معاني القراءات للأزهري سورة الواقعة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله جلَّ وعزَّ: (وَحُورٌ عِينٌ (22) .
قرأ حمزة والكسائي (وَحُورٍ عِينٍ) خافضًا.
وقرأ رفعا الباقون (وَحُورٌ عِينٌ)
قال أبو منصور: من قرأ بالرفع فالمعنى: يَطوفُ عَلَيْهم
وِلْدان مخلدون بهذه
الأشياء بماقد ثبت لهم، فكأنه قال: وَلَهم (حُورٌ عِينٌ) .
ومن قرأ (وَحُورٍ عينٍ) عطفه على قوله (بِأكْوَاب وَأباريق. .
. . . . وَحُورٍ عين) .
فإن قيل: إن الحور ليس مما يُطاف به، قيل له: هو مخفوض على غير
ما ذهبت إليه، وإنما المعنى: يطوف عليهم وِلْدان. . . . .
بأكوابٍ ينعمون، وكذلك ينعمون بلَحْم طير، وكذلك ينعمون بحوُرٍ
عين.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (عُرُبًا أَتْرَابًا (37) .
قرأ حمزة " (عُرْبًا) ساكنة الراء. وكذلك روى يَحيَى عن أبي
بكر عن عاصم
(عُرْبًا) خفيفة.
(3/49)
وقرأ إسماعيل بن جعفر عن نافع " عُرْبا "
خفيفة، وكذلك أبو زيد
عن أبي عمرو (عُرْبا) بالتخفيف أيضا.
وقرأ الباقون (عُرُبًا) بضمتين.
قال أبو منصور: العُرْب، والعُرُبُ: جماعة العَروب من النساء،
وهى:
المُتَحببّةَ إلى زَوْجها.
العَرُوب؟ الغَنِجَةُ.
وقيل: هى المُغتَلِمَةُ.
وقال الراجز:
وَالعُرْبُ فى عَفَافَةٍ وَإعْرَاب
أراد: أنهنَّ جمَعْن عَفَافًا عند غير الأزواج.
وَإعْرَابًا، أي: إفْحَاشًا عند الأزْواجَ.
ومثل عَرُوب وعُرْب وعُرُب: رَسُول ورُسْل ورُسُل.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (55) .
قرأ نافع وحمزة وعاصم " شُرْبَ " بضم الشين.
وقرأ الباقون " شَرْبَ الْهِيمِ "
بالفتح على المصدر.
وقال الكسائي: شَرِبْتُ شُربا وشَربا.
وقيل: الشُّرْب: الإناء، والشرْبُ: المصدر،
والشَرْب - أيضا -: جمع الشارِب.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ
(65)
(3/50)
قرأ ابن كثير وحده "نَحْنُ قدَرْنَا
بيْنَكُمُ " مخففة.
وقرأ الباقون " قَدَّرْنا " مثقلا.
قال أبو منصور: العرب تقول: قدَرْت أقدِر، وأقْدُر، أي:
قدَّرْتُ.
قال الله: (فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ) وقرئ "
فَقَدَّرنا) .
و (القادرون) : من قَدَرَ مخفف.
* * *
قوله جلَّ وعزَّ: (إنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) .
قرأ أبو بكر عن عاصم " أئنَّا لَمُغْرمون " يهمز بهمزتين.
وقرأ الباقون (إنَّا لَمُغْرمون) بألف مكسورة.
قال أبو منصور: من قرأ (أئِنا) فهو استفهام.
والمغرمون: الذين قد غَرِموا وذهبت غَلاَّتُهم وزُرُوعهم.
والغُرْم: النَّقْص والخُسْر.
ومن قرأ (إنَّا) فهو استئناف، و (إِنَّا) : جمع أنَا.
* * *
وقول الله جلَّ وعزَّ (وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا
وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (47)
أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (48) .
(أوْ) مجزوم ها هنا، كذلك قرأ نافع وابن عامر ها هنا،
والباقون فتحوا الواو.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ
(75) .
قرأ حمزة والكسائي "بِمَوقِعِ النُّجُومِ " موحدا.
وقرأ الباقون " بِمَوَاقِعِ " جماعة.
(3/51)
قال أبو منصور: من قرأ (بموْقع) فاللفظ
مُوَحد، ومعناه الجمع.
ومن قرأ " بمواقع، فإن لكل نجم مَوْقِعًا على حدة.
واختلف المفسرون في مواقع النجوم، فقال بعضهم: هى مساقطها في
أنْوَائها.
وقيل: عنى بها: نجومُ القرآن؛ لأنه أنزل إلى السماء الدنيا ثم
كان ينزل منه
الشىء بعد الشيء نجومًا في أوقات الحاجة إليها، الدليل على
ذلك: قوله (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76)
إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) .
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (56) .
روى عبَّاس عن أبي عمرو) " هَذَا نُزْلهُمْ يَوْمَ الدِّين "
مخففًا.
وقرأ الباقون
"نُزُلُهُمْ" مثقلا.
قال أبو منصور: هما لغتان، قال الله: (خَيْرٌ نُزُلاً) .
ومعنى قوله: (هذا نُزُلهم) أي هذا غذاؤهم وطعامهم -
* * *
قوله جلَّ وعزَّ: (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ
تُكَذِّبُونَ (82)
روى المفضّل عن عاصم " أنكم تَكْذبون " بفتح التاء خفيفة.
وقرأ سائر القراء " أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ " بالتشديد.
قال أبو منصور: من قرأ بالتشديد فالمعنى: أتجعلون شكر ما
رُزقتم من الماء
الذي هو قِوام عيشكم التكذيبَ، فتقولون مُطرِنا بنوء كذا، ولا
تشكرون الله
(3/52)
على إنعامه عليكم به، ورزقه إياكم.
ومن قرأ (تَكْذِبُونَ) فمعناه: تجعلون شكر
رزقكم الكذب حين تقولون: مُطرنا بالنوْء. وأنتم كاذبون في
ذلكم.
و (أنَّ) دخلت مع الفعل بمعنى المصدر في قوله: (أَنَّكُمْ
تُكَذِّبُونَ) .
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ (89) .
قرأ يعقوب وحده (فرُوحٌ وريحان) .
وقرأ الباقون " فَرَوْحٌ " بفتح الراء.
قال أبو منصور: من قرأ (فَرُوحٌ وَرَيْحَانْ) فمعناه: فحياةٌ
دائمةٌ لا موت
فيها.
(وَرَيحانْ) ، أي: رِزْق دارٌّ عليكم.
ومن قرأ (فَرَوْح وَرَيحْانْ) فالرَّوْحُ: الْفَرَجُ، كأنه
قال: فأما إن كان من المقربين فله رَوْح وريحان.
وقد يكون الرَّوح، بمعنى؛ الاستراحة والبَرْد.
حدثنا عبد الملك عن إبراهيم بن مرزوق عن مسلم عن هارون النحوي
عن بديل بن ميسرة عن عبد الله بن شقيق عن عائشة أنَّ رسول الله
صلى الله عليه قرأ: (فَرُوحٌ وَرَيْحَان) .
(3/53)
سورة الحديد
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله جلَّ وعزَّ: (وَقَدْ أخَذَ مِيثَاقَكُمْ) .
قرأ أبو عمرو وحده " وَقَدْ أُخِذَ مِيثَاقُكُمْ " بضم الألف
والقاف.
وقرأ الباقون (وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ) . بفتح الألف
والقاف.
قال أبو منصور: من قرأ بضم الألف أو فتحها فالفعل لله، هو الذي
أخذ
ميثاقهم.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى) .
قرأ ابن عامر (وَكُلٌّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى) .
وقرأ الباقون (وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى) .
قال أبو منصور: أما قراءة ابن عامر فـ (كُلٌّ) ترفعه بما عاد
من الهاء المضمر، التقدير: وكلٌّ وعَدَهُ الله الحسنى.
ومن نصب فقرأ (وَكُلًّا) نصبه بـ (وعد) .
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا) .
(3/54)
قرأ حمزة وحده " أَنظِرُونَا " بقطع
الألفى، وكسر الظاء.
وقرأ الباقون " انْظُرُونَا "
موصولة الألف، مضمومة الظاء.
قال أبو منصور: أما وجه قراءة حمزة (أنْظِرُونَا) بالقطع
فمعناه: أمْهِلُونا.
وقد قيل: يكون (أنْظِرُونَا) بمعنى: انتظرونا.
ومنه قول عمرو بن كلثوم:
أُبا هِنْدٍ فَلاَ تَعْجَلْ عَلينَا ... وَأنْظِرْنَا
نُخبًرْكَ الْيقِينَا
أي: أمهلنا.
ومن قرأ (انْظُرُونَا) فمعناه: انتظرونا لا اختلاف فيه عند
اللغويين.
يقال: أنظرت فلانًا أنظره، إذا انتظرته.
وكان أبو حاتم ينكر (أَنْظِرُونَا) أشد الإنكار وقال: لا معنى
للتأخير هَهُنا. وهو كما قال إن شاء الله.
والقراءة المختارة (انْظُرُونَا) بضمة موصولة.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ) .
قرأ نافعِ، وحفص، والمفضل عن عاصم (وَمَا نَزَلَ مِنَ
الْحَقِّ) خفيفة.
وقرأ الباقون " نزَّلَ " مشددة، وروى عباس عن أبي عمرو
(وَمَا نُزِّلَ مِنَ الْحَقِّ) بضم النون.
قال أبوِ منصور: بن قرأ (مَانَزَلَ مِنَ الْحَقِّ) فهو من:
نَزَلَ يَنْزِل نُزُولاً.
ومن قرأ (ومَا نزَّل مِنَ الْحَقِّ) فالفعل لله، أي: وما
نَزَّل الله من الحق.
ومن قرأ (وَمَا نُزِّلَ) فهو على ما لم يسم فاعله، ونُزِّل
بأمر اللَّه.
(3/55)
وقوله جلَّ وعزَّ: (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ
وَالْمُصَّدِّقَاتِ) .
قرأ ابن كثير، وأبو بكر عن عاصم (إِنَّ الْمُصَدِّقِينَ
وَالْمُصَدِّقَاتِ)
بتخفيف الصاد. وسائر القراء شددّوا الصاد والدال.
قال أبو منصور: مَنْ شدد الصاد فالمعنى: إنَّ المتصدقين
والمتصدقات.
فأدغمت التاء في الصاد وشددت.
ومن قرأ (الْمُصَدِّقِينَ وَالْمُصَدِّقَاتِ)
بتخفيف الصاد، فمعناه من التَّصدِيق، كأنه قال: إن المؤمنين
والمؤمنات، أي: الذين صدَّقُوا الله ورسوله، والإيمان والتصديق
واحد، ويقال للذي يقبض الصدقات: مُصدق. بتخفيف الصاد. فأما
الذي يعطي الصدقة المسكين فهو مُتَصدِّق، ومُصَّدِّق.
قال اللَّه: (وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي
الْمُتَصَدِّقِينَ (88) .
ولم يقل: صَدِّقْ علينا.
* * *
قوله جلَّ وعزَّ: (فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ
فِدْيَةٌ) .
قرأ ابن عامر ويعقوب " لاَ تُؤخَذُ مِنْكُمْ " بالتاء.
وقرأ الباقون " لاَ يُؤخَذُ مِنْكُمْ "بالياء.
قال أبو منصور: من قرأ (لاَ تُؤخَذ منكم) بالتاء فلتأنيث
الفدية.
ومن قرأ بالياء. ذهب به إلى الفداء.
وكلٌّ جائز، فاقرأ كيف شئت.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتاكُمْ (23) .
(3/56)
قرأ أبو عمرو وحده " بِمَا أَتاكُمْ " بقصر
الألف.
وقرأ الباقون " بِمَاَ آتاكُمْ " بألف مقطوعة.
قال أبو منصور: من قرأ (بِمَا أتاكُمْ) بقصر الألف فالمعنى: لا
تفرحوا
بما أتاكم فتبْطروا، أي: جاءم من حُطام الدُّنيا، فإنه فانٍ لا
بقاء له.
ومن قرأ (بما آتاكم) فمعناه: لاتأشَرُوا بِمَا أعْطاكم الله من
غضارة الدنيا.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ
الْحَمِيدُ (24) .
قرأ نافع وابن عامر " فإن الله الغنّى الحميد " بغير (هُوَ) ،
وكذلك هو في
مصحف أهل الشام وأهل المدينة مكتوبٌ.
وقرأ الباقون (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) .
وكذلك كُتبَ في مصاحف أهل العراق ومكة.
من قرأ (فإنَّ الله هو) (فهو) عماد، ويسميه البصريون فَصْلا.
ومعناه: إن الله هو الغنى دون الخلائق؛ لأنّ كُلّ غَنىّ إنما
يُغْنِيه اللهُ، وكل غَنِى مِن الخلق فقير إلى رحمة الله.
ومن قرأ (إن الله الغني الحميد) فمعناه: إن الله الغني الذي
لا يفتقر إلى أحد.
و (الحميد) : المحمود على كل حال.
* * *
(3/57)
سورة المجادلة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله جلَّ وعزَّ: (مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ) .
روى المفضل عن عاصم: (مَا هُنَّ أُمَّهَاتُهِمْ) بالرفع.
وقرأ سائر القراء: (مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ) .
قال أبو منصور: من قرأ (مَا هُنَّ أُمَّهَاتُهِمْ) بالرفع فهى
لغة تميم، يرفعون
خبر (ما) إذا كانت نافية، يقولون: ما زيد عالم.
ومن قرأ (مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ)
فالتاء مخفوضة فى موضع النصب؛ لأنها تاء الجماعة، وهى اللغة
العالية، لغة
أهل الحجاز، ينصبون خبر (ما) ، فيقولون: ما فلانٌ عالمًا.
والقرآن نزل بلغة أهل الحجاز، قال الله: (مَا هَذَا بَشَرًا) .
والمعنى فى قوله: ماهُن أمّهاتِهم. أى: بِاللوَاتِى يُجعَلْنَ
مِن الزوجات كالأمهات فى الطهَار أُمهَات، ثم قال: (إِنْ
أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ)
أى: ما أُمَّهَاتُهُمْ إلا والِدَاتهم، فأما نِسَاؤهم فَلَسْنَ
لهم بأمهات.
وقوله جلَّ وعزَّ: (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ) .
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب: (وَالَّذِينَ
يظَّهَّرونَ) مشددة بغير
ألف.
(3/58)
وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي: (الذِينَ
يَظَّاهَرونَ) بفتح الياء، وتشديد
الظاء، والألف.
وقرأ عاصم وحده: (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ) بضم الياء، والألف،
والتخفيف.
قال أبو منصور: من قرأ (يَظَّهَّروُنَ) بتشديد الظاء والهاء،
فالأصل: يتظهرون. فأدغمت التاء فى الظاء وشددت.
ومن قرأ: (يَظَّاهَرُونَ) فهو فى الأصل:
وشددت أيضا.
يتظاهرون. فأدغمت التاء فى الظاء
وأما قراءة عاصم (يُظاهِرُونَ) فهو من ظَاهَر يُظَاهِر
ظِهَارًا.
والمعنى واحد وإن اختلفت الألفاظ.
يقال: ظاهر الرجل من امرأته، واظَّاهَر وتظاهَر، واظَّهَّرَ،
ويظَّهرُ منها، وهو يقول لها: أنت عليَّ كظهر أمِّي.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ
وَالْعُدْوَانِ) .
قرأ حمزة (يَنْتَجُوْنَ) بغير ألف.
وقرأ يعقوب الحضرمي (إِذَا تَنَاجَيْتُمُ) بالألف، (فَلاَ
تَنْتَجُوا) بغير ألف. (ويَنْتَجُوْنَ) بغير ألف أيضا.
وقرأ سائر القراء بالألف فى كل هذا.
(3/59)
قال أبو منصور: هما لغتان: تنَاجَى
الْقَوْمُ، وانتجَوْا، إذ نَاجَى بَعضُهم
بعضًا، يتناجَوْن.
فالتناجِى (تَفَاعُل) ، والانْتِجَاءُ (افْتِعَال) والمعنى
واحد.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ)
.
قرأ الحضرمي وحده " وَلاَ أكثرُ " رفعًا.
قال أبو منصور: من قرأ (ولاَ أكثرُ) بالرفع عطفه على موضع
الرفع فى قوله:
(مَا يَكُون مِن نَجْوَى ثَلاَثةٍ) ؛ لأن المعنى: ما يكون نجوى
ثلاثة.
و (مِنْ) زائدة.
كما قال: (مَا لَكُمْ مِنْ إلَهٍ غَيْرُهُ) ، أى: ما لكم إلهٌ
غَيْرُه.
ومن قرأ (ولا أكثرَ) بفتح الراء فهو فى موضع خفض، منسوقة على
(ثَلاَثَةٍ) ، وهى القراءة الجيدة.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (تَفَسَّحُوا فِي الْمَجْلِسِ) .
قرأ عاصم (تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ) . وقرأ الباقون (فِي
الْمَجْلِسِ) .
قال أبو منصور: (فِي الْمَجَالِسِ) فهو جمع: (المَجْلِس) .
ومن قرأ (فى المجلس) فهو: موضع جلوس القوم فيه.
ويقال للقوم إذا اجتمعوا فى مكان: مَجْلِس.
ومنه قوله:
(3/60)
وَاسْتَبَّ بَعْدَكَ يَا كُلَيْبُ
الْمَجْلِسُ
أراد: أهل المجلس.
* * *
قوله عزَّ وجلَّ: (وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا) .
قرأ نافع وابن عامر وعاصم (وإذا قيل انشُزوا فانشُزوا) بضم
الشين.
وقرأ الباقون بكسر الشين.
قال أبو منصور: هما لغتان، يقال نشز ينشِز وينشُز، إذا نهض.
ومعناه: إذا قيل انهضوا إلى الصلاة أو إلى قضاء حقٍّ، أو شهادة
فانهضوا
فقوموا ولا تَتَثَاقَلُوا.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ (أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ
الْإِيمَانَ) .
روى المفضل عن عاصم (أُولَئِكَ كُتِبَ فِي قُلُوبِهِمُ
الْإِيمَانُ) رفعًا.
وقرأ سائرهم ((أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ)
.
قال أبو منصور: المعنى واحد فى القراءتين، أي: كتب الله فى
قُلوبهم
الإيمان فلا يَكْفُرون.
(3/61)
وقوله جلَّ وعزَّ: (لَأَغْلِبَنَّ أَنَا
وَرُسُلِي) .
قرأ نافع وابن عامر " وَرُسُلىَ " بفتح الياء.
وأرسلها الباقون.
* * *
(3/62)
سورة الحشر
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله جلَّ وعزَّ: (يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ) .
قرأ أبو عمرو وحده (يُخَرِّبون) بتشديد الراء.
وقرأ الباقون (يُخْرِبُونَ) بسكون الخاء.
قال الفراء: من قرأ (يُخرِّبون) فمعناه: يهدمون.
ومن قرأ (يُخْرِبون) معناه: يعطلون.
وقال الزجاج: (يُخرِّبون) أى: يعرضونها لأن تخرب.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (أوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ) .
قرأ ابن كثير وأبو عمرو: (أوْ مِن وَرَاء جِدَارٍ) .
وقرأ الباقون (أوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ) .
قال أبو منصور: جُدُر جمع جِدَار.
ومن قرأ (جِدَارٍ) أراد به الجنس.
(3/63)
واتفق القراء إلا من شذ عنهم " كَيْلا
يَكُونَ دُوْلَةً " بالضم.
والدُّولة: اسم المال الذي يُتَدَاوَل فيكون مَرةً لهؤلاء
ومرةً لهؤلاء.
وأما الدّوْلَة فإنها تَكونُ في الحروب، وانتقال من حال إلى
حال.
وقرأ ابن كنير ونافع وأبو عمرو: (إنِّيَ أخَافُ اللَّهَ)
وأسكنها الباقون.
(3/64)
|