مشكل إعراب القرآن

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

شرح مُشكل اعراب سُورَة لُقْمَان
قَوْله تَعَالَى {هدى وَرَحْمَة} حالان من تِلْكَ ولايحسن أَن يَكُونَا حَالا من الْكتاب لِأَنَّهُ مُضَاف اليه فَلَا عَامل يعْمل فِي الْحَال اذ لَيْسَ لصَاحب الْحَال عَامل وَفِيه اخْتِلَاف وَمن رفع وَرَحْمَة جعل هدى فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ تَقْدِيره هُوَ هدى وَرَحْمَة وَيجوز أَن يكون خبر {تِلْكَ} و {آيَات} بدل من تِلْكَ
قَوْله {ويتخذها} من نَصبه عطفه على ليضل وَمن رفع عطف على {يَشْتَرِي} أَو على الْقطع وَالْهَاء فِي يتخذها تعود على الْآيَات
قَوْله {بِغَيْر عمد ترونها} ترونها فِي مَوضِع خفض على النَّعْت لعمد فَيمكن أَن يكون ثمَّ عمد وَلَكِن لَا ترى وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب على الْحَال من السَّمَوَات وَلَا عمد ثمَّ الْبَتَّةَ وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع رفع على الْقطع وَلَا عمد ثمَّ أَيْضا
قَوْله {مَاذَا خلق الَّذين من دونه} مَا اسْتِفْهَام فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء وَخَبره ذَا وَهُوَ بِمَعْنى الَّذِي تَقْدِيره فأروني أَي شَيْء الَّذِي خلق

(2/564)


من دونه وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب بأروني ويجوزأن تكون مَا فِي مَوضِع نصب بِخلق وَهِي اسْتِفْهَام وَتجْعَل ذَا زَائِدَة وَيجوز أَن تكون مَا بِمَعْنى الَّذِي فِي مَوضِع نصب بأروني وَذَا زَائِدَة وتضمر الْهَاء مَعَ خلق تعود على الَّذِي أَي فأروني الْأَشْيَاء الَّتِي خلقهَا الَّذين من دونه
قَوْله {وَإِذ قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ} أَي وَاذْكُر يَا مُحَمَّد إِذْ قَالَ لُقْمَان ولقمان اسْم معرفَة فِيهِ زائدتان كعثمان فَلذَلِك لم ينْصَرف وَقد يجوز أَن يكون أعجميا وَقد قَالَ عِكْرِمَة إِنَّه كَانَ نَبيا وَفِي الْخَبَر انه كَانَ حَبَشِيًّا أسود
قَوْله {وَهنا} نصب على حذف الْخَافِض تَقْدِيره حَملته أمه بوهن أَي بِضعْف
قَوْله {أَن اشكر لي} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف الْخَافِض أَي بِأَن اشكر لي وَقيل هِيَ بِمَعْنى أَي لَا مَوضِع لَهَا من الاعراب وَقد تقدم القَوْل فِي {إِن تَكُ مِثْقَال حَبَّة} فِي الْأَنْبِيَاء وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مثله نَتْرُك ذكره لتقدم الْكَلَام فِي نَظِيره
قَوْله {مَعْرُوفا} نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره وصاحبهما فِي الدُّنْيَا صحابا مَعْرُوفا
قَوْله {مرحا} مصدر فِي مَوضِع الْحَال

(2/565)


قَوْله {نعمه ظَاهِرَة وباطنة} حالان وَمن قَرَأَ نعْمَة بِالتَّوْحِيدِ جعل مَا بعده نعتا لَهُ
قَوْله {وَلَو أَنما فِي الأَرْض من شَجَرَة} أَن فِي مَوضِع رفع نَفْعل مُضْمر تَقْدِيره لَو وَقع ذَلِك
قَوْله {وَالْبَحْر} من رَفعه جعله مُبْتَدأ ومابعده خَبره وَهُوَ {يمده} وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع الْحَال وَمن نصب الْبَحْر عطفه على مَا وَهِي اسْم أَن و {أَقْلَام} خبر أَن فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا
قَوْله {كَنَفس وَاحِدَة} الْكَاف فِي مَوضِع رفع خبر لخلقكم وَتَقْدِيره إِلَّا مثل بعث نفس وَاحِدَة
قَوْله {هُوَ جَازَ} ابْتِدَاء وَخبر وَمذهب سِيبَوَيْهٍ والخليل أَن تقف على جَازَ وَنَظِيره بِغَيْر يَاء ليعرف أَنه كَانَ فِي الْوَصْل كَذَلِك وَحكى يُونُس أَن بعض الْعَرَب يقف بِالْيَاءِ لزوَال التَّنْوِين الَّذِي من أَجله حذفت الْيَاء وَهُوَ الْقيَاس
قَوْله {إِن الله عليم خَبِير} عليم خير ان وخبير نَعته وَيجوز أَن يكون خَبرا بعد خبر

(2/566)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

شرح مُشكل اعراب سُورَة السَّجْدَة
قَوْله تَعَالَى {تَنْزِيل الْكتاب} رفع بِالِابْتِدَاءِ و {لَا ريب فِيهِ} الْخَبَر وعَلى اضمار مُبْتَدأ أَي هَذَا تَنْزِيل أَو المتلو تَنْزِيل أَو هَذِه الْحُرُوف تَنْزِيل ودلت {الم} على ذكر الْحُرُوف وَيجوز النصب فِي الْكَلَام على الْمصدر وَيجوز أَن يكون {لَا ريب فِيهِ} فِي مَوضِع الْحَال من الْكتاب و {من رب الْعَالمين} الْخَبَر وَهُوَ أحْسنهَا وَمن مُتَعَلقَة بالْخبر الْمَحْذُوف وان جعلت {لَا ريب فِيهِ} الْخَبَر كَانَت من مُتَعَلقَة بتنزيل
قَوْله {أم يَقُولُونَ افتراه} أم هُنَا لِلْخُرُوجِ من خبر الى خبر آخر وَقيل هِيَ بِمَعْنى بل
قَوْله {أحسن كل شَيْء خلقه} من أسكن اللَّام فِي خلقه جعله مصدرا لِأَن قَوْله {أحسن كل شَيْء} يدل على خلق كل شَيْء خلقا فَهُوَ مثل {صنع الله} و {كتاب الله عَلَيْكُم} وَقيل هُوَ

(2/567)


بدل من كل وَقيل هُوَ مفعول ثَان وَأحسن بِمَعْنى افهم فيتعدى الى مفعولين وَيجوز فِي الْكَلَام خلقه بِالرَّفْع على معنى ذَلِك خلقه وَمن قَرَأَ بِفَتْح اللَّام جعله فعلا مَاضِيا فِي مَوضِع نصب نعتا لكل أَو فِي مَوضِع خفض نعتا لشَيْء
قَوْله {أئذا ضللنا فِي الأَرْض} الْعَامِل فِي اذا فعل مُضْمر تَقْدِيره أنبعث اذا غيبنا وتلفنا فِي الأَرْض
قَوْله {تَتَجَافَى جنُوبهم} تَتَجَافَى فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي {خروا} وَكَذَلِكَ {يدعونَ} فِي مَوضِع الْحَال وَكَذَلِكَ {سجدا} وَكَذَلِكَ مَوضِع {وهم لَا يَسْتَكْبِرُونَ} وَكَذَلِكَ مَوضِع {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ} كلهَا أَحْوَال من الْمُضمر فِي خروا وَفِي سجدا وَيحسن أَن يكون بعد كل حَال حَالا من الْمُضمر الَّذِي فِي الْحَال الَّذِي قبله وَقد مضى نَظِيره
قَوْله {خوفًا وَطَمَعًا} مفعولان من أجلهما وَقيل مصدران
قَوْله مَا أُخْفِي لَهُم من أسكن الْيَاء جعل الْألف ألف الْمُتَكَلّم وَالْيَاء حَقّهَا الضَّم لِأَنَّهُ فعل مُسْتَقْبل لَكِن أسكنت اسْتِخْفَافًا وَمن فتح الْيَاء جعله فعلا مَاضِيا لم يسم فَاعله وَفِيه ضمير يقوم مقَام الْفَاعِل وَمَا ان جَعلتهَا بِمَعْنى الَّذِي كَانَت فِي مَوضِع نصب بتَعَلُّم وَتَكون الْهَاء محذوفة من

(2/568)


الصِّلَة على قِرَاءَة من أسكن الْيَاء أَي أخفيه لَهُم وَلَا حذف فِي قِرَاءَة من فتح الْيَاء لِأَن الضَّمِير الْمَرْفُوع فِي أُخْفِي الَّذِي لم يسم فَاعله يعود على الَّذِي فان جعلت مَا استفهاما كَانَت فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ فِي قِرَاءَة من فتح الْيَاء وَفِي مَوضِع نصب بأخفى فِي قِرَاءَة من أسكن الْيَاء وَالْجُمْلَة كلهَا فِي مَوضِع نصب بتَعَلُّم سدت مسد المفعولين
قَوْله فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه الْهَاء تعود على الْكتاب أضَاف الْمصدر الى الْمَفْعُول يَقُوله تَعَالَى {بسؤال نعجتك} وَتَقْدِيره من لِقَاء مُوسَى الْكتاب فاضمر مُوسَى لتقدم ذكره وأضيف الْمصدر الى الْكتاب وَيجوز أَن تعود الْهَاء على مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَيكون قد أضَاف الْمصدر الى الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ مَحْذُوف كَقَوْلِه {لَا يسمعوا دعاءكم} أَي دعَاكُمْ اياهم وَكَقَوْلِه {لمقت الله أكبر من مقتكم} تَقْدِيره لمقت الله اياكم أكبر من مقتكم أَنفسكُم وَقيل الْهَاء تعود على مَا لَاقَى مُوسَى أَي فَلَا تكن فِي مرية من لِقَاء مَا لَاقَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام من قومه من الْأَذَى والتكذيب وَقيل تعود على مُوسَى من غير تَقْدِير حذف مفعول أَي لَا تكن يَا مُحَمَّد فِي مرية من أَن تلقى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَقِي مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لَيْلَة الاسراء وَقيل الْهَاء تعود على مُوسَى وَالْمَفْعُول مَحْذُوف وَهُوَ التَّوْرَاة اي فَلَا تكن فِي مرية من لِقَاء مُوسَى التَّوْرَاة

(2/569)


قَوْله {كلما أَرَادوا} كلما ظرف
قَوْله {أولم يهد لَهُم كم أهلكنا} فَاعل يهد مصدره تَقْدِيره أولم يهد الْهدى لَهُم وَهُوَ قَول الْمبرد وَقَالَ الْفراء كم هِيَ الْفَاعِل ليهد وَلَا يجوز هَذَا عِنْد الْبَصرِيين لِأَن كم لَا يعْمل فِيهَا مَا قبلهَا لِأَنَّهَا فِي الْخَبَر بمنزلتها فِي الِاسْتِفْهَام لَهَا صدر الْكَلَام فَلَا يعْمل فِيهَا مَا قبلهَا كَمَا لَا يعْمل فِي الِاسْتِفْهَام مَا قبله وَقيل الْفَاعِل ليهد هُوَ الله جلّ ذكره تَقْدِيره أَو لم يهد الله لَهُم وَمن قَرَأَ نهد بالنُّون فالفاعل هُوَ الله تَعَالَى بِلَا اشكال وَلَا خلاف وَهِي قِرَاءَة أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ وَقَتَادَة وَكم عِنْد عِنْد الْبَصرِيين فِي هَذِه الْآيَة فِي مَوضِع نصب بأهلكنا
قَوْله {وَيَقُولُونَ مَتى هَذَا الْفَتْح} مَتى فِي مَوضِع

(2/570)


نصب على الظّرْف وَهِي خبر الِابْتِدَاء وَهُوَ هَذَا وَالْفَتْح نعت لهَذَا أَو عطف بَيَان وَيجوز أَن يكون مَتى فِي مَوضِع رفع على تَقْدِير حذف مَعَ هَذَا تَقْدِيره مَتى وَقت هَذَا الْفَتْح

(2/571)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

شرح مُشكل اعراب سُورَة الاحزاب
قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّبِي} أَي نِدَاء مُفْرد مَبْنِيّ على الضَّم وَهَا للتّنْبِيه وَهُوَ لَازم لأي وَالنَّبِيّ نعت لأي لَا يسْتَغْنى عَنهُ لِأَنَّهُ هُوَ المنادى فِي الْمَعْنى وَلَا يجوز نَصبه على الْموضع عِنْد أَكثر النَّحْوِيين وَأَجَازَهُ الْمَازِني جعله كَقَوْلِك يَا زيد الظريف بِنصب الظريف على مَوضِع زيد وَهَذَا نعت يسْتَغْنى عَنهُ ونعت أَي لَا يسْتَغْنى عَنهُ وَلَا يحسن نَصبه على الْموضع وَأَيْضًا فان نعت أَي هُوَ المنادى فِي الْمَعْنى فَلَا يحسن نَصبه وَقَالَ الْأَخْفَش هُوَ صلَة لأي وَلَا يعرف فِي كَلَام الْعَرَب اسْم مُفْرد صلَة لأي
قَوْله وَكفى بِاللَّه وَكيلا بِاللَّه فِي مَوضِع رفع لِأَنَّهُ الْفَاعِل و {وَكيلا} نصب على الْبَيَان أَو على الْحَال

(2/572)


قَوْله {وَالله يَقُول الْحق} الْحق نعت لمصدر مَحْذُوف أَي يَقُول القَوْل الْحق وَيجوز أَن يكون الْحق مَفْعُولا لِلْقَوْلِ
قَوْله {وَلَكِن مَا تَعَمّدت} مَا فِي مَوضِع خفض عطف على مَا فِي قَوْله {فِيمَا أخطأتم} وَيجوز أَن تكون فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء تَقْدِيره وَلَكِن مَا تَعَمّدت قُلُوبكُمْ تؤاخذون بِهِ
قَوْله {إِلَّا أَن تَفعلُوا} أَن فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء الَّذِي لَيْسَ من الأول
قَوْله {وَإِذ يَقُول} {وَإِذ قَالَت} الْعَامِل فيهمَا فعل مُضْمر تَقْدِيره وَاذْكُر يَا مُحَمَّد اذ يَقُول واذ قَالَت
قَوْله {إِن بُيُوتنَا عَورَة} عَورَة خبر إِن وَهُوَ مصدر فِي الأَصْل وَهُوَ بِمَعْنى ذَات عَورَة وَيجوز أَن يكون اسْم فَاعل أَصله عَورَة ثمَّ أسكن تَخْفِيفًا وَيجوز أَن يكون مصدرا فِي مَوضِع اسْم الْفَاعِل كَمَا تَقول رجل عدل أَي عَادل
قَوْله {أشحة عَلَيْكُم} وَزنه أفعلة جمع شحيح مثل رغيف وأرغفة وَلَكِن نقلت حَرَكَة الْحَاء الأولى الى الشين وأدغمت فِي الثَّانِيَة وَأَصله أشححة وَنصب على الْحَال وَالْعَامِل فِيهِ {والقائلين} فَهُوَ

(2/573)


حَال من الْمُضمر فِي الْقَائِلين هَذَا قَول الْفراء وَأَجَازَ أَيْضا أَن يعْمل فِيهِ فعل مُضْمر دلّ عَلَيْهِ المعوقين فَهُوَ حَال من الْفَاعِل فِي الْفِعْل الْمُضمر كَأَنَّهُ قَالَ يعوقون أشحة وَيجوز عِنْده أَن يكون الْعَامِل فِيهِ {وَلَا يأْتونَ} فَهُوَ حَال من الْمُضمر فِي يأْتونَ وَأَجَازَ أَيْضا نَصبه على الذَّم وَلَا يجوز عِنْد الْبَصرِيين أَن يكون الْعَامِل المعوقين ولاالقائلين لِأَنَّهُ يكون دَاخِلا فِي صلَة الْألف وَاللَّام وَقد فرقت بَينهمَا بقوله {وَلَا يأْتونَ الْبَأْس} وَهُوَ غير دَاخل فِي الصِّلَة إِلَّا أَن تجْعَل {وَلَا يأْتونَ الْبَأْس} فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي الْقَائِلين فَيجوز أَن يكون أَيْضا أشحة حَالا من ذَلِك الْمُضمر وَيعْمل فِيهِ الْقَائِلين لِأَنَّهُ كُله دَاخل فِي صلَة الْألف وَاللَّام من الْقَائِلين وَلَا يحسن أَن يكون أشحة حَالا من الْمُضمر فِي المعوقين وَلَا من الْمُضمر فِي يأْتونَ على مَذْهَب الْبَصرِيين بِوَجْه لِأَن {والقائلين} عطف على المعوقين غير دَاخل فِي صلته وأشحه ان جعلته حَالا من الْمُضمر فِي المعوقين كَانَ دَاخِلا فِي الصِّلَة وَكَذَلِكَ وَلَا يأْتونَ فقد فرقت بَين الصِّلَة والموصول بالمعطوف وَلَا يحسن أَيْضا على مَذْهَب الْبَصرِيين أَن يعْمل فِيهِ فعل مُضْمر يفسره المعوقين كَمَا لم يجز أَن يعْمل فِيهِ المعوقين لِأَن مَا فِي الصِّلَة لَا يُفَسر مَا لَيْسَ فِي الصِّلَة فَافْهَم ذَلِك وَالصَّحِيح انه حَال من الْمُضمر فِي يأْتونَ وَهُوَ

(2/574)


الْعَامِل فِيهِ وَقَوله وَلَا يأْتونَ حَال من الْمُضمر فِي الْقَائِلين وَكِلَاهُمَا دَاخل فِي الصله وَكَذَلِكَ ان جعلتهما جَمِيعًا حَالين من الْمُضمر فِي الْقَائِلين فَهُوَ حسن فكلاهما دَاخل فِي الصِّلَة فَأَما نَصبه على الذَّم فَجَائِز
قَوْله {هَلُمَّ إِلَيْنَا} مَعْنَاهُ أَقبلُوا الينا وَهَذِه لُغَة أهل الْحجاز وَغَيرهم يَقُول هلموا للْجَمَاعَة وهلمي للْمَرْأَة وأصل هَلُمَّ هَا المم فها للتّنْبِيه والمم مَعْنَاهُ اقصد الينا وَأَقْبل الينا لَكِن كثر الِاسْتِعْمَال فِيهَا فحذفت ألف الْوَصْل من المم لما تحركت اللَّام بضمة الْمِيم الأولى عِنْد الْإِدْغَام فَصَارَت هَا لم فحذفت ألف هَا لسكونها وَسُكُون اللَّام بعْدهَا لِأَن حركتها عارضة كَمَا حذفت الْوَاو فِي قَالُوا الْآن فِي قِرَاءَة ورش وَقد تحركت اللَّام فَلم يعْتد بحركتها لِأَنَّهَا عارضة كَذَلِك حَرَكَة اللَّام من لم لم يعْتد بهَا وَجَرت على أَصْلهَا فحذفت ألف هَا لسكونها وَسُكُون اللَّام فِي الأَصْل فاتصلت الْهَاء بِاللَّامِ فَصَارَت هَلُمَّ كَمَا ترى وَفتحت الْمِيم لالتقاء الساكنين كَمَا تَقول رد وَمد وَقد قيل إِن أالف هَا إِنَّمَا حذفت لسكونها وَسُكُون اللَّام قبل أَن تلقى حَرَكَة

(2/575)


الْمِيم الأولى على اللَّام فَصَارَت هلمم فألقيت حَرَكَة الْمِيم الأولى على اللَّام وأدغمت فِي الَّتِي بعْدهَا فَصَارَت هَلُمَّ كَمَا ترى
قَوْله {إِلَّا قَلِيلا} نعت لمصدر مَحْذُوف أَو لظرف مَحْذُوف تَقْدِيره إلااتيانا قَلِيلا أَو إِلَّا وقتا قَلِيلا وَمثله {مَا قَاتلُوا إِلَّا قَلِيلا}
قَوْله {أشحة على الْخَيْر} حَال من الْمُضمر فِي {سلقوكم} وَهُوَ الْعَامِل فِيهِ
قَوْله {وَمَا زادهم} الْهَاء وَالْمِيم تعود على النظرلأن معنى قَوْله {وَلما رأى الْمُؤْمِنُونَ} وَلما نظر وَقيل الْمُضمر يعود على الرُّؤْيَة وجازلأن رَأْي تدل على الرُّؤْيَة تذكيرها لِأَن تأنيثها غير حَقِيقِيّ
قَوْله {صدقُوا مَا عَاهَدُوا} مَا فِي مَوضِع نصب بصدقوا وَهِي وَالْفِعْل مصدر تَقْدِيره صدقُوا الْعَهْد أَي وفوا بِهِ
قَوْله فتعالين هُوَ من الْعُلُوّ وَأَصله الِارْتفَاع وَلَكِن كثر اسْتِعْمَاله حَتَّى اسْتعْمل فِي معنى انْزِلْ فَيُقَال للمتعالي تعال أَي انْزِلْ
قَوْله {وَقرن فِي بيوتكن} من كسر الْقَاف جعله من

(2/576)


الْوَقار والتوقر فِي الْبيُوت فَيكون مثل عدن وزن لِأَنَّهُ مَحْذُوف الْفَاء وَهُوَ الْوَاو وَيجوز أَن يكون من الْقَرار فَيكون مضعفا يُقَال قر فِي الْمَكَان يقر هَذِه اللُّغَة الْمَشْهُورَة فَيكون أصلة واقررن ثمَّ تبدل من الرَّاء الَّتِي هِيَ عين الْفِعْل يَاء كَرَاهَة التَّضْعِيف كَمَا أبدلوا فِي قِيرَاط ودينار فَتَصِير الْيَاء مَكْسُورَة فَتلقى حركتها على الْقَاف وتحذف لسكونها وَسُكُون الرَّاء ويستغنى عَن ألف الْوَصْل لتحرك الْقَاف فَيصير قرن وَقيل بل حذفت الرَّاء الأولى كَرَاهَة التَّضْعِيف كَمَا قَالُوا ظلت وَالْأَصْل ظللت فأبقيت حركتها على الْقَاف فحذفت ألف الْوَصْل لتحرك الْقَاف أَيْضا فَأَما من قَرَأَ بِفَتْح الْقَاف فَهِيَ لُغَة حَكَاهَا أَبُو عبيد عَن الْكسَائي أَنه يُقَال قررت فِي الْمَكَان أقرّ وَهِي لُغَة قَليلَة وَقد أنكرها الْمَازِني وَغَيره ثمَّ جرى الاعتلال على الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورين فِي الْكسر أَولا وَقد قيل إِنَّه أَخذ من قررت بِهِ عينا أقرّ ثمَّ أعل على أحد الْأَصْلَيْنِ الْمَذْكُورين أَولا فاعلمه

(2/577)


قَوْله {أهل الْبَيْت} نصب على النداء وان شِئْت على الْمَدْح وَيجوز فِي الْكَلَام الْخَفْض على الْبَدَل من الْكَاف وَالْمِيم فِي عَنْكُم عِنْد الْكُوفِيّين وَلَا يجوز ذَلِك عِنْد الْبَصرِيين لِأَن الْغَائِب يُبدل من الْمُخَاطب لاختلافهما وَقيل لم يجزلأن الْبَدَل بَيَان والمخاطب والمخاطب لَا يحتاجان الى بَيَان
قَوْله {والحافظين فروجهم والحافظات} أعمل الأول من هذَيْن الْفِعْلَيْنِ وَكَانَ قِيَاسه على أصُول هذاالباب لَو أخر مفعول الْفِعْل الأول أَن يُقَال والحافظاتها وَلَكِن لما قدمه اسْتغنى عَن الضَّمِير لبَيَان الْمَعْنى فِي أَن الأول هُوَ المعمل إِذْ مَفْعُوله بعده لم يتَأَخَّر بعد الْفِعْل الثَّانِي وَحذف الضَّمِير من هَذَا اذا مَا تقدم مَعْمُول الأول حسن فصيح واثبات الضَّمِير اذا تَأَخّر مفعول الأول فِي آخر الْكَلَام أحسن وأفصح وَمثله فِي الْقيَاس {والذاكرين الله كثيرا وَالذَّاكِرَات} لَو تَأَخّر الْمَفْعُول الى اخر الْكَلَام لَكَانَ وَجه الْكَلَام والذاكراته فَلَمَّا تقدم حسن حذف الضَّمِير واثباته فِي الْكَلَام جَائِز لتقدم ذكره
قَوْله {وَالله أَحَق أَن تخشاه} الله ابْتِدَاء وأحق خبر

(2/578)


وَأَن فِي مَوضِع نصب على حذف الْخَافِض وَإِن شِئْت جعلت أَن وَمَا بعْدهَا ابْتِدَاء ثَانِيًا وأحق خَبره وَالْجُمْلَة خبر عَن الله وان شِئْت جعلت أَن وَمَا بعْدهَا بَدَلا من الله تَعَالَى مُبْتَدأ واحق خَبره وَلَا يجوز أَن تقدر اضافة أَحَق الى أَن الْبَتَّةَ لِأَن أفعل لَا يُضَاف إِلَّا الى مَا هُوَ بعضه
قَوْله {سنة الله} مصدر عمل فِيهِ معنى مَا قبله
قَوْله {الَّذين يبلغون} الَّذين فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل أَو على النَّعْت لقَوْله {فِي الَّذين خلوا}
قَوْله {وَلَكِن رَسُول الله} رَسُول خبر كَانَ مضمرة تَقْدِيره وَلَكِن كَانَ مُحَمَّد رَسُول الله وَمن رَفعه فعلى اضمار هُوَ أَي هُوَ رَسُول الله
قَوْله {وَامْرَأَة مُؤمنَة} عطف على الْأزْوَاج وَمَا بعدهن وَالْعَامِل أَحللنَا وَمن قَرَأَ أَن وهبت نَفسهَا بِفَتْح أَن وَهُوَ مَرْوِيّ عَن الْحسن جعل أَن بَدَلا من امْرَأَة وَقيل هُوَ على حذف الْجَرّ أَي لِأَن وهبت
قَوْله {خَالِصَة} حَال
قَوْله {لكيلا يكون عَلَيْك} اللَّام مُتَعَلقَة بقوله أَحللنَا وَقيل بفرضنا
قَوْله {بِمَا آتيتهن كُلهنَّ} كُلهنَّ تَأْكِيد للمضمر فِي

(2/579)


يرضين وَلَا يجوز أَن يكون تَأْكِيدًا للمضمر فِي آتيتهن لِأَن الْمَعْنى على خِلَافه
قَوْله {إِلَّا مَا ملكت} مَا فِي مَوضِع رفع على الْبَدَل من النِّسَاء أَو فِي مَوضِع نصب على الاستثاء وَلَا يجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب بملكت لِأَن الصِّلَة لَا تعْمل فِي الْمَوْصُول وَفِي الْكَلَام هَاء محذوفة من الصِّلَة بهَا يتم الْكَلَام تَقْدِيره الا مَا ملكته يَمِينك وَيجوز أَن تجْعَل مَا وَالْفِعْل مصدرا فِي مَوضِع الْمَفْعُول فَيكون الْمصدر فِي مَوضِع نصب لِأَنَّهُ اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الْجِنْس وَلَا يحْتَاج الى حذف هَاء تَقْدِيره إِلَّا ملك يَمِينك وَملك بِمَعْنى مَمْلُوك فَيكون بِمَنْزِلَة قَوْلهم هَذَا دِرْهَم ضرب الْأَمِير أَي مضروبه
قَوْله {غير ناظرين إناه} إناه ظرف زمَان وَهُوَ مقلوب من آن الَّذِي بِمَعْنى لحين فقلبت النُّون قبل الْألف وغيرت الْهمزَة الى الكسرة فَمَعْنَاه غير ناظرين آنه أَي حِينه ثمَّ قلب وَغير على

(2/580)


مَا ذكرت
قَوْله {غير} هُوَ مَنْصُوب على الْحَال من الْكَاف وَالْمِيم فِي لكم وَالْعَامِل فِيهِ يُؤذن وَلَا يحسن أَن تجْعَل غير وَصفا للطعام لِأَنَّهُ يلْزم فِيهِ أَن تظهر الضَّمِير الَّذِي فِي ناظرين فَيلْزم أَن تَقول غير ناظرين أَنْتُم إناه لِأَن اسْم الْفَاعِل اذا جرى صفة أَو خَبرا أَو حَالا أَو صلَة على غير من هُوَ لَهُ لم يسْتَتر فِيهِ ضمير الْفَاعِل وَذَلِكَ فِي الْفِعْل جَائِز فَلَو قَالَ فِي الْكَلَام إِن أذن لكم الى طَعَام لاتنتظرون اناه فَكُلُوا لجَاز أَن يكون لَا تنتظرون وَصفا للطعام وَأَن يكون حَالا من الْكَاف وَالْمِيم فِي لكم أَلا ترى أَنَّك تَقول زيد تضربه فزيد مُبْتَدأ وتضربه خبر لَهُ وَهُوَ فعل للمخاطب لَيْسَ هُوَ لزيد وَفِيه ضمير الْمُخَاطب مستتر وَلَوْلَا الْهَاء مَا كَانَ خَبرا لزيد لِأَنَّهُ لم يعد عَلَيْهِ شَيْء من سَببه وَلَا من ذكره فَلَو جعلت فِي مَوضِع تضربه ضاربه لم يكن بُد من اظهار الضَّمِير فَتَقول زيد ضاربه أَنْت وَكَذَلِكَ قِيَاس الَّذِي تضربه زيد فتضربه صلَة الَّذِي وَفِيه ضمير الْمُخَاطب فان جعلت مَوْضِعه ضاربه أظهرت الضَّمِير فَقلت الَّذِي ضاربه أَنْت زيد وَكَذَلِكَ الصفه وَالْحَال فِي قوتك مَرَرْت بِرَجُل تضربه ومررت بزيد تضربه ان جعلت فِي مَوضِع تضربه اسْم فَاعل لم يكن بُد من اظهار الضَّمِير من الصّفة وَالْحَال كَمَا ظهر من الْخَبَر والصلة فَهَذَا معنى قولي لَك اذا جرى اسْم الْفَاعِل على غير من هُوَ لَهُ خَبرا أَو صفة أَو حَالا أَو صلَة لم يكن بُد

(2/581)


من اظهار الضَّمِير وَيجوز ذَلِك فِي الْفِعْل وَلَا يظْهر الضَّمِير فافهمه
قَوْله {وَلَا مستأنسين لحَدِيث} فِي مَوضِع نصب عطف على {غير ناظرين} أَو فِي مَوضِع خفض عطف على ناظرين
قَوْله {وَمَا كَانَ لكم أَن تُؤْذُوا} أَن فِي مَوضِع رفع اسْم كَانَ وَكَذَلِكَ وَلَا أَن تنْكِحُوا عطف عَلَيْهَا
قَوْله {فِيهَا إِلَّا قَلِيلا} حَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي يجاورونك أَي يجاورونك إِلَّا فِي حَال قلتهم وذلتهم وَقيل هُوَ نعت لمصدر مَحْذُوف أَو لظرف مَحْذُوف تَقْدِيره إِلَّا جوارا قَلِيلا أَو وقتا قَلِيلا
قَوْله {ملعونين} حَال أَيْضا من الْمُضمر فِي يجاورونك وَقيل هُوَ نصب على الذَّم والشتم
قَوْله {سنة الله} نصب على الْمصدر أَي سنّ الله تَعَالَى ذَلِك سنة فِيمَن أرجف بالأنبياء ونافق
قَوْله {وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما} أَي لم يزل كَذَلِك ورحيما حَال من الْمُضمر فِي غَفُورًا وَهُوَ الْعَامِل فِيهِ أَي يغْفر فِي حَال رَحمته وَيجوز أَن يكون نعتا لغَفُور وَأَن يكون خَبرا بعد خبر

(2/582)