناكم اتيان جَانب الطّور ثمَّ حذف الْمُضَاف
قَوْله {مَا أخلفنا موعدك بملكنا} الْملك مصدر فِي قِرَاءَة من ضم أَو فتح أَو كسر الْمِيم وَهِي لُغَات وَالتَّقْدِير مَا أخلفنا موعدك بملكنا الصَّوَاب بل أخلفناه بخطيئتنا والمصدر مُضَاف فِي هَذَا الى الْفَاعِل وَالْمَفْعُول مَحْذُوف كَمَا يُضَاف فِي مَوضِع اخر الى الْمَفْعُول ويحذف الْفَاعِل

(2/471)


نَحْو قَوْله تَعَالَى {بسؤال نعجتك} وَقَوله {دُعَاء الْخَيْر} وَقيل إِن من قَرَأَهُ بِضَم الْمِيم جعله مصدر قَوْلهم هُوَ ملك بَين الْملك وَمن كسر جعله مصدر هُوَ مَالك بَين الْملك وَمن فتح جعله اسْما
قَوْله {فَكَذَلِك ألْقى السامري} الْكَاف فِي مَوضِع نصب على النَّعْت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره فَألْقى السامري القاء كَذَلِك
قَوْله {يَا ابْن أم} من فتح الْمِيم أَرَادَ يَا بن أُمِّي ثمَّ ابدل من الْيَاء الَّتِي للاضافة ألفا ثمَّ حذف الْألف اسْتِخْفَافًا لِأَن الفتحة تدل عَلَيْهَا وَقيل بل جعل الاسمين اسْما وَاحِدًا فبناهما على الْفَتْح وَمن كسر الْمِيم فعلى أصل الاضافة لَكِن حذف الْيَاء لِأَن الكسرة تدل عَلَيْهَا وَكَانَ الأَصْل انبانها لِأَن الْأُم غير منادى انما المنادى هُوَ الابْن وَحذف الْيَاء انما يحسن ويختار مَعَ المنادى بِعَيْنِه وَالأُم لَيست بمناداة
قَوْله {لن تخلفه} من قَرَأَ بِكَسْر اللَّام فعلى معنى

(2/472)


لن تَجدهُ مخلفا كَمَا تَقول أحمدته أَي وجدته مَحْمُودًا وَقيل إِن مَعْنَاهُ مَحْمُول على التهدد أَي لَا بُد لَك من أَن تصير اليه وَمن فتح اللَّام فَمَعْنَاه لن يخلفكه الله والمخاطب مُضْمر مفعول لم يسم فَاعله وَالْفَاعِل هُوَ الله سُبْحَانَهُ تَعَالَى وَالْهَاء الْمَفْعُول الثَّانِي والمخاطب فِي الْقِرَاءَة الأولى فَاعل على الْمَعْنيين جَمِيعًا وأخلف يتَعَدَّى الى مفعولين فَالثَّانِي مَحْذُوف فِي قِرَاءَة من كسر اللَّام وَالتَّقْدِير لن تخلف أَنْت الله الْموعد الَّذِي قدر أَن ستأتيه
قَوْله {كَذَلِك نقص عَلَيْك} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف أَي نقص عَلَيْك قصصا كَذَلِك
قَوْله {زرقا} حَال من الْمُجْرمين
قَوْله {قاعا} حَال أَيْضا
قَوْله {إِلَّا عشرا} نصب بلبثتم
قَوْله {إِن لَك أَلا} أَن فِي مَوضِع نصب لِأَنَّهَا اسْم إِن
وَمن فتح {وَأَنَّك لَا تظمأ} عطفها على أَن لَا تَقْدِيره وَإِن لَك عدم الْجُوع وَعدم الظمأ فِي الْجنَّة وَيجوز أَن تكون أَن الثَّانِيَة فِي مَوضِع رفع عطف على الْموضع وَمن كسر فعلى الِاسْتِثْنَاء

(2/473)


قَوْله {أفلم يهد لَهُم كم أهلكنا} فَاعل يهد مُضْمر وَهُوَ الْمصدر تَقْدِيره أفلم يهد الْهدى لَهُم وَقيل الْفَاعِل مُضْمر على تَقْدِير الْأَمر تَقْدِيره أفلم يهد الْأَمر لَهُم كم أهلكنا وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ كم هُوَ فَاعل يهد وَهُوَ غلط عِنْد الْبَصرِيين لِأَن كم لَهَا صدر الْكَلَام وَلَا يعْمل مَا قبلهَا فِيهَا انما يعْمل فِيهَا مَا بعْدهَا كأي فِي الِاسْتِفْهَام وَالْعَامِل فِي كم الناصب لَهَا عِنْد الْبَصرِيين أهلكنا
قَوْله {زهرَة الْحَيَاة الدُّنْيَا} نصبت زهرَة على فعل مُضْمر دلّ عَلَيْهِ متعنَا لِأَن متعنَا بِمَنْزِلَة جعلنَا فَكَأَنَّهُ قَالَ جعلنَا لَهُم زهرَة الْحَيَاة الدُّنْيَا وَهُوَ قَول الزّجاج وَقيل هِيَ بدل من الْهَاء فِي بِهِ على الْموضع كَمَا تَقول مَرَرْت بِهِ أَخَاك وَأَشَارَ الْفراء الى أَن نَصبه على الْحَال وَالْعَامِل فِيهِ متعنَا قَالَ كَمَا تَقول مَرَرْت بِهِ الْمِسْكِين وَقدره متعناهم بِهِ زهرَة فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وزينة فِيهَا

(2/474)


قَالَ إِن كَانَت معرفَة فان الْعَرَب تَقول مَرَرْت بِهِ الشريف الْكَرِيم يَعْنِي تنصبه على الْحَال على تَقْدِير زِيَادَة الْألف وَاللَّام وَيجوز أَن تنصب زهرَة على أَنَّهَا مَوْضُوعَة مَوضِع المصدرو مَوضِع زِينَة مثل {صنع الله} و {وعد الله} وَفِيه نظر قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَالْأَحْسَن أَن تنصب زهرَة على الْحَال ويحذف التَّنْوِين لسكونه وَسُكُون اللَّام من الْحَيَاة كَمَا قرىء {وَلَا اللَّيْل سَابق النَّهَار} بِنصب النَّهَار بسابق على تَقْدِير حذف التَّنْوِين لسكونه وَسُكُون اللَّام وَتَكون الْحَيَاة مخفوضة على الْبَدَل من مَا فِي قَوْله إِلَى مَا متعنَا فَيكون التَّقْدِير وَلَا تَمُدَّن عَيْنَيْك إِلَى الْحَيَاة الدُّنْيَا زهرَة أَي فِي حَال زهرتها وَلَا يحسن أَن تكون زهرَة بَدَلا من مَا على الْموضع فِي قَوْله الى مَا متعنَا لِأَن لنفتنهم مُتَعَلق بمتعنا فَهُوَ دَاخل فِي صلَة مَا ولنفتنهم دَاخل أَيْضا فِي الصِّلَة

(2/475)


وَلَا يتَقَدَّم الْمُبدل على مَا هُوَ فِي الصِّلَة لِأَن الْبَدَل لَا يكون الا بعد تَمام الصِّلَة للمبدل مِنْهُ فَامْتنعَ بدل زهرَة من مَا على الْموضع
قَوْله {بَيِّنَة مَا} مَا فِي مَوضِع خفض باضافة الْبَيِّنَة اليها وَأَجَازَ الْكسَائي تَنْوِين بَيِّنَة فَتكون مَا بَدَلا من بَيِّنَة
قَوْله {فستعلمون من أَصْحَاب} من فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَلَا يعْمل فِيهَا ستعلمون لِأَنَّهَا اسْتِفْهَام والاستفهام لَا يعْمل فِيهِ مَا قبله وَأَجَازَ الْفراء أَن تكون من فِي مَوضِع نصب يستعملون حمله على غير الِاسْتِفْهَام جعل من للْجِنْس كَقَوْلِه تَعَالَى {وَالله يعلم الْمُفْسد من المصلح}

(2/476)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الانبياء عَلَيْهِم السَّلَام
قَوْله تَعَالَى {من ذكر من رَبهم مُحدث} مُحدث نعت للذّكر وَأَجَازَ الْكسَائي نَصبه على الْحَال وَأَجَازَ الْفراء رَفعه على النَّعْت لذكر على الْموضع لِأَن من زَائِدَة وَذكر فَاعل
قَوْله {وأسروا النَّجْوَى الَّذين ظلمُوا} الَّذين بدل من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي أَسرُّوا وَالضَّمِير يعود على النَّاس وَقيل الَّذين رفع على إِضْمَار هم الَّذين وَقيل الَّذين فِي مَوضِع نصب على أَعنِي وَأَجَازَ الْفراء أَن يكون الَّذين فِي مَوضِع خفض نعت للنَّاس وَقيل الَّذين رفع بأسروا وأتى لفظ الضَّمِير فِي أَسرُّوا على لُغَة من قَالَ أكلوني البراغيث وَقيل الَّذين رفع على اضمار يَقُول

(2/477)


قَوْله {فِيهِ ذكركُمْ} الذّكر مُبْتَدأ و {فِيهِ} الْخَبَر وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب على النَّعْت لكتاب
قَوْله {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله} الا فِي مَوضِع غير وَهِي نعت لالهة عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَالْكسَائِيّ تَقْدِيره غير الله فَلَمَّا وضعت إِلَّا مَوضِع غير أعرب الِاسْم بعْدهَا بِمثل اعراب غير وَقَالَ الْفراء إِلَّا بِمَعْنى سوى
قَرَأَ يحيى بن يعمر هَذَا ذكر من معي وَذكر من قبلي بِالتَّنْوِينِ على تَقْدِير حذف تَقْدِيره هَذِه ذكر ذكر من معي وَذكر من قبلي
قَوْله {الْحق} نصب بيعلمون وَقَرَأَ الْحسن بِالرَّفْع على معنى هُوَ الْحق أَو هذاالحق
قَوْله {بل عباد مكرمون} أَي بل هم عباد ابْتِدَاء وَخَبره

(2/478)


وَأَجَازَ الْفراء بل عبادا مكرمين على معنة بل اتخذ عبادا
قَوْله {كَانَتَا رتقا} إِنَّمَا وحد رتقا لِأَنَّهُ مصدر وَتَقْدِيره كَانَتَا ذواتي رتق
قَوْله {وَجَعَلنَا من المَاء كل شَيْء حَيّ} من المَاء فِي مَوضِع الْمَفْعُول الثَّانِي لجعل وَيجوز فِي الْكَلَام حَيا بِالنّصب على أَنه الْمَفْعُول الثَّانِي وَيكون من المَاء فِي مَوضِع الْبَيَان
قَوْله {فِي فلك يسبحون} أَتَى يسبحون بِالْوَاو وَالنُّون وَهُوَ خبر عَمَّا لَا يعقل وَحقّ الْوَاو وَالنُّون أَلا يَكُونَا إِلَّا لمن يعقل وَلَكِن لما أخبر عَنْهَا أَنَّهَا تفعل فعلا كَمَا يخبر عَمَّن يعقل أَتَى الْخَبَر عَنْهَا كالخبر عَمَّن يقعل
قَوْله {أَفَإِن مت فهم الخالدون} حق ألف الِاسْتِفْهَام إِذا دخلت على حرف شَرط أَن تكون رتبتها قبل جَوَاب الشَّرْط فَالْمَعْنى أفهم الخالدون إِن مت وَمثله {أَفَإِن مَاتَ أَو قتل انقلبتم} وَهُوَ كثير
قَوْله {وَإِن كَانَ مِثْقَال حَبَّة} من رفع مِثْقَالا جعل كَانَ تَامَّة لَا تحْتَاج الى خبر وَمن نَصبه جعل كَانَ نَاقِصَة فَهُوَ خَبَرهَا وَاسم كَانَ مُضْمر فِيهَا تَقْدِيره وَإِن كَانَ الظُّلم مِثْقَال حَبَّة فلتقدم ذكر الظُّلم جَازَ اضماره

(2/479)


قَوْله {أَتَيْنَا بهَا} من قَرَأَهُ بِالْقصرِ فَمَعْنَاه جِئْنَا بهَا وَقَرَأَ ابْن عَبَّاس وَمُجاهد اتينا بِالْمدِّ على معنى جازينا بهَا فَهُوَ فاعلنا وَلَا يحسن أَن يكون أفعلنا لِأَنَّهُ يلْزم حذف الْبَاء من بهَا لِأَن أفعل لَا يتَعَدَّى بِحرف وَفِي حذف الْبَاء مُخَالفَة لِلْخَطِّ
قَوْله {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ} الْعَامِل فِي اذ اتينا ابراهيم أَي آتيناه رشده فِي وَقت قَالَ لِأَبِيهِ
قَوْله {يُقَال لَهُ إِبْرَاهِيم} ابراهيم رفع على اضمار هُوَ ابراهيم ابْتِدَاء وَخبر محكي وَقيل تَقْدِيره الَّذِي يعرف بِهِ ابراهيم وَقيل هُوَ رفع على النداء الْمُفْرد فَتكون ضمته بِنَاء وَله قَامَ مقَام الْمَفْعُول الَّذِي لم يسم فَاعله ليقال وان شِئْت أضمرت الْمصدر ليقوم مقَام الْفَاعِل وَله فِي مَوضِع نصب
قَوْله {ولوطا آتيناه} لوطا نصب باضمار فعل تَقْدِيره واتينا لوطا آتيناه وانتصب بعده {نوحًا} و {دَاوُد} على معنى وَاذْكُر يَا مُحَمَّد نوحًا وَاذْكُر دَاوُد
قَوْله {وَالطير} عطف على الْجبَال وَقيل هُوَ مفعول مَعَه وَيجوز الرّفْع تعطفه على الْمُضمر فِي {يسبحْنَ}

(2/480)


قَوْله {إِذْ ذهب مغاضبا} مغاضبا نصب على الْحَال وَمَعْنَاهُ غضب على قومه لرَبه اذ لم يجبهُ قومه وَالْغَضَب على الْقَوْم كَانَ لمخالفتهم أَمر رَبهم
قَوْله {رغبا ورهبا} نصب على الْمصدر
قَوْله {وَالَّتِي أحصنت} الَّتِي فِي مَوضِع نصب على معنى وَاذْكُر الَّتِي وَكَذَلِكَ {وَذَا النُّون}
قَوْله {وجعلناها وَابْنهَا آيَة للْعَالمين} آيَة مفعول ثَان لجعل وَلم يثن لِأَن التَّقْدِير عِنْد سِيبَوَيْهٍ وجعلناها آيَة للْعَالمين وَجَعَلنَا ابْنهَا آيَة ثمَّ حذف الأول لدلَالَة الثَّانِي عَلَيْهِ وَتَقْدِيره عِنْد الْمبرد على غير حذف لَكِن يُرَاد بِهِ التَّقْدِيم تقديرة عِنْده وجعلناها آيَة للْعَالمين وَابْنهَا
قَوْله {ننجي الْمُؤمنِينَ} قَرَأَهُ ابْن عَامر وَأَبُو بكر عَن عَاصِم بنُون وَاحِدَة وجيم مُشَدّدَة وَكَانَ يجب أَن يفتح الْيَاء

(2/481)


لِأَنَّهُ فعل مَاض لم يسم فَاعله وَيجب ان ترفع الْمُؤمنِينَ على هَذِه الْقِرَاءَة لِأَنَّهُ مفعول لم يسم فَاعله وَفعل مَاض لم يسم فَاعله وَلَكِن أَتَى على اضمار الْمصدر أَقَامَهُ مقَام الْفَاعِل وَهُوَ بعيد لِأَن الْمَفْعُول أولى بِأَن يقوم مقَام الْفَاعِل وانما يقوم الْمصدر مقَام الْفَاعِل عِنْد عدم الْمَفْعُول بِهِ أَو عِنْد اشْتِغَال الْمَفْعُول بِهِ بِحرف الْجَرّ نَحْو قيم وسير بزيد فَأَما الْيَاء فأسكنها فِي مَوضِع الْفَتْح كَمَا يسكنهَا فِي مَوضِع الرّفْع وَهُوَ بعيد أَيْضا انما يجوز فِي الشّعْر وَقَالَ بعض الْعلمَاء ان نجي لَيْسَ هُوَ فِي هَذِه الْقِرَاءَة فعل سمي فَاعله وانما أدغم النُّون الثَّانِيَة فِي الْجِيم وَهُوَ قَول بعيد أَيْضا لِأَن النُّون لَا تُدْغَم فِي الْجِيم ادغاما صَحِيحا يكون مِنْهُ التَّشْدِيد انما تخفى عِنْد الْجِيم والاخفاء لَا يكون معة تَشْدِيد وَقَالَ عَليّ بن سُلَيْمَان هُوَ فِي هَذِه الْقِرَاءَة فعل سمي فَاعله وَأَصله ننجي بنونين وبالتشديد على نَفْعل لَكِن حذفت النُّون الثَّانِيَة لِاجْتِمَاع النونين كَمَا حذفت احدى التائين فِي تفرقون وتظاهرون وَشبهه وَاسْتدلَّ من قَالَ بِهَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ الأخرين على

(2/482)


قَوْله بِسُكُون الْيَاء فِي ننجي فَدلَّ سكونها على أَنه فعل مُسْتَقْبل وَهَذَا أَيْضا قَول ضَعِيف لِأَن المثلين فِي مثل هَذِه الْأَشْيَاء لَا يحذف الثَّانِي اسْتِخْفَافًا الا اذا اتّفقت حَرَكَة المثلين نَحْو تتفرقون وتتعاونون فان اخْتلفت حَرَكَة المثلين لم يجز حذف الثَّانِي نَحْو تتغافر الذُّنُوب وتتناتج الدَّوَابّ والنونان فِي ننجي قد اخْتلفت حركتهما فَلَا يجوز حذف الْبَتَّةَ فِي احداهما وَأَيْضًا فان النُّون الثَّانِيَة أَصْلِيَّة والأصلي لَا يجوز حذفه الْبَتَّةَ وَالتَّاء المحذوفة فِي {تفَرقُوا} {وتعاونوا} زَائِدَة فحذفها حسن اذا اتّفقت الحركتان
قَوْله {حَتَّى إِذا فتحت يَأْجُوج وَمَأْجُوج} جَوَاب اذا مَحْذُوف وَالْمعْنَى قَالُوا {يَا ويلنا} فَحذف القَوْل وَقيل جوابها {واقترب الْوَعْد الْحق} وَالْوَاو زَائِدَة وَقيل جوابها {فَإِذا هِيَ شاخصة}
قَوْله {آذنتكم على سَوَاء} يحْتَمل {على سَوَاء} أَن يكون فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف أَي ايذانا على سَوَاء وَيحْتَمل أَن يكون فِي مَوضِع الْحَال من الْفَاعِل وَهُوَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو من المفعولين

(2/483)


وهم المخاطبون وَمثله فِي الْجَوَاز قَوْله {فانبذ إِلَيْهِم على سَوَاء} فِي مَوضِع الْحَال من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن الْكفَّار أَي مستوين فِي الْعلم بِنَقْض الْعَهْد وَهَذَا كَقَوْلِهِم لَقِي زيد عمرا ضاحكين وكقول الشَّاعِر ... فلئن لقيتك خاليين لتعلمن ...
فخاليين حَال من التَّاء وَمن الْكَاف وَفِيه اخْتِلَاف من أجل اخْتِلَاف العاملين فِي صَاحِبي الْحَال

(2/484)