معاني القراءات للأزهري 12 - سورة يوسف عليه السلام
إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت 4
قرأ ابن عامر يا أبت بفتح التاء في جميع القرآن
وقرأ الباقون بكسر التاء على الإضافة إلى نفسه الأصل يا أبي
فحذفت الياء لأن ياء الإضافة تحذف في النداء كما يحذف التنوين
وتبقى الكسرة تدل على الياء كما تقول رب اغفر لي وفي التنزيل
رب قد آتيتني من الملك ويا قوم والأصل يا قومي فحذفت الياء
وإنما تحذف في النداء لأن باب النداء باب التغيير والحذف وأما
إدخال تاء التأنيث في الأب فقال قوم إنما دخلت للمبالغة كما
تقول علامة ونسابة فاجتمع ياء المتكلم والتاء التي للمبالغة
فحذفوا الياء لأن الكسرة تدل عليها
وقال الزجاج إن التاء كثرت ولزمت في الأب عوضا عن ياء الإضافة
فلهذا كسرت التاء لأن الكسرة أخت الياء ومن فتح فله وجهان
أحدهما أن يكون أراد يا أبتا فأبدل من ياء الإضافة ألفا ثم حذف
الألف كما تحذف الياء وتبقى الفتحة دالة على الألف كما أن
الكسرة تدل على الياء والوجه الآخر أنه إنما فتح التاء لأن هذه
التاء بدل من ياء المتكلم واصل ياء المتكلم الفتح فتقول يا
غلامي وإنما قلنا ذلك لأن الياء هو اسم والاسم إذا كان على حرف
واحد فأصله الحركة فتكون الحركة تقوية للاسم فلما كان أصل هذه
الياء الفتحة كان الواجب أن تفتح لأنها بدل من الحرف الذي هو
أصله ليدل على المبدل
وقف ابن كثير وابن عامر يا أبه على الهاء وحجتهما أن التغييرات
تكون في حال الوقف دون الإدراج فتقول رايت زيدا فتقف عليه
بالألف ووقف الباقون بالتاء وحجتهم أن هذه التاء بدل من الياء
فكما أن الياء على صورة واحدة في الوصل والوقف فكذلك البدل يجب
أن يكون مثل المبدل منه على صورة واحدة
لقد كان في يوسف وإخوته ءايت للسائلين 7
قرأ ابن كثير آية للسائلين أي عبرة وحجته قوله لقد كان في
قصصهم عبرة ولم يقل عبر كأنه جل شأنه كله آية كما قال جل وعز
وجعلنا ابن مريم وأمه آية فأفرد كل واحد منهما آية
وقرأ الباقون آيات للسائلين على الجمع أي عبر جعلوا كل حال من
أحوال يوسف آية وعبرة وحجتهم في ذلك أنها كتبت في المصحف
بالتاء
وألقوه في غيابة الجب10
قرأ نافع في غيابات الجب بالألف أراد ظلم البئر ونواحيها لأن
البئر لها غيابات فجعل كل جزء منها غيابة فجمع على ذلك
وقرأ الباقون غيابة وحجتهم أنهم ألقوه في بئر واحدة في مكان
واحد لا في أمكنة
أرسله معنا غدا يرتع ويلعب 12
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر نرتع ونلعب بالنون أخبر
الإخوة عن أنفسهم وحجتهم ذكرها الزيدي قال وتصديقها قوله بعدها
إنا ذهبنا نستبق فكأن اليزيدي ذهب إلى أنهم أسندوا جميع ذلك
إلى جماعتهم إذ أسندوا الاستباق قيل لأبي عمرو
فكيف يلعبون وهم أنبياء الله فقال إذ ذاك لم يكونوا أنبياء
الله
وقرأ أهل المدينة والكوفة يرتع ويلعب بالياء إخبارا عن يوسف
وبذلك جاء تأويل أهل التأويل في ذلك قال ابن عباس يرتع ويلعب
أي يلهو وينشط ويسعى وحجتهم في ذلك أن القوم إنما كان قولهم
ذلك ليعقوب اختداعا منهم إياه عن يوسف إذ سألوه أن يرسله معهم
لينشط يوسف لخروجه إلى الصحراء ويلعب هناك لا أنهم أرادوا
إعلامه بما لهم من الرفق والفائدة لخروجه
قرأ نافع وابن كثير نرتع بكسر العين أي يرعى ماشيته ويرعى
المال كما يرعاه الراعي وهو يفتعل من الرعاية تقول ارتعى القوم
إذا تحارسوا ورعى بعضهم بعضا وحفظ بعضهم بعضا ويقال رعاك الله
أي حفظك والأصل نرتعي فسقطت الياء للجزم لأنه جواب الأمر
وقرأ الباقون يرتع بجزم العين أي يأكل يقال رتعت الإبل وأنا
أرتعتها إذا تركتها ترعى كيف شاءت قال الشاعر ... ترتع ما رتعت
حتى إذا ادكرت ... فإنما هي إقبال وإدبار ...
وكذلك الإنسان يقال رتع يرتع رتعا فهو راتع
وعلامة الجزم سكون العين في هذه القراءة وإنما انجزم لأنه جواب
الأمر المعنى أرسله إن ترسله يرتع ويلعب
وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون 13
قرأ أبو عمرو والكسائي وورش عن نافع الذيب بغير همز وقرأ
الباقون بالهمز وهو الأصل لأنه مأخوذ من تذاء بت الريح إذا أتت
من كل ناحية فكأنه شبه من خفته وسرعة حركته بالريح
قال يا بشرى هذا غلام 19
قرأ عاصم وحمزة والكسائي يا بشرى بترك الإضافة فيها وجهان
أحدهما أنهم جعلوه اسم رجل فيكون دعا إنسانا اسمه بشرى وحجتهم
ما قد روي عن جماعة من المفسرين أنهم قالوا كان اسمه بشرى
فدعاه المستقي باسمه كما يقال يا زيد فيكون بشرى في موضع رفع
بالنداء والوجه الآخر أن يكون أضاف البشرى إلى نفسه ثم حذف
الياء وهو يريدها كما تقول يا غلام لا تفعل يكون مفردا بمعنى
الإضافة
وقرأ الباقون يا بشراي بإثبات ياء الإضافة وفتحها أضاف البشرى
إلى نفسه وإنما فتحوا الياء على اصلها لئلا يلتقي ساكنان فجرت
مجرى عصاي وبشراي في موضع نصب كما تقول يا غلام زيد
وقالت هيت لك 23
قرأ أهل العراق هيت لك بفتح الهاء والتاء أي هلم وتعال وأقبل
إلى ما أدعوك إليه وحجتهم قول الشاعر ... ابلغ أمير المؤمنين
... أخا العراق إذا أتيتا ... أن العراق وأهله ... عنق إليك
فهيت هيتا
قال الزجاج أما فتح التاء في هيت فلأنها بمنزلة أصوات ليس منها
فعل يتصرف ففتحت التاء لسكونها وسكون الياء واختير الفتح لأن
قبل التاء ياء كما قالوا كيف وأين
وقرأ أهل المدينة والشام هيت وهي لغة وقرأ ابن كثير هيت بفتح
الهاء وضم التاء وحجته قول الشاعر ... ليس قومي بالأبعدين إذا
ما ... قال داع من العشيرة هيت ... هم يجيبون ذا هلم سراعا ...
كالأبابيل لا يغادر بيت ...
فأما الضم من هيت فلأنها بمعنى الغايات كأنها قالت دعائي لك
فلما حذفت الإضافة وتضمنت هيت معناها بنيت على الضم كما بنيت
حيث
وقرأ هشام هئت بالهمز من الهيئة كأنها قالت تهيأت لك
إنه من عبادنا المخلصين 24
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر المخلصين بكسر اللام في جميع
القرآن أي أخلصوا دينهم وأعمالهم من الرياء وحجتهم قوله
وأخلصوا دينهم وقوله مخلصا له ديني فإذا
أخلصوا فهم مخلصون تقول رجل مخلص مؤمن فترى الفعل في اللفظ له
وقرأ أهل المدينة والكوفة المخلصين بفتح اللام أي الله أخلصهم
من الأسواء والفواحش فصاروا مخلصين وحجتهم قوله تعالى إنا
أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار فصاروا مخلصين بإخلاص الله إياهم
وقلن حاش لله 31
قرأ أبو عمرو وقلن حاشا لله بالألف وحجته ذكرها اليزيدي فقال
يقال حاشاك وحاشالك وليس أحد من العرب يقول حاشك ولا حاش لك
وقرأ الباقون حاش لله وحجتهم أنها مكتوبة في المصاحف بغير ألف
حكى أبو عبيد عن الكسائي أنها في مصحف عبد الله كذلك وأصل
الكلمة التبرئة والاستثناء واختلف النحويون في حاشا منهم من
قال إنه فعل ومنهم من قال إنه حرف
قال تزرعون سبع سنين دأبا وفيه يعصرون 47 و49
قرأ حفص سبع سنين دأبا بفتح الهمزة وقرأ الباقون ساكنة الهمزة
وهما لغتان مثل النهر والنهر والظعن والظعن وكل اسم كان ثانيه
حرفا من حروف الحلق جاز حركته وإسكانه
قرأ حمزة والكسائي وفيه تعصرون بالتاء أي تنجون من
البلاء وتعتصمون بالخصب قال عدي بن زيد ... لو بغير الماء حلقي
شرق ... كنت كالغصان بالماء اعتصاري ...
وقال مؤرج العصر الملجأ فعنى تعصرون أي تلجؤون إلى العصر
وحجتهما قوله تزرعون سبع سنين وتأكلون ومما تحصنون 48 كأنما
وجه الخطاب إلى المستفتين الذين قالوا أفتنا في كذا
وقرأ الباقون يعصرون بالياء أي يعصرون الزيت والعنب وحجتهم
ذكرها اليزيدي فقال يعني الناس ذهب اليزيدي إلى أنه لما قرب
الفعل من الناس جعله لهم يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من
نشاء ولا نضيع أجر المحسنين 56
قرأ ابن كثير حيث نشاء بالنون الله أخبر عن نفسه وحجته ما بعده
وهو نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع.
وقرأ الباقون حيث يشاء أي يوسف كأنه قال يتبوأ يوسف. اهـ
(حجة القراءات لابن زنجلة. ص: 331 - 360) (ط. مؤسسة الرسالة -
بيروت) .
(2/46)
سورة يُوسُفَ
للميرة، وبِيع منا، وإلا فقد مُنِعنا الكيل، ونرجع بلا طعام.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ (62)
قرأ حفص عن عاصم وحمزة والكسائي بألف ونون (لِفِتْيَانِهِ) .
وقرأ الباقون (لِفِتيَتهِ) بالتاء.
قال أبو منصور: الفِتْيَان والفِتْيَة جمع الفتى، أراد:
مَمَالِيكَهُ وخَدَمَه،
كما يقال - صِبيَان وصِبْية، وإخْوَان وإخوَة.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (إلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ (53)
فتح الياء نافع وأبو عمرو، وأرسلها الباقون.
* * *
قوله: (أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ (59)
حَرَّك الياء نافع وحده، وأرسلها الباقون.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (خَيْرٌ حافِظًا. . (64)
قرأ حفص وحمزة والكسائي (خَيْرٌ حافِظًا) ، وقرأ الباقون
(حِفْظًا)
(2/47)
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (حِفْظًا) و
(حَافِظا) فانتصابه على التمييز،
و (حِفْظًا) مصدر، والحافظ على فاعل.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ
يَسِيرٌ (65)
أراد بكيل بعير: كيله يُحمل على بعير، أضاف (كَيْلَ) إلى
(بَعِيرٍ)
وقوله: (ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ) ، أي: يسهل على الذي يُمْضَي
إليه،
وإنما قال: (كَيْلَ بَعِيرٍ) لأنه كان لكل رجل منهم وِقْرُ
بَعِيرٍ -
ولاَ اختلاف بين القراء في إضافة الأول وتنوين الثاني.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (يَأْذَنَ لِي أَبِي)
فتح الياءين نافع وأبو عمرو، وفتح ابن كثير ياء (أبيَ) ، وأرسل
ياء (لِي) ،
وسائر القراء أرسلوا الياءين.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَلَمَّا اسْتَيْئَسُواْ مِنْهُ (80)
قرأ ابن كثير فيما قرئ على أبي بكر" فلما اسْتَايَسُوا " " ولا
تايسُوا مِن رَوْحِ
اللْه " و (حتى إذا استَايَسَ الرُسُل) بغير همز -
وكذلك روى عُبيد ومحمد بن صالح عن شبل إنه غير مهموز.
(2/48)
وقرأ الباقون (فلما استيْأسوا) بالهمز،
وكذلك (ولا تَيْأسُوا)
و (حتى إذَا اسْتَيْأسَ الرُّسُلُ) .
قال أبو منصور: القراءة المختارة (استيأسوا) و (استيأس) و (لا
تيأسوا) ، وهو من يئس يَيْأسُ يَأسًا، وهو يائِس، ويئسٌ لغة،
ولم يُقرأ بها.
وأما: آيَسَ يَأيَسُ فهي لغة ضعيفة.
قال القراء عن الكسائي: سَمعْتُ غير قبيلة يقول: أيِسَ يَايَسُ
بغير همز.
قال: وسمعتُ رجلا من بنى المنتفق يقول: لاَ تَيْسَ مِنهُ. بغير
همز.
وروى أبو عبيد عن الأصمعي: يئس يَيْأس، ويئس مثل حَسِب
يَحْسَبُ
ويَحْسِب.
قال: وقال أبو زيد: علياء مضر تقول: يَحسِبُ ويَئِسُ، وسفلاها
بالفتح.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ (86)
فتح الياء أبو عمرو ونافع وابن عامر، وأسكنها الباقون.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ (76)
قرأ يعقوب وحده، (يرفع درجاتِ مَن يشاء) بالياء فيهما، وإضافة
(درجات) ، وسائر القراء قرأوا بالنون فيهما، واتفقوا على التي
في الأنعام أنها
بالنون في الحرفين.
(2/49)
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (نرفع) و
(يرفع) فالمعنى يرجع إلى شىء واحد.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (إنَّكَ لأَنتَ يُوسُفُ (95) .
قرأ ابن كثير وحده (قَالُوا إنَّكَ لأنْتَ يُوسُفُ)
وقرأ الباقون (أءنَّكَ لأَنتَ يُوسُفُ) على الاستفهام.
وفي (أءنَّكَ) أربع لغات: (أئِنَّكَ) بعد ألف مقصورة، و (أإنك)
بهمزتين
و (ءاَينَّك) مُطَوَّله بهمزة، و (ءائنَّك) بوزن (عَاعِنَكَ)
الألف بين الهمزتين ساكنة.
قال الأزهري: مَنْ قَرَأَ (إنَّكَ) بألف واحدة فهو إيجاب؛ لأنه
يوسف،
عرفوه فحققوا أنه أخوهم، وَمَنْ قَرَأَ (أئنَّك) فهو استفهام،
وذلك أنهم ظنوا
ذلك ظنا فاستفهموه، أهو هو؟ ، والله أعلم -
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (إنَّهُ مَن يَتَقِ ويَصْبِرْ (90)
قرأ ابن كثير وحده (إنَّهُ مَن يَتَقِي) بياء في الوصل والوقف،
وقرأ محمد بن الحسن " من يتَقِ " بغير ياء في وصل ولا وقف،
وقال: كذا أقرأني أبو ربيعة.
وقال ابن مجاهد: كان أبو ربيعة يُقْرِئ أصحابه بحذف الياء،
وقال المعروف عن ابن كثير (يتقى " بياء، ولعل أبا ربيعة اختار
حذفها،
وقرأ الباقون (مَن يَتقِ) بغير ياء.
(2/50)
قال الأزهري: القراءة بغير ياء أجود؛ لأنه
مجزوم بالشرط، ولذلك اختار
أبو ربيعة حذف الياء، وترك قراءة صاحبه.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا
تَعْلَمُونَ (96)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو (إنيَ أعْلَمُ) ، بفتح الياء.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (سَوْفَ أسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ (98)
فتح ياءها نافع وأبو عمرو.
وقوله جلَّ وعزَّ: (بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي (100)
روى أحمد بن صالح عن قالون أنه حرك الياء من (إخوتيَ) ،
وقرأ ابن جماز (إِخْوَتِي) ، مرسلة.
وروى أبو قرة عن نافع (يدْعُونَنىَ إليه) بفتح الياء، ما رَوَى
فتحها عن نافع
غيرُه.
ورَوَى المسيبى وإسماعيل عن نافع أنه أرسل الياء في (أني أوفِ
الكَيْلَ) ، وفتحها قالون عنه.
(2/51)
وقوله: (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو (108)
فتح ياءَهَا نافع وحده.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (إلَّا رِجَالاً يُوحَى إلَيْهِمْ (109)
قرأ عاصم في رواية حفص وحده (نُوحِي إليهم "
بالنون وكسر الحاء في جميع القرآن إلا موضعًا واحدًا في (عسق)
في قوله - عزَّ وجلَّ - (كَذلكَ يُوحِي إلَيْكَ) فإنه قرأه
بالياء وكسر الحاء.
وقرأ الباقون بالياء وفتح الحاء في كل القرآن.
قال أبو منصور: القراءَةُ بالياء وفتح الحاء إلا ما جاء في
(عسق) :
(كذلك يوحِي إليك) .
وقد قُرِئ هذا كذلك (يُوحَى إليْكَ) ، فمن قرأ بكسر الحاء
فالمعنى: كذلك يوحِي الله إليك.
وَمَنْ قَرَأَ (يُوحَى) فمعناه التكرير،
كأنه قال: كذلك يوحَى إليك، وأضمر: يوحيه اللَّه إليك.
وكل جائز.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا (115)
قرأ عاصم وحمزة والكسائي (كُذِبوا) خفيفةً،
وقرأ الباقون (كُذِّبوا) مشددة.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (كُذِبُوا) بالتخفيف فالمعنى: حتى
إذا استيأس
الرسلُ من إيمان قومهم وتصديقهم إياهم وظن قومهم أنهم قد
كُذِبُوا فيما
وعُدوا؛ لأن الرسلَ لا يظنون ذلك، وهو يُرْوى عن عائشة.
(2/52)
وَمَنْ قَرَأَ (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ
كُذِّبُوا) بالتشديد فالظن ها هنا يقين،
المعنى: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم وعلموا أن القوم
قد كَذَّبوهم فلا يُصدِّقونهم ولا يؤمنون بهم جاءهم النصْر.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَنُنْجِي مَنْ نَشَاءُ (110)
قرأ ابن عامر وعاصم ويعقوب (فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ) بنون
واحدة، وتشديد
الجيم، وفتح الياء، وقرأ الباقون (فَنُنْجِي) بنونين، الأولى
مضمومة، والثانية
ساكنة، والجيم خفيفة، والياء مرسلة.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (فَنُنْجِي مَنْ نَشَاء) بنونين
فمعناه، نُنْجِي نحن
من نشاء، وهو فعل الله عزَّ وجلَّ.
وَمَنْ قَرَأَ (فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ) فمعناه: نُجِّىَ من
نشاء من عذاب الله،
أي: من يشاء الله تَنْجِيَتَهُ،
و (مَنْ) على هذه القراءة في موضع الرفع على أنه مفعول لَمْ
يُسَم فاعله.
و (مَنْ) في القراءة الأولى في موضع النصب على أنه مفعول به.
وحُذف من ياءات هذه السورة أربع ياءات: قوله: (فأرسلون (45)
و (لا تقربون (60) ، (حتى تؤتونِ موثقًا (66) ، (لَوْلَا أَنْ
تُفَنِّدُونِ (94)
وقرأهُنَّ الحضرمي بياء في الوصل والوقف،
وقرأ أبو عمرو (تؤتونِي) بياء في الوصل، ورُوِى عن نافع.
وقرأ ابن كثير (حتى تؤتونِي موثقًا) بياء في الوصل والوقف.
* * *
(2/53)
|