معاني القراءات للأزهري سورة مَرْيَمَ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قرأ ابن كثير وحفص عن عاصم والأعشى عن أبي بكر ويعقوب
(كَهَيعص) مفتوحة الياء والهاء.
وقرأ نافع بين الفتح والكسر في الهاء والياء.
وقرأ أبو عمرو (كهِيَعص) بكسر الهاء وفتح الياء.
وقرأ ابن عامر وحمزة، (كهَيِعص) بفتح الهاء وكسر الياء،
وقرأ الكسائي وأبو بكر في رواية يَحْيَى عنه عن عاصم (كهِيِعص)
بكسر الهاء والياء، وأظهر الدال التي في صاد عند الذال ابن
كثيرٍ ونافع وعاصم والحضرمي، وأدغمهما الباقون - واتفقوا على
إدغام نون عين.
قال أبو منصور: هذه لغات، اتفق أهل اللغة على جواز جميعها
مع اختلافها فَبأيها قرأت فأنت مصيب، فاقرأ كيف شئت، والتفخيم
فيها لغة أهل الحجاز.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (مِنْ وَرَائي وَكَانَت)
قرأ ابن كثير، (مِنْ وَرَائيَ) مفتوحة الياء ممدودة مهموزة،
وروى عبيد عن شبل عنه (وَرَايَ) بغير مَدٍّ، مثل: عَصَايَ.
وقرأ الباقون (وَرَائي) ممدودة ساكنة الياء.
(2/129)
قال أبو منصور: الذي رواه عبيد عن شبل عن
ابن كثير (وَرَايَ) بغير مَد
مثل: عَصايَ، ليس بجيد؛ لأن وراء ممدود في كلام العرب كأنه
بمعنى خَلْفًا
وأمَامًا،
وأما (الوَرَى) بمعنى الخَلْق فهو مقصور، يكتب بالياء، يقال:
لا أدْرِى
أيُّ الوَرَى هو - أي: مَا أدْرِى أي الخَلْق هو.
والقراءة الجيدَة ما اتفق عليه القُراء (مِن ورَائي) بالمد،
وأما الياء فإنْ شئتَ حَركْها وإن شئت أسْكَنْتَها.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (يَرِثُنِي وَيَرِثُ)
قرأ أبو عمرو والكسائي (يرثْني ويرثْ) بالجزم فيهما معًا،
وقرأ الباقون (يَرِثُنِي وَيَرِثُ) بالرفع فيهما.
قال أبو منصور: من قرأهما بالجزم فإنهما جواب الأمر، ومن
رفعهما فلأنه
صفة للولي، كأنه في الكلام: هبْ لي من لدنك ولِيا وَارثًا.
أقِيمَ المضارع مقام الاسم وجُعِلَ حَالا.
ومثله قول اللَّه جلَّ وعزَّ: (ولا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ)
بالرفع،
أي: لا تَمْنُنْ مُستكثِرًا.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الكِبَرِ عُتِيًّا)
وقوله (بُكِيًّا (58)
و (صُلِيًّا (75) و (جُثِيًّا (72) .
قرأ حفص وحمزة والكسائي بكسر أوائل هذه الحروف، إلا (بكِيًّا)
فإن حَفْصًا خالفهما فضم الباء من (بُكِيًّا) وقرأ الباقون
أوائلهُنٌ بالضم.
(2/130)
قال أبو منصور: أما (عُتيًّا) فهو مصدر
عَتَا يَعْتُو عُتِيًّا، وكان في الأصل عُتُوًّا
فأدغمت الواو في الياء وشُددَت.
وَمَنْ قَرَأَ (عِتِيًّا) بكسر العين فإنه كَسَرَ العين لكسرة
التاء.
وكذلك سائر الحروف.
وبكيًّا: جمع بَاكِ، وكَانَ في الأصل: بُكُوًّا، وكذلك
صلِيًّا: جمع صَالٍ -
وجِثيًّا: جمع جَاثٍ، وكل مصدر يجيء على (فُعُول) فإنه يجوز أن
يجْعَل جمعًا
لِفَاعِل كقولك: حَضَرْتُ حُضُورًا، وقَوْمٌ حُضُورٌ، وَشهِدت
شُهُودًا، وقَوْمٌ شُهُودٌ.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ)
قرأ حمزة والكسائي (وقد خَلَقناك) بالنون والألف.
وقرأ الباقون (وَقَدْ خَلَقْتُكَ) بالتاء.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ بالتاء وبالنون فالفعل دثه لا شريك
له، والقرآن عربى والمَلِكُ من العرب يقول: فعلنا كذا وكذا.
فخوطبوا بما يعرفونه، إذ اللَّه جلَّ وعزَّ مَلِك الملوك
ومالِكُهم، وهذا كما أخْبَر الله عن الكافر الذي دعا ربه حين
عايَنَ العذاب فقال: (رَبِّ ارْجِعُونِ) .
وَمَنْ قَرَأَ (وقد خلقتُك) فهو على ما يتعارفه الناس، وكل
صحيح.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (اجْعَلْ لِي آيَةً)
فتح الياء نافع وأبو عمرو، وأسكنها الباقون.
(2/131)
وقوله: (إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ
مِنْكَ)
فتح الياء ابن كثير ونافع وأبو عمرو، وأسكنها الباقون.
قال أبو منصور: هما لغتان جيدتان فاقرأ كيف شئت.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19)
قرأ أبو عمرو ويعقوب (لِيهَبَ لك) بالياء،
وكذلك روى ورش عن نافع،
وقرأ الباقون (لِأَهَبَ لَكِ) بألف.
قال أبو منصور: المعنى واحد في (لِيَهَبَ) و (لأهَبَ) ، أراد:
أرسلني
اللة ليهَبَ لَكِ، ومن قال (لأهبَ لك) فهو على الحكاية
المحمولة على المعنى، كأنه قال: أرْسِلتُ إليك (لأهبَ لَكِ) .
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23)
قرأ حمزة وحفص (نَسْيًا) بفتح النون، وقرأ الباقون (نِسْيًا)
بكسر النون) .
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (نِسْيًا) بكسر النون فإن النسْيَ
في كلام العرب:
الشىء الذي يُلْقى ولا يؤبه له كالحيضة الملقاة، والخرق
البالية، والرمم التي لا قيمة لها.
(2/132)
وَمَنْ قَرَأَ (نَسْيًا) فإنه كان في الأصل
(نَسْيًّا) فخفف فقيل: نَسْي، معناه: المَنْسي، كما يقال،
للهُدَى هَدْي، وجاز تكرير لفظينِ مختلفين بمعنى واحد للتأكيد.
والنِّسْيُ أكثر فِى الكلام من النَّسْيِ.
* * *
وقوله جلَّ وعزََّ: (فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا)
قرأ ابن كثير فالمعنى وابن عامر وأبو بكر عن عاصم ويعقوب
(مَن تَحْتَها) مفتوحة الميم والتاء، وقرأ الباقون (مِن
تحتِها) بكسر الميم والتاء
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (مَن تحتها) عنى به عيسي عليه
السلام،
والمعنى في مناداة عيسى لها أن الله - عزَّ وجلَّ - بيَّن
لمريم الآية فيه، وأعلَمَها أن الله سيَجْعل لها في النخلة
آية.
وَمَنْ قَرَأَ (مِن تحتِها) أراد الذي استقر تحتها.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25)
قرأ حمزة (تَسَاقطْ) بفتح التاء مخففة، وقرأ حفص (تُسَاقِطْ
عَلَيْكِ) بضم
التاء، وكسر القاف خفيفتين، وقرأ الحضرمي (يَسَّاقَطْ عليك)
بياء مفتوحة
وتشديد السين،
وقرأ الباقون (تَسَّاقِطْ) بفتح التاء وتشديد السين،
وقرأ عاصم في رواية حَمَّاد والكسائي في رواية نصير
(يَسَّاقَطْ) بالياء مفتوحة
وبتشديد السين وفتح القاف.
(2/133)
قال أبو منصور: قَوَّى قراءة يعقوب ما
حَدثنا محمد بن إسحاق عن
الصَّغاني عن أبي عبيد عن يزيد بن هارون عن جرير بن حازم عن
أبي إسحاق
قال: سمعت البرَاء بن عازب يقرأ (يَسَّاقط) .
ورُوي عن مَسْروق مثله.
قال أبو منصور: وقوله (يَسَّاقط) الأصل فيه: يتَساقط، المعنى:
يَساقط
الرطب جَنِيًّا.
وَمَنْ قَرَأَ (تَسَاقط) بفتح التاء مخففة ذهب به إلى النخلة،
وكان
في الأصل: تتساقط.
قال الفراء: انتصاب قوله (رُطبا) على التمييز المُحَوَّل، كأن
الفعل كان للرطب، فلما حُوِّل إلى الجذع أو النخلة خرج قوله
رُطبَا مُفَسّرًا.
وَمَنْ قَرَأَ (تَسَّاقط) بتشديد السين فإنه أدْغم إحدى
التاءين في السين، ومعناه
معنى تَسَاقط.
وَمَنْ قَرَأَ (تُسَاقِط) ذهب به إلى النخلة، وَمَنْ قَرَأَ
(يُساقط) ذهب
به إلى الجذع، ومعناهما يُسْقِط، ولم يقرأ به هؤلاء القراء.
وذكر أبو إسحاق عن محمد بن يزيد المبردِ أنه قال: نُصب
(رُطبًا) لأنه مفعول
به، المعنى: وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ رطبا
تَسَّاقَط عليكِ.
قال، وهذا وجه حَسَن، والله أعلم.
* * *
وقوله جلَّ وعزََّ: (آتَانِيَ الْكِتَابَ (35)
(2/134)
أسكن الياء حمزة، وحركها الباقون.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَأَنَّ اللَّهَ رَبِّي (36)
قرأ ابن كثير ونافع فالمعنى ويعقوب (وأَن الله) بالفتح، وقرأ
الباقون
(وَإِنَّ اللَّهَ) بكسر الألف.
قال أبو منصور: من فتح الألف فالمعنى: بأنَّ الله، أوْ:
وَلأنَّ الله.
وَمَنْ قَرَأَ (وَإِنَّ اللَّهَ) بالكسر فهو استئناف.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ
الْحَقِّ (34)
قرأ ابن عامر وعاصم ويعقوب (قَوْلَ الْحَقِّ) نصبًا.
وقرأ الباقون (قَوْلُ الْحَقِّ) رفعًا.
قال الفراء: من نصبَ (قَوْلَ الْحَقِّ) نصبه على اجتماع
المعرفة والنكرة،
كقولك: هذا عبد الله الأسدَ عاديًا.
كما يقولون: أسَدًا عادِيًا. كأنه قال قولا حقا.
وقال غيره من نصب فالمعنى: أقول قولَ الحق الذى فيه تمترون.
ومن رفع فالمعنى: هو قولُ الْحَقِّ.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (إِنِّي أَخَافُ (45)
(2/135)
فتح الياء ابن كثير ونافع فالمعنى، وأرسلها
الباقون.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي (47)
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ
عِبَادِنَا (63)
قرأ الحضرمي وحده (نُوَرِّثُ) مفتوحة الواو مشددة الراء،
وقرأ الباقون (نُورِثُ) ياكنة الواو، خفيفة الراء.
قال أبو منصور: المعنى في (نُورِثُ) و (نُوَرِّثُ) واحد، يقول:
تلك الجنة
التي نورثها من عبادنا التقي، وهما يتعديان إلى مفعولين، تقول:
ورَّثَ
الحاكم فلانًا مالَ فلانٍ الميت، وأورثه ماله في معناه، ومات
فلانً، فأورثَ
فلانا ماله.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ
(66)
قرأ ابن عامر وحده (إِذَا مَا مِتُّ) بكسر الألف على الخبر لا
استفهام فيه، وقرأ الباقون بالاستفهام.
قال أبو منصور: الإنسان ها هنا عنى به الكافر الذى لا يؤمن
بالبعث
خاصة وَمَنْ قَرَأَ (أَإِذَا مَا مِتُّ) فهو استفهام معناه
الإنكار، كأنه أنكر أن يُخْرَج حَيًّا يعد موته.
والدليل عليه قوله (أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ. .) الآية.
(2/136)
وَمَنْ قَرَأَ (إِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ
أُخْرَجُ) بكسر الألف لا استفهام فيه كأنه خبر، معناه التهكم
والاستهزاء، لا أعرف له وجْهًا غَيْره.
والقراءة بالاستفهام، وعليه أكثر القراء.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (خَيْرٌ مَّقَامًا (73) و: (لا مَقَامَ لكم)
و (في مَقَامٍ أمِينٍ) .
قرأ ابن كثير وحده (خَيْرٌ مُقَامًا) بضم الميم، وفتح الباقي،
وقرأ حفص
وحده (لا مُقَامَ لكم) بضم الميم في الأحزاب، وفتح الباقي.
وقرأ نافع وابن عامر في الدخان (في مُقَام أمين) بضم الميم،
وفَتَحَا الباقي. وقرأ الباقون بفتح الميم فيهن أجمع.
قال أبو منصور: (المُقَام) بضم الميم معناه: الإقامة، يقال:
أقمت مُقامًا
وإقامة.
والمَقَام: المكان الذي يُقَام فيه - وأنشد أبو عبيد
للطرِمَّاح:
شَت شَعب الحي بَعْدَ التِئامِ ... وشَجَاكَ الربعُ رَبعُ
المُقَام
ويروَى: رَبْعُ المَقَامِ - فمن رواه (رَبعُ المَقَام) أراد:
رَبعُ المكان الذى يقام.
ومن رَوَى (رَبعُ المُقَامَ) أراد: دار الإقامة.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ (أَثَاثًا وَرِئْيًا (74)
(2/137)
قرأ نافع وابن عامر (رِيَّا) بغير همزة.
وَرَوى ورش وابن جماز وأبو بكر بن
أبى أوَيْس عن نافع (ورِءيًا) بهمزة بين الراء والياء.
وقرأ الباقون (ورِءْيًا) مهموزًا.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (ورِءيًا) بالهمز فالمعنى: هم أحسن
أثاثًا، أي:
متاعًا، وأحسن رِءيًا، أي: منظرًا، من رأيت، هكذا. قال الفراء.
وقال الأخفش: الرئي: ما ظهر عليه مما رأيت.
وَمَنْ قَرَأَ (رِيَّا) بغير همز ففيه قولان:
أحدهما: أنه أريد به الرئي، فحذف الهمزة.
والقول الثاني: أن منظرهم مرتو من النعمة، كأنَّ النعيمَ بيِّن
فيهم.
وأفادنى المنذري عن ابن اليزيدي النحوي عن أبي زيد أنه قال:
الرئْيُ: الزينة، من رَأيت.
وقال غيره: الرِّي: بغير همز: النعمة، وهذا حَسَنٌ.
وقوله جلَّ وعزَّ: (لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77)
(2/138)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب (وَلَدًا)
بفتح اللام والواو في كل القرآن.
إلا في سورة نوح فإنهم قرأوا (مَالُهُ وَوُلْدُهُ إِلَّا
خَسَارًا) بضم الواو، وسكون
اللام.
وقرأ نافع وعاصم وابن عامر (لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا) و
(وَلَدهُ)
بفتح اللام والواو في كل القرآن.
وقرأ حمزة والكسائي (لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوُلْدًا)
بضم الواو وسكون اللام.
(وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وُلْدًا (88) .
(أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وُلْدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي
لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وُلْدًا (92) .
وكذلك قوله في سورة الزخرف (قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ
وُلْدٌ) ،
وقوله: (مالُهُ ووُلْدُه) .
وقال الفراء: الوَلَد - والوُلْد لغتان، مثل العَدَم والعُدْم.
قال: ومِن أمثال العرب: "وُلْدُكِ مَنْ دَمَّى عَقبَيْك) ،
المعنى ولدك من وَلدته، قال بعض الشعراء:
فليتَ فُلانا مَات في بطن أمهِ ... وليست فلانًا كَانَ وُلْدَ
حِمَارِ
أراد: وَلَدَ حِمار.
فهذا واحد.
وقال الفراء: قيس عَيلان تَجْعل الوُلد - جميعًا، والوَلَد
واحِد.
(2/139)
قال الزَّجَّاج: هذا مثل أسَدٍ وأسْد.
قال: وجائز أن يكون الولْدُ في معنى الوَلد، والوَلَدُ يصلح
للواحد والجمع، والوَلد والوُلْد مثل العَرَب والعُرب،
والعَجَم والعُجم.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ
مِنْهُ (90)
قرأ ابن كثير وحفص عن عاصم ويعقوب (تكاد) ، بالتاء، (يتفطرْنَ)
بالياء
والتاء في السورتين.
وكذلك قال هبيرة عن حفص.
وقرأ نافع والكسائي (يكاد) بالياء (يتفطرن) بالياء والتاء
مشددة الطاء في السورتين.
وقرأ أبو عمرو وحمزة وأبو بكر وابن عامر في هذه السورة
(يَنفَطِرْن)
بنون ساكنة، وكسر الطاء مخففة.
والباقون (يَتَفَطرْنَ) بتاء مفتوحة، وطاء مفتوحة مشددة.
وقرأ نُصيْر عن الكسائي في مريم مثل أبي عمرو (تَكَادُ)
بالتاء، وفي (عسق) بالياء،
وقرأ ابن عامر وحمزة في مريم مثل أبي عمرو وفي (عَسق) مثل ابن
كثير.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (تكاد السماوات) بالتاء فلتأنيث
السَّمَاوَات،
وَمَنْ قَرَأَ (يكاد) بالياء فلتقديم فعل الجمع.
وَمَنْ قَرَأَ (ينْفَطِرْنَ) فهو بمعنى: ينْشَقِقن، كقوله:
(إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ)
أى: انشقتْ.
وَمَنْ قَرَأَ (يَتَفَطَّرنَ) فمعناه: يتشققن، يقال: تفطَّر
وانفطر بمعنى
واحد.
* * *
(2/140)
سورة طه
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله جلَّ وعزَّ: (طه)
قرأ ابن كثيرٍ وابن عامر وحفص والأعشى عن أبي بكر عن عاصم
ويعقوب (طَهَ) مفتوحة الطاء والهاء، وقرأها نافع بين الفتح
والكسر، وروى الأصمعي عن نافع (طه) بقطعها،
وروى يعقوب عن نافع (طَهِ) كسرا،
وقرأ أبو عمرو (طهِ) مفتوحة الطاء مكسورة الهاء،
وقرأ حمزة والكسائي ويحى عن أبي بكر (طِهِ) بكسر الطاء والهاء
-
قال أبو منصور: هذه الوجوه كلها أريد بها حروف الهجاء، وهى
لغات
كلها صحيح.
وأحسنها قراءةُ نافِع بن الكسر والفتح.
وأخبرني المنذري عن أبي طالب عن سلمة عن الفراء قال: حدثنى قيس
عن عاصم عن زِرٍّ قال: قرأ رجل على ابن مسعود (طَهَ) ، فقال له
عبد الله
(طِهِ) قال له الرجل: يا أبا عبد الرحمن، أليس إنما أمرَ أن
يَطأ قَدَمُهُ؟
قال فقال عبد اللَّه (طِهِ) هكذا أقرأنيها رسولُ الله - صلى
الله عليه وسلم -
(2/141)
قال أبو منصور: هذا الحديث يدل على أنه
أريد بالحرفين الهجاء.
وقال المنذريّ: أخبرني أبو العباس قال: قال الأخفش في قول الله
" طه ":
منهم من زعم أنهما حرفان مثل: (حم) . ومنهم من يقول: له معنَى
(يا رَجُل) في بعض اللغات.
قال أبو العباس: لا يجوز (طَه) لأن ابن مسعود رَوَى عن النبي -
صلى الله عليه وسلم - (طِهِ) ، وهذا يَدُلّ على حروف
التَّهَحى.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا)
قرأ حمزة (لِأَهْلِهُ امْكُثُوا) بضم الهاء، ومثله في القصص،
وكذلك روى
ابن سعدان عن المسيبي عن نافع، وكسر الباقون الهاء في
السورتين.
قال أبو منصور: من ضم الهاء فلضمة الألف من (اُمْكُثوا) غير
موصولة،
نُقلَتْ ضمتُها إلى الهاء، كقراءة مَنْ قَرَأَ (أَوُ انْقُصْ
مِنْهُ قَلِيلًا) .
وَمَنْ قَرَأَ (لأهْلهِ امْكُثُوا) بكسر الهاء فلأن الأصل
عنده: (لأهْلهِ) ، ولما اتصل الهاء بالميم بَطَل حكم الألف
الوصلية من (امْكُثُوا) .
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ)
فتح الياء ابن كثيرٍ ونافع وأبو عمرو، وفتح ابن عامر
(لَعَلِّيَ آتِيكُمْ) .
(2/142)
وقوله جلَّ وعزَّ: (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (أَنِّيَ أَنَا رَبُّكَ) مفتوحة الألف
والياء،
وقرأ الباقون (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ) بكسر الألف.
أوقع النداء على (أَنِّيَ) وعلى موسى، ومن كسر
الألف فعلى أن النداء واقع على موسى عليه السلام وحده.
قال أبو منصور: المعنى: نادَى بأني أنَا ربُّك.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (طُوًى)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب (طوَى. اذْهبْ) غير
مُجْرَاتين.
وقرأ الباقون (طُوًى) منونًا في السورتين.
قال أبو إسحاق: مَن نوَّن (طوًى) فهو اسم الوادي، وهو مذكَر
سمي بمذكر، اسم على (فُعَل) ، نحو: نُغَرٍ، وصُرَد، ومَن لم
ينون ترك صرفه من جهتين:
إحداهما: أن يكون معدولاً عن (طاوٍ) إلى (طُوًى) فيصير مثل:
عُمَر المعدول
عن عامر، ولا ينصرف كما لا ينصرف عُمَر.
والجهة الأخرى: أن يكون اسما للبقعَةِ، وهي مؤنثة، كما قال:
(فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ) .
وقال أبو إسحاق: مَنْ قَرَأَ (أَنِّي أَنَا رَبُّكَ) فالمعنى:
نُودِيَ بأني أنا ربك، وموضع (أنَّي) نصا.
وَمَنْ قَرَأَ (إنِّي) بالكسر فالمعنى: نُودِي يا موسى فقال
الله جلَّ ثناؤه:
(إِنِّي أَنَا رَبُّكَ) .
(2/143)
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ)
قرأ حمزة وحده (وَأَنَّا اخْتَرْنَاكَ) بتشديد النون بالألف.
وقرأ الباقون (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ) مخففًا بالتاء.
قال أبو منصور: وَمَنْ قَرَأَ (وَأَنَّا اخْتَرْنَاكَ)
فالمعنى: ناداه الله بأنا اخترناك،
على جمع (أَنَّا) كما أن الملك من ملوك العرب يقول: إنَا
فَعَلْنا كذا وكذا
بأ نصاره.
وَمَنْ قَرَأَ (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ) فالاختيار لله وحده، لم
يُشْرِك في اختياره أحدًا.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30)
اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32)
قرأ ابن عامر (أشْدُدْ) (وَأُشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) بالألف
فيهما، ألف المخبر
عن نَفسه، على جواب المجازاة.
وقرأ الباقون (أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31)
وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) .
وهذا على الدعاء، كأنه قال: يا اللَّه: اشدد بِأخي أزري،
وأشركه في أمري.
وَمَنْ قَرَأَ (أشْدُد به أزري - واشركهُ في أمرى) فالمعنى أن
تجعل لي أخي
وزيرًا أشْدُد به أزري، وأُشركه في أمري.
على جواب الجزاء.
(2/144)
واختلف أهل العربية في (الأزر) فقال بعضهم:
الأزْرُ: الظهْر، كأنه قال:
اشدد به ظهري - وقيل: الأزْرُ: القُوة - المعنى: اشدد به قوتي.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ)
حَرَّك الياء ابن كثير ونافع وأبو عمرو.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (لِذِكْرِي إِنَّ السَّاعَةَ)
فتح الياء نافع وأبو عمرو.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وليَ فيها مَئارِب أخرى)
فتح الياء حفص والأعشى عن أبي بكر.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (ويَسِّرْ لي أمْرِي (26)
فتحها نافع وأبو عمرو.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (أَخِي (30) اشْدُدْ ... (31)
حَرَّك ابن كثير وأبو عمرو.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (عَلَى عَيْنِي (39) إِذْ (45)
حَرَّك الياء نافع وأبو عمرو.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (لِنَفْسيَ (41) اذْهَبْ (42)
(2/145)
فتحها ابن كثيرٍ ونافع وأبو عمرو.
وسائر القراء أرسلوهن، أعنى الياءات.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (الْأَرْضَ مَهْدًا (53) .. ها هنا، وفي
الزخرف
قرأ الكوفيون " مَهْدًا " بغير ألف في السورتين.
وقرأ الباقون (مِهَادًا) .
قال أبو منصور: المَهْدُ والمِهَاد واحد، وهو: الفِرَاش، كقوله
جلَّ وعزَّ:
(جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا) .
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39)
قرأ يعقوب وحده (وَلِتُصْنَعْ عَّلَى عَيْنِي) مُدغمة، ولم
يُدْغِم العين في العين
إلا في هذا وحده،
وحو قول أبي عمرو إذا قرأ بالإدغام.
قال أبو منصور: القراءة المختارة (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي)
بإظهار العين.
ومعناه ولتُرَبَّى بِمَرْأى منِّي.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (مَكَانًا سُوًى (58)
(2/146)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والكسائي
(سِوًى) بكسر السين.
وقرأ الباقون بضم السين.
قال أبو منصور: المعنى في (سِوًى) و (سُوًى) واحد، أي: مكانًا
مَنْصَفًا يكون بيننا وبينك، كأنه قال: مكانا مَنْصَفًا متوسطا
بين الموضعين.
وقال الأخفش في (سِوًى) و ((سُوًى) هو المكان النصف بين
الفريقين.
وقال الفراء: الضم والكسر عربيان، ولا يكونان إلا مقصورين.
و (سَواء) بالفتح والمد، بمعناهما، ومثله قوله تعالى:
(تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ) .
إلا أنه لم يُقْرأ هَا هنَا إلا بالقصر.
قال أبو منصور: واختار أبو حاتم (سُوًى) بالضم مُنَونًا، وغيره
(سِوى) بالكسر؛ لأنه أكثر في الكلام، وبه قال أبو عمرو
والكسائي
وابن كثير.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَيُسْحِتكمْ بِعَذابٍ (61)
(2/147)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع وابن عامر
وأبو بكر عن عاصم
(فَيُسْحِتكمْ) بفتح الباء من (سَحَتَهُ) .
وقرأ الباقون (فَيَسْحَتكمْ) من (أسْحَتَ) .
قال أبو منصور: هما لغتان: سَحَتَه وأسْحَتَه، إذا استأصله.
وقال الفرزدق:
وَعَضُّ زمانٍ يا بنَ مروانَ لم يَدَعْ ... من المالِ إلا
مُسْحَتاً أو مُجَلَّفُ.
هكذا.
وأنشد الفراء، وقال: رُفِعَ (مُجَلَّف) بإضمار (كَذَلكَ) ،
كأنه قال: أو مُجَلَّف كذلك.
ورَوَى غيره (إلا مُسْحَتٌ أو مُجَلَّفُ) ، وجعل معنى لم
يَدَع: لم يَتَقَار ولم
يَبقَ.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (إِنَّ هذَانِ لَسَاحِرَانِ (63)
(2/148)
قرأ ابن كثيرٍ (إِنْ) خفيفة، (هَذاَن)
بالرفع وتشديد النون.
وقرأ حفص (إنْ هَذَانِ) بالرفع وتخفيف النون:
وقرأ أبو عمرو (إنَّ) مشددة، (هَذَين) نصبًا باللغة العالية.
وقرأ الباقون (إنَّ) بالتشدِيد، (هَذَانِ) بالرفع وتخفيف
النون.
قال أبو منصور: أما قراءة أبي عمرو (إنَّ هَذَين) وهي اللغة
العالية التي
يتكلم بها جَماهِير العرب إلا أنها مخالَفة لِلْمصحف، وكان أبو
عمرو يذهب
في مُخَالفته المصحَفَ إلى قول عائشة وعثمان: إنه من غلط
الكاتب فيه، وفي
حروف أخر.
وأما مَنْ قَرَأَ (إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ) بتخفيف (إِنْ) ،
و (هَذَانِ) بالرفع فإنه ذهب
إلى أن (إنَّ) إذا خُفَفت رُفع ما بعدها، ولم يُنصَب بها،
وتشديد النون من
(هذانِّ) لغة معروفة، وقُرِئ (فَذَانِّكَ بُرهَانَانِ) على هذه
اللغة.
والمعنى في قراءة (إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ) : ما هذان إلا
سَاحِرَان، بمعنى النفي، واللام في (لَسَاحِرَان) بمعنى: إلا
وهذا صحيح في المعنى، وفي كلام العرب.
(2/149)
وأما قراءة العامّة (إِنَّ هَذَانِ
لَسَاحِرَانِ) ففى صحته في العربية وجوه كُلهَا
حجة، منها: أن الأخفش الكبير وغيره من قدماء النحويين قالوا:
هى لغة
لِكِنَانة، يجعلون ألف الاثنين في الرفع والخفض على لفظ واحد،
كقولك:
أتاني الزيدانِ، ورأيت الزيدان، وَمررت بالزيدانِ،
وقد أنشد الفراء بيتًا للمتلمِّس حجة لهذه اللغة:
فأَطْرَق إطْراقَ الشُّجاعِ ولو يرى ... مَسَاغاً لِناباه
الشُّجاعُ لصَمَّما
وقال أبو عبيد: ويروي للكسائي يقول: هي لغة لِبَلْحارِث بن
كعب،
وأنشد
تَزوَّدَ منَّا بَيْنَ أذناهُ ضَربةً ... دَعَتْهُ إلى هَابِي
الترابِ عَقيم
وقال بعض النحويين في قوله (إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ)
ها هنا هاء مضمرة،
المعنى: إنَّهُ هذَانِ لَسَاحِرَانِ.
(2/150)
وقال آخرون: (إنَّ) بمعنى: نَعَمْ هذان
لسَاحِرَان، وقال ابن قيس الرقَيَّات:
ويَقُلْنَ شَيْبٌ قد عَلا ... كَ وقد كَبِرْتَ فقلتُ إنَّهْ.
وقال أبو إسحاق الزجاج: أجود ما سمعت في هذا: أن (إن) وقعت
موقع (نَعْم) ، وأن اللام وقعت موقعها، والمعنى: نعم هذانِ
لهُما سَاحِران.
قال: والذي سلى هذا في الجودة مذهب بني كِنَانة في ترك ألف
التثنية على
هيئة واحد.
قال: وأما قراءة أبي عمرو فإني لا أجيزُهَا لمخالفتها المصحف،
قال: ولما وجدت سَبيلاً إلى موافقة المصحف لم أَجِز مخالفتَه؛
لأن اتباعه
سُنَّة، سِيمَا وأكثر القراء على اتباعه، ولكني أَسْتَحْسِنُ
(إنْ هَذانِ لَسَاحِرَان) وفيه إمَامَانِ: عاصم، والخليل.
وموافقة أُبيٍّ - رضي الله عنه.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فأجمعُوا كيدَكُم (64)
قرأ أبو عمرو وحده (فاجْمَعوا كيدكم) بالوصل
وفتح الميم، من (جمعت) .
وقرأ الباقون (فأَجمِعُوا) بألف القطع، من (أجْمَعْتُ) .
(2/151)
قال الفراء: مَنْ قَرَأَ (فأجمعُوا
كيدَكُم) فإن الإجماع: الإحكام والعزيمة على
الشيء، تقول: أجْمَعْتُ الخروج، وأجمَعْتُ على الخروج -
وأنشد:
يا ليت شعري والمُنَى لا تَنْفَعُ ... هل أَغْدُوَنْ يوماً
وأَمْري مُجْمَعُ
أي: أحكِم وعُزِم عليه.
قال: وَمَنْ قَرَأَ (فاجمَعُوا كيدكم) فمعناه: لا تَدَعُوا من
كَيدكم شيئًا إلا جئتم به.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا (64)
روى خلف عن عبيد عن شبل (ثُمِّ) بكسر الميم (إيتُو) بقطع
الألف.
وروى عبيد عن شبل عن ابن كثير (ثُمَّ ايتوا) بفتح الميم، ثم
يأتى بعدها يياء
ساكنة.
قال ابن مجاهد: وهذا أشبه بالصواب؛ لأن ابن كثير أراد بلفظه
هذا اتبَاع
الكتاب؛ لأن الأصل في (ايتوا) : إأْتوا، بهمزتين: الأولى
مكسورة، والثانية
ساكنة، فصارت الهمزة الساكنة ياء لانكسار ألف الوصل التي
قبلها: لأن ألف الوصل داخلة على ألف الأصل - ألا ترى أنك تقول:
أتى زيد، يأتي فتجد الألف لا تبقى [..] (1) وهى إحدى علامتي
ألف الوصل، فإذا وصلت القراءة قلت:
__________
(1) كلمة لم نتبينها.
(2/152)
(ثُمَّ أتُوا) أسقطت ألف الوصل الموجودة في
الابتداء مكسورة، ورجعت همزة
التي توجد ياء في [..] (1)
ورُويَ عن ابن كثير أيضًا أنه قرأ ((ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا) مثل
سائر القراء.
قال أبو منصور: أما ما روى خلف عن عبيد، عَن شبل (ثُمِّ إيتوا)
بكسر
الميم وقطع الألف فهو وَهْم؛ لأن معنى (آتوا) : أعطوا، ولا
معنى له
ها هنا.
وأما ما رُويَ لشبل عن ابن كثير (ثم ايتو) بياء ساكنة فقد احتج
له ابن
مجاهد بما احتج به، إلا أن ما احتج به مخالف اللفظ المروي عنه
- والقراءة المختارة ما اتفق عليه القراء واختاره أهل اللغة
(ثُمَّ ائْتُوا) .
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ
أَنَّهَا تَسْعَى (66)
قرأ عبد اللَّه بن عامر (تُخَيَّلُ إِلَيْهِ) بالتاء وفتح
الخاء، وقرأ الباقون (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ) بالياء مضمومة وفتح
الخاء.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (تُخَيَّلُ) بالتاء فالمعنى تُخيل
الحِبال والعصيّ إلى
موسى أنها تسعي،
وَمَنْ قَرَأَ (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ) فلا إضمار فيه؛ لأن اسم ما
لم يُسَم فاعله
(أنَّ) من قوله (أَنَّهَا تَسْعَى) ، وهى بمنزلة المصدر،
وموضعها رفع، ولا علامة
للرفع فيها؛ لأنها إذا حولت إلى الأسماء فمعنى
(يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى)
يُخَيَّلُ إِلَيْهِ من سحرهم سَعيُها.
__________
(1) كلمة مطموسة لم أتبينها.
(2/153)
قال أبو منصور: ومعناه أنه يراها تسعى، ولا
تسعى، ولكنه تَخِييل من
السحرة وكيدهم.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (تَلَقَّفُ مَا صَنَعُوا (69)
قرأ ابن عامر (تَلَقَّفُ مَا) بِرَفْع الفاء،
وقرأ الباقون (تَلَقَّفْ) بسكون الفاء.
وخفف القاف حفص وحده، وسكن اللام (تَلْقَفْ)
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (تَلَقَّفُ) بضم الفاء جعلها
حالاً، المعنى جعلها
مُتَلَقفَة على حال متوقعة، ومثله قوله: (ولا تَمْنُنْ
تستكثرُ)
أى: لا تَمْنُنْ مستكثرًا.
وَمَنْ قَرَأَ (تَلَقَّفْ) جزمَا، أو (تَلْقَفْ) فعلى جواب
الأمر.
واللقْفُ والتلَقف: الأخذ في الهواء.
يقال: لقِفته وتلَقَّفتهُ وتَزَقَّفته، إذا أخذتَه في الهواء
بحذق وخِفة يدٍ.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (إنَّما صَنَعُوا كَيْدُ سِحْرٍ (69)
قرأ حمزة والكسائي بغير ألف، وقرأ الباقون (ساحِرٍ)) على
(فاعل) .
قال أبو منصور: أكثر القراء على رفع (كَيْدُ سحرٍ) ، وله
وجهان:
أحدهما: أن يجعل (إنَّما) حرفين، المعنى: إِنَّ الذي صَنَعُوا
كَيْدُ سِحْرٍ،
والسحر: مصدر أضيف إليه (كيد) .
والثاني: أن يكون (ما) بتأويل المصدر،
(2/154)
المعنى: إن صَنِيعَهم كَيْدُ سِحْرٍ.
وَمَنْ قَرَأَ (كيدُ سَاحِرٍ) فهو على (فاعِل) ،
وكل ذلك جائز، أراد: كيد ساحِرٍ من السحرة.
* * *
وقوله جلُّ وعزَّ: (لاَ تَخَافُ دَرَكًا (77)
قرأ حمزة وحده (لا تَخَفْ) جزمًا.
وقرأ الباقون (لاَ تَخَافُ دَرَكًا) بألف، على الخبر.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (لا تَخَفْ دَرَكًا) فهو نهي من
الله لموسى عن
الخوف، كأنه قال: لا تَخَف أن يُدرِكَكَ فرعونُ وجنوده ولا
تخشى
الغرقَ.
وَمَنْ قَرَأَ (لاَ تَخَافُ) فإن المعنى: لَسْتَ تَخَاف
دَرَكًا؛ لأن فرعون
يغرق قبل خروجه من البحر.
والدَّرَك: اسم يوضع موضع الإدراك.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ
وَوَاعَدْنَاكُمْ (80)
وَ (رَزَقناكمْ (81)
(2/155)
قرأ حمزة والكسائي (أنجيتكُمُ)
(ووعَدْتُكُم) و: (رزقتكم) ثلاثتهن بالتاء،
وقرأ الباقون بالنون والألف.
قال أبو منصور: هذه الأفعال كلها للَّه، يجوز فيها التوحيد
والجمع، فما
كان منه (فَعَلنا) فهو بأعْوَانِهِ، وما كان منه (فَعَلْتُ)
فهو ماتفرد به.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ
يَحْلِلْ عَلَيْهِ. (81)
قرأ الكسائي وحده (فَيَحُلَّ. . . ومن يَحْلُلْ) بضم الحاء
واللام الأول من
(يَحلُلْ) وقرأ الباقون بكسر الحاء واللام.
قال أبو منُصور: مَنْ قَرَأَ (فَيَحُل) و (يَحْلُل) فهو من
الحُلُول،
وهو: النزول،
وَمَنْ قَرَأَ (فَيَحِل و (يَحْلِل) فهو بمعنى: يَجبُ.
وقال الفراء: جاء التفسير بالوجوب لا بالوقوع، قال: وكُلٌّ
صَوَاب.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (مَا أخلفَنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا (87)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب (بِمِلْكِنَا) بكسر
الميم،
وقرأ نافع وعاصم (بِمَلْكِنَا) بفتح الميم.
وقرأ حمزة والكسائي (بِمُلكِنَا) بضم الميم.
(2/156)
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (بمُلكِنا) فإن
الفراء قال: هو في التفسير: أنَّا لم
نملك الصوَابَ، إنَّما أخطأنا.
قال: وَمَنْ قَرَأَ (بِمَلْكِنا) فهو مَلْكُ الرجل، تقول لكل
شىء ملكته: هذا مِلْكُ يميني.
وقال: المِلْك: ما ملكته مَلْكا ومَلكةً، مثل: غلبتُه غَلْبا
وغَلَبَة، على
المصدر.
قال أبو مَعَاذ النحوي: مَنْ قَرَأَ (بمِلْكِنَا) فمعناه:
بقُدْرتنا.
وَمَنْ قَرَأَ (بمُلْكِنا) فمعناه: بِسُلْطاننا.
وقال الزجاج نحْوًا منه.
وقال: يجوز الضم والكسر والفتح في الميم،
فأصل المُلك: السلطان والقدرة.
والمِلك: ما حَوَتْهُ اليدُ، والمَلكُ: مصدر قولك:
ملَكت الشيء أمْلِكه مَلْكا.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (حَمَلْنَا أوزَارًا (87)
قرأ أبو عمرو وأبو بكر عن عاصم وحمزة والكسائي مفتوحة الحاء
والميم
خفيفة.
وقرأ الباقون (حُمِّلْنَا) بضم الحاء وتشديد الميم.
وَروَى أبو حَاتم الرازي عن أبي زيد عن أبي عمرو (حَمَلنا) و
(حُمِّلْنَا) بالوجهين، وقال: هما سواء.
قال أبو منصُور: هما كما قال أبو عمرو سواء في مرجع المعنى
إليه، غير أن
(حَمَلنا) فَعَلنا، و (حُمِّلْنَا) على لفظ فُعِّلنا، و
(حُمِّلْنَا) بتشديد الميم على ما لم يسم فاعله، وفي التفسير:
إنهم كانوا أخذوا من قوم فرعون مَنْ قذفهم البحر من الذهب
(2/157)
والفضة فألقوه في النَّار، فلما خلصت
الفضةُ والذهب صوَّرهُ السامريُّ عجلاً
- وكان أخذ قبضة من أثر فرس كان تحت جبريل - عليه السلام -
قال السامري: قذِفَ في نفسي أني إن ألقَيْت تلك القبضة في أنف
الثور حَيِي وخَارَ، كذلك قوله (وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي
نَفْسِي (96) .
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ تَبْصُرُوا بِهِ
(96)
قرأ حمزة والكسائي (بما لم تبصُرُوا به) بالتاء، وقرأ الباقون
بالياء.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ بالتاء أرادْ بَصُرْتُ بالذي لم
تَبْصُروا به أنتم،
خاطب أصحابه.
وَمَنْ قَرَأَ بالياء أراد: بَصرت بالذي لم ييْصِروا به.
ويقال:
بَصُرَ الرجُل ييْصُرُ إذا صار عليمَا بالشيء، وأبصر يُبْصِر،
إذا نظر,
والتأويل: علمتُ بما لم تعلموا به.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (مَوْعِدًا لَنْ تُخلفَهُ (97)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب (لَن تُخلِفَهُ) بكسر اللام،
وقرأ الباقون بفتح اللام.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (لن تُخلَفَهُ) بفتح اللام
فالمعنى: يُكافئكَ اللَهُ على
ما فَعَلْت يوم القيامة، واللَّهُ لا يُخلف الميعاد.
وَمَنْ قَرَأَ (لنْ تُخلِفَهُ) فالمعنى: أنك تُبعثُ وتوافي يوم
القيامة لا تقدر على غير ذلك ولا تُخلِفُه.
وكل ذلك جائز.
(2/158)
وقوله جلَّ وعزَّ: (يَوْمَ يُنْفَخُ في
الصُّورِ (102)
قرأ أبو عمرو وحده (يَوْمَ نَنْفُخُ) بالنون، وقرأ الباقون
(يُنْفَخُ) بالياء.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ بالنون فالفعل للَّهِ، إما بأمره
النافخ،
وإما بانفراده به.
وَمَنْ قَرَأَ (يُنْفَخُ) فهو على ما لم يسم فاعله، والمعنى
واحد.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَلاَ يَخَافُ ظُلْمًا ولاَ هَضْمًا (112)
قرأ ابن كثير وحده (فَلاَ يَخفْ ظُلْمًا) ، وقرأ الباقون
(فَلاَ يَخَافُ) .
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (فَلاَ يَخَفْ) جزمَا فهو على
النهي للغائب، ومن
قرأ (فَلاَ يَخَافُ) فهو على الخبر، المعنى: فإنه لا يَخاف.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (مِنْ قَبْل أنْ يُقْضَى إلَيْكَ وَحْيُه
(114)
قرأ الحضرمي وحده (من قبل أن نَقْضي إلَيْكَ) بالنون،
(وَحيَهُ) نصبًا.
وقرأ الباقون (يُقْضَى إلَيْكَ وَحْيُه) رفعًا.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ بالنون نصبَ (وَحيَهُ) بالفعل،
وَمَنْ قَرَأَ (مِنْ قَبْلِ أنْ يُقْضَى إلَيْكَ وَحْيُه) فهو
على ما لم يسم فاعله.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَإِنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا
تَضْحَى (119)
(2/159)
قرأ نافع وأبو بكر عن عاصم (وإِنَّكَ) بكسر
الألف،
وقرأ الباقون (وَأَنَّكَ) بالفتح.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ) عطفه على
قوله: (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118)
وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ) .
وَمَنْ قَرَأَ (وَإِنَّكَ لَا تَظْمَأُ) عطفهُ على قوله:
(إِنَّ لَكَ) .
* * *
وأما قوله جلَّ وعزَّ: (لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)
قرأ أبو بكر عن عاصم والكسائي (تُرْضَى) بضم التاء، وفَخَمَها
أبو بكر،
وأمالها الكسائي.
وقرأ الباقون (لَعَلَّكَ تَرْضَى) بفتح التاء.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ بفتح التاء فالخطاب للنبي - صلى
الله عليه وسلم - أى: تَرضى أنت يا محمد.
وَمَنْ قَرَأَ (تُرْضَى) فهو على ما لم يسم فاعله، والمعنى
واحد.
* * *
قوله جلَّ وعزَّ: (لِمَ حَشَرتَنِي أعْمَى (125)
حَرَّك الياء ابن كثيرٍ ونافع، وأرسلها الباقون.
(2/160)
وقوله جلَّ وعزَّ: (زَهْرَةَ الحَياةِ
الدُّنيا (131)
قرأ يعقوب (زَهَرَة الحَياةِ الدُّنيا) بفتح الهاء،
وقرأ الباقون (زَهرة) بسكون الهاء.
قال أبو منصور: الزَّهْرَة والزَّهَرَة واحد.
وأخبرني المنذري عن الحرَّاني عن ابن السكيت قال: الزَّهَرَة:
زَهْرَة النبت
والزَّهْرَة - بسكون الهاء - زَهْرَة الحياة الدنيا، وهى:
غَضارَتُها وحُسْنُها.
قال أبو منصور: نُصبَ (زَهرةَ) بمعنى: متَّعنا، لأن معناه:
تجعل لهم الحياة
زهرة.
* * *
(لِنَفْتِنَهُمْ فيْهِ) أى: لنجعل ذلك فتنة لهم.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (أَوَلَمْ يَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ (133)
قرأ نافع وأبو عمرو وعاصم في رواية حفص والحضرمي (أَوَلَمْ
تَأْتِهِمْ) بالتاء،
وقرأ الباقون (أَوَلَمْ يَأْتِهِمْ) بالياء.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ بالتاء فللفظ البينة.
وَمَنْ قَرَأَ بالياء فلأن معنى البينة: البيان.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (أَلَّا تَتَّبِعَنِي (93)
(2/161)
وصلها الحضرمي وابن كثيرٍ ووقفا عليها
بالياء، ووصلها نافع وأبو عمرو،
بياء، ووقفا بغير ياء.
ورَوى إسماعيل بن جعفر وابن جَمَّاز عن نافع (أَلَّا
تَتَّبِعَنِي أَفَعَصَيْتَ)
بحركة الياء.
قال أبو منصور: وهي لغات جائزة.
* * *
وأما قوله: (بالوادِ المقَدَّسِ) فقد اتفقوا كلُّهم على أنه
بغير ياء في وصل ولا وقف، إلا الكسائي فإنه وقف بياء،
وكذلك الحضرمي.
وكله جائز.
* * *
(2/162)
سورة الْأَنْبِيَاء
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله جلَّ وعزَّ: (قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ القَولَ)
قرأ حفص عن عاصم، وحمزة الزيات، والكسائي (قَالَ رَبِّي
يَعْلَمُ) بالألف.
وقرأ الباقون (قُلْ رَبِّي)
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ) فهو فعل
ماض
وَمَنْ قَرَأَ (قُلْ ربِّي)
فهو أمر للنبي صلى الله عليه، واللام مدغمة في الراء عند جميع
القراء على قراءة مَنْ قَرَأَ (قُل ربِّي) .
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ
رَسُولٍ إِلَّا يُوحَى إِلَيْهِ.. (25)
قرأ حفص وحمزة والكسائي (إِلَّا نُوحِي إلَيْهِ) بالنونِ "
وقَرَأ البَاقُون
(إلاَّ يُوحَى إلَيْهِ) بالياء.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (إِلَّا نُوحِي إلَيْهِ) بالنون،
فالفعل للَّهِ عزَّ وجلَّ، أي:
نحن نوحي إليه.
وَمَنْ قَرَأَ (إِلَّا يُوحَى إِلَيْهِ) فالمعنى واحد.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (هذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ (24)
(2/163)
حرك الياء حفص وحده.
* * *
وقوله: (إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ. . (29)
فتح الياء نافع وأبو عمرو.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا (30)
قرأ ابن كثير وحده (أَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بغير واو
بين الألف واللام،
وكذلك هى في مصاحف أهل مكة.
وقرأ الباقون (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالواو.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ
كَفَرُوا) فالواو واو نسق أدخل
عليها ألف الاستفهام، فتركت مفتوحة كما كانت.
وَمَنْ قَرَأَ (ألَمْ يَرَ الَّذين) فهو استفهام بالواو.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا
تُرْجَعُونَ (35)
روى عباس عن أبي عمرو (وَإلَيْنَا يُرجَعُون) بالياء
وقرأ الباقون بالتاء.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ بالتاء فهو خطاب، أي: ترجِعون
إلَيْنا وترَدون.
وَمَنْ قَرَأَ بالياء فللغيبة.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ (42)
(2/164)
وقف حمزة على قوله (يَكْلَوكُمْ) أشار إلى
الهمزة ولم يهمز.
وقرأ الباقون (يَكْلَؤُكُمْ) بالهمزة.
قال أبو منصور: أما قراءة حمزة فإنه رام ضمة الواو، وقد قال
الفراء:
الهمزة المضمومة لا يبدل منها واو.
قال: ومن أبدل منها واوا مضمومة فقد لحن.
قال أبو منصور: وقال الفراء: ولو تركت همز قوله (يَكْلَؤُكُمْ)
في غير القرآن.
قلت: (يكْلُوكُمْ) بواو ساكنة، أو (يكْلاَكُمْ) بألف ساكنة،
مثل: يخشاكم.
ومن جعلها واوا ساكنة قال (كَلاَتُ) بألف، يُتْرك النَّبرَ
منها، ومن قال (يكْلاَكُم) قال (كَلَيتُ) مثل قَضَيتُ.
قال أبو منصور: والقراءة المختارة (يَكْلَؤكُم) بهمزة مشبعة،
والمعنى: قل من يحفظكم من أمر الرحمن ومن بأسه، ومعنى
الاستفهام ها هنا تقرير، ويكون نفيًا، أي: لاَ يَكْلَؤكُم مِنْ
بأسه شىء.
* * *
وقوله جَلَّ ذِكْرُهُ: (وَلاَ يَسمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ
(45)
(2/165)
قرأ ابن عامر وحده (ولا تُسْمِعُ الصُّمَّ
الدُّعَاءَ) نصبًا.
وقرأ الباقون:
(وَلاَ يَسمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ)
وقال الفراء: قرأ أبو عبد الرحمن السلمي (ولا يُسْمِعُ
الصُّمَّ الدُّعَاءَ)
ضم الياء من (يُسمع) ، ونصب (الصُّمَّ) بوقوع الفعل عليهم،
وضمّ (الدعاءُ) ؛ لأن الفعل له.
قال أبو منصور: القراءة المختارة (وَلاَ يَسمَعُ الصُّمُّ
الدُّعَاءَ) بفتح الياء من
(يَسمع) و (الصمُّ) رفع و (الدعاءَ) نصبٌ.
وأما قراءة ابن عامر (ولا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ)
فالخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - المعنى: تُسْمِعُ أنت يا
محمد.
الصمَّ، أي: المعرضين عما تتلوا عليهم، فهم بمنزلة من لا
يسمعِ،
و (الدعاءَ) نصبٌ؛ لأنه مفعول ثان.
أى: لا تُسْمِعُهم دعاءك؛ لأنهم لا يَعُونه.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ
خَرْدَلٍ (47)
قرأ نافع وحده (وَإِنْ كَانَ مِثْقَالُ حَبَّةٍ) بالرفع
وقرأ الباقون (وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ) بالنصب.
(2/166)
قال أبو منصور: من نصب (مِثْقَالَ حَبَّةٍ)
فالمعنى: وإن كان العمل أو
الإيمان زنةَ حبةٍ من خردل.
ومن رفع فالمعنى: وإن حصل للعبد زنةُ حَبَّةٍ من خردل، وهذه
تسمى (كان) المكتفية.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ
الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (48)
روى قُنْبل عن ابن كثير (وَضِئَاء) بهمزتين.
قال أبو منصور: القراء كلّهم على (ضِيَاء) بغير همز في الياء.
ومن همز الياء فقد لحن؛ لأن الهمزة في الياء من (ضياء) تقع
موقع عين الفعل، وهذه الياء كانت في الأصل واوًا، فجعلت ياء
لكسرة ما قبلها، والفعل منه ضَاءَ الشىء يَضُوءُ ضيئًا.
ألا ترى أنه لا همز في واو الضوء، وإنما الهمز بعد الواو في
الذى هو لام الفعل؟!.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا (58)
قرأ الكسائي وحده (جِذاذًا) بكسر الجيم.
وقرأ الباقون بضمها.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (جُذاذًا) بالضم فهو بمعنى مجذوذ،
وبِنْيَةُ كل
ما كسر أو قطع أو حطم على (فُعَال) نحو: الجُذَاذ، والحُطام،
والرُّفات،
(2/167)
والكُسَار، وما أشبهها.
وَمَنْ قَرَأَ (جِذاذً) فهو جمع جذيذ، كما يقال: خفيفٌ
وخِفَاف، وصغير وصِغَار، وثَقِيلٌ وثِقَالٌ.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (لِيُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأسِكُمْ (80)
قرأ ابن عامر وحفص (لتُحْصِنكم) بالتاء، وقرأ أبو بكر والحضرمي
(لِنُحْصِنَكُمْ) بالنون.
وقرأ الباقون (ليُحْصِنَكم) بالياء.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (لتحصنكم) بالتاء أراد الصنعة،
علمناه صَنْعَةَ
لبوس لكُم لتُحصنكم.
ويجوز أن يكون اللبوس معناه: الدُّروع، وهي مؤنثة.
وَمَنْ قَرَأَ (ليُحصنكم) فله وجهان:
أحدهمما: ليُحصنكم الله.
والوجه الثاني: ليُحصنكم اللبوس، ذَكَّرَه للفظه.
وَمَنْ قَرَأَ (لنُحصنكم) فالله يقول: نحن، أي: لنقيكم به بأس
السلاح.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ (87)
قرأ يعقوب وحده (فَظَنَّ أَنْ لَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ) بياء
مضمومة،
وقرأ الباقون (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) بالنون
قال أبو منصور: القراءة بالنون والتخفيف، وله معنيان:
أحدهما: فظن يونس أن لن نقدر عليه ما قدَّرنا من التقام الحوت
إياه، وحبسه في بطنه،
يقال: قدَرَ، وقدَّر بمعنى واحد ومنه قول أبي صخر الهذلي:
(2/168)
فَلَيْسَتْ عَشيات اللّوى بِرَوَاجِع ...
لنا أبدًا مَا أوْرَقَ السَّلَمُ النَّضرُ
وَلاَ عَائِدًا ذَاكَ الزَّمَانُ الذي مَضَى ... تَبَارَكْتَ
مَا تَقْدِّرُ يَقَعْ ولَكَ الشُكرُ
معناه: مَا تُقدِر يَقَعُ. وهو كلام فصيح.
ومنه قول الله جلَّ وعزَّ (فَقَدَرْنا فَنِعْمَ القَادِرُونَ)
أى: فنعم المقدرون.
والمعنى الثاني في قوله: (فظن أن لَن نَقْدِرَ عَلَيْهِ)
فظن أن لن نُضيِّق عليه، ومنه قوله: (يَبْسُطُ الرِّزْقَ
لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ) ،
أي: يُضَيِّق على من يَشَاءُ، ويُوسغ على من يشاء.
فهذان وجهان عربيان، ولا يجوز أن يكون معنى قوله:
(فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) من القدرة؛ لأنه لا
يجوز في صفة نبي من الأنبياء أن
يظن هذا الظن.
وَمَنْ قَرَأَ (فَظَنَّ أَنْ لَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ) فإنه
جائز أن يفسر بالمعنيين اللَذين ذكرتهما، إلا أن القراءة
المختارة ما اجتمع عليه قراء الأمصار.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَكَذَلِكَ نُنْجِي المُؤْمِنِينَ (88)
(2/169)
قرأ ابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: (وكذلك
نُجي المُؤمِنِين) بنون واحدة،
مشددة الجيم، ساكنة الياء.
وقرأ الباقون (نُنجِي المؤمنين) بنونين الثانية ساكنة والجيم
خفيفه.
وقال الفراء: القراءة بنونين، وإن كانت كتابتها بنون واحدة،
وذلك أن
النون الأولى متحركة، والثانية ساكنة، فلا تظهر الساكنة على
اللسان، فلما خفيت حذفت في الكتابة.
قال أبو منصور: وأما قراءة عاصم وابن عامر بنون واحدة فلا يعرف
لها
وجهة؛ لأن ما لم يسم فاعله إذا خَلاَ باسمه رفعه.
وقال أبو إسحاق النحوي: من قال معناه: نُجِّيَ النجَاء
المؤمنين، فهو خطأ
بإجماع من النحويين كلهم، لا يجوز (ضُربَ زيدًا) تريد: ضُرِبَ
الضربَ زَيدًا؛ لإنك إذا قلت: (ضُرِبَ زَيدٌ) فقد علم أن الذي
ضَرَبهُ ضَرْبٌ فلا فائدة في إضماره وإقامته مقام الفاعل.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ)
قرأ عاصم في رواية أبي بكر، وحمزة، والكسائي: (وَحِرْمٌ عَلَى
قَرْيَةٍ)
بغير ألف، والحاء مكسورة.
وقال الأعشى: اختار أبو بكر (وحَرَام) بألف،
وأدخلها في قراءة عاصم، وقال: وهى في مصحف عليٍّ بألف.
وقرأ الباقون بألف.
(2/170)
قال أبو منصور: هما لغتان. حِرْم وحَرَام.
بمعنىً واحد، كما يقال:
حِلُّ وحَلاَل، ونحو ذلك.
قال الفراء: ورُوي عن ابن عباس أنه قرأ (وحِرْمٌ على قرية
أهلكناها)
وفسره: وجب عليها أن لا يرجع إلى دنياها.
ورُوي عن سعيد ابن جبير أنه قرأ (وحِرْمٌ على قرية) ،
فسئل عنها فقال: عَزمٌ عليها.
وقال أبو إسحاق في قوله: (وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أهلكناها)
الآية،
هذا يحتاج إلى أن يبيَّن، ولم يبيَّن، وهو واللَّه أعلم: أنه
لما قال:
(فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ)
أعلمنا أن اللَّه قد حرم قبول أعمال الكفار، فالمعنى: حَرَامٌ
عَلَى قَرْيَةٍ أهلكناها أن يُتقبل منها عمل لأنهم لا يرجعون،
أي: لا يتوبون.
قال أبو منصور: وقد جَوَّد أبو إسحاق فيما بيَّن، وتصديقه ما
حدثَنَاه
المنذري عن أبي جعفر بن أبي الدميل، قال: حدثنا حُمْيد بن
مسعود، قال:
حدثنا يزيد ابن زُريع، قال: حدثنا داود عن عكرمة عن ابن عباس
في قوله:
(وَحِرْمٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا
يَرْجِعُونَ)
قال: وجب على قريةٍ أهلكناها أنه لا يرجع منهم راجع، ولا يتوب
منهم تائب.
حدثنا الحسين قال: حدثنا عثمان، قال: حدثنا صفيان بن عييْنة عن
عمرو بن دينار، قرأ ابن عباس: (وَحِرْمٌ) قال عثمان: حدثنا
وكيع قال: حدثنا سفيان عن داود عن عكرمة
(2/171)
عن ابن عباس: (وَحِرْمٌ عَلَى قَرْيَةٍ)
قال: [ ... ] ووكيع عن همام
عن قتادة عن سعيد بن المسيب أنه قرأها: و (وَحِرْمٌ) .
قال: وحدثنا ابن فضيل عن داود عن عكرمة عن ابن عباس أنه قرأها:
(وَحِرْمٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا
يَرْجِعُونَ) .
قال: لا يتوبون.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (حَتَّى إذَا فُتِحَتْ يَأجُوجُ ومَأجُوجُ
(96)
قرأ ابن عامر ويعقوب (فُتِّحَتْ) بالتشديد.
وخَففَها الباقون.
قال أبو منصور: التشديد في تاء (فُتِّحَتْ) للتكثير، ومن خَفف
فهو فتح
واحد للسدِّ الذي سده ذو القرنين، وكان التخفيف أجود لوجهين؛
لأنه سَدٌّ
لا يُفتح إلا مرة واحدة ثم لا يُسَدُّ.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكِتَابِ (104)
قرأ حفص وحمزة والكسائي (للكتب) جميعًا.
وقرأ الباقون (لِلْكِتَابِ) موحدًا.
واجتمعوا كلهم على تثقيل (السِّجِلِّ) .
(2/172)
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (الكتاب)
واحدًا أجاز أن يكون بمعنى: الكتابة.
ويجوز أن يكون (الكتاب) بمعنى: الكُتُب.
والقراءة بالكتاب موحدًا أكثر، ومعناها واحد.
حدثنا محمد بن إسحاق، قال: حدثنا ابن داود قال: حدثنا الأسود
شاذان
قال: حدثنا نوح بن قيس عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن
عباس (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ)
قال: السِّجِل: رَجَلٌ
وقيل: كاتب للنبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقال السُّدِّي: السِّجِلّ: مَلَكٌ.
وقيل: السِّجِلّ: الصحيفة التي فيها الكتابة.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (قُلْ رَّبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ (112)
قرأ حفص عن عاصم (قَال رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ) بألفٍ.
وقرأ الباقون (قُلْ رَّبِّ احْكُمْ) بغير ألف.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (قَالَ ربِّ احكمْ) فالمعنى: قال
النبي - صلى الله عليه وسلم - (رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ) ،
مسألة سألها ربَّه.
وَمَنْ قَرَأَ (قُلْ رَّبِّ) فهو تعليم من الله لنبيه - صلى
الله عليه وسلم - أن يسأله الحكم بالحقِّ.
وجاء في التفسير: أنه كان من مضى من الرسل يقولون:
(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ) .
ومعناه: احكم، فأمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يقول:
(رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ) .
(2/173)
وقوله جلَّ وعزَّ: (مَسَّنيَ الضُّرُّ (83)
و: (عباديَ الصَّالِحونَ (105)
أرسل الياء فيهما حمزة، وفتحها الباقون.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (عَلى مَا تَصِفُونَ (112)
روى هشام بن عمار بإسناده عن ابن عامر (يصفون) بالياء
وقرأ الباقون بالتاء.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ بالتاء فهو خطاب للكفار،
أراد: على وصفكم أنتم.
وَمَنْ قَرَأَ بالياء فهو خبر عن الغائب.
وروي في التفسير في قوله (على ما تصفون)
أي: على ما تكذبون.
* * *
(2/174)
|