معاني القراءات للأزهري سورة الامتحان
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله جلَّ وعزَّ: (يَفْصِلُ بَينَكُمْ) .
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو (يُفْصَلُ) بضم الياء، وفتح
الصاد خفيفة.
وقرأ عاصم ويعقوب (يَفْصِلُ) بفتح الياء، وكسر الصاد.
وقرأ ابن عامر (يُفَصَّلُ) بضم الياء وفتح الصاد مشددة.
وقرأ حمزة والكسائي (يُفَصِّلُ بَيْنَكُمْ) بضم الياء وكسر
الصاد مشددة.
قال أبو منصور: المعنى راجع إلى شىء واحد في هذه القراءة: الله
يفصل بين
الخلق يوم القيامة.
وقد جاء الفاصل في صفات الله، ويُفصل للتكثير، وكذلك
(يُفَصِّلُ) .
* * *
وقوله جلَّ وعزَّْ: (وَلاَ تُمَسِّكُوا بِعِصَمِ الكَوَافِرِ)
.
قرأ أبو عمرو ويعقوب (وَلاَ تُمَسِّكُوا) بتشديد السين.
وقرأ الباقون " وَلاَ تُمْسِكُوا) بسكون الميم.
(3/65)
قال أبو منصور: يُقَال: مَسكْتُ بالحَبْل
تَمْسيكا، وأمْسَكْتُ به إمْسَاكا،
إذا تَمسكت به، ولم تحلَّهُ من يدك.
والمعنى في قوله: (ولا تُمسكوا بِعِصَم الكوافر) : أنّ المرأة
إذا ارتدت عن الإسلام فزالت عصمة النكاح بينها وبين زوجها
المؤمن فَلا يَتبعها الزوج بعد انْبِتَاتِهَا عنه.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَعَاقَبتُمْ) .
اتفق القُراء عِلى " فَعَاقَبْتُمْ " بالألف.
وقرأ إبراهيم النخعي " فَعَقَبْتُمْ " مخففة.
وقرأ الأعرج " فعقَّبتُم " بتشديد القاف.
وروى عن مجاهد " فأعْقَبْتُم " بألف مقطوعة.
قال أبو منصور: من قرأ (فعاقبتم) أو (عَقَّبْتم) فالمعنى: إذا
غَزَوْتُم فصارت
العقبة لكم، أي: الدوْلَة حتى تغلبوهم، وتغنَمُوا أموالهم،
فأعطوا أزواج المرتدات مهور نسائهم اللاحقات بالكُفار.
ومن قرأ (فَعَقَبْتُمْ) أو (أعْقَبْتُمْ) فمعناه: غَنمْتم
قال الشاعر:
فَعَقَبْتُمْ بذَنُوب غَيْر مُرّ
(3/66)
واتفق القراء على قراءة " بُرَءَاءُ " على
(فُعَلاء) بوزن (بُرَعَاء) ،
جمع: بَرِئ.
وقرأ: بعضهم (بُرَاءٌ) .
قال الزجاج: الأصل: بِرَاء. مثل طَرِيف وطِراف، ثم ضمُّوه، كما
قالوا: رِخال ورُخال ورِباب ورُباب.
واتفقوا على (بَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ) أي ظهر. لا هَمْزَ
فيه.
وقرأ عاصم وحده (أُسْوَةٌ) . وقرأ الباقون (إِسْوَةٌ) .
وفي هذه السورة ثلاث ياءات إضافة، لم يُخْتلف فيهن، وهو قوله:
(عَدُوي) و (في سبيلى) ، و (ابتغاء مرضاتي) .
* * *
(3/67)
سورة الصف
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قرأ ابن كثير ونافع، وأبو عمرو، وأبو بكر عن عاصم ويعقوب:
(مِنْ بَعْدِيَ اسْمُهُ أَحْمَدُ) بفتح الياء وأرسلها الباقون.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَاللَّهُ مُتِمٌّ نُورَهُ) .
قرأ ابن كثير وحفص وحمزة والكَسائى (مُتِمُّ نُورِهِ) بكسر
الراء.
وقرأ الباقون (مُتِمٌّ نُورَهُ) بفتح الراء، والتنوين.
قال أبو منصور: من قرأ (مُتِمُّ نُورِهِ) فهو على الإضافة.
ومن قرأ (مُتِمٌّ نُورَهُ) نصب النور بإيقاع الإتمام عليه.
والمعنى واحد في القراءتين.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ) .
قرأ ابن عامر وحده (تُنَجِّيكُمْ) بالتشديد.
وقرأ الباقون (تُنْجِيكُمْ) مخفَّفًا.
قال أبو منصور: هما لغتان، نجَّيتُه وأَنْجَيْتُهُ بمعنى واحد.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (كُونُوا أنْصَارَ اللَّهِ) .
(3/68)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو (أنْصارًا
لِلَّهِ) منونًا
وقرأ الباقون، (أنصارَ اللَّهِ) مضافًا.
قال أبو منصور: المعنى واحد في القراءتيْن.
وقيل في قوله: (مَنْ أنْصَارِي إِلى اللَّهِ)
مَنْ أنْصَارِي مع اللَّهِ
وقيل معناه: مَنْ أنْصارِى إلى نَصر اللَّهِ.
(3/69)
سورة الجمعة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
اتفق القراء على (الجُمُعَة) بضمتين.
وقال الفراء: لو قرئ (الجمَعَة) بفتح الميم كان جائزا.
ولكن لا تجوز القراءة بها؛ لأنه لم يقرأ بها.
* * *
(3/70)
ذكر اختلافهم فى
سورة المنافقين
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله جلَّ وعزَّ: (كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) .
قرأ أبو عمرو والكسائي (خُشْبٌ) بسكون الشين، وكذلك روى قنبل
عن ابن كثير.
وقرأ الباقون (خُشُبٌ) بضمتين.
قال أبو منصور: هما لغتان خُشْبٌ، وخُشُبٌ. مثل ثُمْر، وثُمُر،
وبُدْن،
وبُدُن.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ) .
قرأ نافع وحده " لَوَوْا رءوسهم " خفيفًا.
وقرأ الباقون (لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ) .
قال أبو منصور: (لَوَّوْا) بالتشديد للتكثير والمبالغة، و
(لوَوا) جائز.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ)
.
قرأ أبو عمرو وحده (وَأكُونَ) نصبًا، وقرأ الباقون "وَأكُنْ "
جزما، بحذف الواو.
(3/71)
قال أبو منصور: من قرأ (وَأكُونَ) عطفه على
قوله (فأصَّدَّقَ وَأكُونَ) .
ومن قرأ (وَأكُنْ) عطفه على موضع (أصدَّقَ) ولو لم يكن فيه
الفاء.
ومثله قول الشاعر:
فَأَبْلوني بَلِيَّتَكمْ لعلِّي ... أُصالِحُكم وأسْتدرِجْ
نَوَيَّا
قال أبو منصور: قوله (نَوَيَّا) ، أي: نَوَايَ.
وهذه لغة طييء، مثل (قَفَيَّ) ، أي: قَفَايَ و، (هُدَىّ) ، أي:
هُدَايَ
و (بُشْرى) مثل بشراى.
قال الله (يا بشراي) .
فجزم قوله (وأستدرج) ؛ لأنه عطفه على موضع الجزم لو لم
يكن فيه (لعلي) ، كأنه قال: فأبلوني بليتكم أصالحكم.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11)
.
قرأ أبو بكر عن عاصم في رواية يَحيَى "بِمَا يَعْمَلُونَ "
بالياء.
وقرأ سائر القراء بالتاء.
قال أبو منصور: من قرأ بالتاء فللمخاطبة.
ومن قرأ بالياء فللغيبة.
* * *
(3/72)
سورة التغابن
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وقوله جلَّ وعزَّ: (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ ليَوْمِ الْجَمْعِ) .
قرأ الحضرمي وحده " يوم نجمعكم " بالنون.
وقرأ الباقون بالياء.
قال أبو منصور: المعنى واحد في النون والياء، الله يجمعنا يوم
الجمع.
وروى عن أبي عمرو أنه قرأ " يَجْمَعْكُمْ " بسكون العين.
والصحيح عنه الاختلاس عند كثرة الحركات.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (نُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ
وَنُدْخِلْهُ) .
قرأ نافع، وابن عامر، والمفضل عن عاصم (نُكَفرْ. . . .
وَنُدْخِلْهُ)
بالنون جميعًا.
وقرأ الباقون بالياء
قال أبو منصور: المعنى واحد في النون والياء، الفعل للَّه في
القراءتين.
قرأ ابن كثير وابن عامر:
(يُضَعِّفْهُ لَكُمْ) مشَددَّةً.
(3/73)
وقرأ الباقون " يُضَاعِفْهُ لَكُمْ " بألف.
قال أبو منصور: المعنى واحد، ضَاعَفْتُ الشىءَ، وَضَعَّفْتُه.
(3/74)
سورة الطلاق
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله جلَّ وعزَّ: (إنَّ اللَّهَ بَالِغٌ أمْرَهُ) .
قرأ حفص والمفضل عن عاصم (بَالِغُ أمْرِهِ) .
وقرأ الباقون " بَالِغٌ أمْرَهُ) .
قال أبو منصور: من قرأ (بَالِغُ أمْرِهِ) بالكسر فللإضافة.
ومن نَوَّن نصب (أمْرَه) بالفعل.
وهذا كقولك: فُلاَن ضَارِبُ زَيْدٍ، وضَارِبٌ زيْدًا.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ) .
قرأ نافع، وابن عامر، والمفضل عن عاصم " نُدْخِلْه جناتٍ "
بالنون.
وقرأ الباقون بالياء.
قال أبو منصور: المعنى واحد.
* * *
(3/75)
سورة التحريم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله جلَّ وعزَّ: (عَرَّفَ بَعْضَهُ) .
قرأ الكسائي، والأعشى عن أبي بكر عن عاصم: (عَرَفَ بَعْضَهُ)
مخففًا.
وقرأ الباقون (عَرَّفَ بَعْضَهُ) مشددًا.
قال أبو منصور: من قرأ (عَرَفَ بَعْضَهُ) فالمعنى: أن النبى
صلى الله عليه
قد عرف كل ما كان أسره إلى حفصة، والإعراض لا يكون إلا عن ما
عرفه.
وقال الفراء: معنى قوله (عَرَفَ بَعْضَهُ) جازَى ببعضه، أي:
ببعض
الذنب.
والعرب تقول للرجل إذا أساء إليه رجل: لأعرفن لك غبّ هذا، أي:
لأجازينَّك عليه، يقول هذا لمنْ يتَوعدُه قد علمت ما عملت،
وعرفتُ ما صنعتَ: ومعناه: سأجازيك عليه، لا أنلث تقصد إلى أن
تُعرفه أنك قد علمت فقط.
ومثله قول اللَّه: (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ
اللَّهُ) ،
وتأويله: يعلمه فيجازى عليه.
ومن قرأ (عَرَّفَ بَعْضَهُ) بالتشديد فَمعْناه: خَبرَ بعضه،
أي: عَرَّفَ بَعْضَهُ
حفصة، وأعْرَض عن بعض أي: عرفها بعض ما أفْشت من الخبر فيْ أمر
مارية.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (تَوْبَةً نَصُوحًا) .
(3/76)
قرأ نافع في رواية خارجة عنه، ويَحْيَى عن
أبي بكر عن عاصم " نُصُوحًا "
بضم النون.
وقرأ حفص عن عاصم، والأعشي عن أبي بكر، ونافع - من غير رواية
خارجة - وجميع القراء، (نَصُوحًا) بالفتح.
قال أبو منصور: من قرأ (نَصُوحًا) فهى صفة للتوبة، ومعناه:
توبة بالغة
في النصح لصاحبها؛ لأن (فَعُولاً) يجيء للمبالغة كما يقال: رجل
صَبُور،
وشَكُور.
ومن قرأ (نُصُوحًا) فمعناه: ينصحون فيها نُصُوحًا.
ويقال: نَصح الشيءُ نُصوحًا، إذا خلص.
قال ساعدة يصف مُشْتَارًا:
فَأَزَالَ نَاصِحَهَا بِأبيضَ مُفْرِطٍ ... مِنْ مَاءِ
أَنْهَابٍ عَلَيْهِ التَّألَبُ
وروى عباس عن أبي عمرو
(إِنْ طَلَّقَكُنَّ) مدغما (أَنْ يُبْدِلَهُ) مخففا.
وروى اليزيدي عن أبي عمرو (إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ
مشددًا
والباقون يظهرون ويخففون.
(3/77)
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَصَدَّقَتْ
بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ) .
قرأ أبو عمرو، وحفص عن عاصم، ويعقوب (بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا
وَكُتُبِهِ) ،
وقرأ الباقون (وَكِتَابِهِ) .
قال أبو منصور من قرأ (وَكُتُبِهِ) فهو جمع الكتاب.
ومن قرأ (وَكتابهِ) فهو واحدٌ ينوب عن الكتب.
* * *
(3/78)
سورة الملك
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله جلَّ وعزَّ: (مِنْ تَفَاوُتٍ) .
قرأ حمزة والكسائي "من تَفَوُّت " بغير ألف.
وقرأ الباقون (مِن تَفَاوُتٍ) .
قال أبو منصور: تَفَاوَت تَفَاوُتًا، وتَفوَّتَ تَفَوُّتًا؛
بمعنى واحد، إذا اختلف
وفات بعضه بعضا.
يقول: ما ترى في خلق الله عزَّ وجلَّ السماءَ اختلافًا ولا
اضطرابًا
لاستوائه واعتدال بنائه.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11) .
قرأ الكسائي وحده (فَسُحُقًا) مثقلاً.
وقرأ الباقون (فَسُحْقًا) خفيفًا.
قال أبو منصور: هما لغتان جيدتان.
ونصب (فَسُحْقًا) على المصدر،
المعنى: أسْحَقَهم اللًهُ سُحْقًا، أي: أبعدهم من رحمته
إبعادًا.
(3/79)
وقوله جلَّ وعزَّ: (النُّشُورُ (15)
أَأَمِنْتُمْ) .
قرأ ابن كثير " النشورُ وَأمنتم " بترك همزة ألف الاستفهام،
فيصير في
لفظ واو بضمة وبِضَم الراء.
وقرأ أبو عمرو (ءامنتم) بهمزة بعدها ألف،
وكذلث نافع. وقرأ عاصم وحمزة والكسائي وابن عامر
(أَأَمِنْتُمْ) بهمزتين.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ (28)
أرسل الياء حمزة وحده وحركها الباقون.
* * *
وقوله: (وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا (28) .
فتح الياء ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وحفص عن عاصم
وأرسلها الباقون.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) .
قرأ يعقوب وحده (الَّذِي كُنتمْ بِهِ تَدْعُونَ) خفيفة ساكنة
الدال.
وقرأ الباقون (تَدَّعُونَ) بتشديد الدال.
(3/80)
قال أبو منصور: من قرأ (تَدْعون) فالمعنى:
هذا الذي كنتم تستعجلونه
وتَدْعون الله به. تقولون: (إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ
مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ
أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) .
ومن قرأ (تَدَّعُونَ) ، فقد جاء في التفسير: (تَكْذِبون) .
وتأويله في اللغة: هذا الذي كنتم من أجله تَدَّعُونَ الأباطيل
والأكاذيب، أي: تَدَّعُونَ أنكم إذا متم وكُنتمْ تُرَابًا أنكم
لا تَخرجُون.
وقيل: معنى (تَدَّعُونَ) أي: تَمنَون.
يقال ادَّعِ عليَّ ما شئت، أي: تَمَن ما شئت.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ
مُبِينٍ (29) .
قرأ الكسائي وحده " فَسَيَعْلَمُونَ " بالياء.
وقرأ الباقون بالتاء.
وأخبرني أبو بكر عن أبي حاتم أنه قرأ بالتاء " فَسَتَعْلَمُون
"
عاصم والأعشى وأبو عمرو، وزعم أن الياء قرِئتْ، وزعم الكسائي
أن عليًّا قرأ بالياء.
قال أبو منصور: من قرأ بالتاء فهو مخاطبة.
ومن قرأ بالياء فللغيبة.
وحذف من هذه السورة ياءَان (فَكَيْفَ كانَ نَكِير) ، و (كَيْفَ
نَذِير) .
وأثبتهما يعقوب في الوصل والوقف.
(3/81)
وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن
عامر، وحفص عن عاصم
(إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ) محركة الياء - (وَمَنْ مَعِيَ)
محركة أيضا.
وقرأ خلف عن المسيبى عن نافع (إِنْ أَهْلَكَنِي اللَّهُ) ساكنة
الياء.
وقرأ حمزة بإسكان الياءين.
* * *
(3/82)
سورة ن والقلم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله جلَّ وعزَّ: (نُ وَالْقَلَمِ) .
قرأ ابن عامر والكسائي ويعقوب " نُ والْقَلَمِ " مدغمة في
الواو، وكذلك روى الأعشى عن أبي بكر عن عاصم.
وروى يعقوب عن جعفر عن نافع أنه أخفاها،
وأما ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، وحفص عن عاصم فإنهم أظهروا
النون.
قال أبو منصور: هما لغتان، فاقرأ كيف شئت.
والنون الأولى متحركة، لا غُنَّة فيها.
والنون الثانية لها غُنَّة، وهذا على قراءة من أظهرها.
وقال الفراء: لك إدغام النون الآخرة، ولك إظهارها.
قال: وإظهارها أعجب إليَّ؛ لأنها هجاء، والهجاء كالمَوْقُوفِ
عليه، وإن
اتصل.
ومن أخفاها بناها على الاتصال.
وقال الزَّجَّاج: من أسكن (نون) وبيَّنها فإنما يجعلهاحرفَ
هجاء، والذي
يدغمها يجوز له إدغامها وهى مَفْتوحة.
قال: وجاء في التفسير: أن (نون) : الحوت التى دُحِيَتْ عليها
الأرض.
وجاء أن نون: الدوَاة.
(3/83)
ولم يجئ فِى التفسير، كما فُسِّرَتْ حروف
الهجاء، فالإدغام - كانت حروف الهجاء، أو لم تكن - جِائز.
والإسكان والتَبين لا يجوز أن يكون فيه إلا حرف هجاء.
وقوله جلَّ وعزَّ: (أنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ) .
قرأ عاصم وحمزة (أأنْ كَانَ ذَا مَالٍ) بهمزتين.
وقرأ ابن عامر والحضرمي " آنْ كَانَ " بهمزة مطولة ممدودة.
وقرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير والكسائي وحفص (أنْ كَانَ ذَا
مَالٍ) .
قال أبو منصور: من قرأ بهمزتين فالأولى ألف الاستفهام،
والثانية ألف
(أن) .
ومن طَوَّل الهمزة فَرَّ من الجمع بين الهمزتين.
ومن قرأ (أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ) فالمعنى: ألأنْ كان ذا مال
تطعه، أي: لا تُطعه من أجل مالِهِ وبَنِيه.
ويجوز أن يكون المعنى: ألأنْ كان ذا مال وبنين إذا تتلى
عليه آياتنا ينكرها ويقول: هي أساطير الأولين.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ)
قرأ نافع وحده (لَيَزْلِقُونَكَ) " بفتح الياء من زَلَقَ
يَزْلِقُ.
وقرأ الباقون (لَيُزْلِقُونَكَ) من: أزلق.
(3/84)
قال الفراء: يقال للذي يحلق الرأس: قَدْ
زَلَقَهُ، وأزلقه.
والمعنى: أن الكفار لشدةِ إبْغَاضهم النبى صلى اللَّه عليه
نظروا إليه نظر عَدُوّ شَانئ، يكاد يَصرَعُ مَشْنُوءَهُ.
يقال: نظر فلان إليَّ كاد يَصرَعنِى. وفي ذللث قول الشاعر:
يتَقارَضُون إِذا التَقَوْا في مَوْطِنٍ ... نَظَراً يُزِيلُ
مَواطِئَ الأَقْدامِ
* * *
(3/85)
|