معاني القراءات للأزهري سورة الفتح
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله جلَّ وعزَّ: (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (ليؤمنوا بالله ورسوله ويعزروه ويوقروه
ويسبحوه)
بالياء.
وقرأهن الباقون بالتاء.
قال أبو منصور: من قرأهنَّ بالتاء فهو مخاطبة ومن قرأ بالياء
فعلى معنى:
لكى يؤمنوا باللَّه ورسوله ويعزِّروا النبى صلى الله عليه
ويوقروه -
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَسَنُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)
قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر "فَسَنُؤْتِيهِ" بالنون.
وقرأ الباقون "فَسَيُؤْتِيهِ" بالياء.
قال أبو منصور: من قرأ بالنون أو الياء فالفعل للَّه عزَّ
وجلَّ.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا)
قرأ حمزة والكسائي (ضُرًّا) بضم الضاد وقرأ الباقون (ضَرًّا)
بفتح
الضاد.
(3/19)
قال أبو منصور: (الضَّرُّ) بالفتح: ضد
النفع.
و (الضُّرُّ) بالضم: سُوءُ الحال.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ)
قرأ حمزة والكسائي (كَلِمَ الله) بكسر اللام، بغير ألف.
وقرأ الباقون (كَلامَ الله) بفتح اللام مع ألف.
قال أبو منصور: من قرأ (كَلِمَ الله) فهى جمع كلمة، ومن
قرأ (كَلام اللَّهِ) فهو اسم مِنْ كَلَّم يكَلِّم تكْليما
وكَلامًا.
وقد يوضع الاسم موضع المصدر فالكلام اسم ولا يجمع، لأنه بمنزلة
المصدر.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ. . . وَمَنْ يَتَوَل
يُعَذبْهُ)
قرأ نافع وابن عامر (نُدْخِلْهُ. . . وَنُعَذبْهُ) بالنون
فيها.
وقرأ الباقون بالياء.
قال أبو منصور: من قرأ بالنون وبالياء فهو كله فعل الله عزَّ
وجلَّ.
(3/20)
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَكَانَ اللَّهُ بِمَا
تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24) .
قرأ أبو عمرو وحده (بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرًا) بالياء.
وقرأ الباقون بالتاء.
قال أبو منصور: التاء للخطاب، والياء للغيبة.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ) .
قرأ ابن كثير وابن عامر (شَطَأه) بفتح الطاء.
وقرأ الباقون (شَطْأَهُ) بسكون الطاء.
وروى أبو حماتم لنافع أنه قرأ (أخرج شَطهُ) بغير ألف.
قال أبو منصور: القراءة الجيدة (أخرج شَطْأهُ) بسكون الطاء،
والهمز.
ومعنى الشَّطْء، فراخ الزرع إذا فَرَخَ.
ومن قرأ (شَطَأه) فحرك الشين والطاء والهمزة فهى لغة مثل:
(شَطْأَهُ) .
وأما ما روى أبو حاتم لنافع (شطهُ) بحذف الهمزة فهى لغة كما
قالوا للمرأة: الْمَرَة. ويقال: المَرة.
(3/21)
وقوله جلَّ وعزَّ: (فآزرَهُ (29) .
قرأ ابن عامر (فأزَرَهُ) بوزن (عَزَرَهُ) .
وقرأ الباقون (فآزَرَه) ، بوزن (عازَرَهُ) .
قال أبو منصور: من قرأ (أزَرَهُ) بقَصْر الهمزة فالهمزة فاء
الفعل.
ومعنى (أزرَه) : قَواهُ.
قال الفرّاء: أزرَهُ يأزِرُه أزْزا، أى: قَوَّاه.
ومنه قول الله: (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي) ، أى قُوتي.
ومن قرأ (فآزَرَهُ) فهى فى الأصل: أَأْزَرَهُ. بهمزتين، على
وزن (أفْعَلَهُ) .
فخففت الهمزة الثانية، فصارت بوزن (عَازرَهُ) بهمزة مُطَولة.
ومعنى: آزره، أى: أزَرَ الصغار الكبار حتى استوى بعضه مع بعض.
وقال:
بِمَحْنِيَة قدْ آزَرَ الضَّالَ نَبْتُهَا ... مَجَرَّ جُيُوش
غَانِمِينَ وَخيّبِ
المحنية: ما انْعَطَف من الوادى.
قال الأصمعى: معنى قوله: قد آزَرَ الضالَ نبتُها، أى:
ساوَى نباتُ العشبِ الضالَ، وهو: السِّدْرُ البرّى حتى استوى
مع الضالِ لِطُوله واعتِمَامِه.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (عَلَى سُوقِهِ (29) .
قرأ ابن كثير وحده "على سُؤقه " بالهمز، ورواه بعضهم عنه
"عَلىَ سُوْقِهِ " بغير همز
(3/22)
وقرأ سائر القراء " عَلَى سُوقِهِ " غير
مهموز.
قال أبو منصور: القراءة: (عَلَى سُوقِهِ) غير مهموز، جمع ساق.
كما يقال: دَار ودُورٌ.
والهمزُ فيه وَهْمٌ عندى.
(3/23)
سورة الحجرات
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله جلَّ وعزَّ: (لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ) .
قرأ الحضرمي " لاَ تَقَدَّمُوا " بفتح التاء والدال.
وقرأ الباقون (لَا تُقَدِّمُوا)
بضم التاء وكسر الدال.
قال أبو منصور: (لاَ تَقَدَّمُوا) فالأصل فيه: لا
تَتَقَدَّمُوا، فحذفت
التاء الأولى استثقالاً للجمع بين تاءنى.
ومن قرأ (لاَ تُقَدِّمُوا) فهو من قدم يُقَدمُ، إذا تَقَدم.
وفيه لُغَات: يقال: قَدَّم، وتَقَدَّمَ، واسْتَقْدم، وأقْدَم،
وقَدِمَ. بمعنى واحد.
والقراءة المختارة (لا تُقَدِّمُوا) بضم التاء.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَأصْلِحُوا بَيْنَ أخَوَيْكُمْ) .
قرأ يعقوب وحده (بين إخْوَتِكُمْ) .
وقرأ الباقون (بَيْنَ أخَوَيْكُمْ) .
قال أبو منصور: من قرأ (بَيْنَ إخْوَتِكُمْ) فهو جمع الأخ.
ومن قرأ (يين أخَويْكُمْ) فهو تثنية الأخ.
والإخْوة والإخْوَان: جمع الأخ من النسب، والأخ فى الدين،
وإخْوَان الصفَا يجوز هذا فى ذاك، وذاك فى هذا.
(3/24)
وقوله جلَّ وعزَّ: (ولا تَلْمِزُوا
أنْفُسكُمْ) .
قرأ يعقوب (وَلاَ تَلْمُزُوا أنْفُسَكُمْ) .
وكَسَر الميم الباقون.
قال أبو منصور: هما لغتان، لَمَزَه يلْمِزُه، ويَلْمُزُه: إذا
عابه.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا) .
قرأ نافع وحده (لَحْمَ أَخِيهِ مَيِّتًا) بتشديد الياء.
وخفف الباقون.
قال أبو منصور: الميِّت، والميْت: واحد.
وهما مثل: هيِّن وهَيْن، وليِّن ولَيْن.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (لاَ يَلتْكُمْ) .
قرأ أبو عمرو ويعقوب (لاَ يَألِتْكُمْ) مهموزة.
وقرأ الباقون (لاَ يَلتْكُمْ) بألف بغير ألف.
قال أبو منصور: من قرأ (لاَ يَلِتْكُمْ) فهو مِن (لاَتَ
يَليتُ) يقال: لاَتَه يَلِيتُهُ
لَيْتًا إذا نَقَصه.
ويكون بمعنى: صَرَفَهُ عن وَجْهه.
ومن قرأ (لاَيألتكم) فهو من: ألتَهُ يَألِتُهُ ألتًا، إذا
نقصه.
ودليل هذه القراءة قول الله فى سورة الطور:
(3/25)
(وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ
شَيْءٍ)
أى ما نقصناهم.
واجتمع القرّاء على كسر الألف من قوله (إن أكْرَمَكُمْ عنْدَ
الله)
وقال أبو بكر بن الأنبارى فى قوله (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا
وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)
هذا وقفٌ تام ثم تستأنف: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ
أَتْقَاكُمْ) .
* * *
(3/26)
سورة ق
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله جلَّ وعزَّ (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ (30) .
قرأ نافع، وعاصم فى رواية أبي بكر " يَوْمَ يَقُولُ
لِجَهَنَّمَ " بالياء.
وقرأ الباقون " يوم نَقُولُ " بالنون.
قال أبو منصور: معناهما واحد.
وانتحماب قوله (يَوْمَ) بقوله: (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ
لَدَيَّ. . . يوم نقول)
أى: فى ذلك اليوم، ويجوز أن يكون نَصبهُ بمعنى: أنذرهم يوم
نقول.
قال: (وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ) .
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (هَلِ امْتَلَأْتِ (30) .
روى أبو بكر عن عاصم " هل امتلاَتِ " بغير همز.
وهَمَزَها الباقون.
قال أبو منصور: والهمز أجودهما.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40) .
قرأ ابن كثير ونافع وحمزة (وَإِدْبَارَ السُّجُودِ) بكسر
الألف.
وقرأ الباقون (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) بفتح الألف.
(3/27)
قال أبو منصور: من قرأ (أَدْبَارَ) فهو
جمعُ، دُبُر وأدبار.
ومن قرأ بالكسر فهو مصدر أدبرَ إدبارًا
وروى فى التفسير أن أدبار السجود: ركعتا السُّنَّة بعد صلاة
المغرب.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ (36) .
روى عبيد عن أبي عمرو (فَنَقَبُوا فِي الْبِلَادِ) خفيفة.
وقرأ الباقون " فَنَقَّبوا" مشددًا.
قال أبو منصور: من قرأ (فَنَقَّبُوا) فمعناه: فَطوَّفوا فى
البلاد.
ومنه قول الشاعر:
وقد نَقَّبْتُ في الآفاقِ حتى ... رَضِيْتُ مِن الغنيمة
بالإِياب
ومن قرأ (فَنَقَبوا) خفيفة فمعناه: فَتَّشُوا ونَظرُوا.
ومنه قيل للعرّيف: نقيبٌ؛ لأنه يتعرّف أمر القوم الذين جعِل
نقيبًا عليهم،يتعرف أمرهم ويستحفزهم وقت الحاجة إليهم.
روى عن يَحيَى بن يعمر أنه قرأ: (فَنَقِّبُوا فِي الْبِلَادِ)
ومعناه: طَوِّفُوا فى البلاد فلا مَحِيصَ لكم، أى لا مَنْجَى
لكم من
الموت.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَحَقَّ وَعِيدِ) و (يُنَادِ الْمُنَادِ)
@، و (من يَخَاف وَعِيدِ (45) .
(3/28)
وقف عليهن يعقوب بالياء، ووصل (يناد) بغير
ياء، ووصل الباقى
بياء.
وقرأ ابن كثيرٍ ونافع وأبو عمرو (المنادي) بياء فى الوصل،
ووقف ابن كثيرٍ بياء.
(3/29)
سورة الذاريات
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله جلَّ وعزَّ: (فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ
لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23) .
قرأ أبو بكر عن عاصم، وحمزة والكسائي " مثلُ ما " بالرفع.
وقرأ الباقون "مِثْلَ مَا" نصبًا.
قال أبو منصور: من قرأ (مثلُ ما) فعلى أنه نعتُ للحق، صفة له
قاله
الفرّاء وغيره.
ومن قرأ (مثلَ ما) فهو على وجهين:
أحدهما: أن يكون فى موضع رفع، إلا أنه لما أضيف إلى (ما) وهو
حرف غير متمكن فُتح.
قال أبو إسحاق: وجائزٌ أن يكون منصوبا على التوكيد، المعنى:
إنه لحق حقا مِثْلَ نطقكم، يعنى أرزاق العباد، ونزولها من
السماء.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ (44) .
(3/30)
قرأ الكسائي وحده (فَأَخَذَتْهُمُ
الصَّعْقَةُ) بغير ألف.
وقرأ الباقون (الصَّاعِقَةُ) بألف.
قال أبو منصور: من قرأ (الصَّعِقَةُ) فهى (فَعْلَة) ، من
قولهم:
صَعَقَتْهم الصاعقة صَعْقة، أى أهْلكَتْهم.
ومن قرأ (الصَّاعِقَةُ) عنى بها: الصيحة التى أهلكتهم.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ (46)
.
قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي (وَقَوْمِ نُوح) خفضًا.
وقرأ الباقون (وَقَوْمَ نُوحٍ)
قال أبو منصور: من نصب فهو معطوف على معنى قوله:
(فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ) ، ومعناه: فأهلكناهم وأهلكنا
قوم نوح من قبلُ.
ويجوز أن يكون محمولاً على قوله: (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ
فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ)
أى: فأغرقناهُ وجنوده وأغرقنا قوم نوح من قبل.
ومن خفض " وقوْمِ نوح " فالمعنى: وفى قوم نوح آية.
(3/31)
وقوله جلَّ وعزَّ: (لِيَعْبُدُونِ (56) ،
(أنْ يُطْعمون (57) ، (فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (59) .
وصلهن يعقوب بياء، ووقف عليهن بياء.
وسائر القراء لم يقفوا بياء.
* * *
(3/32)
|