مشكل إعراب القرآن

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

شرح مُشكل اعراب سُورَة سبأ
قَوْله تَعَالَى {يعلم مَا يلج فِي الأَرْض} يعلم حَال من اسْم الله جلّ ذكره وَيجوز أَن يكون مستأنفا
قَوْله {ينبئكم إِذا مزقتم} الْعَامِل فِي اذا فعل دلّ عَلَيْهِ الْكَلَام تَقْدِيره ينبئكم بِالْبَعْثِ أَو بِالْحَيَاةِ أَو بالنشور اذا مزقتم وَأَجَازَ بَعضهم أَن يكون الْعَامِل مزقتم وَلَيْسَ بجيد لِأَن اذا مُضَافَة الى مَا بعْدهَا من الْجمل وَالْأَفْعَال وَلَا يعْمل الْمُضَاف اليه فِي الْمُضَاف لِأَنَّهُ كبعضه كَمَا لَا يعْمل بعض الِاسْم فِي بعض وَلَا يجوز أَن يكون الْعَامِل ينبئكم لِأَنَّهُ لَيْسَ يُخْبِرهُمْ ذَلِك الْوَقْت فَلَيْسَ الْمَعْنى عَلَيْهِ
قَوْله {يَا جبال أوبي مَعَه وَالطير} من نصب الطير عطفه على مَوضِع الْجبَال لِأَنَّهَا فِي مَوضِع نصب بِمَعْنى النداء وَهُوَ قَول سِيبَوَيْهٍ وَقيل هِيَ مفعول مَعَه وَقَالَ أَبُو عَمْرو هُوَ مَنْصُوب باضمار فعل تَقْدِيره وسخرنا لَهُ الطير وَقَالَ الْكسَائي

(2/583)


تَقْدِيره وَآتَيْنَاهُ الطير كَأَنَّهُ مَعْطُوف على فضل وَقد قَرَأَهُ الْأَعْرَج بِالرَّفْع عطفه على لفظ الْجبَال وَقيل هُوَ مَعْطُوف على الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي أوبي وَحسن ذَلِك لِأَن مَعَه قد فصلت بَينهمَا فَقَامَتْ مقَام التَّأْكِيد
قَوْله {أَن اعْمَلْ} أَن تَفْسِير لَا مَوضِع لَهَا من الاعراب بِمَعْنى أَي وَقيل هِيَ فِي مَوضِع نصب على حذف الْخَافِض تَقْدِيره لِأَن اعْمَلْ أَي وألنا لَهُ الْحَدِيد لهَذَا الْأَمر
قَوْله {غدوها شهر} ابْتِدَاء وَخبر تَقْدِيره مسير غدوها مسيرَة شهر وَكَذَلِكَ رواحها شهر وانما احْتِيجَ الى ذَلِك لِأَن الغدو والرواح ليسَا بالشهر انما يكونَانِ فِيهِ
قَوْله {وَمن الْجِنّ من يعْمل} من فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء وَمَا قبلهَا الْخَبَر وَقيل من فِي مَوضِع نصب على الْعَطف على مَعْمُول سخرنا أَي وسخرنا لَهُ من الْجِنّ من يعْمل
قَوْله {وَمن يزغ} من رفع بِالِابْتِدَاءِ وَهِي شَرط اسْم تَامّ ونذقه الْجَواب وَهُوَ خبر الِابْتِدَاء
قَوْله {منسأته} من قَرَأَهُ بِأَلف فَأصل الْألف همزَة مَفْتُوحَة لَكِن أَتَى الْبَدَل فِي هَذَا وَالْقِيَاس أَن تجْعَل الْهمزَة بَين الْهمزَة وَالْألف فِي

(2/584)


التَّخْفِيف وَهَذَا أَتَى على الْبَدَل من الْهمزَة وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ والهمز هُوَ الأَصْل
قَوْله {تبينت الْجِنّ أَن لَو كَانُوا} أَن فِي مَوضِع رفع بدل من الْجِنّ وَالتَّقْدِير تبين للانس أَن الْجِنّ لَو كَانُوا وَقيل هِيَ فِي مَوضِع نصب على حذف اللَّام
قَوْله {آيَة جنتان} جنتان بدل من آيَة وَهِي اسْم كَانَ وَيجوز أَن ترفع جنتين على اضمار مُبْتَدأ هِيَ جنتان وَتَكون الْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب على التَّفْسِير
قَوْله {فِي مساكنهم} من قَرَأَهُ بِالتَّوْحِيدِ وَفتح الْكَاف جعله مصدرا فَلم يجمعه وأتى بِهِ على الْقيَاس لِأَن فعل يفعل قِيَاس مصدره أَن يَأْتِي بِالْفَتْح نَحْو المقعد والمدخل والمخرج وَقيل هُوَ اسْم مُفْرد للمكان يُؤَدِّي عَن الْجمع وَمن كسر الْكَاف جعله اسْما للمكان كالمسجد وَقيل هُوَ أَيْضا مصدر خرج عَن الأَصْل كالمطلع
قَوْله {بَلْدَة} رفع على اضمار مُبْتَدأ أَي هَذِه بَلْدَة وَكَذَلِكَ وَرب غَفُور أَي وَهَذَا رب غَفُور
قَوْله {ذَلِك جزيناهم} ذَلِك فِي مَوضِع نصب بجزينا
قَوْله {ذواتي أكل خمط} من أضَاف الْأكل الى الخمط جعل الْأكل هُوَ الثَّمر والخمط شجر فأضاف الثَّمر الى شَجَرَة كَمَا تَقول

(2/585)


هَذَا تمر نخل وعنب كرم وَقيل لما لم يحسن أَن يكون الخمط نعتا للْأَكْل لِأَن الخمط اسْم شَجَرَة بِعَينهَا وَلم يحسن أَن يكون بَدَلا لِأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ الأول وَلَا هُوَ بعضه وَكَانَ الجنى وَالثَّمَر من الشّجر أضيف على تَقْدِير من كَقَوْلِك هَذَا ثوب خَز فَأَما من نونه فانه جعل الخمط عطف بَيَان على الْأكل فَبين أَن الْأكل لهَذَا الشّجر الَّذِي هُوَ الخمط اذ لم يُمكن أَن يكون وَصفا وَلَا بَدَلا فَبين بِهِ أكل أَي شجر هُوَ
قَوْله {ليَالِي وأياما} هما ظرفان للسير والليالي جمع لَيْلَة وَهُوَ على غير قِيَاس كَانَ أصل واحده ليلاة فَجمع على غير لفظ واحده مثل ملاقح جمع ملقحة وَلم يسْتَعْمل ملقحة وَكَذَلِكَ مشابه جمع مشبهة وَلم يسْتَعْمل
قَوْله {وَلَقَد صدق عَلَيْهِم إِبْلِيس ظَنّه} من خفف صدق نصب ظَنّه انتصاب الظّرْف أَي صدق فِي ظَنّه وَيجوز على الاتساع أَن تنصبه انتصاب الْمَفْعُول بِهِ وَقيل هُوَ مصدر فَأَما من شدد صدق

(2/586)


فَظَنهُ مفعول بِصدق وَمن قَرَأَ بتَخْفِيف صدق نصب ابليس وَرفع الظَّن جعل الظَّن فَاعل صدق وَنصب ابليس لِأَنَّهُ مفعول بِهِ بِصدق وَالتَّقْدِير وَلَقَد صدق ظن ابليس ابليس كَمَا تَقول ضرب زيدا غُلَامه أَي ضرب غُلَام زيد وَمن خفف ورفعهما جَمِيعًا جعل ظَنّه بَدَلا من ابليس وَهُوَ بدل الاشتمال
قَوْله {مَاذَا قَالَ ربكُم} مَا فِي مَوضِع نصب بقال وَذَا زَائِدَة وَدَلِيل ذَلِك قَوْله تَعَالَى {قَالُوا الْحق} فنصب الْجَواب بقال وَكَذَلِكَ يجب أَن يكون السُّؤَال وَيجوز فِي الْكَلَام رفع الْحق على أَن تكون مَا استفهاما فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء وَذَا بِمَعْنى الَّذِي خَبره وَمَعَ قَالَ هَاء محذوفة تَقْدِيره أَي شَيْء الَّذِي قَالَه ربكُم فَرفع الْجَواب اذ السُّؤَال مَرْفُوع وَقد مضى لهَذَا نَظَائِر
قَوْله {وَإِنَّا أَو إيَّاكُمْ} هُوَ عطف على اسْم ان وَيكون لعلى هدى خبر الثَّانِي وَهُوَ اياكم وَخبر الأول مَحْذُوف لدلَالَة الثَّانِي عَلَيْهِ هَذَا اخْتِيَار الْمبرد وسيبويه يرى أَن لعلى هدى خبر الأول

(2/587)


وَخبر الثَّانِي مَحْذُوف لدلَالَة الأول عَلَيْهِ وَلَو عطفت أَو اياكم على مَوضِع اسْم ان فِي الْكَلَام لَقلت أَو أَنْتُم وَتَكون لعلى هدى خبر الثَّانِي لَا غير وَخبر الأول مَحْذُوف وَلَا اخْتِلَاف فِي هَذَا لِأَن الْعَطف على مَوضِع اسْم ان لَا يكون الا بعد مُضِيّ الْخَبَر فَلَا بُد من اضمار خبر الأول قبل الْمَعْطُوف ليعطف على الْموضع بعد اتيان الْخَبَر
قَوْله {إِلَّا كَافَّة} حَال وَمَعْنَاهُ جَامع النَّاس
قَوْله {قل لكم ميعاد يَوْم} أضَاف الميعاد الى الْيَوْم على السعَة وَيجوز فِي الْكَلَام ميعاد يَوْم منونين مرفوعين يُبدل الثَّانِي من الأول وَهُوَ هُوَ على تَقْدِير وَقت ميعاد يَوْم وميعاد ابْتِدَاء وَلكم الْخَبَر وَيجوز أَن تنصب يَوْمًا على الظّرْف وَتَكون الْهَاء فِي عَنهُ تعود على الظّرْف فان جَعلتهَا تعود على الميعاد أضفت يَوْمًا الى مَا بعده فَقلت يَوْم لَا تستأخرون عَنهُ وَلَا يجوز اضافة يَوْم الى مَا بعده اذا جعلت الْهَاء لليوم لِأَنَّك تضيف الشَّيْء الى نَفسه وَهُوَ الْيَوْم تضيفه الى جملَة فِيهَا هَاء هِيَ الْيَوْم فَتكون أضفت الْيَوْم الى الْهَاء وَهُوَ هِيَ
قَوْله {لَوْلَا أَنْتُم} لَا يجوز عِنْد الْمبرد غير هَذَا

(2/588)


تَأتي تضمير مَرْفُوع كَمَا كَانَ الْمظهر مَرْفُوعا وَأَجَازَ سِيبَوَيْهٍ لولاكم والمضمر فِي مَوضِع خفض بضد مَا كَانَ الْمظهر وَمنعه الْمبرد
قَوْله {عندنَا زلفى} زلفى فِي مَوضِع نصب على الْمصدر كَأَنَّهُ قَالَ إزلافا والزلفى الْقُرْبَى كَأَنَّهُ قَالَ تقربكم عندنَا تَقْرِيبًا وَالَّتِي عِنْد الْفراء للأموال وَالْأَوْلَاد وَقيل هِيَ للأولاد خَاصَّة وَحذف خَاصَّة وَحذف خبر الأمواء لدلَالَة الثَّانِي عَلَيْهِ تَقْدِيره وَمَا أَمْوَالكُم بِالَّتِي تقربكم عندنَا زلفى وَلَا أَوْلَادكُم بِالَّتِي تقربكم ثمَّ حذف الأول لدلَالَة الثَّانِي عَلَيْهِ
قَوْله {إِلَّا من آمن} من فِي مَوضِع نصب عِنْد الزّجاج على الْبَدَل من الْكَاف وَالْمِيم فِي تقربكم وَهُوَ وهم لِأَن الْمُخَاطب لَا يُبدل مِنْهُ وَلَكِن هُوَ نصب على الِاسْتِثْنَاء وَقد جَاءَ بدل الْغَائِب من الْمُخَاطب باعادة الْعَامِل وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {لقد كَانَ لكم فيهم أُسْوَة حَسَنَة} ثمَّ أبدل من الْكَاف وَالْمِيم باعادة الْخَافِض فَقَالَ لمن كَانَ يَرْجُو
قَوْله {فَأُولَئِك لَهُم جَزَاء الضعْف} جَزَاء خير أُولَئِكَ ويجو فِي الْكَلَام جَزَاء الضعْف بتنوين جَزَاء وَرفع الضعْف على الْبَدَل من جزاءه وَيجوز حذف التَّنْوِين لالتقاء الساكنين وَرفع الضعْف وَلَا يقْرَأ بِشَيْء من

(2/589)


ذَلِك وَيجوز نصب جَزَاء على الْحَال وَرفع الضعْف على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر لَهُم وَالْجُمْلَة خبر أُولَئِكَ
قَوْله {أَن تقوموا} ان فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل من وَاحِدَة أَو فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ تَقْدِيره هِيَ أَن تقوموا وَقيل هِيَ فِي مَوضِع نصب على حذف اللَّام
قَوْله {مثنى وفرادى} حالان من الْمُضمر فِي تقوموا
قَوْله {قل إِن رَبِّي يقذف بِالْحَقِّ علام الغيوب} من رفع علام جعله نعتا لرب على الْموضع أَو الْبَدَل مِنْهُ أَو على الْبَدَل من الْمُضمر فِي يقذف وَمن نَصبه وَهُوَ عِيسَى بن عمر جعله نعتا لرب على اللَّفْظ أَو على الْبَدَل وَيجوز الرّفْع على أَنه خبر بعد خبر أَو على إِضْمَار مُبْتَدأ
قَوْله {التناوش} هُوَ من ناش ينوش اذا تنَاول فَمَعْنَاه من أَيْن لَهُم تنَاول التَّوْبَة بعد الْمَوْت وَقيل بعد الْبَعْث وَلَا أصل لَهُ فِي الْهَمْز وَمن همزه فَلِأَن الْوَاو انضمت بعد ألف زَائِدَة فهمزها

(2/590)


وَقيل هُوَ من النتيش وَهِي الْحَرَكَة فِي ابطاء وَأَصله الْهَمْز على هَذَا لَا غير

(2/591)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

شرح مُشكل اعراب سُورَة فاطر
قَوْله تَعَالَى {جَاعل الْمَلَائِكَة رسلًا} لَا يجوز تَنْوِين جَاعل لِأَنَّهُ لما مضى ورسلا مفعول ثَان وَقيل انتصب على اضمار فعل لِأَن اسْم الْفَاعِل بِمَعْنى الْمَاضِي لَا يعْمل النصب
قَوْله {مثنى وَثَلَاث وَربَاع} هَذِه أعداد معدولة فِي حَال تنكيرها فتعرفت بِالْعَدْلِ فمنعت من الصّرْف للعدل والتعريف وَقيل للعدل وَالصّفة والفائدة فِي الْعدْل أَنَّهَا تدل على التكرير فَمَعْنَى مثنى اثْنَان اثْنَان وَثَلَاث ثَلَاثَة ثَلَاثَة وَكَذَلِكَ رباع وَقد تقدم فِي أول النِّسَاء شرح هَذَا
قَوْله {غير الله} من رفع غيرا جعله فَاعِلا كَمَا

(2/592)


تَقول هَل ضَارب غير زيد بِمَعْنى إِلَّا زيد وَقيل هُوَ نعت الْخلق على الْموضع وَيجوز النصب على الِاسْتِثْنَاء وَمن خفضه جعله نعتا لخلق على اللَّفْظ
قَوْله {بِاللَّه الْغرُور} من فتح الْغَيْن جعله اسْما للشَّيْطَان وَمن ضمهَا جعله جمع غَار كَقَوْلِك جَالس وجلوس وَقيل هُوَ جمع غر وغر مصدر وَقيل هُوَ مصدر كالدخول
قَوْله {الَّذين كفرُوا لَهُم عَذَاب} الَّذين فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل من اصحاب أَو فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من حزبه أَو فِي مَوضِع رفع على الْبَدَل من الْمُضمر فِي ليكونوا
قَوْله {يمكرون السَّيِّئَات} السَّيِّئَات نصب على المصدرلأن يمكرون بِمَعْنى يسيئون وَقيل تَقْدِيره يمكرون المكرات السَّيِّئَات ثمَّ حذف المنعوت وَقيل هُوَ مفعول بِهِ ويمكرون بِمَعْنى يعْملُونَ
قَوْله {وَالَّذين آمنُوا} الَّذين فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء ومغفرة ابْتِدَاء ثَان وَلَهُم الْخَبَر وَالْجُمْلَة خبر عَن الَّذين

(2/593)


قَوْله {حسرات} نصب على الْمَفْعُول من أَجله أَو على الْمصدر وَالْهَاء فِي يرفعهُ تعود على الْكَلم وَقيل على الْعَمَل تعود فَيجوز النصب فِي الْعَمَل على القَوْل الثَّانِي باضمار فعل يفسره يرفعهُ وَلَا يجوز على القَوْل الأول إِلَّا الرّفْع
قَوْله {وَلَو كَانَ ذَا قربى} اسْم كَانَ مُضْمر فِيهَا تَقْدِيره وَلَو كَانَ الْمَدْعُو ذَا قربى وَيجوز فِي الْكَلَام وَلَو كَانَ ذُو قربى وَتَكون كَانَ بِمَعْنى وَقع أوعلى حذف الْخَبَر
قَوْله {مُخْتَلف ألوانه} اي خلق مُخْتَلف ألوانه فالهاء ترجع على الْمَحْذُوف ومختلف رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمَا قبله من الْمَجْرُور خَبره وألوانه فَاعل
قَوْله {كَذَلِك إِنَّمَا يخْشَى الله من عباده الْعلمَاء} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره اخْتِلَافا مثل ذَلِك الِاخْتِلَاف الْمُتَقَدّم ذكره

(2/594)


قَوْله {أساور} جمع أسورة وأسورة جمع سوار وسوار وَحكي فِي الْوَاحِد إسوار وَجمعه اساوير
قَوْله {جنَّات عدن} الرّفْع فِي جنَّات على الِابْتِدَاء يدْخلُونَهَا الْخَبَر أَو على اضمار مبتدا أَي هِيَ جنَّات ويدخلونها نعت لجنات
قَوْله {يحلونَ فِيهَا} {ولباسهم فِيهَا حَرِير} كِلَاهُمَا نعت لجنات رفعتها أَو نصبتها على الْبَدَل من الْخيرَات أَو على اضمار فعل يفسره مَا بعده وَيجوز أَن يَكُونَا فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع يعود على الْمَرْفُوع فِي يدْخلُونَهَا لِأَن فِي كلا الْحَالين عائدين أَحدهمَا يعود على الْمَرْفُوع فِي يدْخلُونَهَا والاخر على الْمَنْصُوب
قَوْله {الَّذِي أحلنا} الَّذِي فِي مَوضِع نصب نعت لاسم ان أَو فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ أَو على أَنه خب بعد خبر أَو على الْبَدَل من غَفُور أَو على الْبَدَل من الْمُضمر فِي شكور
فوله {دَار المقامة} المقامة مَعْنَاهَا الاقامة

(2/595)


قَوْله {استكبارا} مفعول من أَجله
قَوْله {ومكر السيء} هُوَ من اضافة الْمَوْصُوف الى صفته وَتَقْدِيره ومكر الْمَكْر السَّيئ وَدَلِيله قَوْله تَعَالَى بعد ذَلِك وَلَا يَحِيق الْمَكْر السيء إِلَّا باهله فمكر السيىء انتصب على الْمصدر ثمَّ أضيف إِلَى نَعته اتساعا كَصَلَاة الأولى وَمَسْجِد الْجَامِع
قَوْله {أَن تَزُولَا} أَن مفعول من أَجله أَي لِئَلَّا تَزُولَا وَقيل مَعْنَاهُ من أَن تَزُولَا لِأَن معنى يمسك يمْنَع
قَوْله {فَإِذا جَاءَ أَجلهم} لَا يجوز أَن يعْمل بَصيرًا فِي اذا لِأَن مَا بعد ان لَا يعْمل فِيمَا قبلهَا لَو قلت الْيَوْم إِن زيدا خَارج تنصب الْيَوْم بِخَارِج لم يجز وَلَكِن الْعَامِل فِيهَا جَاءَ لِأَن اذا فِيهَا معنى الْجَزَاء والأسماء الَّتِي يجازى بهَا يعْمل فِيهَا مَا بعْدهَا تَقول من أكْرم يكرمني فاكرم هُوَ الْعَامِل فِي من بلااختلاف فَأَشْبَهت اذا حُرُوف الشَّرْط لما فِيهَا من مَعْنَاهُ فَعمل فِيهَا مَا بعْدهَا وَكَانَ حَقّهَا أَن لَا يعْمل فِيهَا لِأَنَّهَا مُضَافَة الى مَا بعْدهَا من الْجمل وَفِي جَوَازه اخْتِلَاف وَفِيه نظر لِأَن إِذا لَا يجازى بهَا عِنْد سِيبَوَيْهٍ إِلَّا فِي الشّعْر فالموضع الَّذِي يجازي بهَا يُمكن أَن يعْمل فِيهَا الْفِعْل الَّذِي يَليهَا

(2/596)


كَمَا يعْمل فِي مَا وَمن اللَّتَيْنِ للشّرط والموضع الَّذِي لَا يجازى فِيهِ بهَا لَا يحسن أَن يعْمل فِيهَا الْفِعْل الَّذِي يَليهَا لِأَنَّهَا مُضَافَة الى الْجُمْلَة الَّتِي بعْدهَا والمضاف اليه لَا يعْمل فِي الْمُضَاف لِأَنَّهُ من تَمَامه كَمَا لَا يعْمل الشَّيْء فِي نَفسه وَفِي تَقْدِير إِضَافَة إِذا اخْتِلَاف

(2/597)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

شرح مُشكل اعراب سُورَة يس
قَوْله تَعَالَى {يس} حق النُّون الساكنة من هجاء يس اذا وصلت كلامك أَن تُدْغَم ف الْوَاو بعْدهَا أبدا وَقد قَرَأَ جمَاعَة باظهار النُّون من يس وَنون والقلم وَالْعلَّة فِي ذَلِك ان هَذِه الْحُرُوف الْمُقطعَة فِي أَوَائِل السُّور حَقّهَا أَن يُوقف على كل حرف مِنْهَا لِأَنَّهَا لَيست بِخَبَر لما قبلهَا وَلَا يخبر عَنْهَا وَلَا يعْطف بَعْضهَا على بعض كالعدد فحقها الْوَقْف والسكون عَلَيْهَا وَلذَلِك لم تعرب فَوَجَبَ اظهار النُّون عِنْد الْوَاو لِأَنَّهَا مَوْقُوف عَلَيْهَا غير مُتَّصِلَة بِمَا بعْدهَا هَذَا أَصْلهَا وَمن أدغم أجراها مجْرى الْمُتَّصِل والاظهار أولى بهَا لما ذكرنَا وَقد قَرَأَ عِيسَى بن عمر بِفَتْح النُّون على أَنه مفعول بِهِ على معنى اذكر ياسين لكنه لم ينْصَرف لِأَنَّهُ مؤنث اسْم للسورة وَلِأَنَّهُ أعجمي فَهُوَ على زنة هابيل وقابيل وَيجوز

(2/598)


أَن يكون أَرَادَ أَن يصله بِمَا بعده فَالتقى ساكنان الْيَاء وَالنُّون ففتحه لالتقاء الساكنين فَبنِي على الْفَتْح كأين وَكَيف وَقد قرىء بِكَسْر النُّون حركت أَيْضا لالتقاء الساكنين فَكسرت على أصل اجْتِمَاع الساكنين فَجعلت كخير فِي الْقسم وأوائل السُّور قد قيل فِيهَا انها قسم أقسم الله بهَا لشرفها وَلِأَنَّهَا مباني أَسْمَائِهِ
قَوْله {على صِرَاط مُسْتَقِيم} خب ثَان لِأَن وَقيل على مُتَعَلقَة بِالْمُرْسَلين
قَوْله {تَنْزِيل الْعَزِيز الرَّحِيم} من رفْعَة أضمر مُبْتَدأ أَي هُوَ تَنْزِيل وَمن نَصبه جعله مصدرا وَيجوز الْخَفْض فِي الْكَلَام على الْبَدَل من الْقرَان
قَوْله {مَا أنذر آباؤهم} مَا حرف ناف لِأَن آبَاءَهُم لم ينذروا برَسُول قبل مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام وَقيل موضعهَا نصب لِأَنَّهَا فِي مَوضِع الْمصدر وَهُوَ قَول عِكْرِمَة لِأَنَّهُ قَالَ قد أنذر اباؤهم وَتَقْدِيره لتنذر قوما انذارا مثل امذار ابائهم فَمَا وَالْفِعْل مصدر
قَوْله {ونكتب مَا قدمُوا} أَي ذكر مَا قدمُوا ثمَّ

(2/599)


حذف الْمُضَاف وَكَذَلِكَ واثارهم أَي ونكب ذكر اثارهم وَهِي الخطى الى الْمَسَاجِد وَقيل هِيَ مَا سنوا من سنة حَسَنَة فَعمل بهَا بعدهمْ
قَوْله وكل شَيْء نصب باضمار فعل تَقْدِيره وأحصينا كل شىء أحصيناه وَهُوَ الِاخْتِيَار ليعطف مَا عمل فِيهِ الْفِعْل على مَا عمل فِيهِ الْفِعْل وَيجوز الرّفْع على الِابْتِدَاء وأحصيناه الْخَبَر
قَوْله {وَاضْرِبْ لَهُم مثلا أَصْحَاب الْقرْيَة} أصح مَا يُعْطي النّظر وَالْقِيَاس فِي مثل وَأَصْحَاب أَنَّهُمَا مفعولان لَا ضرب دَلِيله قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا مثل الْحَيَاة الدُّنْيَا كَمَاء} فَلَا خلاف أَن مثلا ابْتِدَاء وكماء خَبره فَهَذَا ابْتِدَاء وَخبر بِلَا شكّ ثمَّ قَالَ تَعَالَى فِي مَوضِع اخر وَاضْرِبْ لَهُم مثل الْحَيَاة الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ فَدخل اضْرِب على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر فَعمل فِي الِابْتِدَاء ونصبه فَلَا بُد أَن يعْمل فِي الْخَبَر أَيْضا لِأَن كل فعل دخل على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر فَعمل فِي الِابْتِدَاء فلابد أَن يعْمل فِي الْخَبَر اذ هُوَ هُوَ فقد تعدى اضْرِب الَّذِي هُوَ لتمثيل الْأَمْثَال الى مفعولين بلااختلاف فِي هَذَا فَوَجَبَ أَن يجْرِي فِي غير هَذَا الْموضع على ذَلِك فَيكون قَوْله وَاضْرِبْ لَهُم مثلا أَصْحَاب الْقرْيَة

(2/600)


مفعولين لاضرب كَمَا كَانَ فِي دُخُوله على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر وَقد قيل ان أَصْحَاب الْقرْيَة بدل من مثل وَتَقْدِيره وَاضْرِبْ لَهُم مثلا مثل أَصْحَاب الْقرْيَة فالمثل الثَّانِي بدل من الأول ثمَّ حذف الْمُضَاف
قَوْله بِمَا {غفر لي رَبِّي} تكون مَا وَالْفِعْل مصدرا أَي بغفران رَبِّي لي وَيجوز أَن تكون بِمَعْنى الَّذِي وتحذف الْهَاء من الصِّلَة تَقْدِيره الَّذِي غفره لي رَبِّي وَيجوز أَن تكون مَا استفهاما وَفِيه معنى التَّعَجُّب من مغفره الله لَهُ تَقْدِيره بِأَيّ شَيْء غفر لي رَبِّي على التقليل لعمله والتعظيم لمغفرة الله لَهُ فتبتدىء بِهِ فِي هَذَا الْوَجْه وَفِي كَونه استفهاما بعد لثبات الْألف فِي مَا وحقها أَن تحذف فِي الِاسْتِفْهَام اذا دخل عَلَيْهَا حرف جر نَحْو فَبِمَ تبشرون وَلَا يحسن اثبات ألف مَا فِي الِاسْتِفْهَام الا فِي شعر فَبعد لذَلِك

(2/601)


قَوْله {وَمَا كُنَّا منزلين} مَا زَائِدَة عِنْد أَكثر الْعلمَاء وَقَالَ بَعضهم هِيَ اسْم فِي مَوضِع خفض عطف على جند وَهُوَ معنى غَرِيب حسن
قَوْله {يَا حسرة} نِدَاء منكور وانما نَادَى الْحَسْرَة ليتحسر بهَا من خَالف الرُّسُل وَكفر بهم وَالْمرَاد بندائها تحسر الْمُرْسل اليهم بهَا فمعناها تعالي يَا حسرة فَهَذَا أوانك وإبانك الَّذِي يجب أَن تحضري فِيهِ ليتحسر بك من كفر بالرسل
قَوْله {كم أهلكنا} كم فِي مَوضِع نصب بأهلكنا وَأَجَازَ الْفراء أَن تنصبها بيروا وَذَلِكَ لَا يجوز عِنْد جَمِيع الْبَصرِيين لِأَن الِاسْتِفْهَام وَمَا وَقع موقعه لَا يعْمل فِيهِ مَا قبله
قَوْله {أَنهم إِلَيْهِم} أَن فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من كم وَكم وَمَا بعْدهَا من الْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب بيروا
قَوْله {وَإِن كل لما جَمِيع} أَن مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة فَزَالَ عَملهَا لنقصها فارتفع مَا بعْدهَا على الِابْتِدَاء وَمَا بعده الْخَبَر ولزمت اللَّام فِي خَبَرهَا فرقا بَين الْخَفِيفَة الَّتِي بِمَعْنى مَا وَبَين المخففة من الثَّقِيلَة وَمن قَرَأَ

(2/602)


لما بِالتَّشْدِيدِ جعل لما بِمَعْنى إِلَّا وَإِن بِمَعْنى مَا وَتَقْدِيره وَمَا كل إِلَّا جَمِيع فَهُوَ ابْتِدَاء وَخبر وَحكى سِيبَوَيْهٍ سَأَلتك بِاللَّه لما فعلت بِمَعْنى إِلَّا فعلت وَقَالَ الْفراء لما بِمَعْنى لمن مَا ثمَّ إدغم النُّون فِي الْمِيم فاجتمعت ثَلَاث ميمات فحذفت احداهن اسْتِخْفَافًا وَشبهه بقَوْلهمْ عُلَمَاء بَنو فلَان يُرِيدُونَ على المَاء ثمَّ أدغم وَحذف احدى اللامين اسْتِخْفَافًا
قَوْله {وَآيَة لَهُم الأَرْض} اية ابْتِدَاء وَالْأَرْض الْخَبَر وَقيل لَهُم الْخَبَر وَالْأَرْض رفع على الِابْتِدَاء وأحييناها الْخَبَر وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع التَّفْسِير للجملة الأولى
قَوْله {وَمَا عملته أَيْديهم} مَا فِي مَوضِع خفض على الْعَطف على ثمره وَيجوز أَن تكون نَافِيَة أَي وَلم تعمله أَيْديهم وَمن قَرَأَ عملت بِغَيْر هَاء كَانَ الْأَحْسَن أَن تكون مَا فِي مَوضِع خفض وتحذف الْهَاء من الصِّلَة وَيبعد أَن تكون نافيه لِأَنَّك تحْتَاج الى اضمار مفعول لعملت
قَوْله {قدرناه منَازِل} أَي قدرناه ذَا منَازِل ثمَّ حذف الْمُضَاف وَيجوز أَن يكون حذف حرف الْجَرّ من الْمَفْعُول الأول وَلم يحذف مُضَافا من الثَّانِي تَقْدِيره قدرناه لَهُ منَازِل وارتفع الْقَمَر على الِابْتِدَاء

(2/603)


وقدرناه الْخَبَر وَيجوز رَفعه على اضمار مُبْتَدأ وقدرناه فِي مَوضِع الْحَال من الْقَمَر وَيجوز نَصبه على اضمار فعل يفسره قدرناه حَالا من الْقَمَر انما هُوَ تَفْسِير لما نصب الْقَمَر
قَوْله {فَلَا صريخ لَهُم وَلَا هم ينقذون} فتحت صريخ لِأَنَّهُ مَبْنِيّ مَعَ لَا ويختار فِي الْكَلَام لَا صريخ بِالرَّفْع والتنوين لأجل اتيان لَا ثَانِيَة مَعَ معرفَة لَو قلت فِي الْكَلَام لَا رجل فِي الدَّار وَلَا زيد لَكَانَ الِاخْتِيَار فِي رجل الرّفْع والتنوين لاتيان لَا بعده مَعَ معرفَة لَا يحسن فِيهَا إِلَّا الرّفْع
قَوْله {يَنْبَغِي لَهَا أَن تدْرك الْقَمَر} أَن فِي مَوضِع رفع بينبغي قَالَه الْفراء وَغَيره
قَوْله {وَآيَة لَهُم أَنا حملنَا} آيَة ابْتِدَاء وَلَهُم الْخَبَر وَقيل أَنا هُوَ الْخَبَر فاذا جعلت لَهُم الْخَبَر كَانَت أَن رفعا بِالِابْتِدَاءِ وَالْجُمْلَة الْخَبَر وَأَن وَمَا بعْدهَا فِي مَوضِع التَّفْسِير لاية فَمن أجل تعلق أَن بِمَا قبلهَا جَازَ رَفعهَا بِالِابْتِدَاءِ وَلَو لم تتَعَلَّق بِمَا قبلهَا لم ترْتَفع بِالِابْتِدَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِك الْخَفِيفَة الَّتِي يجوز أَن ترْتَفع بِالِابْتِدَاءِ وان لم تتَعَلَّق بِمَا قبلهَا تَقول أَن تقوم خير لَك فَأن

(2/604)


ابْتِدَاء وَخير الْخَبَر وَلَو قلت أَنَّك منطلق خير لَك لم يجز عِنْد الْبَصرِيين
وَالْهَاء وَالْمِيم فِي ذرياتهم تعود على قوم نوح وَفِي لَهُم تعود على أهل مَكَّة وَقيل الضميران لأهل مَكَّة
قَوْله {إِلَّا رَحْمَة منا} نصب رَحْمَة على حذف حرف الْجَرّ أَي إِلَّا برحمة وَقَالَ الْكسَائي هُوَ نصب على الِاسْتِثْنَاء وَقَالَ الزّجاج هُوَ مفعول من أَجله ومتاعا مثله ومعطوف عَلَيْهِ
قَوْله {يخصمون} من قَرَأَهُ بِفَتْح الْيَاء وَالْخَاء مشددا الصَّاد فأصله عِنْده يختصمون ثمَّ ألْقى حَرَكَة التَّاء على الْخَاء وأدغمها فِي الصَّاد وَمن قَرَأَ بِفَتْح الْيَاء وَكسر الْخَاء مشددا فانه لم يلق حَرَكَة الْيَاء على الْخَاء إِذْ أدغمها وَلَكِن حذف الفتحة لما أدغم فَاجْتمع ساكنان الْخَاء والمشدد فَكسر الْخَاء لالتقاء الساكنين وَكَذَلِكَ التَّقْدِير فِي قِرَاءَة من اختلس فَتْحة الْخَاء إِنَّمَا اختلسها لِأَنَّهَا لَيست بِأَصْل للخاء وَكَذَلِكَ

(2/605)


من قَرَأَ باخفاء حَرَكَة الْخَاء اخفاها لِأَنَّهَا لَيست بِأَصْل فِي الْخَاء وَلم يُمكنهُ اسكان الْخَاء لِئَلَّا يجمع بَين ساكنين فَيلْزمهُ الْحَذف أَو التحريك
قَوْله {وَنفخ فِي الصُّور} فِي الصُّور فِي مَوضِع رفع لِأَنَّهُ قَامَ مقَام الْفَاعِل إِذْ الْفِعْل لما لم يسم فَاعله والصور جمع صُورَة وأصل الْوَاو الْحَرَكَة وَلَكِن أسكنت تَخْفِيفًا فأصله الصُّور أَي صور بني آدم وَقيل هُوَ الْقرن الَّذِي ينْفخ فِيهِ الْملك فَهُوَ وَاحِد وَهَذَا القَوْل أشهر
قَوْله {يَا ويلنا} هُوَ نِدَاء مُضَاف وَالْمعْنَى يَقُول الْكفَّار تعال ياويل فَهَذَا زَمَانك وإبانك وَقيل هُوَ مَنْصُوب على الْمصدر والمنادى مَحْذُوف كَأَنَّهُمْ قَالُوا لبَعْضهِم يَا هَؤُلَاءِ ويلا لنا فَلَمَّا أضَاف حذف اللَّام الثانيه وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ اللَّام الأولى هِيَ المحذوفة وَأَصله عِنْدهم وي لنا وَقد أَجَازُوا ويل زيد بِفَتْح اللَّام وَهِي عِنْدهم لَام الْجَرّ وَلَام الْجَرّ لَا تفتح مَعَ غير الْمُضمر وأجازوا الضَّم وَفِي ذَلِك دَلِيل ظَاهر بَين أَن الثَّانِيَة هِيَ المحذوفة
قَوْله {هَذَا مَا وعد الرَّحْمَن} هَذَا مُبْتَدأ وَمَا الْخَبَر على أَنَّهَا بِمَعْنى

(2/606)


الَّذِي وَالْهَاء محذوفة من وعد أَو على أَنَّهَا وَمَا بعْدهَا مصدر فَلَا تقدر حذفا وَالتَّقْدِير فَقَالَ لَهُم الْمُؤْمِنُونَ أَو فَقَالَ لَهُم الْمَلَائِكَة هَذَا مَا وعد الرَّحْمَن فتقف على هَذَا القَوْل على مرقدنا وتبتدىء هَذَا مَا وعد وَيجوز أَن تكون هَذَا فِي مَوضِع خفض على النَّعْت لمرقدنا فتقف على هَذَا وَتَكون مَا فِي مَوضِع رفع خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره هَذَا مَا وعد أَو حق مَا وعد أَو بعثكم مَا وعد
قَوْله {وَلَهُم مَا يدعونَ} مَا ابْتِدَاء بِمَعْنى الَّذِي أَو مصدر مَعَ مَا بعْدهَا أَو نكرَة وَمَا بعْدهَا صفة لَهَا وَلَهُم الْخَبَر وأصل يدعونَ يَد تعيون على وزن يفتعلون من دَعَا يَدْعُو فأسكنت الْيَاء بعد أَن ألقيت حركتها على مَا قبلهَا وحذفت لسكونها وَسُكُون مَا بعْدهَا وَقيل بل ضمت الْعين لأجل وَاو الْجمع بعْدهَا وَلم تلق عَلَيْهَا حَرَكَة الْيَاء لِأَن الْعين كَانَت متحركة فَصَارَت يدتعون فادغمت التَّاء فِي الدَّال وَكَانَ ذَلِك أولى من ادغام الدَّال فِي التَّاء لِأَن الدَّال حرف مجهور وَالتَّاء حرف مهموس والمجهور أقوى من المهموس وَكَانَ رد الْحَرْف الى الْأَقْوَى أولى من رده الى الاضعف فأبدلوا من التَّاء دَالا وأدغمت الدَّال الأولى فِيهَا فَصَارَت يدعونَ
قَوْله سَلام ارْتَفع على الْبَدَل من مَا الَّتِي فِي قَوْله وَلَهُم

(2/607)


مَا يدعونَ وَيجوز أَن يكون نعتا لما اذا جَعلتهَا نكرَة تَقْدِيره وَلَهُم شىء يَدعُونَهُ مُسلم وَيجوز أَن يكون سَلام خبر مَا وَلَهُم ظرف ملغى وَفِي قِرَاءَة عبد الله سَلاما بِالنّصب على الْمصدر أَو حَال فِي معنى مُسلما
قَوْله قولا نصب على الْمصدر أَي يَقُولُونَهُ قولا يَوْم الْقِيَامَة أَو قَالَ الله جلّ ذكره ذَلِك قولا
قَوْله {أَن لَا تعبدوا} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف الْجَار أَي بِأَن لَا
قَوْله {ركوبهم} انما اتى بِغَيْر تَاء على جِهَة النّسَب عِنْد الْبَصرِيين وَالرُّكُوب مَا يركب بِالْفَتْح وَالرُّكُوب بِالضَّمِّ اسْم الْفِعْل وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا انها قَرَأت

(2/608)


ركوبتهم بِالتَّاءِ وَهُوَ الأَصْل عِنْد الْكُوفِيّين ليفرق بَين مَا هُوَ فَاعل وَبَين مَا هُوَ مفعول فَيَقُولُونَ امْرَأَة صبور وشكور فَهَذَا فَاعل وَيَقُولُونَ نَاقَة حلوبة وركوبة فيثبتون الْهَاء لِأَنَّهُ مفعول وَقد تقدم ذكر نصب فَيكون وَشبهه

(2/609)