مشكل إعراب القرآن بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الْحَج
قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّاس} أَي نِدَاء مُفْرد وَهَا
للتّنْبِيه وَلَا يجوز فِي النَّاس عِنْد سِيبَوَيْهٍ الا
الرّفْع وَهُوَ نعت لمفرد لِأَنَّهُ لَا بُد مِنْهُ وَهُوَ
المنادى فِي الْمَعْنى وَأَجَازَ الْمَازِني النصب فِيهِ على
مَوضِع أَي لِأَن المنادى مفعول بِهِ فِي الْمَعْنى وانما ضم
لِأَنَّهُ مَبْنِيّ وانما بني لوُقُوعه موقع الْمُخَاطب
والمخاطب لَا يكون اسْما ظَاهرا انما يكون مضمرا كافا أَو تَاء
وَالدَّلِيل على أَن المنادى مُخَاطب أَنَّك لَو قلت وَالله
لَا خاطبت زيدا ثمَّ قلت يَا زيد لحنثت لِأَنَّهُ خطاب
فَلَمَّا وَقع موقع الْمُضمر بني كَمَا أَن الْمُضمر مَبْنِيّ
أبدا لكنه فِي أَصله مُتَمَكن فِي الاعراب فَبنِي على حَرَكَة
واختبر لَهُ الضَّم لقُوته وَقيل لشبهه بقبل وَبعد وَفِي عِلّة
ضمه أَقْوَال غير هَذِه يطول ذكرهَا
قَوْله {كتب عَلَيْهِ أَنه من تولاه} أَن فِي مَوضِع رفع بكتب
(2/485)
وَقَوله {فَأَنَّهُ يضله} ذكر الزّجاج أَن
أَن الثَّانِيَة عطف على الأولى فِي مَوضِع رفع ثمَّ قَالَ
وَالْفَاء الأجود فِيهَا أَن تكون فِي مَوضِع الْجَزَاء ثمَّ
رَجَعَ فنقض ذَلِك وَقَالَ وَحَقِيقَة أَن الثَّانِيَة انها
مكررة على جِهَة التَّأْكِيد لِأَن الْمَعْنى كتب على
الشَّيْطَان أَنه من تولاه أضلّهُ وَقد أَخذ عَلَيْهِ اجازته
ذَلِك أَن تكون الْفَاء عاطفة لِأَن {من تولاه} شَرط وَالْفَاء
جَوَاب الشَّرْط وَلَا يجوز الْعَطف على أَن الأولى الا بعد
تَمامهَا لِأَن مَا بعْدهَا من صلتها فاذا لم تتمّ بصلتها لم
يجز الْعَطف عَلَيْهَا إِذْ لَا يعْطف على الْمَوْصُول إِلَّا
بعد تَمَامه وَالشّرط وَجَوَابه فِي هَذِه الْآيَة هما خبر أَن
الأولى وَأخذ عَلَيْهِ أَيْضا قَوْله أَن الثَّانِيَة مكررة
للتَّأْكِيد وَقيل كَيفَ تكون للتَّأْكِيد والمؤكد لم يتم
وانما يصلح التَّأْكِيد بعد تَمام الْمُؤَكّد وَتَمام أَن
الأولى عِنْد قَوْله {السعير} وَالصَّوَاب فِي أَن الثَّانِيَة
أَن تكون فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ تَقْدِيره كتب على
الشَّيْطَان أَنه من تولاه فَشَأْنه أَنه يضله أَو فأمرة أَنه
يضله أَي فَشَأْنه الاضلال وَيجوز أَن تكون أَن الثَّانِيَة
فِي مَوضِع رفع بالاستقرار إِن تضمر لَهُ تَقْدِيره كتب
(2/486)
عَلَيْهِ أَنه من تولاه فَلهُ أَنه يضله
أَي فَلهُ اضلاله وهدايته الى عَذَاب السعير
قَوْله {ذَلِك بِأَن الله هُوَ الْحق} ذَا فِي مَوضِع رفع على
اضمار مُبْتَدأ تَقْدِيره الْأَمر ذَلِك وَأَجَازَ الزّجاج أَن
يكون ذَا فِي مَوضِع نصب بِمَعْنى فعل الله ذَلِك بِأَنَّهُ
الْحق
قَوْله {ثَانِي عطفه} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي
يُجَادِل وَهُوَ رَاجع على من فِي قَوْله من يُجَادِل
وَمَعْنَاهُ يُجَادِل فِي ايات الله بِغَيْر علم معرضًا عَن
الذّكر قَوْله {ذَلِك بِمَا قدمت} ذَلِك مُبْتَدأ وَبِمَا قدمت
الْخَبَر
قَوْله {وَأَن الله} أَن فِي مَوضِع خفض عطف على بِمَا وَقيل
أَن فِي مَوضِع رفع على معنى وَالْأَمر أَن الله وَالْكَسْر
على الِاسْتِئْنَاف حسن
قَوْله {يَدْعُو لمن ضره أقرب من نَفعه} قَالَ الْكسَائي
اللَّام فِي غير موضعهَا وَمن فِي مَوضِع نصب بيدعو
وَالتَّقْدِير يَدْعُو من لضره أقرب من نَفعه أَي يَدْعُو
إِلَهًا لضره أقرب من نَفعه
(2/487)
وَقَالَ الْمبرد فِي الْكَلَام حذف مفعول
وَاللَّام فِي موضعهَا وَمن فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ
وضره مُبْتَدأ وَأقرب خَبره وَالْجُمْلَة صلَة من و {لبئس
الْمولى} خبر من تَقْدِيره يَدْعُو إِلَهًا لمن ضره أقرب من
نَفعه لبئس الْمولى وَقَالَ الْأَخْفَش يَدْعُو بِمَعْنى
يَقُول وَمن مُبْتَدأ وضره مُبْتَدأ ثَان وَأقرب خَبره
وَالْجُمْلَة صلَة من وَخبر من مَحْذُوف تَقْدِيره يَقُول لمن
ضره أقرب من نَفعه الهه وَقد شرحنا هَذِه الْمَسْأَلَة فِي
كتاب مُفْرد لِأَن فِيهَا نظر واعترضات على هَذِه الْأَقْوَال
وفيهَا أَقْوَال أخر غير هَذِه وَهِي مشكلة يَتَّسِع فِيهَا
القَوْل وَلذَلِك كثر الِاخْتِلَاف فِيهَا
قَوْله {إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا} خبر إِن قَوْله
{إِن الله يفصل} وَأَجَازَ البصريون إِن زيدا انه منطلق كَمَا
يجوز إِن زيدا هُوَ منطلق وَمنعه الْفراء وَأَجَازَهُ فِي
الايه لِأَن فِيهَا معنى الْجَزَاء فَحمل الْخَبَر على
الْمَعْنى
قَوْله {وَكثير حق عَلَيْهِ الْعَذَاب} ارْتَفع كثير على
الْعَطف على من فِي قَوْله {يسْجد لَهُ من} وَجَاز ذَلِك لِأَن
السُّجُود هُوَ التذلل والانقياد فالكفار الَّذين حق عَلَيْهِم
الْعَذَاب أذلاء تَحت قدر الله وتدبيره
(2/488)
فهم منقادون لما سبق فيهم من علم الله لَا
يخرجُون عَمَّا سبق فِي علم الله فيهم وَقيل ارْتَفع كثير
بِالِابْتِدَاءِ وَمَا بعده الْخَبَر وَيجوز النصب كَمَا قَالَ
{والظالمين أعد لَهُم عذَابا أَلِيمًا} باضمار فعل كَأَنَّهُ
قَالَ واهان كثيرا حق عَلَيْهِ الْعَذَاب أَو وَخلق كثيرا حق
عَلَيْهِ الْعَذَاب وَشبه ذَلِك من الاضمار الَّذِي يدل
عَلَيْهِ الْمَعْنى وَإِنَّمَا اختير فِيهِ الرّفْع عِنْد
الْكسَائي لِأَنَّهُ مَحْمُول على معنى الْفِعْل لِأَن
مَعْنَاهُ وَكثير أَبى السُّجُود
قَوْله {يصهر بِهِ مَا فِي بطونهم} مَا فِي مَوضِع رفع بيصهر و
{والجلود} عطف على {مَا} وَالْمعْنَى يذاب بِهِ مَا فِي بطونهم
وتذاب بِهِ جُلُودهمْ وَالْهَاء فِي {بِهِ} تعود على
{الْحَمِيم}
قَوْله {إِن الَّذين كفرُوا ويصدون} انما عطف {ويصدون} وَهُوَ
مُسْتَقْبل على {كفرُوا} وَهُوَ مَاض لِأَن يصدون فِي مَوضِع
الْحَال والماضي يكون حَالا مَعَ قد وَقيل هُوَ عطف على
الْمَعْنى لِأَن تَقْدِيره ان الْكَافرين والصادين وَقيل
الْوَاو زَائِدَة ويصدون خبر ان وَقيل خبر ان مَحْذُوف
تَقْدِيره ان الَّذين كفرُوا وفعلوا كَذَا وَكَذَا خسروا
وهلكوا وَشبه ذَلِك من الاضمار الَّذِي يدل عَلَيْهِ الْكَلَام
(2/489)
قَوْله {سَوَاء العاكف فِيهِ والباد}
ارْتَفع سَوَاء على أَنه خبر ابْتِدَاء مقدم تَقْدِيره العاكف
والبادي فِيهِ سَوَاء وَفِي هَذِه الْقِرَاءَة دَلِيل على أَن
الْحرم لَا يملك لِأَن الله تَعَالَى قد سوى فِيهِ بَين
الْمُقِيم وَغَيره وَقيل ان {سَوَاء} رفع بِالِابْتِدَاءِ و
{العاكف} رفع بِفِعْلِهِ ويسد مسد الْخَبَر وَفِيه بعد
لِأَنَّك لَا بُد أَن تجْعَل سَوَاء بِمَعْنى مستو وَلذَلِك
يعْمل وَلَا يحسن أَن يعْمل مستو حَتَّى يعْتَمد على شَيْء
قبله فان جعلت سَوَاء وَمَا بعده فِي مَوضِع الْمَفْعُول
الثَّانِي لجعلنا حسن أَن يرْتَفع بِالِابْتِدَاءِ وَيكون
يمعنى مستو فَترفع العاكف بِهِ ويسد مسد الْخَبَر وَقَرَأَ
حَفْص عَن عَاصِم بِالنّصب جعله مصدرا عمل فِيهِ معنى جعلنَا
كَأَنَّهُ قَالَ سويناه للنَّاس سَوَاء وَيرْفَع العاكف بِهِ
أَي مستويا فِيهِ العاكف والمصدر يَأْتِي بِمَعْنى اسْم
الْفَاعِل فَسَوَاء وَإِن كَانَ مصدرا فَهُوَ بِمَعْنى مستو
كَمَا قَالَ رجل عدل بِمَعْنى عَادل وعَلى ذَلِك أجَاز
سِيبَوَيْهٍ وَغَيره مَرَرْت بِرَجُل سَوَاء درهمه وبرجل
سَوَاء هُوَ والعدم أَي مستو وَيجوز نصب سَوَاء على الْحَال من
الْمُضمر الْمُقدر مَعَ حرف الْجَرّ فِي
(2/490)
قَوْله {للنَّاس} والظرف عَامل فِيهِ أَو
من الْهَاء فِي {جَعَلْنَاهُ} وَجَعَلنَا عَامل فِيهِ وَيجوز
نَصبه على أَنه مفعول ثَان لجعلنا وتخفض {العاكف} على النَّعْت
للنَّاس أَو على الْبَدَل وَقد قرىء بخفض العاكف على الْبَدَل
من النَّاس وَقيل على النَّعْت لِأَن النَّاس جنس من أَجنَاس
الْخَلَائق جَعَلْنَاهُ سَوَاء للعاكف فِيهِ والبادى
قَوْله {وَمن يرد فِيهِ بإلحاد بظُلْم} الْبَاء فِي {بإلحاد}
زَائِدَة وَالْبَاء فِي {بظُلْم} مُتَعَلقَة بيرد
قَوْله {وَإِذ بوأنا لإِبْرَاهِيم} انما دخلت اللَّام فِي
ابراهيم على أَن بوأت مَحْمُول على معنى جعلت وأصل بوأ أَن لَا
يتَعَدَّى بِحرف وَقيل اللَّام زَائِدَة وَقيل هِيَ مُتَعَلقَة
بمصدر مَحْذُوف
قَوْله {أَن لَا تشرك} أَي بِأَن لَا فَهِيَ فِي مَوضِع نصب
وَقيل هِيَ زَائِدَة للتوكيد وَقيل هِيَ بِمَعْنى أَي للتفسير
قَوْله {وعَلى كل ضامر يَأْتِين} انما قيل يَأْتِين لِأَن
(2/491)
ضامرا بِمَعْنى الْجمع ودلت كل على
الْعُمُوم فَأتى الْخَبَر على الْمَعْنى بِلَفْظ الْجمع
وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود يأْتونَ رده على النَّاس
قَوْله {من الْأَوْثَان} من لابانة الْجِنْس وَجعلهَا
الْأَخْفَش للتَّبْعِيض على معنى فَاجْتَنبُوا الرجس الَّذِي
هُوَ بعض الْأَوْثَان وَمن جعل من لابانة الْجِنْس فَمَعْنَاه
فَاجْتَنبُوا الرجس الَّذِي الْأَوْثَان مِنْهُ فَهُوَ أَعم
فِي النَّهْي وَأولى
قَوْله {حنفَاء لله} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي
{اجتنبوا} وَكَذَلِكَ {غير مُشْرِكين}
قَوْله {فتخطفه الطير} من قَرَأَ بشديد الطَّاء فأصله عِنْده
فتتخطفه على تتفعل ثمَّ حذف احدى التَّاءَيْنِ اسْتِخْفَافًا
لِاتِّفَاق حركتهما وَمن خففه بناه على خطف يخطف كَمَا قَالَ
الله تَعَالَى {إِلَّا من خطف الْخَطفَة} وفيهَا قراءات شاذه
ومشهورة يطول شرحها
قَوْله {ذَلِك وَمن يعظم} ذَا فِي مَوضِع رفع على اضمار
(2/492)
مُبْتَدأ مَعْنَاهُ الْأَمر ذَلِك أَو على
الِابْتِدَاء على معنى ذَلِك الْأَمر وَقيل مَوضِع ذَا نصب على
معنى اتبعُوا ذَلِك من أَمر الله
قَوْله {وَالْبدن} جمع بدن مثل وثن ووثن يُقَال للواحدة بدن
وَقيل هُوَ جمع بدنه مثل خَشَبَة وخشب وَيجوز ضم الثَّانِي على
هذاالقول وَبِه قَرَأَ ابْن أبي اسحاق والاسكان أحسن لِأَنَّهُ
فِي الأَصْل نعت إِذْ هُوَ مُشْتَقّ من البدانة وَلَيْسَ مثل
خَشَبَة وخشب لِأَن هَذَا اسْم فالضم فِيهِ أحسن
قَوْله {صواف} نصب على الْحَال لَكِن لَا ينْصَرف لِأَنَّهُ
فواعل فَهُوَ جمع وَهُوَ لَا نَظِير لَهُ فِي الْوَاحِد فَمنع
من الصّرْف لهاتين العلتين وَمَعْنَاهُ مصطفة وَقد قَرَأَهُ
الْحسن وَغَيره صوافي بياء مَفْتُوحَة ونصبه على الْحَال
وَمَعْنَاهُ خَالِصَة لله من الشّرك فَهُوَ مُشْتَقّ من الصفاء
وقرأه قَتَادَة صَوَافِن بالنُّون وَمعنى الصافنة
(2/493)
الَّتِي جمعت رِجْلَيْهَا وَرفعت سنابكها
وَقيل هِيَ المعقولة بالحبال للنحر والصافن عرق فِي مقدم رجل
الْفرس إِذا ضرب عَلَيْهِ رفع رجله
وَقَوله {إِلَّا أَن يَقُولُوا} أَن فِي مَوضِع نصب لِأَنَّهَا
بِمَعْنى الا بِأَن يَقُولُوا
قَوْله {الَّذين إِن مكناهم} الَّذين فِي مَوضِع نصب على
الْبَدَل من من فِي قَوْله {ولينصرن الله من ينصره} وهم أَبُو
بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي رَضِي الله عَنْهُم
قَوْله {وبئر معطلة} هُوَ عطف على قَرْيَة وَقيل هُوَ عطف على
العروش
قَوْله {ألم تَرَ أَن الله أنزل من السَّمَاء مَاء فَتُصْبِح
الأَرْض مخضرة} هَذَا الْكَلَام عِنْد سِيبَوَيْهٍ والخليل خبر
وَلَيْسَت الْفَاء بِجَوَاب لقَوْله {ألم تَرَ} وَالْمعْنَى
عِنْدهمَا انتبه يَا ابْن آدم أنزل الله من السَّمَاء مَاء
فَحدث مِنْهُ كَذَا وَكَذَا فَلذَلِك أَتَى {فَتُصْبِح}
مَرْفُوعا وَقَالَ الْفراء هُوَ خبر وَمَعْنَاهُ أعلم أَن الله
ينزل من السَّمَاء مَاء فَتُصْبِح الأَرْض مخضرة
قَوْله {مِلَّة أبيكم} مله نصب على اضمار
(2/494)
اتبعُوا مِلَّة أبيكم وَقَالَ الْفراء هُوَ
مَنْصُوب على حذف حرف الْجَرّ وَتَقْدِيره كملة أبيكم فَلَمَّا
حذف حرف الْجَرّ نصب وَتَقْدِيره عِنْده وسع عَلَيْكُم فِي
الدّين كملة أبيكم لِأَن {وَمَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين من
حرج} يدل على وسع عَلَيْكُم وَهُوَ قَول بعيد
قَوْله {أَن تقع على الأَرْض} أَن فِي وضع نصب على معنى
كَرَاهَة أَن تقع وَلِئَلَّا تقع ومخافة أَن تقع
قَوْله {هُوَ سَمَّاكُم الْمُسلمين} هُوَ لله جلّ ذكره عِنْد
أَكثر الْمُفَسّرين وَقَالَ الْحسن هُوَ لابراهيم عَلَيْهِ
السَّلَام
وَقَوله {وَفِي هَذَا} أَي وسماكم الْمُسلمين فِي هذاالقران
وَالضَّمِير فِي سَمَّاكُم يحْتَمل الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا
أَيْضا
(2/495)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الْمُؤمنِينَ
قَوْله تَعَالَى {قد أَفْلح} قَرَأَ ورش بالقاء حَرَكَة
الْهمزَة على الدَّال وَحذف الْهمزَة وانما حذفت الْهمزَة
لِأَنَّهَا لما ألقيت حركتها على مَا قبلهَا بقيت سَاكِنة
وَقبلهَا الدَّال سَاكِنة لِأَن الْحَرَكَة عَلَيْهَا عارضة
وَاجْتمعَ مَا يشبه الساكنين فحذفت الْهمزَة لالتقاء الساكنين
وَكَانَت أولى بالحذف لِأَنَّهَا قد اختلت بِزَوَال حركتها
وَلِأَن بهَا وَقع الاستثقال وَلِأَنَّهَا هِيَ الساكنة فِي
اللَّفْظ
قَوْله {لِأَمَانَاتِهِمْ} أَمَانَة مصدر وَحقّ الْمصدر أَن
لَا يجمع لدلالته على الْقَلِيل وَالْكثير من جنسه لكنه لما
اخْتلفت أَنْوَاع الْأَمَانَة لوقوعها على الصَّلَاة
وَالزَّكَاة وَالطُّهْر وَالْحج وَغير ذَلِك من الْعِبَادَات
جَازَ جمعهَا لِأَنَّهَا لاخْتِلَاف أَنْوَاعهَا شابهت
الْمَفْعُول بِهِ فَجمعت كَمَا يجمع الْمَفْعُول
(2/496)
بِهِ وَقد أَجمعُوا على الْجمع فِي قَوْله
{أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا} وَقد قَرَأَ ابْن
كثير بِالتَّوْحِيدِ فِي {قد أَفْلح} وَدَلِيله اجماعهم على
التَّوْحِيد فِي وَعَهْدهمْ وَلم يقل وعهودهم وَهُوَ مصدر مثل
الْأَمَانَة فَقَرَأَ بِالتَّوْحِيدِ مثل الْعَهْد على أصل
الْمصدر وَمثله القَوْل فِي صلَاتهم وصلواتهم
قَوْله {وشجرة} نصب عطف على {جنَّات من نخيل} واجاز الْفراء
فِيهَا الرّفْع على تَقْدِير وَثمّ شَجَرَة وَتخرج وَمَا
بعْدهَا نعت للشجرة
قَوْله {ثمَّ خلقنَا النُّطْفَة علقَة} مفعولان لخلق لِأَنَّهُ
بِمَعْنى صيرنا وَخلق اذا كَانَ بِمَعْنى أحدث واخترع تعدى الى
مفعول وَاحِد واذا كَانَ بِمَعْنى صير تعدى الى مفعولين
(2/497)
قَوْله سيناء من فتح السِّين جعله كحمراء
فَلم يصرف لهمزة التَّأْنِيث وَالصّفة وَقيل لهمزة التَّأْنِيث
وللزومها وَلَا يصلح أَن يكون وَزنه فعلالا لِأَن فعلالا لم
يَأْتِ اسْما فَيكون هَذَا مُلْحقًا بِهِ إِنَّمَا جَاءَ فعلال
فِي المصادر خَاصَّة نَحْو الزلزال وَلَو كَانَ فعلالالانصرف
فَهُوَ لَا يصرف فِي معرفَة وَلَا نكرَة للُزُوم العلتين
إِيَّاه التَّأْنِيث وَالصّفة فَأَما من كسر السِّين فانه
نجعله اسْما مُلْحقًا بسرداح كعلباء وحرباء فالهمزة كالياء فِي
درحاية فَهُوَ فعلال وَلَا يجوز أَن يكون فعلاء اذ لَيْسَ فِي
الْكَلَام فعلاء وَلَا تُوجد همزَة التَّأْنِيث فِي فعلاء
وَكَانَ حَقه أَن ينْصَرف كَمَا ينْصَرف علْبَاء وحرباء لكنه
اسْم لبقعة أولأرض وَهُوَ معرفَة فَلم ينْصَرف للتأنيث
والتعريف وَقَالَ الْأَخْفَش هُوَ اسْم أعجمي معرفَة فَهُوَ
كامرأة سميتها بِجَعْفَر وَمثله فِي ترك الِانْصِرَاف للتأنيث
والتعريف قَوْله {وطور سينين} فَلم ينْصَرف سينين لِأَنَّهُ
معرفَة اسْم لبقعة أولأرض
(2/498)
وَهُوَ فعليل كررت فِيهِ اللَّام كخنذيذ
وَلَا يجوز أَن يكون وَزنه فعلين كغسلين لِأَن الْأَخْفَش
وَغَيره حكوا أَن وَاحِد سينين سينينة وَلَا يجوز مثل هَذَا
التَّأْوِيل فِي غسلين إِذْ لم يسمع غسلينة
قَوْله {تنْبت بالدهن} من ضم التَّاء فِي تنْبت جعل الْبَاء
زَائِدَة لَان الْفِعْل يتَعَدَّى بِغَيْر حرف لِأَنَّهُ رباعي
من أنبت الشَّيْء لَكِن قيل ان الْبَاء دخلت لتدل على لُزُوم
الانبات ومداومته كَقَوْلِه {اقْرَأ باسم رَبك} وَقيل ان
الْبَاء فِي {بالدهن} انما دخلت على مفعول ثَان هُوَ فِي
مَوضِع الْحَال وَالْأول مَحْذُوف تَقْدِيره تنْبت جناها
بالدهن أَي وَفِيه دهن كَمَا تَقول خرج بثيابه وَركب بسلاحه
أَي خرج لابسا وَركب متسلحا فالمجرور فِي مَوضِع الْحَال
فَأَما من فتح التَّاء فالباء للتعدية لَا غير لأنة ثلاثي لَا
يتَعَدَّى وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع الْحَال وَقد قَالُوا
انبت الزَّرْع وَنبت فَتكون القراءتان بِمَعْنى
قَوْله منزلا من ضم الْمِيم جعله مصدرا من أنزل إِذْ
(2/499)
قبله انزلني وَمَعْنَاهُ انزالا مُبَارَكًا
وَيجوز أَن يكون اسْما للمكان كَأَنَّهُ قَالَ أنزلني مَكَانا
أَو موضعا فَهُوَ مفعول بِهِ لَا ظرف كَأَنَّهُ قَالَ اجْعَل
لي مَكَانا وَمن فتح الْمِيم حعله مصدرا لفعل ثلاثي لِأَن أنزل
يدل على نزل وَيجوز أَن يكون اسْما للمكان أَيْضا
قَوْله {وَيشْرب مِمَّا تشربون} مَا وَالْفِعْل مصدر فَلَا
يحْتَاج الى عَائِد وَيجوز أَن يكون بِمَعْنى الَّذِي ويحذف
الْعَائِد من {تشربون} أَي مِمَّا تشربونه وَقَالَ الْفراء
تَقْدِيره مِمَّا تشربون مِنْهُ ثمَّ حذفت مِنْهُ
قَوْله {أَنكُمْ مخرجون} أَن بدل من أَن الأولى المنصوبة بيعد
عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَقَالَ الْجرْمِي والمبرد هِيَ تَأْكِيد
للأولى لِأَن الْبَدَل من أَن لَا يكون إِلَّا بعد تَمام صلتها
ويلزمهما أَيْضا أَن لَا يجوز التَّأْكِيد لِأَن التَّأْكِيد
لَا يكون إِلَّا بعد تَمام الْمَوْصُول بصلته وصلته هُوَ
الْخَبَر وَالْخَبَر يتم الى قَوْله {مخرجون} وَلم يَأْتِ
(2/500)
بعد وَقَالَ الْأَخْفَش أَن الثَّانِيَة
فِي مَوضِع رفع بالظرف وَهُوَ اذا تَقْدِيره أيعدكم أَنكُمْ
اذا متم اخراجكم أَي وَقت موتكم اخراجكم
قَوْله {إِذا متم} الى {مخرجون} ضع رفع على خبر أَن الأولى
وَالْعَامِل فِي اذا مُضْمر كَأَنَّك قلت أيعدكم أَنكُمْ حَادث
اذا متم اخراجكم وَلَا يجوز أَن يعْمل فِيهِ اخراجكم لِأَنَّهُ
يصير فِي صلَة الاخراج وَهُوَ مقدم عَلَيْهِ وَتَقْدِيم
الصِّلَة على الْمَوْصُول لَا يجوز وَلَا يحسن أَيْضا أَن
يعْمل فِي اذا قَوْله متم لِأَن اذا مُضَافَة اليه وَلَا يعْمل
الْمُضَاف اليه فِي الْمُضَاف لِأَنَّهُ بعضه وَهَذَا
كَقَوْلِك الْيَوْم الْقِتَال فاليوم خبر عَن الْقِتَال
وَالْعَامِل فِي الْيَوْم مُضْمر كَأَنَّك قلت الْيَوْم يحدث
الْقِتَال أَو حَادث الْقِتَال وَلَا يجوز أَن يعْمل فِي
الْيَوْم الْقِتَال لِأَنَّهُ يصير فِي صلته وَهُوَ مقدم
عَلَيْهِ فَذَلِك غير جَائِز وَهَذَا الْمُضمر الْعَامِل فِي
الظروف فِيهِ ضمير يعود على الْمُبْتَدَأ فاذا أَقمت الظّرْف
الْمَجْرُور مقامة وحذفتة صَار ذَلِك الضَّمِير مُتَوَهمًا فِي
الظّرْف أَو الْمَجْرُور لقِيَامه مقَام الْخَبَر الَّذِي
كَانَ فِيهِ ضمير يعود على الْمُبْتَدَأ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَة
أصل فِي هَذَا الْحَد فافهمها فانها مشكلة
قَوْله {هَيْهَات هَيْهَات لما توعدون} من فتح التَّاء بِنَاء
على الْفَتْح وَالْوَقْف عَلَيْهِ لمن فتح التَّاء عِنْد
الْبَصرِيين بِالْهَاءِ وَحكى اليزيدي عَن
(2/501)
أبي عَمْرو أَن الْوَقْف فيهمَا جَمِيعًا
على ت وموضعه نصب كَأَنَّهُ مَوْضُوع مَوضِع الْمصدر كَأَنَّك
قلت بعدا بعدا لما توعدون وَقيل مَوْضِعه رفع كَأَنَّهُ قَالَ
الْبعد الْبعد لما توعدون وَمن كسر التَّاء وقف بِالتَّاءِ
لِأَنَّهُ جمع كبيضة وبيضات كَأَن وَاحِد هَيْهَات هيهة وَبَعض
الْعَرَب ينونه للْفرق بَين الْمعرفَة والنكرة كَأَنَّهُ إِذا
لم ينون معرفَة بِمَعْنى الْبعد لما توعدون بَين الْمعرفَة
والنكرة وَإِذا نون فَهُوَ نكرَة كَأَنَّهُ قَالَ بعدا لما
توعدون وكررت هَيْهَات للتَّأْكِيد
قَوْله {تترا} فِي مَوضِع نصب على الْمصدر أَو على الْحَال من
الرُّسُل أَي أرسلنَا رسلنَا متواترين أَي مُتَتَابعين وَمن
نونه وَهُوَ أَبُو عَمْرو جعله على أحد وَجْهَيْن إِمَّا أَن
يكون وَزنه فعلا كبغل وَهُوَ مصدر دخل التَّنْوِين فِيهِ على
فَتْحة الرَّاء أَو يكون مُلْحقًا بِجَعْفَر والتنوين دخل على
ألف الألحاق كأرطى فاذا وقفت على هَذَا الْوَجْه جَازَت
الإمالة لِأَنَّك تنوي أَنَّك تقف على الْألف الَّتِي دخلت
للالحاق
(2/502)
لَا على ألف التَّنْوِين فتميلها إِن شِئْت
واذا وقفت على الْوَجْه الأول لم تجز الامالة لِأَنَّك تقف على
الْألف الَّتِي هِيَ عوض من التَّنْوِين لَا غير وَمن لم ينونه
جعل أَلفه للتأنيث والمصادر كثيرا مَا يلْحقهَا ألف
التَّأْنِيث كالدعوى والذكرى فَلم ينْصَرف للتأنيث ولزومه
وَالتَّاء فِي جَمِيع الْوُجُوه يدل عَن وَاو وأصلة وَترى
لِأَنَّهُ من المواترة وَهُوَ الشَّيْء يتبع الشَّيْء
قَوْله {وَإِن هَذِه أمتكُم} أَن فِي مَوضِع نصب بِحَذْف حرف
الْجَرّ أَي وَبِأَن هَذِه أَو لِأَن هَذِه والحرف مُتَعَلق
باتقون وَقَالَ الْكسَائي هِيَ فِي مَوضِع خفض عطف على مَا فِي
قَوْله {بِمَا تَعْمَلُونَ} وَقَالَ الْفَاء هِيَ فِي مَوضِع
نصب باضمار فعل تَقْدِيره وَاعْلَمُوا أَن هَذِه وَمن كسر ان
فَهُوَ على الِاسْتِئْنَاف
قَوْله {أمة وَاحِدَة} نصب على الْحَال وَيجوز الرّفْع على
اضمار مُبْتَدأ أَو على الْبَدَل من امتكم الَّتِي هِيَ خبر
إِن أَو على أَنه خبر بعد خبر
قَوْله {زبرا} حَال أَي مثل زبر
قَوْله {أيحسبون أَنما نمدهم بِهِ من مَال وبنين نسارع لَهُم}
(2/503)
خبر أَن نسارع لَهُم على تَقْدِير حذف بِهِ
أَي نسارع لَهُم بِهِ فِي الْخيرَات وَمَا بِمَعْنى الَّذِي
وَقَالَ هِشَام تَقْدِيره نسارع لَهُم فِيهِ ثمَّ أظهر
الضَّمِير وَهُوَ الْخيرَات وَمَا الَّتِي هِيَ اسْم أَن هِيَ
لِلْخَيْرَاتِ وَمثله عِنْده قَوْلك إِن زيدا تكلم عَمْرو فِي
زيد أَي فِيهِ ثمَّ أظهر الضَّمِير وَلم يجز سِيبَوَيْهٍ هَذَا
الا فِي الشّعْر وَقد قيل خبر أَن مَحْذُوف
قَوْله {إِن الَّذين هم من خشيَة رَبهم مشفقون} خبر إِن قَوْله
{أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخيرَات} ابْتِدَاء وَخبر فِي
مَوضِع خبران وَمعنى فِي الْخيرَات أَي فِي عمل الْخيرَات
قَوْله {سامرا} حَال وَمثله {مستكبرين}
قَوْله {تهجرون} من فتح التَّاء جعله من الهجران أَي مستكبرين
بِالْبَيْتِ الْحَرَام سامرا أَي تسمرون بِاللَّيْلِ فِي
اللَّهْو واللعب لأمنكم فِيهِ مَعَ خوف النَّاس فِي مواطنهم
تهجرون آياتي وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُم من كتابي وَمن
(2/504)
ضم التَّاء جعله من الهجر وَهُوَ الهذيان
وَمَا لَا خير فِيهِ من الْكَلَام
قَوْله {فَمَا اسْتَكَانُوا} هُوَ استفعلوا من الْكَوْن
وَأَصله استكونوا نم أعل وَقيل هُوَ افتعلوا من السّكُون لَكِن
اشبعت فَتْحة الْكَاف فَصَارَت ألفا وَالْقَوْل الأول أصح فِي
الِاشْتِقَاق وَالثَّانِي أصح فِي الْمَعْنى
قَوْله {قَالَ رب ارْجِعُونِ} انما جَاءَت المخاطبة من أهل
النَّار بِلَفْظ الْجَمَاعَة لِأَن الْجَبَّار يخبر عَن نَفسه
بِلَفْظ الْجَمَاعَة فخوطب بِالْمَعْنَى الَّذِي يخبر هُوَ
بِهِ عَن نَفسه وَقيل مَعْنَاهُ التكرير ارْجِعْنَ ارْجِعْنَ
ارْجِعْنَ فَجمع فِي المخاطبة ليدل على معنى التكرير
وَكَذَلِكَ قَالَ الْمَازِني فِي قَوْله {ألقيا فِي جَهَنَّم}
مَعْنَاهُ ألق ألق
قَوْله {سخريا} من ضم السِّين جعله من السخرة والتسخير وَمن
كسرهَا جعله من الهزء واللعب وَقيل هما لُغَتَانِ بِمَعْنى
الهزء
(2/505)
قَوْله {أَنهم هم الفائزون} أَن فِي مَوضِع
نصب مفعول ثَان لجزيتهم تَقْدِيره اني جزيتهم الْيَوْم بصبرهم
الْفَوْز والفوز النجَاة وَيجوز أَن تكون أَن فِي مَوضِع نصب
على حذف اللَّام أَي اني جزيتهم بصبرهم لأَنهم الفائزون فِي
علمي وَمَا تقدم لَهُم من حكمي
قَوْله {كم لبثتم} كم فِي مَوضِع نصب بلبثتم و {عدد سِنِين}
نصب على الْبَيَان وسنين جمع مُسلم بِالْيَاءِ وَالنُّون
(2/506)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة النُّور
قَوْله تَعَالَى {سُورَة أنزلناها} رفعت سُورَة على اضمار
مُبْتَدأ تَقْدِيره هَذِه سُورَة وأنزلناها صفة لسورة وانما
احْتِيجَ الى اضمار مُبْتَدأ وَلم ترفع سُورَة بِالِابْتِدَاءِ
لِأَنَّهَا نكرَة وَلَا يبتدا بنكرة الا أَن تكون منعوتة واذا
جعلت {أنزلناها} نعتا لم يكن فِي الْكَلَام خبر لَهَا لِأَن
نعت الْمُبْتَدَأ لَا يكون خَبرا لَهُ فَلم يكن بُد من اضمار
مُبْتَدأ ليَصِح نعت السُّورَة بأنزلناها وَقَرَأَ عِيسَى بن
عمر سُورَة أنزلناها بِالنّصب على اضمار فعل تَفْسِيره
أنزلناها تَقْدِيره أنزلنَا سُورَة أنزلناها وَلَا يجوز أَن
يكون أنزلناها صفة لسورة على هَذِه الْقِرَاءَة لِأَن الصّفة
لَا تفسر مَا يعْمل فِي المصوف كَمَا أَن الصِّلَة لَا تفسر
مَا يعْمل فِي الْمَوْصُوف وَقيل ان النصب على تَقْدِير اتل
سُورَة أنزلناها فعلى هَذَا التَّقْدِير يحسن أَن يكون
أنزلناها نعتا للسورة لِأَنَّهُ غير مُفَسّر لِلْعَامِلِ فِي
السُّورَة
(2/507)
قَوْله {الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا
كل وَاحِد مِنْهُمَا} الِاخْتِيَار عِنْد سِيبَوَيْهٍ الرّفْع
لِأَنَّهُ لم يقْصد بذلك قصد اثْنَيْنِ بأعيانهما فالرفع عِنْد
سِيبَوَيْهٍ على الِابْتِدَاء على تَقْدِير خبر مَحْذُوف
تَقْدِيره فِيمَا فرض عَلَيْكُم الزَّانِيَة وَالزَّانِي
فاجلدوا وَقيل الْخَبَر مَا بعده وَهُوَ فاجلدوا كَمَا تَقول
زيد فَاضْرِبْهُ وَكَأن الْفَاء زَائِدَة
وَقد قرىء بأَرْبعَة شُهَدَاء وَهُوَ شَاذ وَيكون شُهَدَاء
نعتا لأربعة أَو حَالا من نكرَة
قَوْله إِلَّا الَّذين تَابُوا الَّذين فِي مَوضِع نصب على
الِاسْتِثْنَاء وان شِئْت فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل من
الْمُضمر فِي لَهُم
قَوْله {إِلَّا أنفسهم} وَرفع على الْبَدَل من شُهَدَاء وَهُوَ
اسْم كَانَ {وَلَهُم} الْخَبَر وَيجوز نصب شُهَدَاء على خبر
كَانَ مقدما و {أنفسهم} اسْمهَا وَيجوز نصب أنفسهم على
الِاسْتِثْنَاء أَو على خبر كَانَ وَلم يقْرَأ بِهِ
قَوْله {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جلدَة} انتصب ثَمَانِينَ
على الْمصدر وجلدة على التَّفْسِير وَكَذَلِكَ انتصاب {مائَة
جلدَة}
(2/508)
قَوْله {فشهادة أحدهم أَربع شَهَادَات}
انتصب أَربع على الْمصدر وَالْعَامِل فِيهَا شَهَادَة
وَالشَّهَادَة مَرْفُوعَة على اضمار مُبْتَدأ تَقْدِيره
فَالْحكم أَو فالفرض شَهَادَة أحدهم أَربع مَرَّات أَي
فَالْحكم أَن يشْهد أحدهم أَربع شَهَادَات بِاللَّه انه لمن
الصَّادِقين وَقيل الشَّهَادَة رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر
مَحْذُوف أَي فَعَلَيْهِم أَو فلازم لَهُم أَن يشْهد أحدهم
أَربع شَهَادَات
قَوْله {إِنَّه لمن الصَّادِقين} فِي مَوضِع نصب مفعول بِهِ
بِشَهَادَة وَلم تفتح إِن من أجل اللَّام الَّتِي فِي الْخَبَر
مثل قَوْلك علمت ان زيدا لمنطلق
وَقَوله {بِاللَّه} مُتَعَلق بشهادات فَهُوَ فِي صلتها إِن
أعملت الثَّانِي وان قدرت اعمال الأول وَهُوَ شَهَادَة كَانَت
الْبَاء مُتَعَلقَة بِشَهَادَة وَمن رفع أَربع فعلى خبر
شَهَادَة كَمَا تَقول صَلَاة الظّهْر أَربع رَكْعَات وَيكون
بِاللَّه مُتَعَلق بشهادات وَلَا يجوز تعلقه بِشَهَادَة
لِأَنَّك كنت تفرق بَين الصِّلَة والموصول بِخَبَر
الِابْتِدَاء وَهُوَ أَربع شَهَادَات وَيكون إِنَّه لمن
الصَّادِقين مُتَعَلق بشهادات وَلَا يتَعَلَّق بِشَهَادَة لما
ذكرنَا من التَّفْرِقَة بَين الصِّلَة والموصول
قَوْله {وَالْخَامِسَة} ارْتَفع على الْعَطف على أَربع فِي
قِرَاءَة من رَفعه أَو على الْقطع
(2/509)
قَوْله {أَن تشهد أَربع شَهَادَات} لَا
يحسن فِي أَربع غير النصب بتشهد وَأَن فِي مَوضِع رفع بيدرأوا
تَقْدِيره وَيدْفَع عَنْهَا الْحَد شهادتها أَربع شَهَادَات
بِاللَّه انه لمن الْكَاذِبين فانه وَمَا بعده فِي مَوضِع نصب
بتشهد وَكسرت ان لأجل اللَّام الَّتِي فِي الْخَيْر
وَبِاللَّهِ يحسن تعلق الْبَاء فِيهِ بِالْأولِ أَو الثَّانِي
قَوْله {وَالْخَامِسَة} وَهُوَ الثَّانِي من نَصبه عطفه على
أَربع شَهَادَات أَو على اضمار فعل تَقْدِيره وَتشهد
الْخَامِسَة وَهُوَ مَوْضُوع مَوضِع الْمصدر وَأَصله نعت أقيم
مقَام المنعوت كَأَنَّهُ قَالَ وَتشهد الشَّهَادَة الْخَامِسَة
ثمَّ حذف الْوَجْهَيْنِ وَمن رفع فعلى الِابْتِدَاء
قَوْله {أَن لعنة الله} و {أَن غضب الله} أَن وَمَا بعْدهَا
فِي مَوضِع رفع خبر الْخَامِسَة ان رفعتها بِالِابْتِدَاءِ أَو
فِي مَوضِع نصب على حذف الْخَافِض إِن نصبت {وَالْخَامِسَة}
وَالْخَامِسَة نعت قَامَ مقَام المنعوت فِي الرّفْع
وَالتَّقْدِير وَالشَّهَادَة الْخَامِسَة أَن لعنة الله
عَلَيْهِ وَأَن غضب الله عَلَيْهَا وَلَا يجوز تعلق الْبَاء
بِالشَّهَادَةِ المحذوفة لِأَنَّك تفرق بَين الصِّلَة والموصول
بِالصّفةِ وَذَلِكَ لَا يجوز
(2/510)
قَوْله {إِن الَّذين جاؤوا بالإفك عصبَة}
عصبَة خبر إِن وَيجوز نَصبه وَيكون الْخَبَر {لكل امْرِئ
مِنْهُم}
قَوْله {أَن تعودوا} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف حرف الْجَرّ
تَقْدِيره لِئَلَّا تعودوا أَو كَرَاهَة أَن تعودوا فَهُوَ
مفعول من أَجله
قَوْله {دينهم الْحق} قَرَأَ مُجَاهِد بِرَفْع الْحق جعله نعتا
لله جلّ ذكره وَالنّصب على النَّعْت للدّين
قَوْله {يغضوا من أَبْصَارهم} من لبَيَان الْجِنْس وَلَيْسَت
للتَّبْعِيض
قَوْله غير أولي الاربة من نصب غير نَصبه على الِاسْتِثْنَاء
أَو على الْحَال وَمن خفضه جعله نعتا لِأَن التَّابِعين لَيْسَ
بِمَعْرِِفَة صَحِيحَة الْعين إِذْ لَيْسَ بمعهود وَيجوز أَن
يخْفض على الْبَدَل وَهُوَ فِي الْوَجْهَيْنِ بِمَنْزِلَة {غير
المغضوب عَلَيْهِم}
قَوْله {وَالَّذين يَبْتَغُونَ الْكتاب} الَّذين رفع
بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره وَفِيمَا
يُتْلَى عَلَيْكُم الَّذين يَبْتَغُونَ الْكتاب وَيجوز أَن
يَكُونُوا فِي مَوضِع نصب باضمار فعل تَقْدِيره كاتبوا الَّذين
يَبْتَغُونَ الْكتاب
قَوْله {مثل نوره كمشكاة} مثل ابْتِدَاء وَالْكَاف الْخَبَر
وَالْهَاء فِي نوره تعود على الله جلّ ذكره وَقيل على النَّبِي
عَلَيْهِ السَّلَام
(2/511)
وَقيل على الايمان فِي قلب الْمُؤمن
قَوْله {دري} من ضم الدَّال وشدد الْيَاء نسبه الى الدّرّ لفرط
صِفَاته فَهُوَ فعلي وَيجوز أَن يكون وَزنه فعيلا غير مَنْسُوب
لكنه مُشْتَقّ من الدرء فَخفف الْهمزَة فَانْقَلَبت يَاء فادغم
الْيَاء الَّتِي قبلهَا فِيهَا فَأَما من قَرَأَ بِكَسْر
الدَّال والهمزة فانه جعله فعيلا من الدرء كبناء فسيق وسكير
وَمَعْنَاهُ أَنه يرفع الظلمَة لتلألئه وضيائه فَهُوَ من درأت
النُّجُوم تدرأ اذا اندفعت فَأَما من قَرَأَهُ بِضَم الدَّال
والهمزة فانه جعله فعيلا أَيْضا من درأت النُّجُوم إِذا اندفعت
وَهُوَ صفة قَلِيل النظير وَنَظِيره من الْأَسْمَاء المريق
وَمثله فِي الصِّفَات الْعلية والسرية
قَوْله {وَالْآصَال} هُوَ جمع أصل والاصل جمع أصيل كرغيف ورغف
وَقيل جمع الْأَصِيل أصائل وَقيل أصائل جمع آصال
قَوْله {ظلمات} من رَفعه فعلى الِابْتِدَاء وَالْخَبَر من
فَوْقه أَو على اضمار مُبْتَدأ أَي هِيَ ظلمات أَو هَذِه ظلمات
وَمن خفضها جعلهَا
(2/512)
بَدَلا من ظلمات الأولى والسحاب مَرْفُوع
بِالِابْتِدَاءِ وَمن فَوْقه الْخَبَر
قَوْله {لَا تحسبن الَّذين كفرُوا معجزين} من قَرَأَهُ
بِالْيَاءِ أضمر الْفَاعِل وَهُوَ النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة
السَّلَام وَالَّذين ومعجزين مَفْعُولا حسب وَيجوز أَن يكون
الَّذين هم الفاعلون وتضمر الْمَفْعُول الأول لحسب ومعجزين
الثَّانِي وَالتَّقْدِير لَا يَحسبن الَّذين كفرُوا أنفسهم
معجزين وَمن قَرَأَهُ بِالتَّاءِ فالنبي عَلَيْهِ السَّلَام
هُوَ الْفَاعِل و {الَّذين} و {معجزين} مَفْعُولا حسب
قَوْله {كل قد علم صلَاته} رفعت كلا بِالِابْتِدَاءِ وَفِي علم
ضمير الله جلّ ذكره وَيجوز على هَذَا نصب كل باضمار فعل يفسره
مَا بعده تَقْدِيره علم الله كلا علم صلَاته فان جعلت
الضَّمِير فِي علم لكل بعد نصب كل لِأَنَّهُ فَاعل وَقع على
شَيْء من سَببه فاذا نصبته باضمار فعل عديت فعله الى نَفسه
وَفِي هَذِه الْمَسْأَلَة اخْتِلَاف وفيهَا نظر لِأَن
الْفَاعِل عدى فعله الى نَفسه وانما يجوز ذَلِك فِي
الْأَفْعَال الدَّاخِلَة على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر كظننت
وَعلمت هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ فالنصب فِي كل وَهُوَ فَاعل
لَا يجوز عِنْده وَيجوز عِنْد الْكُوفِيّين
قَوْله {وَينزل من السَّمَاء من جبال فِيهَا من برد} من
الثَّانِيَة زَائِدَة وَمن الثَّالِثَة للْبَيَان
وَالتَّقْدِير وَينزل من السَّمَاء جبالا فِيهَا من برد
(2/513)
أَي جبالا من هَذَا النَّوْع وَقَالَ
الْفراء التَّقْدِير وَينزل من السَّمَاء من جبال برد فَمن برد
على قَول الْفراء فِي مَوضِع خفض وعَلى قَول الْبَصرِيين فِي
مَوضِع نصب على الْبَيَان أَو على الْحَال وَقد قيل ان من
الثَّالِثَة زَائِدَة وَالتَّقْدِير وَينزل من السَّمَاء من
جبال فِيهَا برد أَي ينزل من جبال فِي السَّمَاء بردا فَهَذَا
يدل على أَن فِي السَّمَاء جبالا ينزل مِنْهَا الْبرد وعَلى
القَوْل الأول يدل على أَن فِي السَّمَاء جبال برد
قَوْله {يذهب بالأبصار} قَرَأَهُ أَبُو جَعْفَر بِضَم الْيَاء
من يذهب وَهَذَا يُوجب أَن لَا يُؤْتى بِالْبَاء لِأَنَّهُ
رباعي من أذهب والهمزة تعاقب الْبَاء وَلَكِن أجَازه الْمبرد
وَغَيره على أَن تكون الْبَاء مُتَعَلقَة بِالْمَصْدَرِ لِأَن
الْفِعْل يدل على اذ مِنْهُ أَخذ تَقْدِيره يذهب ذَهَابه
بالأبصار وعَلى هَذَا أَجَازُوا ادخل بزيد السجْن كَأَنَّهُ
قَالَ أَدخل السجْن دُخُولا بزيد
قَوْله {ويتقه} من أسكن الْقَاف فعلى الاستخفاف كَمَا قَالُوا
كتف فِي كتف وَمن كسرهَا فعلى الأَصْل لِأَن الْيَاء الَّتِي
بعد الْقَاف حذفت للجزم
قَوْله {طَاعَة} رفع على الِابْتِدَاء أَي طَاعَة أولى بكم أَو
على
(2/514)
اضمار مُبْتَدأ أَي أمرنَا طَاعَة وَيجوز
النصب على الْمصدر
قَوْله {وعد الله الَّذين آمنُوا} أصل وعد أَن يتعدي الى
مفعولين وَلَك أَن تقتصر على أَحدهمَا فَلذَلِك تعدى فِي هَذِه
الاية الى مفعول وَاحِد وَفسّر الْعدة بقوله {ليَستَخْلِفنهم}
كَمَا فسر الْعدة فِي الْمَائِدَة بقوله {لَهُم مغْفرَة} وكما
فسر الْوَصِيَّة فِي النِّسَاء بقوله {للذّكر مثل حَظّ
الْأُنْثَيَيْنِ}
قَوْله {يعبدونني} فِي مَوضِع نصب على الْحَال من {الَّذين
آمنُوا} أَو فِي مَوضِع رفع على الْقطع
قَوْله {ثَلَاث عورات} من نصب ثَلَاثًا جعله بَدَلا من قَوْله
{ثَلَاث مَرَّات} و {ثَلَاث مَرَّات} نصب على الْمصدر وَقيل
لِأَنَّهُ فِي مَوضِع الْمصدر وَلَيْسَ بمصدر على الْحَقِيقَة
وَقيل هُوَ ظرف وَتَقْدِيره ثَلَاثَة أَوْقَات أَي يستأذنوكم
فِي ثَلَاثَة أَوْقَات وَهَذَا أصح فِي الْمَعْنى لأَنهم لم
يؤمروا أَن يستأذنهم العبيد وَالصبيان ثَلَاث مَرَّات انما
أمروا أَن يستأذنوهم فِي ثَلَاثَة أَوْقَات أَلا ترى أَنه قد
بَين الْأَوْقَات فَقَالَ {من قبل صَلَاة الْفجْر وَحين تضعون
ثيابكم من الظهيرة وَمن بعد صَلَاة الْعشَاء} فَبين الثَّلَاث
المرات بالأوقات فَعلم أَنَّهَا ظرف وَهُوَ الصَّحِيح فاذا
كَانَت ظرفا أبدلت مِنْهَا {ثَلَاث عورات} على قِرَاءَة من نصب
ثَلَاث عورات
(2/515)
وَلَا يَصح هَذَا الْبَدَل حَتَّى يقدر
محذوفا مُضَافا تَقْدِيره أَوْقَات ثَلَاث عورات فتبدل
أَوْقَات ثَلَاث عورات من ثَلَاث مَرَّات وَكِلَاهُمَا ظرف
فتبدل ظرفا من ظرف فَيصح الْمَعْنى والاعراب فَأَما من قَرَأَ
ثَلَاث عورات بِالرَّفْع فانه جعله خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف
تَقْدِيره هَذِه ثَلَاث عورات أَي هَذِه أَوْقَات ثَلَاث عورات
ثمَّ حذف الْمُضَاف اتساعا وَهَذِه اشارة الى الثَّلَاثَة
الْأَوْقَات الْمَذْكُورَة قبل هَذَا وَلَكِن اتَّسع فِي
الْكَلَام فَجعلت الْأَوْقَات عورات لِأَن ظُهُور الْعَوْرَة
فِيهَا يكون وَهُوَ مثل قَوْلهم نهارك صَائِم وليلك قَائِم
أخْبرت عَن النَّهَار بِالصَّوْمِ لِأَنَّهُ فِيهِ يكون وأخبرت
عَن اللَّيْل بِالْقيامِ لِأَنَّهُ فِيهِ يكون وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى بل مكر اللَّيْل وَالنَّهَار أضبف الْمَكْر الى
اللَّيْل وَالنَّهَار وهما لَا يمكران إِلَّا أَن الْمَكْر
يكون فيهمَا من فاعلهما فاضيف الْمَكْر اليهما اتساعا كَذَلِك
أخْبرت عَن الْأَوْقَات بالعورات لِأَن فِيهَا تظهر من النَّاس
فَلذَلِك امْر الله عباده أَن لَا يدْخل عَلَيْهِم فِي هَذِه
الْأَوْقَات الثَّلَاثَة عبد وَلَا صبي الا بعد اسْتِئْذَان
وأصل
(2/516)
الْوَاو فِي العورات الْفَتْح لَكِن أسكنت
لِئَلَّا يلْزم فِيهَا الْقلب لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا
وَمثله بيضات وَهَذَا الْأَمر انما كَانَ من الله للْمُؤْمِنين
اذ كَانَت الْبيُوت بِغَيْر أَبْوَاب
قَوْله {وَالْقَوَاعِد} هُوَ جمع قَاعد على النّسَب أَي ذَات
قعُود فَلذَلِك حذفت الْهَاء وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ لما لم
يَقع الا للمؤنث استغني عَن الْهَاء وَقيل حذفت الْهَاء للْفرق
بَينه وَبَين الْقَاعِدَة بِمَعْنى الْجَالِسَةُ
قَوْله {غير متبرجات} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي يَضعن
وَقيل حَال من هن الَّتِي فِي ثيابهن
قَوْله {وَأَن يستعففن} أَن فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء و
{خير} الْخَبَر
قَوْله {جَمِيعًا أَو أشتاتا} كِلَاهُمَا حَال من الْمُضمر فِي
تَأْكُلُوا
قَوْله {تَحِيَّة} مصدرلأن {فَسَلمُوا} مَعْنَاهُ فَحَيوا
(2/517)
قَوْله {كدعاء بَعْضكُم} الْكَاف فِي
مَوضِع نصب مفعول ثَان لجعل
قَوْله {لِوَاذًا} مصدر وَقيل حَال بِمَعْنى ملاوذين وَصَحَّ
لِوَاذًا بِالْوَاو لصِحَّته فِي لاوذ ومصدر فَاعل لَا يعل
(2/518)
|