معاني القراءات للأزهري

سورة الْقَصَص
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله جَّل وعزَّ: (وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا)
قرأ حمزة والكسائي (وَيَرى فرعَونُ وهامانُ وجنودُهُما) بالياء، ورفع
الأسماء بعدها.
وقرأ الباقون (وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا) بالنون ونصب الأسماء
بعدها.
قال أبو منصور: من نصب (فرعونَ وهَامَانَ) فبإيقاع الفعل من (نُرِي) ، على
هذه الأسماء، (ونُرِىَ) معطوف على قوله: (أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ. . . وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً. . . ونُرِيَ) .
ومن رفع (فرعونُ وهامان) فهما فاعلان بفعلهما وهو (يَرَي) .
* * *
قوله جَّل وعزَّ: (عَدُوًّا وَحَزَنًا)
قرأ الكسائي وحمزة (وحُزنًا) .
وقرأ الباقون (وَحَزَنًا)
قال أبو منصور: هما لغتان: حُزْنًا، وحَزَنًا، فاقرأ كيف شئت.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (حَتَّى يَصْدُرَ الرِّعَاءُ (23)

(2/249)


قرأ أبو عمرو وابن عامر (حَتَّى يَصْدُرَ الرِّعَاءُ) بفتح الياء وضم الدال.
وقرأ الباقون (حَتَّى يُصْدِرَ) بضم الياء وكسر الدال.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (يَصْدُرَ) فهو من صَدَرَ عن الماء، يَصدُر إذا
رجعَ عنه بعد الورود.
وَمَنْ قَرَأَ (حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ) فمعناه: حتى يُصدِرُوا واردتهم من الماشية.
يقال: صدرَ بنفسه، وأصدر وِرْدَه أي: إبلَهُ أو غنمه.
والرعاء: جمع الراعي.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (عَسى رَبِّي أنْ يَهدِيني سَوَاءَ السَّبِيلِ)
فتح الياء ابن كثير ونافع وأبو عمرو
* * *
وقوله: (إنِّي أرِيدُ (27) و (سَتَجِدُني إنْ شَاءَ اللَّهُ (27)
فتح الياءين نافع وحده.
* * *
وقوله: (إِنِّي آنَسْتُ. . . لَعَلِّي آتِيكُمْ (29)
فتحهما ابن كثير ونافع وأبو عمرو، وفتح ابن عامر (لَعَلِّيَ آتِيكُمْ) .
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ (29)
قرأ عاصم (أَوْ جَذْوَةٍ) بفتح الجيم.
وقرأ حمزة (جُذْوَةٍ) بضم الجيم
وقرأ الباقون (جِذوَةٍ) بكسر الجيم.

(2/250)


قال أبو منصور: هي لغات معروفة، ومثله: أوطأته عَشوَة، وعُشوَة،
وعِشوة.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ (32)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب (مِنَ الرَّهَبِ) بفتح الراء والهاء.
وقرأ حفص عن عاصم (مِنَ الرَّهْبِ) بفتح الراء وسكون الهاء.
وقرأ الباقون (مِنَ الرُّهْبِ) بضم الراء وسكون الهاء.
قال أبو منصور: يقال: رَهَبٌ، ورَهْبٌ، ورُهْبٌ، ورُهُبٌ - بمعنى واحد،
وهو: الفَرَقُ والخَوفُ.
وروى أبو عمرو لأبيِ عمرو الشيياني وابن الأعرابي أنهما
قالا: الرَّهَب: الكُم - وأما أهل التفسير فالرَّهَب عندهم: الفَزَعُ، ويقويه قراءة من قرأ (الرُّهبُ) - والجنَاحُ: العَضُد، ويقال: اليد كلها جناح - واللَّهُ أعلم بما أراد.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ (32)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب (فَذَانِّكَ) بتشديد النون.
وروى علي بن نصر عن شبل عن ابن كثير (فَذَانِيكَ برهانان) بنون خفيفة بعدها ياء.
وقرأ الباقون (فَذَانِكَ) خفيفة.
قال النحويون: (فَذَانِكَ) تثنية ذاك.
و (ذَانِّكَ) مشدد تثنية ذلك.

(2/251)


وأما (ذَانِيكَ) فشاذ.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (رِدْءًا يُصَدِّقُنِي (34)
قرأ نافع وحده (رِدًا) مفتوحة الدال، غير مهموزة.
وقرأ الباقون (رِدْءًا) بوزن (رِدْعًا) ساكن الدال، مهموزًا.
قال أبو منصور: أما قراءة نافع (رِدًا) بالتخفيف فإنه ألقى فتحة الهمزة
على الدال وليَّن الهمزة.
وَمَنْ قَرَأَ (رِدْءًا) بالهمزة فهو الأصل.
ومعناهما: العون، يُقال: أردأت الرجل، إذا أعنته.
وقال ابن شميل:
ردأت الحائط أردؤه، إذا دعمته بخشبة أو كَنس يَدفعُه. أن يسقط.
وقال يونس: أرْدَاتُ الحائط بهذا المعنى.
قال: والأرْدَاء: الأعدال الثقيلة، كل عِدْل منها رِدْء.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (يُصَدِّقُنِي (34)
قرأ عاصم وحمزة (يُصَدِّقُنِي) بالرفع.
وقرأ الباقون (يُصَدِّقْني) بجزم القاف.

(2/252)


قال أبو منصور: من ضَم القاف أراد: (مُصدقا) على الحال.
ومن جزم فلأنه جواب الأمر، ومعناه الجزاء، كأنه قال: إن أرسلته رِدءا يصدقْني.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أعْلَمُ (37)
قرأ ابن كثير وحده (قَالَ مُوسَى) بغير واو، وكذلك هي في مصاحف
أهل مكة.
وقرأ الباقون (وَقَالَ مُوسَى) .
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ بالواو عطفه على كلام تقدمه.
وَمَنْ قَرَأَ (قَالَ) فهو استثناف كلام.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ (39)
قرأ نافع وحمزة والكسائي والحضرمي (لَا يَرْجِعُونَ) بفتح الياء وكسر
الجيم.
وقرأ الباقون (لَا يُرْجَعُونَ) بضم الياء وفتح الجيم.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (لَا يَرْجِعُونَ) فهو فعلِ لازم،
وَمَنْ قَرَأَ (لَا يُرْجَعُونَ)
فمعناه: ظنوا أنهم لا يُرَدُّون إلينا، من رَجَعْتُهُ فرَجَعَ، لازم ومتعدٍّ.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (سَاحِرَانِ تَظاهَرَا (48)

(2/253)


قرأ عاصم وحمزة والكسائي (سِحْرَانِ) بغير ألف -
وقرأ الباقون (ساحران) بألف.
قال الفراء: مَنْ قَرَأَ (سِحْرانِ تَظَاهَرَا) عَنَوْا: التوراة والقرآن.
ومن قرأ (ساحران تظاهرا) عَنَوا: محمدًا وموسى عليهما السلام.
وقيل في قوله (ساحران) إنهما موسى وهارون.
وقيل: موسى وعيسى.
ودليل من قرأ (سِحْرَان) قوله جلَّ وعزَّ: (فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا) .
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ (57)
قرأ نافع ويعقوب وحده (تُجْبى إليه) بالتاء.
وقرأ الباقون (يُجْبَى إِلَيْهِ) بالياء.
قال أبو منصور: من قرأ (تجبى) بالتاء فلتأنيث الثمرات.
وَمَنْ قَرَأَ (يُجْبى) فللتفريق بين الفعل والأسماء بقوله (إليه)
قال الشاعر:

(2/254)


لقد وَلَدَ الأخيطِلَ أمُّ سوءٍ ... عَلى قِمْعِ اسْتِهَا صُلبٌ وشَامُ
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (لخُسِفَ بِنَا (82)
قرأ حفص ويعقوب (لخَسَفَ بِنَا) بفتح الخاء والسين، وروي ذلك عن
عاصم.
وقرأ الباقون (لخُسِفَ بِنَا) بضم الخاء وكسر السين.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (لخَسَفَ بِنَا) فالمعنى: لخسف الله بنا.
ومن قرأ (لخُسِفَ بِنَا) فلأنه جاء على ما لم يسم فاعله.
وروى أبو عبيد عن أبي زيد والأصمعي: خَسَفَ المكانُ يَخْسِفُ، وقد خسفه الله.
وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي: الخَسْفُ: إلحاق الأرض الأولى بالثانية. وخَسَفَت الشَّمس، وكسفَت: بمعنىً واحد.
وخسف بفلان، إذا أخذته الأرض فدخل فيها.
* * *
حذف من هذه السورة ياءان.
قوله: (أنْ يَقتلُون (33) ، و (أنْ يُكذِّبون (34)
وكان يعقوب يصلهما بياء ويقف عليهما بياء.
* * *

(2/255)


سورة الْعَنْكَبُوتِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
* * *
قوله جلَّ وعزَّ: (ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ (20)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (النَّشآءةَ) ممدودة حيث وقعت.
وقرأ الباقون (النَّشْأَةَ) بوزن (الئشْعَة) حيث وقعت.
قال أبو منصور: هما مثل: الرَّأفة والرَّآفَة.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ (25)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي (مَوَدَّةُ بَيْنِكُمْ) رفعًا مضافًا.
وكذلك روى المفضل عن عاصم.
وقرأ نافع وابن عامر ويحيى عن أبى بكر عن عاصم (مَوَدَّةً) منونًا (بَيْنَكُمْ) نصبًا. .
وقرأ حفص وحمزة (مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ) بالنصب والإضافة.
وروى الأعشى عن أبي بكر (مَوَدَّةٌ) رفعًا منونًا (بَيْنَكُمْ) بالنصب.

(2/257)


قال الفراء: من رفع فإنما يرفع بالصفة لقوله: (فى الحياة الدنيا) ،
وينقطع الكلام عند قوله: (إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا) ، ثم قال: ليس
مودتكم تلك الأوثان بشىء، إنما مودة ما بينَكم في الحياة الدنيا، ثم ينقطع.
قال: ومن نصب أوقع عليها الاتخاذ، إنما اتخذتموها مودة بينكم في الدنيا.
قال: وقد يكون رفعًا على أن تجعلها خبرًا لـ (مَا) ، وتجعل (مَا) على جهة
(الذين) ، كأنك قلت: إنَ الذين اتخذتموهم أوثانا مودةُ بينكم، فيكون
(المودة) كالخبر، ويكون رفعها على ضمير [هى] كقوله جلَّ وعزَّ:
(لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ) ثم قال (بَلَاغٌ)
أي: هذا بلاغ، وذلك بلاغ.
وقال أبو إسحاق: مَنْ قَرَأَ (مودةَ بينِكُمْ) بالفتح والإضافة أو قرأ
(مودةً بينكم) بالنصب في (مودة) من جهة أنها مفعول بها، أي: لتخذتم هذا
بمودة.
وقال في الرفع كما قال الفراء. .
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ (28)
قرأ ابن كثير ونافع ويعقوب وابن عامر وحفص (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ) بغير استفهام.
وقرأ أبو عمرو (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ) مستفهمًا.
وقرأ الباقون (أَئِنَّكُمْ) يستفهمون بهما جميعًا.

(2/258)


قال الأزهري: من قرأ (إنَّكم) بغير استفهام فهو تحقيق لسوء فعلهم.
ومن قرأ (أيِنَّكم) بألف وياء فاللفظ لفظ استفهام، ومعناه التقريع والتوييخ.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (لَنُنَجِّيَنَّهُ (32) و (إِنَّا مُنَجُّوكَ (33)
قرأ ابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر (لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ) مشددًا،
و (إِنَّا مُنْجُوك) خفيفًا.
وقرأ حمزة والكسائي والحضرمي (لنُنْجِيَنَّه) و، (إِنَّا مُنْجُوك) . مخففين.
وقرأ أبو عمرو ونافع وابن عامر وحفص بالتشديد: (لَنُنَجِّيَنَّهُ)
و: (إِنَّا مُنَجُّوكَ) .
قال أبو منصور: هما لغتان: أنجيته، ونَجَّيتُهُ، فاقرأ كيف شئت.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ (50)
قرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وحفص ويعقوب (آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ) جماعة.
وقرأ البافون (آيَةٌ) واحدة.
وكذلك قال علي بن نَصْرٍ عن أبي عمر.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (آيَاتٌ) فهو جماعة (آية) ،
ومن قرأ (آية) فهي واحدة، وقد تنوب الآية عن الآيات.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَنَقُولُ ذُوقُوا (55)

(2/259)


قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب (ونَقولُ) بالنون.
وقرأ الباقون: (ويَقُولُ) بالياء.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ: (ونقول) فاللَّه يَقُوله.
وَمَنْ قَرَأَ بالياء فالمعنى: ويقول الله لهم ذوقوا.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي (26)
فتح الياء نافع وأبو عمرو من (رَبِّي) .
* * *
وقوله: (يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا (56)
أرسل الياء حمزة والكسائي والحضرمي، وفتحها الباقون.
والوقف عليهما بالياء؛ لأنها ثابتة في المصحف.
* * *
وقوله: (إنَّ أرْضي واسِعَة (56)
فتح الياء ابن عامر وحده.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57)
روى يحيى عن أبي بكر عن عاصم (يُرْجَعونَ) بالياء.
وقرأ الباقون بالتاء.

(2/260)


قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ بالياء فللغيبة، وَمَنْ قَرَأَ بالتاء فللمخاطبة.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ (58)
قرأ حمزة والكسائي (لنُثْوِيَنَّهُمْ) بالثاء.
وقرأ الباقون (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ) .
قال الفراء: يقال بوْأته مَنْزِلاً وأثويته منزلاً، بمعنى: أنزلته منزلاً.
وقال غيره: ثوى الرجُل بالمكان، إذا أقام. وأثويته أنا، إذا أنزلته منزلاً
يقيم به. وبوأته منزلا، أي: أسكنتُه. وبَوَّأ فلان امراته منزلا إذا أسكنها إياه.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (ولِيَتَمَتعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (66)
قرأ ابن كثير، ونافع، وحمزة، والكسائي، والأعشى عن أبي بكر
(ولْيَتَمَتَعُوا) بجزم اللام، وكذلك قال أبو زيد عن أبي عمرو فيما ذكر أبو حاتم.
وقرأ الباقون (ولِيَتَمَتَعوا) بكسر اللام.
قال أبو منصور: هذه اللام هى لام الوعيد، بلفظ الأمر، والأجود فيها
الإسكان إذا اتصلت بالواو، وقد تكسر على الأصل، فيكون فيها الكسر على جهة: (كي يَتَمَتَّعُوا) .
* * *

(2/261)


سورة الرُّوم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله جلَّ وعزَّ: (ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ (10)
قرأ ابن كثيرٍ ونافع وأبو عمرو ويعقوب: (عَاقِبَةُ الَّذِينَ) بالرفع.
وقرأ الباقون بالنصب.
قال أبو منصور: من نصب (عَاقِبَةَ الَّذِينَ) جعل (السُّوأى) اسم (كَانَ) ،
وجعل (عاقبةَ) الخبر.
ومن رفع (عاقبةُ) جعل (السُّوأى) الخبر، و (عاقبةُ) الاسم.
المعنى: ثم كان عاقبةُ الكافرين النَّار.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (11)
قرأ أبو عمرو، ويحيى عن أبي بكر عن عاصم (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) بالياء.
وقرأ الباقون بالتاء.
وروي عن عيَّاش عن أبي عمرو بالتاء، وروى الأَعشى عن أبي بكرٍ
بالتاء.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ بالياء فللغيبة، وَمَنْ قَرَأَ بالتاء فللخطاب.

(2/263)


وقوله جلَّ وعزَّ: (نُفَصِّلُ الْآيَاتِ (28)
روى عياش عن أبي عمرو (كذلك يُفَصَّلُ الآياتُ) بالياء وضم التاء
وقرأ الباقون (نُفَصِّلُ الْآيَاتِ) بالنون وكسر التاء.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (يُفَصَّلُ الآياتُ) فهو على ما لم يُسم فاعله.
ومن قرأ بالنون نصب (الآيات) بالفعل، والتاء مخفوضة في موضع النصب، لأنها تاء الجميع.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22)
قرأ حفص وحده: (لِلْعَالِمين) بكسر اللام، وقال: هذه الآيات لأهل
العلم خاصة.
وفتح الباقون اللام.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (للعَالَمينَ) فهم الإنس والجن، جمع عَالَم.
ومن قرأ (لِلْعَالِمِينَ) فهو جمع العالمِ خص أهل العلم بها.
والقراءة بفتح اللام لتتابع القراء عليه.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا (39)
قرأ ابن كثيرٍ وحده (وَمَا أَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا) بقصر الألف.
وقرأ الباقون (وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا) ممدودة، على (أفْعَلتم)

(2/264)


قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (أَتَيْتُمْ) بقصر الألف فهو من: أتى يأتي.
ومن قرأ (آتَيْتُمْ) بمد الألف فمعناه: أعطتم.
وهي القراءة المختارة.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ (39)
قرأ نافع ويعقوب (لِتُرْبُوَا) بتاء مضمومة، وسكون الواو.
وقرأ الباقون (لِيَرْبُوَ) بياء، وفتح الواو.
فَمَنْ قَرَأَ (لِتُرْبُوَا) فمعناه: لتزدادوا أنتم زيادة من مالِ مَن تَربونَهُ، كأنه قال: لتُربُوا مالكم فتكثِرُوهُ بالزيادة التي تأخذونها.
وَمَنْ قَرَأَ (لِيَرْبُوَ) فمعناه: الشيء الذى تعطونه بالزيادة التي يردّها آخذها إذا ردها بعد الأجل المؤقت.
وقد قيل معناه: أن يهب الرجل الشيء لإنسان بغير شرط ولا وقت، فيردّ الموهوب له عوضًا يكون أكبر قيمة من هبته وليس هذا من الربا الحرام، وكل شيء زاد فقد رَبا يربو، وأرَبْيتُ أنا، إذا أكثرْتُه،
واللام في (لِيَرْبُوَ) وفي (لِتُرْبُوَا) لام كي.
ومن قرأ (لِيَرْبُوَ) لم يثبت فيه الألف. ومن قرأ (لِتُرْبُوَا) كتبه بألف، وإنما انفتحت الواو في (لِيَرْبُوَ) لأنه للواحد. وسُكنت في (لِتُرْبُوَا) لأنها واو الجمع، وكانت في الأصل (تُفعِلُونَ) ، فسقطت النون علامة النصب.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ (50)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر، ويعقوب
(إِلَى أثَرِ رَحْمَتِ اللَّهِ) موحدَا.
وقرأ الباقون (آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ) .

(2/265)


قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (آثَارِ) فهو جمع الأثر.
وَمَنْ قَرَأَ (أَثَرِ) فهو من واحد، معناه: الآثار.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي (41)
قرأ ابن كثير وحده (لِنُذِيقَهُم) بالنون.
وقرأ الباقون (لِيُذِيقَهُمْ) .
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (ليُذيقَهم) فالمعنى: ليذيقهم الله.
وَمَنْ قَرَأَ (لِنُذِيقَهُم)
فالمعنى: لنذيقهم نحن جزاء أعمالهم، والفعل للَّهِ أيضًا.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ (57)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر والحضرمي (لا تَنْفَعُ) بالتاء ها هنا
وفي المؤمن.
وقرأ نافع في الروم بالتاء، وفى المؤمن بالياء - وروى النقاش عن ابن عامر مثل ذلك، وخالفه ابن الأخرم فقال: جميعًا بالياء.
وقرأ الكوفيون بالتاء في السورتين.
قال أبو منصور: بن قرأ بالتاء فللفظ (المعذرة) ؛ لأنها مؤنثة.
ومن قرأ بالياء فلأنه مصدر (كالعُذر) ، فذهب إلى المعنى لا إلى اللفظ، ومثله كثير في القرآن.

(2/266)


وقوله جلَّ وعزَّ: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضُعْفٍ)
و (مِنْ بَعْدِ ضُعْفٍ) و (مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضُعْفًا (54)
(54)
قرأ عاصم وحمزة بفتح الضاد.
وقرأ حفص من قِبَل نفسه (مِنْ ضُعْفٍ)
بضم الضاد، خالف عاصمًا في هذه الحرف وحده.
وقرأ الباقون بضم الضاد.
قال أبو منصور: هما لغتان: ضُعفت، وضَعْت.
والضم أحب إلى أهل الآثار
لما روي فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
* * *
وقوله جلَّ وعكز: (وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ (53)
وقف عليها الكسائي ويعقوب بياء.
وقرأها حمزة وحده (تَهْدِي العُمْيَ)
بالتاء، وإظهار الياء في الوقف على (تَهْدِي) .
قال الأزهري: من قرأها (وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ)
فمعناه: ما أنت بصارف الذين ضلوا عن ضلالتهم
ولذلك قال (عن) .
وقيل معناه ما أنت بمرشدٍ الكفار بعد ضلالتهم في سابق علم الله.
فـ (عن) بمعنى: بعد.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ (60)

(2/267)


ْقرأ يعقوب وحده (وَلَا يَسْتَخِفَّنْكَ) بسكون النون.
وقرأ الباقون بتشديد النون.
قال أبو منصور: هي نون التأكيد، يجوز فيهِا التخفيف والتشديد.
ومعنى (وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ) لا يستجهلنك الذين لا يوقنون فيستزِلُّوك حتى تتبعهم.

(2/268)