مشكل إعراب القرآن بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الحاقة
قَوْله تَعَالَى {الحاقة مَا الحاقة} الحاقه ابْتِدَاء وَمَا
ابْتِدَاء ثَان وَمَا بِمَعْنى الِاسْتِفْهَام الَّذِي
مَعْنَاهُ التَّعْظِيم والتعجب والحاقة الثَّانِيَة خبر مَا
وَمَا وخبرها خبر عَن الحاقة الأولى وَجَاز أَن تكون
الْجُمْلَة خَبرا عَنْهَا وَلَا ضمير فِيهَا يعود على
الْمُبْتَدَأ لِأَنَّهَا مَحْمُولَة على معنى الحاقة مَا
أعظمها وأهولها وَقيل الْمَعْنى الحاقة مَا هِيَ على
التَّعْظِيم لأمرها ثمَّ أظهر الِاسْم ليَكُون أبين فِي
التَّعْظِيم وَقد مضى ذكر هَذَا فِي الْوَاقِعَة وَمثله
القارعة مَا القارعة
قَوْله وَمَا أَدْرَاك مَا الحاقة مَا ابْتِدَاء وَمَا
الثَّانِيَة ابْتِدَاء ثَان والحاقة خَبره وَالْجُمْلَة فِي
مَوضِع نصب بادراك وأدراك وَمَا اتَّصل بِهِ خبر عَن مَا
الأولى وَفِي أَدْرَاك ضمير فَاعل يعود على مَا الأولى وَمَا
الأولى وَالثَّانيَِة اسْتِفْهَام فَلذَلِك لم يعْمل أَدْرَاك
فِي مَا الثَّانِيَة وَعمل فِي الْجُمْلَة وهما اسْتِفْهَام
فيهمَا معنى التَّعْظِيم والتعجب وأدراك فعل يتَعَدَّى الى
مفعولين الْكَاف الْمَفْعُول الأول وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع
الثَّانِي وَمثله وَمَا أَدْرَاك مَا يَوْم الدّين
(2/753)
ثمَّ ماأدراك مَا يَوْم الدّين وَمَا
أَدْرَاك مَا عليون وَمَا أَدْرَاك مَا الْعقبَة وَمَا
أَدْرَاك مَا القارعة كُله على قِيَاس وَاحِد فقس بعضه على بعض
قَوْله فَأَما ثَمُود فأهلكوا ثَمُود رفع بِالِابْتِدَاءِ
وفأهلكوا الْخَبَر وَحقّ الْفَاء أَن تكون قبله وَالتَّقْدِير
مهما يكن من شَيْء فثمود أهلكوا وَثَمُود اسْم للقبيلة وَهُوَ
معرفَة فَلذَلِك لم ينْصَرف للتأنيث ولتعريف وَقيل هُوَ اعجمي
معرفَة فَلذَلِك لم ينْصَرف وَيجوز صرفه فِي الْكَلَام وَقد
قرىء بذلك فِي مَوَاضِع من الْقُرْآن غير هَذَا على أَنه اسْم
للْأَب وَمثله وَأما عَاد فأهلكوا إِلَّا أَن عادا انْصَرف
لخفته اذ هُوَ على ثَلَاثَة أحرف الْأَوْسَط سَاكن كهند ودعد
ومصر وَنَحْو ذَلِك
قَوْله سبع لَيَال وَثَمَانِية أَيَّام انتصب سبع وَثَمَانِية
على الظّرْف وحسوما نعت للأيام بِمَعْنى متتابعة وَقيل هُوَ
نصب على الْمصدر بِمَعْنى تبَاع
قَوْله فِيهَا صرعى فِي مَوضِع نصب على الْحَال لِأَن ترى من
رُؤْيَة الْعين
قَوْله كَأَنَّهُمْ أعجاز نخل الْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب على
الْحَال
(2/754)
من الْمُضمر فِي صرعى أَي مشبهين أعجاز نخل
خوت من التأكل
قَوْله فَيَوْمئِذٍ وَقعت الْوَاقِعَة الْعَامِل فِي الظّرْف
وَقعت
قَوْله فَهِيَ يَوْمئِذٍ واهية الْعَامِل فِي الظّرْف واهية
قَوْله يَوْمئِذٍ تعرضون الْعَامِل فِي الظّرْف تعرضون
قَوْله مَا أغْنى عني ماليه مَا فِي مَوضِع نصب بأغنى وَيجوز
أَن تكون نَافِيَة على حذف مفعول أغْنى أَي مَا أغْنى عني
مَالِي شَيْئا
قَوْله ذرعها سَبْعُونَ ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع خفض على
النَّعْت لسلسلة
قَوْله قَلِيلا مَا تؤمنون وقليلا مَا تذكرُونَ انتصب قَلِيلا
فِي هَذَا الْموضع بتؤمنون وتذكرون وَمَا زَائِدَة وَحَقِيقَته
أَنه نعت لمصدر مَحْذُوف أَو لظرف مَحْذُوف تَقْدِيره وقتا
قَلِيلا تذكرُونَ أَو تذكرا قَلِيلا تذكرُونَ وَكَذَلِكَ
قَلِيلا مَا تؤمنون وَلَا يجوز أَن تجْعَل مَا وَالْفِعْل
مصدرا وتنصب قَلِيلا بِمَا بعد مَا لِأَن فِيهِ تَقْدِيم
الصِّلَة على الْمَوْصُول لِأَن مَا عمل فِيهِ الْمصدر فِي
صلَة الْمصدر ابدا فَلَا يتَقَدَّم عَلَيْهِ
قَوْله تَنْزِيل من رب الْعَالمين خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف أَي
هُوَ تَنْزِيل قَوْله عَنهُ حاجزين نعت لأحد لِأَنَّهُ
بِمَعْنى الْجَمَاعَة فَحمل النَّعْت على الْمَعْنى فَجمع
(2/755)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
تَفْسِير مُشكل اعراب سورى سَأَلَ سَائل
قَوْله تَعَالَى سَأَلَ من ترك الْهمزَة احْتمل ثَلَاثَة أوجه
أَحدهَا أَن يكون من السُّؤَال لَكِن أبدل من الْهمزَة ألفا
وَهُوَ بدل على غير قِيَاس لكنه جَائِز حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ
وَغَيره وَالثَّانِي ان يكون الْألف بَدَلا من وَاو حكى
سِيبَوَيْهٍ وَغَيره سلت تسال لُغَة بِمَنْزِلَة خفت تخَاف
وَالْوَجْه الثَّالِث ان يكون الْألف بَدَلا من يَاء من سَالَ
يسيل بِمَنْزِلَة كال يَكِيل وأصل سَأَلَ اذا كَانَ من
السُّؤَال ان يتَعَدَّى الى مفعولين نَحْو قَوْله فَلَا تسألن
ماليس وَيجوز أَن يقْتَصر على وَاحِد كأعطيت وكسوت نَحْو
قَوْله تَعَالَى واسألوا مَا أنفقتم فاذا اقتصرت على وَاحِد
جَازَ أَن يتَعَدَّى بِحرف جر الى ذَلِك الْوَاحِد نَحْو
قَوْله تَعَالَى سَأَلَ سَائل بِعَذَاب تَقْدِيره سَالَ سَائل
النَّبِي بِعَذَاب وَالْبَاء بِمَعْنى عَن وَإِذا جعلت سَالَ
من السَّيْل لم تكن الْبَاء
(2/756)
بِمَعْنى عَن وَكَانَت على بَابهَا
وَأَصلهَا للتعدى فَأَما الْهمزَة فِي سَائل فتحتمل ثَلَاثَة
أوجه أَحدهَا أَن تكون أَصْلِيَّة من السُّؤَال وَالثَّانِي
أَن تكون بَدَلا من وَاو على لُغَة من قَالَ سلت تسال كخفت
تخَاف وَالثَّالِث أَن تكون بَدَلا من يَاء على أَن تجْعَل
سَالَ من السَّيْل
قَوْله يَوْم تكون السماءالعامل فِي الظّرْف نرَاهُ وَيجوز أَن
يكون بَدَلا من قريب وَالْعَامِل فِي قريب نرَاهُ وَقيل
الْعَامِل يبصرونهم وَالْهَاء وَالْمِيم فِي يبصرونهم تعود على
الْكفَّار وَالضَّمِير الْمَرْفُوع للْمُؤْمِنين أَي يبصر
الْمُؤْمِنُونَ الْكَافرين يَوْم الْقِيَامَة أَي يرونهم
فَيَنْظُرُونَ اليهم فِي النَّار وَقيل تعود على الْحَمِيم
وَهُوَ بِمَعْنى الْجمع أَي يبصر الْحَمِيم حميمه وَقيل
الضميران يعودان على الْكفَّار أَي يبصر التابعون المتبوعين
فِي النَّار
قَوْله إِنَّهَا لظى نزاعة لظى خبر ان فِي مَوضِع رفع ونزاعة
خبر ثَان وَقيل لظى فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من هَا فِي
انها ونزاعة خبران فِي مَوضِع رفع وَقيل لظى خبر ان ونزاعة بدل
من لظى أَو رفع على اضمار مُبْتَدأ وَقيل الضَّمِير فِي انها
للقصة ولظى مُبْتَدأ ونزاعة خبر لظى وَالْجُمْلَة خبران وَمن
نصب نزاعة فعلى الْحَال وَهِي قِرَاءَة خفص عَن عَاصِم
وَالْعَامِل فِي نزاعة مَا دلّ عَلَيْهِ الْكَلَام من
(2/757)
معنى التلظي كَأَنَّهُ قَالَ كلا انها
تتلظى فِي حَال نَزعهَا للشوى وَقد منع الْمبرد جَوَاز نصب
نزاعة وَقَالَ لَا تكون لظى الا نزاعة للشوى فَلَا معنى
للْحَال إِنَّمَا الْحَال فِيمَا يجوز أَن يكون وَيجوز أَن لَا
يكون هَذَا معنى قَوْله وَالْحَال فِي هَذَا جَائِزَة
لِأَنَّهَا تؤكد مَا تقدمها كَمَا قَالَ وَهُوَ الْحق مُصدقا
وَلَا يكون الْحق أبدا إِلَّا مُصدقا وَقَالَ تَعَالَى وَهَذَا
صِرَاط رَبك مُسْتَقِيمًا وَلَا يكون صِرَاط الله جلّ ذكره
أبدا أَلا مُسْتَقِيمًا فَلَيْسَ يلْزم ان لَا يكون الْحَال
إِلَّا للشَّيْء الَّذِي يُمكن أَن يكون وَيُمكن أَن لَا يكون
هَذَا أصل لَا يَصح فِي كل مَوضِع فَقَوله لَيْسَ بجيد وَقد
قيل ان هَذَا انما هُوَ اعلام لمن ظن انه لَا يكون فَتَصِح
الْحَال على هَذَا بِغَيْر اعْتِرَاض
قَوْله تَدْعُو من أدبر خبر ثَالِث لَان وان شِئْت قطعته
مِمَّا قبله
قَوْله خلق هلوعا حَال من الْمُضمر فِي خلق وَهِي الْحَال
الْمقدرَة لِأَنَّهُ انما يحدث فِيهِ الْهَلَع بعد خلقه لَا
فِي حَال خلقه
(2/758)
قَوْله جزوعا ومنوعا خبر كَانَ مضمرة أَي
يكون جزوعا وَيكون منوعا أَو يصير وَنَحْوه وَقيل هُوَ نعت
لهلوع وَفِيه بعد لِأَنَّك تنوي بِهِ التَّقْدِيم قبل اذا
قَوْله فَمَال الَّذين كفرُوا مَا اسْتِفْهَام ابْتِدَاء
وَالَّذين الْخَبَر ومهطعين حَال وَهُوَ عَامل فِي قبلك وقبلك
ظرف مَكَان
قَوْله عزين نصب على الْحَال أَيْضا من الَّذين وَهُوَ جمع عزة
وانما جمع بِالْوَاو وَالنُّون وَهُوَ مؤنث لَا يعقل ليَكُون
ذَلِك عوضا مِمَّا حذف مِنْهَا قيل ان اصلها عزهة كَمَا أَن
أصل سنة سنهة ثمَّ حذفت الْهَاء فَجعل جمعه بِالْوَاو
وَالنُّون عوضا من الْحَذف
قَوْله يَوْم يخرجُون يَوْم بدل من يومهم ويومهم نصب بيلاقوا
مفعول بِهِ
قَوْله سرَاعًا حَال من الْمُضمر فِي يخرجُون وَكَذَلِكَ
كَأَنَّهُمْ إِلَى نصب فِي مَوضِع الْحَال أَيْضا من الْمُضمر
قَوْله خاشعة حَال أَيْضا من الْمُضمر فِي يخرجُون وَكَذَلِكَ
ترهقهم ذلة
(2/759)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة نوح عَلَيْهِ السَّلَام
قَوْله تَعَالَى أَن أنذر قَوْمك أَن لَا مَوضِع لَهَا من
الاعراب إِنَّمَا هِيَ للْبَيَان بِمَعْنى أَي وَقيل هِيَ فِي
مَوضِع نصب على حذف حرف الْجَرّ أَي بِأَن أنذر وَمثلهَا فِي
الْوَجْهَيْنِ أَن اعبدوا الله
قَوْله لَيْلًا وَنَهَارًا ظرفا زمَان وَالْعَامِل فيهمَا
دَعَوْت
قَوْله إِلَّا فِرَارًا مفعول ثَان ليزدهم
قَوْله وإنني كلما كلما نصب على الظّرْف وَالْعَامِل فِيهِ
جعلُوا
قَوْله دعوتهم جهارا جهارا نصب على الْحَال أَي مجاهرا
بِالدُّعَاءِ لَهُم وَقيل التَّقْدِير ذَا جهار وَيجوز ان يكون
نصبا على الْمصدر
قَوْله مدرارا نصب على الْحَال من السَّمَاء وَلم تثبت الْهَاء
(2/760)
لِأَن مفعالا للمؤنث يكون بِغَيْر هَاء اذا
كَانَ جَارِيا على الْفِعْل نَحْو امْرَأَة مذكار ومئناث
ومطلاق
قَوْله سموات طباقا هُوَ مصدر وَقيل هُوَ نعت لسبع وَأَجَازَ
الْفراء فِي غير الْقرَان خفض طباق على النَّعْت لسموات
قَوْله نورا وسراجا مفعولان لجعل لِأَنَّهُ بِمَعْنى صير
فَهُوَ يتَعَدَّى الى مفعولين وَمثله بساطا
قَوْله من الأَرْض نباتا نَبَات مصدر لفعل دلّ عَلَيْهِ أنبتكم
أَي فنبتم نباتا وَقيل هُوَ مصدر أنبتكم على حذف الزِّيَادَة
قَوْله وَولده من قَرَأَهُ بِضَم الْوَاو جعله جمع ولد كوثن
ووثن وَقيل هِيَ لُغَة فِي الْوَاحِد يُقَال ولد وَولد
بِمَنْزِلَة بخل وبخل
قَوْله وَلَا يَغُوث ويعوق انتصبا على الْعَطف على ود وَهن
أَسمَاء أصنام وَلم ينْصَرف يَغُوث ويعوق لِأَنَّهُمَا على وزن
بِقوم وَيَقُول وهما معرفَة وَقد قَرَأَ الْأَعْمَش بصرفهما
وَذَلِكَ بعيد
(2/761)
كَأَنَّهُ جَعلهمَا نكرتين وَهَذَا لَا
معنى لَهُ إِذْ لَيْسَ كل صنم اسْمه يَغُوث ويعوق إِنَّمَا هما
اسمان لصنمين معلومين مخصوصين فَلَا وَجه لتنكيرها
قَوْله مِمَّا خطيئاتهم مَا زَائِدَة للتوكيد وخطيئاتهم خفض
بِمن
قَوْله من الْكَافرين ديارًا هُوَ فيعال من دَار يَدُور أَي
لَا تذر على الأَرْض من يَدُور مِنْهُم وَأَصله ديوار ثمَّ
أدغم الْوَاو فِي الْيَاء مثل ميت الَّذِي أَصله ميوت ثمَّ
أدغم الثَّانِي فِي الأول وَيجوز أَن يكون أبدلوا من الْوَاو
يَاء ثمَّ أدغموا الْيَاء الأولى فِي الثَّانِيَة وَلَا يجوز
أَن يكون ديار فعالا لِأَنَّهُ يلْزم أَن يُقَال فِيهِ دوار
وَلَيْسَ اللَّفْظ كَذَلِك
(2/762)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة قل أَو حَيّ
قَوْله تَعَالَى أَنه اسْتمع أَن فِي مَوضِع رفع لِأَنَّهُ
مفعول لم يسم فَاعله لأوحي ثمَّ عطف مَا بعْدهَا من لفظ أَن
عَلَيْهَا فان فِي مَوضِع رفع فِي ذَلِك كُله وَقيل فتحت أَن
فِي سَائِر الاي ردا على الْهَاء فِي امنا بِهِ وَجَاز ذَلِك
وَهُوَ مُضْمر مخفوض على حذف الْخَافِض لِكَثْرَة حذفه مَعَ
أَن والعطف فِي فتح أَن على امنا بِهِ أتم فِي الْمَعْنى من
الْعَطف على أَنه اسْتمع لِأَنَّك لَو عطفت وَأَنا ظننا وَأَنا
لما سمعنَا الْهدى وَأَنه كَانَ رجال من الانس وَأَنا لمسنا
وَشبهه على أَنه اسْتمع لم يجز لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا أُوحِي
اليهم انما هُوَ أَمر أخبروا بِهِ عَن أنفسهم وَالْكَسْر فِي
جَمِيع هَذَا أبين وَعَلِيهِ جمَاعَة من الْقُرَّاء وَالْفَتْح
فِي ذَلِك على الْحمل على معنى امنا بِهِ وَفِيه بدع فِي
الْمَعْنى لأَنهم لم يخبروا انهم آمنُوا بِأَنَّهُم لما سمعُوا
الْهدى امنوا بِهِ وَلم يخبروا أَنهم امنوا أَنه كَانَ رجال
انما حكى الله عَنْهُم أَنهم قَالُوا ذَلِك مخبرين بِهِ عَن
أنفسهم لأصحابهم فالكسر أولى بذلك
قَوْله وَأَنه كَانَ رجال الْهَاء فِي أَنه اسْم أَن وَهُوَ
اضمار الحَدِيث وَالْخَبَر وَرِجَال اسْم كَانَ ويعوذون خبر
كَانَ وَمن
(2/763)
الانس نعت لرجال وَلذَلِك حسن أَن تكون
النكرَة اسْما لَكَانَ لما نعت قربت من الْمعرفَة فَجَاز أَن
تكون اسْم كَانَ وَكَانَ وَاسْمهَا وخبرها خبر عَن أَن
قَوْله فَوَجَدْنَاهَا ملئت وجد يتَعَدَّى الى مفعولين الْهَاء
الأول وملئت فِي مَوضِع الثَّانِي وَيجوز أَن تعديها الى
وَاحِد وَتجْعَل ملئت فِي مَوضِع الْحَال على اضمار قد
وَالْأول أحسن وحرسا نصب على التَّفْسِير وَكَذَلِكَ شهبا
قَوْله وَأَنه كَانَ يَقُول سفيهنا على الله الْهَاء فِي أَنه
للْحَدِيث وَهِي اسْم أَن وَفِي كَانَ اسْمهَا وَمَا بعْدهَا
الْخَبَر وَقيل سفيهنا اسْم كَانَ وَيَقُول الْخَبَر مقدم
وَفِيه بعد لِأَن الْفِعْل اذا تقدم عمل فِي الِاسْم بعده
وَيجوز أَن تكون كَانَ زَائِدَة
قَوْله وَلنْ نعجزه هربا هربا نصب على الْمصدر الَّذِي فِي
مَوضِع الْحَال
قَوْله وَأَن الْمَسَاجِد لله أَن فِي مَوضِع رفع عطف على أَنه
اسْتمع وَقيل فِي مَوضِع خفض على اضمار الْخَافِض وَهُوَ
مَذْهَب الْخَلِيل وسيبويه وَالْكسَائِيّ وَقيل فِي مَوضِع نصب
لعدم الْخَافِض وَهُوَ مَذْهَب جمَاعَة من النَّحْوِيين
(2/764)
قَوْله فسيعلمون من أَضْعَف ناصرا من فِي
مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء لِأَنَّهُ اسْتِفْهَام وأضعف
الْخَبَر وناصرا نصب على الْبَيَان وَكَذَلِكَ عددا
وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب بسيعلمون فان جعلت من بِمَعْنى
الَّذِي كَانَت فِي مَوضِع نصب بِالْفِعْلِ وترفع أَضْعَف
وَأَقل على اضمار هُوَ ابْتِدَاء وَخبر فِي صلَة من اذا كَانَت
بِمَعْنى الَّذِي وَلَا صلَة لَهَا اذا كَانَت استفهاما
قَوْله عذَابا مفعول لنسلكه بِمَعْنى فِي عَذَاب يُقَال سلكه
واسلكه لُغَتَانِ بِمَعْنى وَقد قرىء نسلكه بِضَم النُّون على
أسلكته فِي كَذَا
قَوْله إِلَّا بلاغا نصب على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع وَقيل
هُوَ نصب على الْمصدر على اضمار فعل وَتَكون إِلَّا على هَذَا
القَوْل مُنْفَصِلَة وان للشّرط وَلَا بِمَعْنى لم
وَالتَّقْدِير اني لن يجيرني من الله أحد وَلنْ أجد من دونه
ملتحدا ان لم أبلغ رسالات رَبِّي بلاغا والملتحد الملجأ
قَوْله وَمن يعْص الله وَرَسُوله فان لَهُ نَار جَهَنَّم هَذَا
شَرط وَجَوَابه الْفَاء وَهُوَ عَام فِي كل من عصى الله إِلَّا
مَا بَينه الْقرَان من غفران الصَّغَائِر باجتناب الْكَبَائِر
وَمن الغفران لمن تَابَ وَعمل صَالحا وَمَا بَينه النَّبِي
عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام من اخراج الْمُوَحِّدين من أهل
الذُّنُوب من النَّار
قَوْله قل إِن أَدْرِي أَقَرِيب إِن بِمَعْنى مَا وَقَرِيب رفع
بِالِابْتِدَاءِ وَمَا بِمَعْنى الَّذِي فِي مَوضِع رفع بقريب
وتسد مسد الْخَبَر وان شِئْت جعلهَا خَبرا لقريب وَالْجُمْلَة
فِي مَوضِع نصب بأدري وَالْهَاء
(2/765)
مخذوفة من توعدون تعود على مَا
وَالتَّقْدِير أَقَرِيب الْوَقْت الَّذِي توعدونه وَلَك أَن
تجْعَل مَا وَالْفِعْل مصدرا فَلَا تحْتَاج الى عَائِد
قَوْله إِلَّا من ارتضى من رَسُول من فِي مَوضِع نصب على
الِاسْتِثْنَاء من أحد لِأَنَّهُ بِمَعْنى الْجَمَاعَة
قَوْله ليعلم أَن قد الضَّمِير فِي ليعلم يعود على الله جلّ
ذكره وَقيل على النَّبِي وَقيل على الْمُشْركين وَالضَّمِير
فِي أبلغوا يعود على الْأَنْبِيَاء وَقيل على الْمَلَائِكَة
الَّتِي تنزل بِالْوَحْي الى الْأَنْبِيَاء
قَوْله عددا نصب على الْبَيَان وَلَو كَانَ مصدرا لأدغم
(2/766)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة المزمل
قَوْله تَعَالَى يأيها المزمل أصل المزمل المتزمل ثمَّ أدغمت
التَّاء فِي الزَّاي
قَوْله نصفه بدل من اللَّيْل وَقيل انتصب على اضمار قُم نصفه
وهما ظرفا زمَان
قَوْله وطأ من فتح الْوَاو ونصبه على الْبَيَان وَمن كسرهَا
وَمد نَصبه على الْمصدر
قَوْله كثيبا خبر كَانَ ومهيلا نَعته وأصل مهيلا مهيولا وَهُوَ
مفعول من هلت فألقيت حَرَكَة الْيَاء على الْهَاء فَاجْتمع
ساكنان فحذفت الْوَاو لالتقاء الساكنين وَكسرت الْهَاء لتصح
الْيَاء الَّتِي بعْدهَا فوزن لَفظه مقيل وَقَالَ الْكسَائي
وَالْفراء والأخفش ان الْيَاء هِيَ المحذوفة وَالْوَاو تدل على
معنى فَهِيَ الْبَاقِيَة وَكَانَ يلْزمهُم أَن يَقُولُوا مهول
الا انهم قَالُوا كسرت الْهَاء قبل حذف الْيَاء لمجاورتها
الْيَاء فَلَمَّا حذفت الْيَاء انقلبت الْوَاو يَاء لانكسار
مَا قبلهَا فالياء فِي مهيلا على قَوْلهم زَائِدَة وعَلى
القَوْل الأول أَصْلِيَّة وَقد أَجَازُوا كلهم أَن يَأْتِي على
أَصله فِي الْكَلَام فَتَقول
(2/767)
مهيول وَكَذَلِكَ مبيوع وَشبهه من ذَوَات
الْيَاء فان كَانَ من ذَوَات الْوَاو لم يجز أَن يَأْتِي على
أَصله عِنْد الْبَصرِيين وَأَجَازَهُ الْكُوفِيّين نَحْو مقوول
ومصووغ وأجازوا كلهم مبوع ومهول على لُغَة من قَالَ بوع
الْمَتَاع وَقَول القَوْل وَهِي لُغَة هُذَيْل وَيكون
الِاخْتِلَاف فِي الْمَحْذُوف مِنْهُ على مَا تقدم
قَوْله رب الْمشرق من رَفعه فعلى الِابْتِدَاء وَلَا إِلَه
إِلَّا هُوَ الْخَبَر وَيجوز أَن يضمر لَهُ مُبْتَدأ أَي هُوَ
رب الْمشرق وَمن خفضه جعله بَدَلا من رَبك أَو نعتا لَهُ
قَوْله وذرني والمكذبين المكذبين عطف على النُّون وَالْيَاء
أَو الْمَفْعُول مَعَه
قَوْله ومهلهم قَلِيلا قَلِيلا نعت لمصدر مَحْذُوف أَو لظرف
مَحْذُوف
قَوْله يَوْم ترجف الْعَامِل فِي يَوْم الِاسْتِقْرَار الدَّال
عَلَيْهِ لدينا كَمَا تَقول إِن خَلفك زيدا الْيَوْم فالعامل
فِي الْيَوْم الِاسْتِقْرَار الدَّال عَلَيْهِ خَلفك وَهُوَ
الْعَامِل فِي خَلفك أَيْضا وَجَاز أَن يعْمل فِي ظرفين
لاختلافهما لِأَن أَحدهمَا ظرف مَكَان والاخر ظرف زمَان
كَأَنَّك قلت إِن زيدا مُسْتَقر خَلفك الْيَوْم كَذَلِك الاية
تقديرها إِن أَنْكَالًا وَجَحِيمًا مُسْتَقِرَّة عندنَا يَوْم
ترجف
قَوْله كَمَا أرسلنَا الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لرَسُول أَو
لمصدر مَحْذُوف
قَوْله يَوْمًا يَجْعَل يَوْم نصب بتتقون وَلَيْسَ بظرف
(2/768)
لكفرتهم لأَنهم لَا يكفرون ذَلِك الْيَوْم
الا أَن تجْعَل يكفرون بِمَعْنى يجحدون فتنصب الْيَوْم بيكفرون
على أَنه مفعول بِهِ لَا ظرف وَيجْعَل نعتا لليوم ان جعلت
الضَّمِير فِي يَجْعَل يعود على الْيَوْم فان جعلته يعود على
الله جلّ ذكره لم يكن نعتا لليوم الا على اضمار الْهَاء على
تَقْدِير يما يَجْعَل الله الْولدَان فِيهِ شيبا فَيكون نعتا
لليوم لأجل الضَّمِير
قَوْله السَّمَاء منفطر بِهِ إِنَّمَا أَتَى بمنفطر بِغَيْر
هَاء وَالسَّمَاء مُؤَنّثَة لِأَنَّهُ بِمَعْنى النّسَب أَي
السَّمَاء ذَات انفطار بِهِ وَقيل انما ذكر لِأَن السَّمَاء
بِمَعْنى السّقف والسقف مُذَكّر وَقَالَ الْفراء السَّمَاء
تذكر وتؤنث فَأتى منفطر على التَّذْكِير
قَوْله وَنصفه وَثلثه من خفضهما عطفهما على ثُلثي اللَّيْل أَي
وَأدنى من نصفه وَثلثه وَمن نصبهما عطفهما على أدنى أَي وَتقوم
نصفه وَثلثه
قَوْله علم أَن لن تحصوه اذا جعلته بِمَعْنى تحفظُوا قدره يدل
على قُوَّة الْحِفْظ لأَنهم اذا لم يحصوه فَهُوَ غير مَحْدُود
فَهُوَ أدنى من النّصْف وَأدنى من الثُّلُث غير مَحْدُود
وَإِذا نصب فَهُوَ مَحْدُود محصي غير مَجْهُول فالخفض أقوى فِي
الْمَعْنى لقَوْله أَن لن تحصوه الا أَن تحمل تحصوه على معنى
تطيقوه فتتساوى القراءتان فِي الْقُوَّة واجاز الْفراء خفض
(2/769)
نصفه عطفه على ثُلثي وَنصب ثلثه عطفه على
أدنى
قَوْله أَن سَيكون مِنْكُم مرضى أَن مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة
وَالْهَاء مضمرة وسيكون الْخَبَر وَالسِّين عوض عَن
التَّشْدِيد ومرضى اسْم كَانَ ومنكم الْخَبَر وأتى سَيكون على
لفظ التَّذْكِير لِأَن تَأْنِيث مرضى غير حَقِيقِيّ
قَوْله واخرون عطف على مرضى
قَوْله هُوَ خيرا نصب على أَنه مفعول ثَان لتجدوا وَهُوَ فاصلة
لَا مَوضِع لَهَا من الاعراب
(2/770)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة المدثر
قَوْله تَعَالَى المدثر أَصله المندثر ثمَّ أدغمت التَّاء فِي
الدَّال لِأَنَّهُمَا من مخرج وَاحِد وَالدَّال أقوى من
الثَّاء لِأَنَّهَا مجهورة وَالتَّاء مهموسة فَردا بِلَفْظ
الْأَقْوَى مِنْهُمَا لِأَن ذَلِك تَقْوِيَة للحرف وَلم يردا
بِلَفْظ الناء لِأَنَّهُ اضعاف للحرف لِأَن رد الْأَقْوَى الى
الأضعف نقص فِي الْحَرْف وَفِي اللَّفْظ وَكَذَلِكَ حكم أَكثر
الادغام فِي الحرفين الْمُخْتَلِفين أَن يرد الأضعف مِنْهُمَا
الى لفظ الْأَقْوَى
قَوْله وَلَا تمنن تستكثر ارْتَفع تستكثر لِأَنَّهُ حَال أَي
لَا تعط عَطِيَّة لتأْخذ أَكثر مِنْهَا وَقيل ارْتَفع بِحَذْف
أَن وَتَقْدِيره لاتضعف يَا مُحَمَّد أَن تستكثر من الْخَيْر
فَلَمَّا حذف أَن رفع
قَوْله فاذا نقر فِي الناقور قَامَ مقَام مَا لم يسم فَاعله
وَقبل الْمصدر مُضْمر يقوم مقَام الْفَاعِل
قَوْله فَذَلِك يَوْمئِذٍ ذَلِك ابْتِدَاء ويومئذ بدل مِنْهُ
وَيَوْم عسير خبر الِابْتِدَاء وعسير نعت ليَوْم وَكَذَلِكَ
غير يسير نعت ليَوْم أَيْضا وَقيل يَوْمئِذٍ نصب على أَعنِي
قَوْله ذَرْنِي وَمن خلقت من فِي مَوضِع نصب على الْعَطف على
النُّون وَالْيَاء أَو مفعول مَعَه
قَوْله وحيدا حَال من الْهَاء المضمرة فِي خلقت أَي خلقته
وحيدا
(2/771)
قَوْله وَجعلت لَهُ مَالا ممدودا لَهُ فِي
مَوضِع الْمَفْعُول الثَّانِي لجعلت لِأَنَّهَا بِمَعْنى صيرت
يتَعَدَّى الى مفعولين
قَوْله وبنين شُهُودًا واحده ابْن وانما حذفت ألف الْوَصْل فِي
الْجمع وتحركت الْبَاء لِأَن الْجمع يرد الشَّيْء الى أَصله
وَأَصله بني على فعل فَلَمَّا جمع رد الى أَصله فَقَالُوا
بَنِينَ فَلَمَّا تحركت الْيَاء الَّتِي هِيَ لَام الْفِعْل
وَانْفَتح مَا قبلهَا ألفا وحذفت لسكونها وَسُكُون يَاء الْجمع
بعْدهَا وَكسر قبل الْيَاء على أصل يَاء الْجمع فِي النصب
والخفض وَكَانَ حَقّهَا أَن يبْقى مَا قبلهَا مَفْتُوحًا ليدل
على الْألف الذاهبة كَمَا قَالُوا مصطفين واعلين لَكِن ابْن
جرى فِي علته فِي الْوَاحِد على غير قِيَاس وَكَانَ حَقه أَن
يكون بِمَنْزِلَة عَصا ورحى وَأَن لَا تدخله ألف وصل وَلَا
يسكن أَوله فَلَمَّا خرج عَن أَصله فِي الْوَاحِد خرج فِي
الْجمع أَيْضا عَن أصُول الْعِلَل لِأَن الْجمع فرع بعد
الْوَاحِد وَقد قَالُوا فِي النّسَب اليه بنوي فَردُّوهُ الى
أَصله وأصل هَذِه الْوَاو ألف منقلبه عَن يَاء وَهِي لَام
الْفِعْل وَقد أجَاز سِيبَوَيْهٍ النّسَب اليه على لَفظه
فَأجَاز ابْني وَمنعه غَيره
قَوْله وَمَا أَدْرَاك مَا سقر قد تقدم القَوْل فِيهِ
لِأَنَّهُ مثل وَمَا أَدْرَاك مَا الحاقة
(2/772)
قَوْله وَلَا تذر انما حذفت الْوَاو
لِأَنَّهُ حمل على نَظِيره فِي الِاسْتِعْمَال وَالْمعْنَى
وَهُوَ تدع لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ وَلِأَنَّهُمَا جَمِيعًا لم
يسْتَعْمل مِنْهُمَا مَاض فَحمل تذر على تدع فحذفت فاؤه كَمَا
حذفت كَمَا حذفت فِي تدع وانما حذفت فِي تدع لوقوعها بَين يَاء
وكسرة لِأَن فَتْحة الدَّال عارضة انما انفتحت من أجل حرف
الْحلق وَالْكَسْر أَصْلهَا فَبنِي الْكَلَام على أَصله وَقدر
ذَلِك فِيهِ فحذفت وَاو تدع لذَلِك وَحمل عَلَيْهِ تذر
لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ ومشابه لَهُ فِي امْتنَاع اسْتِعْمَال
الْمَاضِي مِنْهُمَا
قَوْله لواحة رفع على اضمار هِيَ لواحة
وَلم تَنْصَرِف سقر لِأَنَّهَا معرفَة مؤنث
قَوْله عَلَيْهَا تِسْعَة عشر تِسْعَة عشر فِي مَوضِع رفع
بِالِابْتِدَاءِ وَعَلَيْهَا الْخَبَر وهما اسمان حذف بَينهمَا
حرف الْعَطف وتضمناه فبنيا لتضمنهما معنى الْحَرْف وبنيا على
الْفَتْح لخفته وَقيل بنيا على الْفَتْح الَّذِي كَانَ للواو
المحذوفة وَأَجَازَ الْفراء اسكان الْعين فِي الْكَلَام من
ثَلَاثَة عشر الى تِسْعَة عشر
قَوْله تَعَالَى أَصْحَاب جمع صَاحب على حذف الزَّائِد من
صَاحب كَأَنَّهُ جمع لصحب مثل كتف وأكتاف
(2/773)
قَوْله مَاذَا أَرَادَ الله بِهَذَا مثلا
ان جعلت مَا وَذَا اسْما وَاحِدًا كَانَت فِي مَوضِع نصب بأراد
وان جعلت ذَا بِمَعْنى الَّذِي كَانَت مَا استفهاما اسْما
تَاما رفعا بِالِابْتِدَاءِ وَذَا الْخَبَر وَأَرَادَ صلَة ذَا
وَالْهَاء محذوفة مِنْهُ أَي مَا الَّذِي أَرَادَهُ الله
بِهَذَا على تَقْدِير أَي شَيْء الَّذِي أَرَادَهُ الله
بِهَذَا مثلا ومثلا نصب على الْبَيَان
قَوْله كَذَلِك يضل الله من يَشَاء الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت
لمصدر مَحْذُوف
قَوْله إِنَّهَا لاحدى الْكبر لَا يجوز حذف الْألف وَاللَّام
من الْكبر وَمَا هُوَ مثله إِلَّا أخر فانه قد حذفت مِنْهُ
الْألف وَاللَّام وتضمن مَعْنَاهُمَا فتعرف بتضمنه
مَعْنَاهُمَا فَلذَلِك لم ينْصَرف فِي النكرَة فَهُوَ معدول
عَن الْألف وَاللَّام
قَوْله نذيرا للبشر نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي قُم من
قَوْله قُم فَأَنْذر هَذَا قَول الْكسَائي وَقيل هُوَ حَال من
الْمُضمر فِي إِنَّهَا وَقيل من إِحْدَى وَقيل من هُوَ وَقيل
هُوَ نصب على اضمار فعل اي صيرها الله نذيرا أَي ذَات انذار
فَذكر اللَّفْظ على النّسَب وَقيل هُوَ فِي مَوضِع الْمصدر أَي
انذار ذَات أنذار فَذكر اللَّفْظ على النّسَب وَقيل هُوَ فِي
مَوضِع الْمصدر أَي انذار للبشر كَمَا قَالَ
(2/774)
فَكيف كَانَ نَكِير أَي إنكاري لَهُم وَقيل
هُوَ نصب على اضمار أَعنِي
قَوْله وَكُنَّا نكذب وَكُنَّا نَخُوض انما ضمت الْكَاف فِي
هَذَا وَفِي أول مَا كَانَ مثله نَحْو قمنا وَقُلْنَا وَأَصله
كُله الْفَتْح لتدل الضمة على أَنه نقل من فعل الى فعل وَقيل
انما ضمت لتدل على أَنه من ذَوَات الْوَاو وَقيل لتدل على أَن
السَّاقِط وَاو وكلا الْقَوْلَيْنِ يسْقط لكسرهم الأول من خفت
وَهُوَ من ذَوَات الْوَاو فِي الْعين مثل كَانَ والساقط مِنْهُ
وَاو فِي الِاخْتِيَار كالساقط من قُمْت وَقلت وَكنت فكسرهم
أول خفت يدل على أَنهم انما كسروا ليدل على أَنه من فعل
بِكَسْر الْعين فَأَما كسرهم لأوّل بِعْت فليدل ذَلِك على أَنه
نقل من فعل إِلَى فعل وليد على أَنه من ذَوَات الْيَاء وعَلى
أَن السَّاقِط يَاء فلاجتماع هَذِه الْعِلَل وَقع الضَّم
وَالْكَسْر فِي أول ذَلِك فاعلمه
قَوْله وَمَا يذكرُونَ أَلا أَن يَشَاء الله مفعول يذكرُونَ
مَحْذُوف أَي يذكرُونَ شَيْئا وَأَن فِي مَوضِع نصب على
الِاسْتِثْنَاء أَو فِي مَوضِع خفض على اضمار الْخَافِض ومفعول
يَشَاء مَحْذُوف أَي إِلَّا أَن يشاءه الله
(2/775)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الْقِيَامَة
قَوْله تَعَالَى لَا أقسم لَا زَائِدَة لِأَنَّهَا فِي حكم
المتوسطة لِأَن الْقُرْآن كُله نزل مرّة وَاحِدَة الى سَمَاء
الدُّنْيَا ثمَّ نزل على النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بعد
ذَلِك فِي نَيف وَعشْرين سنة على مَا شَاءَ الله مِمَّا يُرِيد
أَن ينزل شَيْئا بعد شَيْء وَلَو ابْتِدَاء مُتَكَلم بِكَلَام
لم يجز لَهُ أَن يَأْتِي بِلَا زَائِدَة فِي أول كَلَامه وَقيل
لَا غير زَائِدَة انما هِيَ رد لكَلَام مُتَقَدم فِي سُورَة
أُخْرَى وَلَا الثَّانِيَة غير زَائِدَة أخبرنَا الله جلّ ذكره
انه أقسم بِيَوْم الْقِيَامَة وَأَنه لم يقسم بِالنَّفسِ
اللوامة وَمن قَرَأَ لأقسم بِغَيْر ألف جعل ذَلِك لَام قسم
دخلت على أقسم وَفِيه بعد لحذف النُّون وانما حَقه لأقسمن
وانما جَازَ ذَلِك بالحذف فِي هَذَا لِأَنَّهُ جعل أقسم حَالا
فاذا كَانَ حَالا لم تلْزمهُ النُّون فِي الْقسم لِأَن النُّون
انما تلْزم فِي أَكثر الْأَحْوَال لتفرق بَين الْحَال
والاستقبال وَقد قيل انه للاستقبال وَلَكِن حذفت النُّون كَمَا
أَجَازُوا حذف اللَّام من الْقسم واثبات النُّون وأنشدوا
... وقتيل مرّة أثأرن فانه فرغ وَإِن أَخَاهُم لم يثأر ...
(2/776)
وَقد أجَاز سِيبَوَيْهٍ حذف النُّون
الَّتِي تصْحَب اللَّام فِي الْقسم
قَوْله بلَى قَادِرين هُوَ نصب على الْحَال من فَاعل فِي فعل
مُضْمر تَقْدِيره بلَى نجمعها قَادِرين وَهُوَ قَول
سِيبَوَيْهٍ وَقيل انتصب قَادِرين لِأَنَّهُ وَقع فِي مَوضِع
نقدر التَّقْدِير بلَى نقدر فَلَمَّا وضع الِاسْم مَوضِع
الْفِعْل نصب وَهُوَ قَول بعيد من الصَّوَاب يلْزم مِنْهُ نصب
قَائِم فِي قَوْلك مَرَرْت بِرَجُل قَائِم لِأَنَّهُ فِي
مَوضِع يقوم
قَوْله يسْأَل أَيَّانَ يَوْم القيامه أَيَّانَ ظرف زمَان
بِمَعْنى مَتى وَهُوَ مَبْنِيّ وَكَانَ حَقه الاسكان لَكِن
اجْتمع ساكنان الْألف وَالنُّون ففتحت النُّون لالتقاء
الساكنين ككيف وَأَيْنَ وانما وَجب لأيان الْبناء لِأَنَّهَا
بِمَعْنى مَتى فَفِيهَا معنى الِاسْتِفْهَام فَأَشْبَهت حرف
الِاسْتِفْهَام فبنيت اذ الْحُرُوف أَصْلهَا الْبناء
قَوْله وَجمع الشَّمْس وَالْقَمَر انما أَتَى جمع بِلَفْظ
التَّذْكِير وَالشَّمْس مُؤَنّثَة لِأَنَّهُ حمل على الْمَعْنى
كَأَنَّهُ قَالَ وَجمع النوران أَو الضياءان وَهُوَ قَول
الْكسَائي وَقيل لما كَانَ التَّقْدِير وَجمع بَين الشَّمْس
وَالْقَمَر ذكر
(2/777)
الْفِعْل لتذكير بَين وَقيل لما كَانَ
الْمَعْنى تجمعَا اذ لَا يتم الْكَلَام الا بالقمر وَالْقَمَر
مُذَكّر غلب الْمُذكر على الأَصْل فِي تَأْخِير الْفِعْل
بعدهمَا وَقَالَ الْمبرد لما كَانَ تَأْنِيث الشَّمْس غيرحقيقي
جَازَ فِيهِ التَّذْكِير اذ لم يَقع التَّأْنِيث فِي هَذَا
النَّوْع فرقا بَين شَيْء وَشَيْء اخر
قَوْله أَيْن المفر المفر مصدر فَهُوَ بِمَعْنى أَيْن
الْفِرَار
قَوْله بل الانسان على نَفسه بَصِيرَة الانسان ابْتِدَاء
وبصيرة ابْتِدَاء ثَان وعَلى نَفسه خبر بَصِيرَة وَالْجُمْلَة
خبر عَن الانسان وَتَحْقِيق تَقْدِيره بل على الانسان رقباء من
نَفسه على نَفسه يشْهدُونَ عَلَيْهِ وَيجوز أَن تكون بَصِيرَة
خَبرا عَن الانسان وَالْهَاء فِي بَصِيرَة للْمُبَالَغَة وَقيل
لما كَانَ مَعْنَاهُ حجَّة على نَفسه دخلت لتأنيث الْحجَّة
قَوْله وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة وُجُوه ابْتِدَاء وناضرة نعت
لَهَا والى رَبهَا ناظرة خبر الِابْتِدَاء وَيجوز ان تكون
ناضرة خَبرا والى رَبهَا ناظرة خبر ثَان وَيجوز أَن تكون ناظرة
كنعتا لناضرة أَو لوجوه وناضرة خبر عَن الْوُجُوه وَدخُول الى
مَعَ النّظر بدل على أَنه نظر الْعين وَلَيْسَ من الِانْتِظَار
وَلَو كَانَ من الِانْتِظَار لم تدخل مَعَه الى أَلا ترى
أَنَّك لَا تَقول انتظرت الى زيد وَتقول نظرت الى زيد فالى
تصْحَب نظر الْعين وَلَا تصْحَب نظر الِانْتِظَار فَمن قَالَ
ان ناظرة بِمَعْنى منتظرة فقد أَخطَأ فِي الْمَعْنى وَفِي
الاعراب وَوضع الْكَلَام فِي غير مَوْضِعه
(2/778)
وَقد ألحد بعض الْمُعْتَزلَة فِي هَذَا
الْموضع وَبلغ بِهِ التعسف وَالْخُرُوج من الْجَمَاعَة الى أَن
قَالَ إِلَى لَيست بِحرف جر انما هِيَ اسْم وَاحِد آلَاء وربها
مخفوض باضافة إِلَى اليه لَا بِحرف الْجَرّ وَالتَّقْدِير
عِنْده نعْمَة رَبهَا منظرة وَهَذَا محَال فِي الْمَعْنى
لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة أَي ناعمة
وَقد أخبرنَا أَنَّهَا ناعمة فَدخل النَّعيم بهَا وَظَهَرت
دلائله عَلَيْهَا فَكيف ينْتَظر مَا أخبرنَا الله أَنه حَال
فِيهَا إِنَّمَا ينْتَظر الشَّيْء الَّذِي هُوَ غير مَوْجُود
فَأَما أَمر مَوْجُود حَال فَكيف ينْتَظر وَهل يجوز أَن تَقول
أَنا انْتظر زيدا وَهُوَ مَعَك لم يفارقك وَلَا يؤمل مفارقتك
هَذَا جهل عَظِيم من متأوله وَذهب بعض الْمُعْتَزلَة الى أَن
ناظرة من نظر الْعين وَلَكِن قَالَ مَعْنَاهُ الى ثَوَاب
رَبهَا ناظرة وَهُوَ أَيْضا خُرُوج عَن الظَّاهِر وَلَو جَازَ
هَذَا لجَاز نظرت الى زيد بِمَعْنى نظرت الى عَطاء زيد وَهَذَا
نقض لكَلَام الْعَرَب وَفِيه اخْتِلَاط الْمعَانِي ونقضها على
أَنا نقُول لَو كَانَ الْأَمر كَذَلِك لَكَانَ أعظم الثَّوَاب
المنتظر النّظر اليه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ
قَوْله فَلَا صدق وَلَا صلى لَا الثَّانِيَة نفي وَلَيْسَت
بعاطفة فَمَعْنَاه فَلم يصدق وَلم يصل
قَوْله يتمطى فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي ذهب وَأَصله
يتمطط من الْمُطَيْطَاء وَلَكِن أبدلوا من الطَّاء الثَّانِيَة
يَاء وقلبت ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا والتمطط التمدد
قَوْله سدى نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي يتْرك
(2/779)
وَأَن سدت مسد المفعولين لحسب
قَوْله الذّكر وَالْأُنْثَى بدل من الزَّوْجَيْنِ وَجعل
بِمَعْنى خلق فَلذَلِك تعدت الى مفعول وَاحِد
قَوْله أَن يحيي الْمَوْتَى لَا يجوز الادغام فِي الياءين
عِنْد النَّحْوِيين كَمَا لَا يجوز اذا لم تنصب الْفِعْل
لِأَنَّك لَو أدغمت لالتقى ساكنان إِذْ الثَّانِي سَاكن
وَالْأول لَا يدغم حَتَّى يسكن وَكَذَلِكَ كل حرف أدغمته فِي
حرف بعده لابد من اسكان الأول وَقد أَجمعُوا على منع الادغام
فِي حَال الرّفْع فَأَما فِي حَال النصب فقد أجَازه الْفراء
لأجل تحرّك الْيَاء الثَّانِيَة وَهُوَ لَا يجوز عِنْد
الْبَصرِيين لِأَن الْحَرَكَة عارضة لَيست بِأَصْل
(2/780)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة هَل أَتَى
قَوْله تَعَالَى هَل أَتَى على الانسان قيل هَل بِمَعْنى قدو
الْأَحْسَن أَن تكون هَل على بَابهَا للاستفهام الَّذِي
مَعْنَاهُ التَّقْرِير وانما هُوَ تَقْرِير لمن أنكر الْبَعْث
فَلَا بُد أَن يَقُول نعم قد مضى دهر طَوِيل لَا انسان فِيهِ
فَيُقَال لَهُ من أحدثه بعد أَن لم يكن وَكَونه بعد عَدمه
كَيفَ يمْتَنع عَلَيْهِ بَعثه واحياؤه بعد مَوته وَهُوَ معنى
قَوْله وَلَقَد علمْتُم النشأة الأولى فلولا تذكرُونَ أَي
فَهَلا تذكرُونَ فتعلمون أَن من أنشأ شَيْئا بعد أَن لم يكن
على غير مِثَال قَادر على اعادته بعد عَدمه وَمَوته
قَوْله إِمَّا شاكرا وَإِمَّا كفورا حالان من الْهَاء وَسميع
(2/781)
وبصير نعت لسميع وَإِمَّا للتَّخْيِير على
بَابهَا وَمعنى التَّخْيِير أَن الله أخبرنَا أَنه اخْتَار
قوما للسعادة وقوما للشقاوة فَالْمَعْنى أَن يخلقه إِمَّا
سعيدا وَإِمَّا شقيا وَهَذَا من أبين مَا يدل على أَن الله
تَعَالَى قدر الاشياء كلهَا وَخلق قوما للسعادة وبعملها
يعْملُونَ وقوما للشقاوة وبعملها يعْملُونَ فالتخيير هُوَ
اعلام من الله تَعَالَى أَنه يخْتَار مَا يَشَاء وَيفْعل مَا
يَشَاء بِجعْل من يَشَاء شاكرا وَمن يَشَاء كَافِرًا وَلَيْسَ
التَّخْيِير للانسان وَقيل هِيَ حَال مقدرَة وَالتَّقْدِير
إِمَّا أَن يحدث مِنْهُ عِنْد فهمه الشُّكْر فَهُوَ عَلامَة
السَّعَادَة وَإِمَّا أَن يحدث مِنْهُ الْكفْر وَهُوَ عَلامَة
الشقاوة وَذَلِكَ كُله على مَا سبق فِي علم الله تَعَالَى فيهم
وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ أَن تكون مَا زَائِدَة وَإِن للشّرط
وَلَا يجوز هَذَا عِنْد الْبَصرِيين لِأَن إِن الَّتِي للشّرط
لَا تدخل على الْأَسْمَاء إِذْ لَا يجازى بالأسماء إِلَّا أَن
تضمر بعد إِن فعلا فَيجوز نَحْو قَوْله تَعَالَى وَإِن أحد من
الْمُشْركين فاضمر استجارك بعد إِن وَدلّ عَلَيْهِ استجارك
الثَّانِي فَحسن حذفه وَلَا يُمكن اضمار فعل بعد ان هَاهُنَا
لِأَنَّهُ يلْزم رفع شَاكر وكفور بذلك الْفِعْل وَأَيْضًا فانه
لَا دَلِيل على الْفِعْل الْمُضمر فِي الْكَلَام وَقيل فِي
الْآيَة تَقْدِيم وَتَأْخِير وَالتَّقْدِير انا خلقنَا الانسان
من نُطْفَة أمشاج نبتليه إِمَّا شاكرا وَإِمَّا كفورا فجعلناه
سميعا بَصيرًا فيكونان حَالين من الانسان على هَذَا وَهُوَ
قَول حسن فلار تَخْيِير للانسان فِي نَفسه
(2/782)
قَوْله سلاسلا وقواريرا أَصله كُله أَن لَا
ينْصَرف لِأَنَّهُ جمع وَالْجمع ثقيل وَلِأَنَّهُ لَا يجمع
فَخَالف سَائِر الْجمع وَلِأَنَّهُ لَا نَظِير لَهُ فِي
الْوَاحِد وَلِأَنَّهُ غَايَة الجموع إِذْ لَا يجمع فثقل فَلم
ينْصَرف فَأَما من صرفه من الْقُرَّاء فَإِنَّهَا لُغَة لبَعض
الْعَرَب حكى الْكسَائي أَنهم يصرفون كل مَا لَا ينْصَرف الا
أفعل مِنْك وَقَالَ الْأَخْفَش سمعنَا من الْعَرَب من يصرف
هَذَا وَجَمِيع مَالا ينْصَرف وَقيل انما صرفه لِأَنَّهُ وَقع
فِي الْمُصحف بِالْألف فَصَرفهُ على الِاتِّبَاع لخط الْمُصحف
وانما كتب فِي الْمُصحف بِأَلف لِأَنَّهَا رُؤُوس الْآي
فَأَشْبَهت القوافي والفواصل الَّتِي تزاد فِيهَا الْألف
للْوَقْف وَقيل انما صرفه لِأَنَّهُ جمع كَسَائِر الجموع قد
جمعه بعض الْعَرَب كالواحد فَانْصَرف كم ينْصَرف الْوَاحِد
أَلا ترى الى قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لحفصة
أنكن لأنتن صواحبات يُوسُف فَجمع صَوَاحِب بِالْألف وَالتَّاء
كَمَا يجمع الْوَاحِد فَانْصَرف كَمَا ينْصَرف الْوَاحِد وَحكى
الْأَخْفَش مواليات فلَان فَجمع موَالِي فَصَارَ كالواحد
وَأنْشد النحويون للفرزدق
(2/783)
.. وَإِذا الرِّجَال رَأَوْا يزِيد
رَأَيْتهمْ ... خضع الرّقاب نواكس الْأَبْصَار ...
وَرَوَوْهُ بِكَسْر السِّين من نواكس جَعَلُوهُ جمع نواكس
بِالْيَاءِ وَالنُّون فحذفت النُّون للاضافة وَالْيَاء لالتقاء
الساكنين وبقييت السِّين مَكْسُورَة فِي اللَّفْظ فَدلَّ جمعه
على أَنه يجمع كَسَائِر الجموع والجموع كلهَا منصرفة فصرف
هَذَا أَيْضا على ذَلِك
قَوْله مزاجها كافورا عينا انتصب عينا على الْبَدَل من كافور
وَقيل على الْبَدَل من كأس على الْموضع وَقيل على الْحَال من
الْمُضمر فِي مزاجها وَقيل باضمار فعل اي يشربون عينا أَي مَاء
عين ثمَّ حذف الْمُضَاف وَقَالَ الْمبرد انتصب على اضمار
أَعنِي
قَوْله ذَلِك الْيَوْم الْيَوْم نعت لذَلِك أَو بدل مِنْهُ
قَوْله جنَّة وَحَرِيرًا نصب بجزاهم مفعول ثَان وَالتَّقْدِير
دُخُول جنَّة وَلبس حَرِير ثمَّ حذف الْمُضَاف فيهمَا ومتكئين
حَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي جزاهم وَالْعَامِل فِيهِ جزى
وَلَا يعْمل فِيهِ صَبَرُوا لِأَن الصَّبْر فِي الدُّنْيَا
كَانَ والاتكاء وَالْجَزَاء فِي الْآخِرَة وَكَذَلِكَ مَوضِع
لَا يرَوْنَ نصب على الْحَال أَيْضا مثل متكئين أَو على
الْحَال من الْمُضمر فِي متكئين وَلَا يحسن أَن يكون متكئين
صفة لجنة لِأَنَّهُ يلْزم اظهار الْمُضمر الَّذِي فِي متكئين
لِأَنَّهُ يجْرِي صفة لغير من هُوَ لَهُ
قَوْله ودانية عَلَيْهِم دانية نصب على الْعَطف على جنَّة
وَهُوَ نعت
(2/784)
قَامَ مقَام منعوت تَقْدِيره وجنة دانية
وَقيل دانية حَال عطف على متكئين أَو على مَوضِع لَا يرَوْنَ
والظلال رفع بدانية لِأَنَّهُ فَاعل الدنو وَقد قرىء ودانيا
بالتذكير ذكر للتفرقة وَقيل لتذكير الْجمع وَيجوز رفع دانية
على خبر الظلال فَيكون الظلال مُبْتَدأ وَالْجُمْلَة فِي
مَوضِع الْحَال من الْهَاء وَالْمِيم أَو من الْمُضمر فِي
متكئين إِذا جعلت لَا يرَوْنَ حَالا مِنْهُ وَيجوز دَان
بِالرَّفْع والتذكير على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر وَيذكر على
مَا تقدم
قَوْله ويسقون فِيهَا كأسا كَانَ مزاجها زنجبيلا عينا انتصب
عينا على الْبَدَل من كأس أَو على اضمار يسقون أَي يسقون مَاء
عين ثمَّ حذف الْمُضَاف أَو على اضمار أَعنِي
قَوْله تسمى سلسبيلا فِي تسمى مفعول مَا لم يسم فَاعله مُضْمر
يعود على الْعين وسلسبيلا مفعول ثَان وَهُوَ اسْم أعجمي نكرَة
فَلذَلِك انْصَرف
قَوْله وَإِذا رَأَيْت ثمَّ رَأَيْت رَأَيْت الأول غير
مُتَعَدٍّ الى مفعول عِنْد أَكثر الْبَصرِيين وَثمّ ظرف مَكَان
وَقَالَ الْفراء والأخفش ثمَّ مفعول بِهِ لرأيت قَالَ الْفراء
تَقْدِيره واذا رَأَيْت مَا ثمَّ فَمَا الْمَفْعُول فحذفت مَا
وَقَامَت ثمَّ
(2/785)
مقَامهَا وَلَا يجوز عِنْد الْبَصرِيين حذف
الْمَوْصُول وَقيام صلته مقَامه
قَوْله عاليهم ثِيَاب من نَصبه فعلى الظّرْف بِمَعْنى فَوْقهم
وَقيل هُوَ نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي لقاهم أَو من
الْمُضمر فِي جزاهم أَعنِي الْهَاء وَالْمِيم وَثيَاب رفع
بعاليهم اذا جعلته حَالا وان جعلته ظرفا رفعت ثيابًا
بِالِابْتِدَاءِ وعاليهم الْخَبَر وَفِي عاليهم ضمير مَرْفُوع
وَإِن شِئْت رفعته بالاستقرار وَلَا ضمير فِي عاليهم لِأَنَّهُ
يصير بِمَنْزِلَة فعل مقدم على فَاعله واذا رفعت ثِيَاب
بِالِابْتِدَاءِ فعاليهم بِمَنْزِلَة فعل مُؤخر عَن فَاعله
فَفِيهِ ضمير وَمن أسكن الْيَاء فِي عاليهم رَفعه
بِالِابْتِدَاءِ وَثيَاب الْخَبَر وعالي بِمَعْنى الْجَمَاعَة
كَمَا قَالَ تَعَالَى سامرا تهجرون فَأتى بِلَفْظ الْوَاحِد
يُرَاد بِهِ الْجَمَاعَة وَكَذَلِكَ قَالَ تَعَالَى فَقطع دابر
الْقَوْم إِنَّمَا هُوَ أدبار الْقَوْم فَاكْتفى بِالْوَاحِدِ
عَن الْجمع وَيجوز أَن يكون ثِيَاب رفعا بفعلهم لِأَن عَالِيا
اسْم فَاعل فَهُوَ مُبْتَدأ وَثيَاب فَاعل يسد مسد خبر عاليهم
فَيكون عَال على هَذَا مُفردا لَا يُرَاد بِهِ الْجمع كَمَا
تَقول قَائِم الزيدون فتوحد لِأَنَّهُ جرى مجْرى حكم الْفِعْل
الْمُتَقَدّم فَوحد إِذْ قد رفع مَا بعده وَهُوَ
(2/786)
مَذْهَب الْأَخْفَش وعاليهم نكرَة
لِأَنَّهُ يُرَاد بِهِ الِانْفِصَال اذ هُوَ بِمَعْنى
الِاسْتِقْبَال فَلذَلِك جَازَ نَصبه على الْحَال وَمن أجل
أَنه نكرَة منع غير الْأَخْفَش رَفعه بِالِابْتِدَاءِ
قَوْله خضر وإستبرق من خفض خضرًا جعله نعتا لسندس وسندس اسْم
للْجمع وَقيل هُوَ جمع واحده سندسه وَهُوَ مارق من الديباج
وَمن رَفعه جعله نعتا لثياب وَمن رفع واستبرق عطفه على ثِيَاب
وَمن خفضه عطفه على سندس والاستبرق مَا غلظ من الديباج واستبرق
اسْم أعجمي نكرَة فَلذَلِك انْصَرف وألفه ألف قطع فِي
الْأَسْمَاء الأعجمية وَقد قَرَأَهُ ابْن مُحَيْصِن بِغَيْر
صرف وَهُوَ وهم إِن جعله اسْما لِأَنَّهُ نكرَة منصرفة وَقيل
بل جعله فعلا مَاضِيا من برق فَهُوَ جَائِز فِي اللَّفْظ بعيد
فِي الْمَعْنى وَقيل انه فِي الأَصْل فعل مَاض على استفعل من
برق فَهُوَ عَرَبِيّ من البريق فَلَمَّا سمي بِهِ قطعت أَلفه
لِأَنَّهُ لَيْسَ من أصل الْأَسْمَاء أَن يدخلهَا ألف الْوَصْل
وانما دخلت فِي أَسمَاء معتلة مُغيرَة عَن أَصْلهَا مَعْدُودَة
لَا يُقَاس عَلَيْهَا
قَوْله إِنَّا نَحن نزلنَا نَحن فِي مَوضِع نصب على الصّفة
لاسم ان لِأَن الْمُضمر يُوصف بالمضمر اذ هُوَ بِمَعْنى
التَّأْكِيد لَا بِمَعْنى التحلية وَلَا يُوصف بالمظهر
لِأَنَّهُ بِمَعْنى التحلية والمضمر مستغن عَن
(2/787)
التحلية لِأَنَّهُ لم يضمر الا بعد أَن عرف
تحليته وعينه وَهُوَ مُحْتَاج الى التَّأْكِيد ليتأكد الْخَبَر
عَنهُ وَلَا يجوز أَن يكون نَحن فاصلة لَا مَوضِع لَهَا من
الاعراب ونزلنا الْخَبَر وَيجوز أَن يكون نَحن رفعا
الِابْتِدَاء ونزلنا الْخَبَر وَالْجُمْلَة خبر ان
وَقَوله ويذرون وَرَاءَهُمْ يَوْمًا وَرَاء بِمَعْنى قُدَّام
وأمام وَجَاز ذَلِك فِي وَرَاء لِأَنَّهَا بِمَعْنى التواري
فَمَا توارى عَنْك مِمَّا هُوَ امامك وقدامك وخلفك يُسمى
وَرَاء لتواريه عَنْك وَيَوْما مفعول بيذرون وَقد ذكرنَا أصل
يذرون وعلته
قَوْله اثما أَو كفورا أَو للاباحة أَي لَا تُطِع هَذَا
الضَّرْب وَقَالَ الْفراء أوفي هَذَا بِمَنْزِلَة لَا أَي لَا
تُطِع من أَثم وَلَا من كفر وَهُوَ بِمَعْنى الاباحة الَّتِي
ذكرنَا وَقيل أَو بِمَعْنى الْوَاو وَفِيه بعد
قَوْله وَمَا تشاءون إِلَّا أَن يَشَاء الله أَن فِي مَوضِع
نصب على الِاسْتِثْنَاء أَو فِي مَوضِع خفض على قَول الْخَلِيل
باضمار الْخَافِض وعَلى قَول غَيره فِي مَوضِع نصب اذ قد حذف
الْخَافِض تَقْدِيره الا بِأَن يَشَاء الله
(2/788)
وَلِهَذَا نَظَائِر كَثِيرَة قد تقدّمت
ذكرنَا اعرابها مرّة على قَول الْخَلِيل وسيبويه وَمرَّة على
قَول غَيرهمَا اختصارا وَمرَّة ذكرنَا الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا
تَنْبِيها
قَوْله والظالمين نصب على اضمار فعل أَي ويعذب الظَّالِمين أعد
لَهُم عذَابا لِأَن اعداد الْعَذَاب يؤول الى الْعَذَاب
فَلذَلِك حسن اضمار يعذب اذ قد دلّ عَلَيْهِ سِيَاق الْكَلَام
وَلَا يجوز اضمار أعد لِأَنَّهُ لَا يتَعَدَّى إِلَّا بِحرف
فانما يضمر فِي هَذَا وَمَا شابهه فعل يتَعَدَّى بِغَيْر حرف
مِمَّا يدل عَلَيْهِ سِيَاق الْكَلَام وفحوى الْخطاب وَفِي حرف
عبد الله وللظالمين اعد لَهُم بلام الْجَرّ فِي الظَّالِمين
على تَقْدِير وَأعد للظالمين أعد لَهُم وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ
إِنَّمَا انتصب والظالمين لِأَن الْوَاو الَّتِي مَعَه ظرف
للْفِعْل وَهُوَ أعد وَهَذَا كَلَام لَا يتَحَصَّل مَعْنَاهُ
وَيجوز رفع الظَّالِمين على الِابْتِدَاء وَمَا بعده خَبره
وَقد سمع الْأَصْمَعِي من يقْرَأ بذلك وَلَيْسَ بمعمول بِهِ
فِي الْقُرْآن لِأَنَّهُ مُخَالف لخط الْمُصحف ولجماعة
الْقُرَّاء وَقد جعله الْفراء فِي الرّفْع بِمَنْزِلَة قَوْله
تَعَالَى وَالشعرَاء يتبعهُم الْغَاوُونَ وَلَيْسَ مثله لِأَن
والظالمين قبله فعل عمل فِي مفعول فعطفت الْجُمْلَة على
الْجُمْلَة فَوَجَبَ أَن يكون الْخَبَر فِي الْجُمْلَة
(2/789)
الثَّانِيَة مَنْصُوبًا كَمَا كَانَ
الْخَبَر فِي الْجُمْلَة الأولى فِي قَوْله يدْخل من يَشَاء
وَقَوله وَالشعرَاء قبله جملَة من ابْتِدَاء وَخبر فَوَجَبَ
أَن تكون الْجُمْلَة الثَّانِيَة كَذَلِك فالرفع هُوَ الْوَجْه
فِي الشُّعَرَاء وَيجوز النصب فِي غير الْقرَان وَالنّصب هُوَ
الْوَجْه فِي والظالمين وَيجوز الرّفْع فِي غير الْقُرْآن
فَهَذَا أصل يعْتَمد عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَاب
(2/790)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة المرسلات
قَوْله تَعَالَى عرفا نصب على الْحَال من المرسلات وَهِي
الرِّيَاح ترسل متتابعة وَمن جعل المرسلات الْمَلَائِكَة نصب
عرفا على تَقْدِير حذف حرف الْجَرّ أَي يرسلها الله بِالْعرْفِ
أَي بِالْمَعْرُوفِ
قَوْله عصفا ونشرا مصدران مؤكدان
قَوْله ذكرا مفعول بِهِ
قَوْله عذرا أَو نذرا نصب على الْمصدر فَمن ضم الذَّال جعله
جمع عذير ونذير بِمَعْنى اعذار وانذار وَمن أسكن الذَّال جَازَ
أَن يكون مخففا من الضَّم بِمَعْنى اعذار وانذار كَمَا قَالَ
فَكيف كَانَ نَكِير أَي انكاري لَهُم أَي عَاقِبَة ذَلِك
وَيجوز أَن يكون غير مخفف وسكونه أصل على أَن يكون مصدرا
بِمَنْزِلَة شكر
قَوْله إِنَّمَا توعدون لوَاقِع مَا اسْم ان ولواقع الْخَبَر
وَالْهَاء محذوفة من توعدون وَبهَا تتمّ صلَة مَا تَقْدِيره
توعدونه وحذفها من الصِّلَة حسن لطول الِاسْم وَقَرِيب مِنْهُ
حذفهَا من الصّفة وَلَا يجوز
(2/791)
حذفهَا من الْخَبَر إِلَّا فِي شعر وَإِن
جَوَاب الْقسم الْمُتَقَدّم
قَوْله فاذا النُّجُوم طمست النُّجُوم عِنْد الْبَصرِيين رفع
باضمار فعل لِأَن فِيهَا معنى المجازاة فَهِيَ بِالْفِعْلِ
أولى وَمثله إِذا الشَّمْس كورت وَإِذا السَّمَاء انشقت وَإِذا
السَّمَاء انفطرت وَهُوَ كثير فِي الْقرَان وَقَالَ
الْكُوفِيُّونَ مَا بعد اذا رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمَا بعده
الْخَبَر وَجَوَاب اذا فِي قَوْله تَعَالَى فاذا النُّجُوم
مَحْذُوف تَقْدِيره وَقع الْفَصْل وَقيل جوابها ويل يَوْمئِذٍ
للمكذبين
قَوْله ليَوْم الْفَصْل اللَّام تتَعَلَّق بِفعل مُضْمر
تَقْدِيره أجلت ليَوْم الْفَصْل وَقيل هُوَ بدل من أَي باعادة
الْخَافِض وَقيل اللَّام بِمَعْنى الى
قَوْله وَمَا أَدْرَاك مَا يَوْم الْفَصْل قد تقدم ذكره فِي
الحاقة وَغَيرهَا
قَوْله ويل يَوْمئِذٍ للمكذبين ويل حَيْثُ وَقع فِي هَذِه
السُّورَة وَمَا شابهها ابْتِدَاء ويومئذ ظرف عمل فِيهِ معنى
ويل وللمكذبين الْخَبَر
قَوْله كفاتا مفعول ثَان لنجعل لِأَنَّهُ بِمَعْنى نصير
(2/792)
قَوْله أَحيَاء وأمواتا حالان أَي تجمعهم
الأَرْض فِي هَاتين الْحَالَتَيْنِ والكفت الْجمع وَقيل هُوَ
نصب بكفات أَي تكفت الْأَحْيَاء والأموات أَي تضمهم أَحيَاء
على ظهرهَا وأمواتا فِي بَطنهَا
قَوْله هَذَا يَوْم لَا ينطقون ابْتِدَاء وَخبر والاشارة الى
الْيَوْم وقرأه الْأَعْمَش وَغَيره يَوْم بِالْفَتْح فَيجوز
أَن يكون مَبْنِيا عِنْد الْكُوفِيّين لاضافته الى الْفِعْل
وَهُوَ مَرْفُوع فِي الْمَعْنى وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب
والاشارة الى غير الْيَوْم وَيجوز أَن تكون الفتحة اعرابا
وَهُوَ مَذْهَب الْبَصرِيين لِأَن الْفِعْل مُعرب وانما يبْنى
عِنْد الْبَصرِيين إِذا أضيف الى مَبْنِيّ فَتكون الاشارة الى
غير الْيَوْم وَهُوَ خبر الِابْتِدَاء على كل حَال
قَوْله كَذَلِك نجزي الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر
مَحْذُوف أَي جَزَاء كَذَلِك نجزي
قَوْله واتمتعوا قَلِيلا قَلِيلا نعت لصدر مَحْذُوف أَو لظرف
مَحْذُوف تَقْدِيره وتمتعوا تمتعا قَلِيلا أَو وقتا قَلِيلا
وَهُوَ مَنْصُوب تمَتَّعُوا فِي الْوَجْهَيْنِ إِلَّا أَنه
يكون مرّة مَفْعُولا فِيهِ وَمرَّة مَفْعُولا مُطلقًا
(2/793)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة يتساءلون
قَوْله تَعَالَى عَم أَصله عَن مَا فحذفت الْألف لدُخُول حرف
الْجَرّ على مَا وَهِي اسْتِفْهَام للْفرق بَين الِاسْتِفْهَام
وَالْخَبَر والفتحة تدل على الْألف ووقف عَلَيْهِ ابْن كثير
فِي رِوَايَة البزي عَنهُ بِالْهَاءِ لبَيَان الْحَرَكَة
لِئَلَّا تحذف الْألف ويحذف مَا يدل عَلَيْهَا ووقف جمَاعَة
الْقُرَّاء غَيره بالاسكان وَكَذَلِكَ مَا شابهه من مَا
الَّتِي للاستفهام اذا دخل عَلَيْهَا حرف جر فَهَذَا حكمهَا
وَلَا يجوز اثبات الالف إِلَّا فِي شعر كَمَا لَا يجوز حذف
الْألف اذا كَانَت مَا خَبرا نَحْو وَمَا الله بغافل عَمَّا
يعْملُونَ
قَوْله عَن النبأ بدل من مَا باعادة الْخَافِض وَقيل
التَّقْدِير يتساءلون عَن النبأ ثمَّ حذف الْفِعْل لدلَالَة
الأول عَلَيْهِ فَعَن الأولى مُتَعَلقَة بيتساءلون الظَّاهِر
وَالثَّانيَِة بالمضمر
قَوْله مهادا مَفْعُولا ثَانِيًا لجعل وَمثله أوتادا وَمثله
سباتا لِأَن جعل بِمَعْنى صير وَمثله لباسا ومعاشا
(2/794)
قَوْله وخلقناكم أَزْوَاجًا أَزْوَاجًا نصب
على الْحَال أَي ابتدعناكم مُخْتَلفين ذُكُورا واناثا وقصارا
وطوالا وَخلق بِمَعْنى ابتدع فَلذَلِك لَا يتَعَدَّى الا الى
مفعول وَاحِد
قَوْله سِرَاجًا مفعول لجعلنا وَهِي بِمَعْنى خلقنَا يتَعَدَّى
الى مفعول وَاحِد أَيْضا وَلَيْسَت بِمَعْنى صيرنا مثل مَا
تقدم
قَوْله ألفافا هُوَ جمع لف يُقَال نَبَات لف ولفيف اذا كَانَ
مجتمعا وَقيل هُوَ جمع الْجمع كَأَن الْوَاحِد لفاء وَألف
كحمراء وأحمر ثمَّ يجمع لفاء على لف كَمَا تَقول حَمْرَاء وحمر
ثمَّ تجمع لف على ألفاف كَمَا تَقول قفل وأقفال
قَوْله يَوْم ينْفخ بدل من يَوْم الأول
قَوْله أَفْوَاجًا حَال من الْمُضمر فِي تأتون
قَوْله لابثين فِيهَا أحقابا أحقابا ظرف زمَان وَمن قَرَأَهُ
لبثين شبهه بِمَا هُوَ خلقَة فِي الانسان نَحْو حذر وَفرق
وَهُوَ بعيد لِأَن اللّّبْث لَيْسَ مِمَّا يكون خلقَة فِي
الانسان وَبَاب فعل انما هُوَ لما يكون خلقَة فِي الشَّيْء
وَلَيْسَ اللّّبْث بخلقة وأحقاب ظرف فِي الْوَجْهَيْنِ
قَوْله لَا يذوقون فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي لابثين
وَقيل هُوَ نعت لأحقاب وَاحْتمل الضَّمِير لِأَنَّهُ فعل فَلم
يجب اظهاره وان كَانَ
(2/795)
قد جرى صفة على غير من هُوَ لَهُ وانما
جَازَ أَن يكون نعتا لأحقاب لأجل الضَّمِير الْعَائِد على
الأحقاب فِي فِيهَا وَلَو كَانَ فِي مَوضِع يذوقون اسْم فَاعل
لم يكن بُد من اظهار الضَّمِير اذا جعلته وصف لأحقاب
قَوْله إِلَّا حميما بدل من برد اذا جعلت الْبرد من
الْبُرُودَة فان جعلته النّوم كَانَ إِلَّا حميما اسْتثِْنَاء
لَيْسَ من الأول
قَوْله كذابا من شدد جعله مصدر كذب زيدت فِيهِ الْألف كَمَا
زيدت فِي اكراما وَقَوْلهمْ تَكْذِيبًا جعلُوا التَّاء عوضا من
تَشْدِيد الْعين وَالْيَاء بَدَلا من الْألف غيروا أَوله كَمَا
غيروا آخِره وأصل مصدر الرباعي أَن يَأْتِي على عدد حُرُوف
الْمَاضِي بِزِيَادَة ألف مَعَ تَغْيِير الحركات وَقد قَالُوا
تكلما فَأتى الْمصدر على عدد حُرُوف الْمَاضِي بِغَيْر
زِيَادَة ألف وذل لِكَثْرَة حُرُوفه وضمت اللَّام وَلم تكسر
لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَلَام اسْم على تفعل وَلم يفتحوا
لِئَلَّا يشبه الْمَاضِي وقرأه الْكسَائي كذابا بِالتَّخْفِيفِ
جعله مصدرى كَاذِب كذابا وَقيل هُوَ مصدر كذب كَقَوْلِك كتبت
كتابا
قَوْله وكل شَيْء أحصيناه كتابا كتاب مصدر لِأَن أحصيناه
بِمَعْنى كتبناه وكل نصب باضمار فعل أَي وأحصينا كل شَيْء
أحصيناه وَيجوز الرّفْع على الِابْتِدَاء
قَوْله جَزَاء وَعَطَاء مصدران وحسابا نعت
(2/796)
لعطاء
قَوْله رب السَّمَوَات من رَفعه وخفض الرَّحْمَن فعلى اضمار
هُوَ والرحمن نعت لِرَبِّك وَمن خفضه جعله بَدَلا من رَبك وَمن
رَفعه وَرفع الرَّحْمَن جعله مُبْتَدأ والرحمن خَبره أَو نعتا
لَهُ وَلَا يملكُونَ الْخَبَر وَمن خفض الرَّحْمَن وَرفع
رَبًّا جعله نعتا لِرَبِّك وَمن خفض الرَّحْمَن وخفض رَبًّا
جعله نعتا لرب وَرب السَّمَوَات بدل من رَبك وَمن خفض رَبًّا
وَرفع الرَّحْمَن رَفعه على اضمار مُبْتَدأ أَي هُوَ
الرَّحْمَن وَإِن شِئْت على الِابْتِدَاء وَلَا يملكُونَ
الْخَبَر
قَوْله صفا لَا يَتَكَلَّمُونَ حالان
قَوْله إِلَّا من أذن لَهُ الرَّحْمَن من فِي مَوضِع رفع على
الْبَدَل من الْمُضمر فِي يَتَكَلَّمُونَ أَو فِي مَوضِع نصب
على الِاسْتِثْنَاء
(2/797)
|