معاني القرآن للفراء

ومن سورة عم يتساءلون
قوله عزَّ وجلَّ: عَمَّ يَتَساءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ العظيم (2) يُقال: عنْ أي شيء يتساءلون؟ يعني: قريشًا، ثُمَّ قَالَ لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يتساءلون عَنِ النبأ العظيم، يعني: القرآن. ويقال: عم يتحدث «1» بِهِ قريش فِي القرآن. ثُمَّ أجابَ، فصارت: عم يتساءلون، كأنها [فِي معنى] «2» : لأي شيء يتساءلون عَنِ القرآن، ثُمَّ إنه أخبر فقال: «الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ» (3) بين مصدّق ومكذّب، فذلك «3» اختلافهم. واجتمعت القراء على الياء فى قوله:
«كَلَّا سَيَعْلَمُونَ» (4) . وقرأ الْحَسَن وحده: «كلا ستعلمون» وهو صواب. وهو مثل قوله- وإن لم يكن قبله قول-: «قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ «4» » وسيغلبون «5» .
وقوله: ثَجَّاجاً كالعَزَاليِ «6» :
وقوله عزَّ وجلَّ: وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً (19) .
مثل: «إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ «7» » «وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ «8» » معناه واحد، والله أعلم. بذلك جاء التفسير.
__________
(1) فى ش: تتحدث.
(2) زيادة من ش.
(3) فى ش: فكذلك، تحريف.
(4) سورة آل عمران الآية 12.
(5) فى ش: سيغلبون وستغلبون.
(6) العزالي، جمع عزلاء، وهى: مصب الماء من الراوية.
(7) الانشقاق الآية: 1.
(8) المرسلات الآية: 9.

(3/227)


لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23)

[123/ ا]
وقوله عز وجل: لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً (23) .
حدّثت عَنِ الْأَعْمَش أَنَّهُ قَالَ: بلغنا عنْ علقمة أَنَّهُ قَرَأَ «لَبِثين «1» » وهي قراءة «2» أصحاب عَبْد الله. والناس بعد يقرءون: (لابثين) ، وهو أجود الوجهين لأن (لابثين) إِذَا كانت فِي موضع تقع فتنصب كانت بالألف، مثل: الطامع، والباخل عنْ قليل. واللّبِثُ: البطيء، وهو جائز، كما يُقال: رَجُل طمِعٌ وطامع. ولو قلت: هَذَا طِمعٌ فيما قبلك كَانَ جائزًا، وقَالَ لبيد:
أوْ مِسْحَلٌ عَملٌ عضادةَ سَمْحَجٍ ... بسَرَاتِها نَدَبٌ لَهُ وكُلومُ «3»
فأوقع عمل عَلَى العضادة، ولو كانت عاملًا كَانَ أبين فِي العربية، وكذلك إِذَا قلت للرجل:
ضرّابٌ، وضروبٌ فلا توقعنهما عَلَى شيء لأنهما مدح، فإذا احتاج الشَّاعِر إلى إيقاعهما فَعَل، أنشدني بعضهم:
وبالفأسِ ضَرّابٌ رءوس الكرانفِ واحدها: كِرنافة، وهي أصول السقف. ويقال: الْحُقْبُ ثمانون سنة، والسنة ثلاثمائة وستون يومًا، اليوم منها ألف سنة من عدد أهل الدنيا «4» .
وقوله عزَّ وجلَّ: لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً (24) .
[حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ «5» ] : حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ: حَدَّثَنِي حِبَّانُ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لا يذقون فِيهَا بَرْدَ الشَّرَابِ وَلا الشَّرَابَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لا يذقون فِيهَا بَرْدًا، يُرِيدُ: نَوْمًا، قَالَ الْفَرَّاءُ: وَإِنَّ النَّوْمَ لَيُبْرِدُ صَاحِبَهُ. وَإِنَّ الْعَطْشَانَ لَيَنَامَ فَيُبْرِدُ بالنوم.
__________
(1) ممن قرأ بها زيد بن على وابن وثاب وعمرو بن ميمون وعمرو بن شر حبيل وطلحة والأعمش وحمزة وقتيبة (البحر المحيط 8/ 413) .
(2) فى ش: وهى فى قراءة
(3) المسحل: الفحل من الحمر، وسحيله: صوته، عضادة: جانب. السمجح: الأتان الطويلة الظهر، سراتها: أعلى ظهرها. ندب: خدوش وآثار. وكلوم: جراحات من عضه إياها. والبيت فى ديوان لبيد: 125
وقبله: حرف أضربها السفار كأنها ... بعد الكلال مسدم محجوم
وفيه سنق مكان عمل، والسنق: الذي كره الأكل من الشبع.
والبيت من شواهد سيبويه: 1 57 وفيه شنج مكان شنق، ومعناه: ملازم. والسمحج: الطويلة على وجه الأرض
(4) أورد اللسان؟ كلام الفراء هنا، وزاد بعد قوله: من عدد أهل الدنيا ما يأتى: قول الفراء. وليس هذا مما يدل على غاية كما يظن بعض الناس وإنما يدل على الغاية التوقيت، خمسة أحقاب أو عشرة أحقاب، والمعنى: أنهم يلبثون فيها أحقابا، كلما مضى حقب تبعه حقب آخر.
(5) زيادة من ش. [.....]

(3/228)


جَزَاءً وِفَاقًا (26)

وقوله [عز وجل: جَزاءً وِفاقاً (36) .
وفقًا لأعمالهم] «1» .
وقوله عزَّ وجلَّ: وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً (28) .
خففها عليّ بْن أَبِي طَالِب رحمه اللَّه: «كِذَّاباً» ، وثقلها عاصم والْأَعْمَش وأهل المدينة والحسن الْبَصْرِيّ.
وهي لغة يمانية فصيحة يقولون: كذبت به كذّابا، وخرّقت القميص خرّاقا، وكل فعّلت فمصدره فِعّال فِي لغتهم مشدد، قَالَ لى أعرابى منهم [123/ ب] : عَلَى المروة: آلحلقُ أحب إليك أم القِصَّار؟ يستفتيني «2» .
وأنشدني بعض بني كلاب:
لقدْ طالَ ما ثَبَّطْتَنيِ عنْ صَحابتيِ ... وعن حِوَجٍ قِضَّاؤها من شِفائيا «3»
وكان الكِسَائِيّ يخفف: «لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً» (35) لأنها ليست بمقيدة بفعل يصيرها مصدرًا. ويشدّد: «وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً» (28) لأن كذبوا يقيدّ الكِذابَ بالمصدر «4» ، والذي قَالَ حسن. ومعناه: لا يسمعون فيها لغوا. يَقُولُ: باطلًا، ولا كذابًا لا يكذب بعضهم بعضا.
وقوله عز وجل: رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ (37) .
يخفض فِي لفظ الإعراب، ويرفع، وكذلك: «الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً» (37) يرفع «الرَّحْمَنُ» ويخفض فِي الإعراب. والرفع فِيهِ أكثر. قال والفراء يخفض: (ربّ) ، ويرفع «الرحمن» «5» .
__________
(1) سقط فى ش.
(2) فى اللسان: قال الفراء: قلت لأعرابى يمنى: آلتصار أحب إليك أم الحلق؟
يريد: التقصير أحب إليك أم حلق الرأس؟ اهـ وعبارة قال لى هنا تدل على أن السائل ليس الفراء.
(3) الرواية فى البحر المحيط 8/ 414: حاجة مكان: حوج.
(4) فى ش: المصدر، تحريف.
(5) قرأ عبد الله وابن أبى إسحق والأعمش وابن محيصن وابن عامر وعاصم: رب، والرحمن بالجر، والأعرج، وأبو جعفر، وشيبة، وأبو عمرو، والحرميان برفعهما.. وقرأ: ربّ بالجر، والرحمن بالرفع الحسن وابن وثاب والأعمش وابن محيصن بخلاف عنهما فى الجر على البدل من ربك، والرحمن صفة أو بدل من رب أو عطف بيان (البحر المحيط 8/ 415) وانظر إعراب القرآن للعكبرى 2/ 149.

(3/229)


وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (1)

ومن سورة النازعات
قوله عز وجل: وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً (1) إلى آخر الآيات.
ذكر أنها الملائكة، وأنّ النزع نزعُ الأنفس من صدور الكفار، وهو كقولك: والنازعات إغراقًا، كما يُغرِق النازِع فِي القوس، ومثله: «وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً» (2) . يُقال: إنها تقبض نفس المؤمن كما يُنْشطُ «1» العقال مِن البعير، والذي سمعت من العرب أن يقولوا: أنشَطتُ وكأنما أُنشِطَ من عقال، وربطها: نشطها، فإذا ربطتَ الحبلَ فِي يد البعير فأنت ناشط، وإذا حللته فقد أنشطته، وأنت منشط.
وقوله عزَّ وجلَّ: وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً (3) .
الملائكة أيضًا، جعل نزولها من السماء كالسباحة. والعرب تقول للفرس الجواد [124/ ا] إنه لسابح «2» : إِذَا مرَّ يتمطى «3» .
وقوله عزَّ وجل: فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً (4) .
وهي الملائكة تسبق الشياطين «4» بالوحي إلى الأنبياء إِذ كَانَت الشياطين تسترق السمع.
وقوله عزَّ وجل: فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً (5) .
هِيَ الملائكة أيضًا «5» ، تنزل بالحلال والحرام فذلك تدبيرها، وهو إلى اللَّه جل وعز، ولكن لما نزلت بِهِ سميت بذلك، كما قَالَ عزَّ وجلَّ: (نزل به الرّوح الأمين «6» ) ، وكما قال: (فإنه نزّله على قلبك «7» ) ، يعني: جبريل عَلَيْهِ السَّلام نزّله عَلَى قلب محمد صلّى الله عليهما وسلم، والله الذي
__________
(1) ينشط العقال: ينزع، من قولهم: نشط الدلو: نزعها بلا بكرة.
(2) يقال: إنه لسابح، إذا مرّ يسرع.
(3) يتمطى: يجد فى السير.
(4) فى ش: تسبق الملائكة، تكرار.
(5) فى ش: وهى أيضا الملائكة.
(6) سورة الشعراء الآية: 19.
(7) سورة البقرة الآية: 97.

(3/230)


يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (10)

أنزله، ويسأل السائل: أَيْنَ جواب القسم فِي النازعات؟ فهو مما ترك جوابهُ لمعرفة السامعين، المعنى وكأنه لو ظهر كَانَ: لتبعثُنّ، ولتحاسبُنّ ويدل عَلَى ذَلِكَ قولهم: إِذَا كُنَّا عظامًا ناخرة «1» ألا [ترى أَنَّهُ كالجواب لقوله: لتبعثن إذ قَالُوا: إِذَا كُنَّا عظامًا نخرة نبعث] «2» .
وقوله عز وجل: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6) وهى: النفخة الأولى «تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ» (7) وهى: النفخة الثانية.
وقوله: أَإِذا «3» كُنَّا عِظاماً ناخرة (11) حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخطاب يقرأ: «إذا كنّا عظاما ناخرة» «4» ، حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ: حَدَّثَنِي الْكِسَائي عَن مُحَمَّد بْن الْفَضْلِ عنْ عطاء عنْ أَبِي عبد الرحمن عن علي رحمه الله أنه قرأ «نَخِرَةً» ، وَزَعَمَ فِي إِسْنَادِهِ هَذَا: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قرأها «نَخِرَةً» [حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ «5» ] قَالَ: وَحَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّيْمِيُّ أَبُو سَعِيدٍ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ شَرِيكٌ: قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ. «عِظَامًا نَاخِرَةً» وَقَالَ [مُحَمَّدٌ] «6» بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ [قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ.] «7» يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: مَا بَالُ صِبْيَانٍ يَقْرَءُونَ:
(نَخِرَةً) ، وإنما هى (ناخرة) [حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ «8» ] حدثنا الفراء [124/ ب] قال:
وَحَدَّثَنِي مِنْدَلٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ: (نَاخِرَةً) . وَقَرَأَ أَهْلُ المدينة والحسن:
(نخرة) ، و (ناخرة) «9» أَجْوَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْقِرَاءَةِ، لأَنَّ الآيَاتِ بِالأَلِفِ. ألا ترى أن (ناخرة) مع (الحافرة) و (الساهرة) أشبه بمجىء التنزيل، و (الناخرة) و (النخرة) سواء فى المعنى بمنزلة
__________
(1) (إذا) بغير استفهام قراءة نافع وابن عامر والكسائي، كما فى الإتحاف: 267، وفى ش: نبعث، بعد ناخرة.
(2) سقط فى ش. [.....]
(3) فى ب: إذا.
(4) سقط فى ش من قوله: حدثنا الفراء إلى هنا.
(5) ما بين القوسين زيادة من ش.
(6) سقط فى ش.
(7) سقط فى ش.
(8) ما بين الحاصرتين زيادة من ش.
(9) سقط فى ش.

(3/231)


فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (14)

الطَّامِعِ وَالطَّمِعِ، وَالْبَاخِلِ وَالْبَخِلِ. وَقَدْ فَرَّقَ بَعْضُ المفسرين بينهما، فقال: (النخرة) : البالية، و (الناخرة) : العظم المجوف الَّذِي تَمُرُّ فِيهِ الرِّيحُ فَيَنْخَرُ.
وقوله عزَّ وجل: الْحافِرَةِ (10) .
يُقال: إلى أمرنا الأول إلى الحياة، والعرب تَقُولُ: أتيت فلانًا ثُمَّ رجعت عَلَى حافرتي، أي رجعت إلى حيث جئت. ومن ذَلِكَ قول العرب: النقد عند الحافرة «1» . معناه: إِذَا قَالَ: قَدْ بعتُك رجعتُ عَلَيْهِ بالثمن، وهما فِي المعنى واحد. وبعضهم: النقد عند الحافر. قَالَ: وسألت عَنْهُ بعض العرب، فقال: النقد عند الحافر، يريد: عند حافر الفرس، وكأن هَذَا المثل جرى فِي الخيل.
وقَالَ بعضهم: الحافرة الأرض التي تحفر فيها قبورهم فسماها: الحافرة. والمعنى: المحفورة. كما قيل:
ماء دافق، يريد: مدفوق.
وقوله عزَّ وجلَّ: فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (14) .
وهو وجه الأرض، كأنها سميت بهذا الاسم، لأن فيها الحيوان: نومهم، وسهرهم [حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ «2» ] قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: (السَّاهِرَةُ) : الأَرْضُ، وَأَنْشَدَ:
فَفِيهَا لَحْمُ سَاهِرَةٍ وَبَحْرٍ ... وَمَا فَاهُوا بِهِ لَهُمُ مُقِيمُ «3»
وقوله عزَّ وجل: طُوىً (16) .
هُوَ واد بين المدينة ومصر «4» ، فمن أجراه قَالَ: هُوَ ذكرٌ سمينا به ذكرا، فهذا سبيل ما يُجْرى «5» ، ومن لم يجره جعله معدولا [125/ ا] عن جهته. كما قال: رأيت عمر، وذفر، ومضر لم تصرف
__________
(1) قيل: كانوا لنفاسة الفرس عندهم، ونفاستهم بها- لا يبيعونها إلّا، بالنقد، فقالوا: النقد عند الحافر، أي عند بيع ذات الحافر، ومن قال: عند الحافرة ... فاعلة من الحفر لأن الفرس بشدة دوسها تحفر الأرض (انظر اللسان مادة حفر، والأمثال للميدانى: 2: 264) .
(2) ما بين الحاصرتين زيادة فى ش.
(3) البيت لأمية بن أبى الصلت.
والرواية فى كل من: القرطبي، 19 197، والبحر المحيط 8/ 417: وفيها مكان ففيها، وصدر البيت فى الديوان: 54 وفرائد القلائد: 132 فلا لغو ولا تأثيم فيها.
(4) فى معجم البلدان: هو موضع بالشام عند الطور.
(5) كذا فى النسخ، وسياق الكلام يوجب (من) .

(3/232)


فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24)

لأنها معدولة عنْ جهتها، كأن عُمَر كَانَ عامرًا، وزفر زافرًا، وطوى طاوٍ، ولم نجد اسمًا من الياء والواو عدل عنْ جهته غير طوى، فالِإجراء فِيهِ أحب إليَّ: إذ لم أجد فِي المعدول نظيرًا.
وقوله عزَّ وجل: فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى (25) .
إحدى الكلمتين قوله: «مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي «1» » والأخرى قوله:
«أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى» (24) .
وقوله جل وعز: فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى.
أي: أخذه اللَّه أخذًا نكالًا للآخرة والأولى.
وقوله تبارك وتعالى: أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ (27) .
يعني: أهل مكَّة ثُمَّ «2» وصف صفة السماء، فَقَالَ: بناها.
وقوله عزَّ وجلَّ: وَأَغْطَشَ لَيْلَها. (29) أظلم ليلها.
وقوله جل وعز: وَأَخْرَجَ ضُحاها (29) . ضوءها ونهارها.
وقوله تبارك وتعالى: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (30) .
يجوز نصب الأرض ورفعها «3» . والنصب أكثر فِي قراءة القراء، وهو مثل قوله: «وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ» «4» ، مَعَ نظائر كثيرة فِي القرآن.
وقوله عزَّ وجل: مَتاعاً لَكُمْ (33) ، خَلَقَ ذَلِكَ منفعة لكم، ومتعة لكم، ولو كانت متاع لكم كَانَ صوابًا، مثل ما قَالُوا: «لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ» «5» ، وكما قَالَ: «مَتاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ» «6» وهو عَلَى الاستئناف يُضْمَر لَهُ ما يرفعه،
__________
(1) سورة القصص الآية: 38.
(2) سقط فى ش. [.....]
(3) قرأ الجمهور: والأرض والجبال بنصبهما، وقرأ الحسن، وأبو حيوة، وعمرو بن عبيد، وابن أبى عبلة، وأبو السمال برفعهما (البحر المحيط 8/ 423) .
(4) سورة يس الآية: 38.
(5) سورة الأحقاف الآية: 35.
(6) سورة النحل الآية: 117.

(3/233)


فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39)

وقوله عز وجل: فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ (34) وهي القيامة تطم عَلَى كل شيء، يُقال: تَطِمُ وتطُمُّ لغتان،
وقوله تبارك وتعالى، فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى (39) .
مأوى «1» أهل هَذِهِ الصفة،
وكذلك قوله: «فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى» (41) .
مأوى من وصفناه بما وصفناه بِهِ من خوف ربه ونهيه [125/ ب] نفسه عنْ هواها.
وقوله عزَّ وجلَّ: أَيَّانَ مُرْساها (42) .
يَقُولُ القائل: إنَّما الإرساء للسفينة والجبال، وما أشبههن، فكيف وصفت الساعةُ بالإرساءِ؟
قلت: هِيَ بمنزلة السفينة إِذَا كانت جارية فرست، ورسوّها قيامها، وليس قيامها كقيام القائم عَلَى رجلِه ونحوه، إنَّما هُوَ كقولك: قَدْ قام العدل، وقام الحق، أي: ظهر وثبت.
وقوله عزَّ وجل: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها (45) .
أضاف عاصم والْأَعْمَش، ونوّن طلحة بْن مصرف وبعض أهل المدينة، فقالوا: «مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها «2» » ، وكلّ صواب و «3» هو مثل قوله: «بالِغُ أَمْرِهِ» ، و «بالِغُ أَمْرِهِ» «4» و «مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ» و «مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ» «5» مَعَ نظائر لَهُ فِي القرآن.
وقوله تبارك وتعالى: «إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها» (46) .
يقول القائل: وهل للعشى ضحا؟ إنما الضحى لصدر النهار، فهذا بيّن ظاهر من كلام العرب أن يقولوا: آتيك العشية أَوْ غداتها، وآتيك «6» الغداة أَوْ عشيتها. تكون العشية فِي معنى: آخرِ، والغداة فِي معنى: أول، أنشدني بعض بنى عقيل:
__________
(1) سقط فى ش.
(2) قرأ: منذر بالتنوين- عمر بن عبد العزيز، وأبو جعفر، وشيبة، وخالد الحذاء، وابن هرمز، وعيسى وطلحة، وابن محيصن. (البحر المحيط 8/ 424) وقرأ العامة بالإضافة غير منون (القرطبي 19/ 210) .
(3) كذا فى ش، وفى ب، ح: هو.
(4) سورة الطلاق الآية: 3.
(5) سورة الأنفال الآية: 18.
(6) فى ش: أو آتيك.

(3/234)


عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)

نَحْنُ صبحنا عامرًا فِي دارها ... عشية الهلال أَوْ سَرارِها
أراد عشية الهلال أَوْ عشية سَرار العشية، فهذا أسد «1» من آتيك الغداة أو عشيتها «2»

ومن سورة عبس
[126/ ا] قوله عزَّ وجلَّ: عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى (2) ذَلِكَ عَبْد اللَّه بْن أم مكتوم وكانت أم مكتوم أم أَبِيهِ آتى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعنده نفر من أشراف قريش ليسأله عنْ بعض ما ينتفع بِهِ، فكرِه رَسُول اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقطع كلامه فأنزل اللَّه تبارك وتعالى، «عَبَسَ وَتَوَلَّى» ، يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم، «أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى» ، لأن جاءه الأعمى.
ثم قال جل وعز: وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى «3» (3) بما أراد أن يتعلَّمه من عِلْمِك، فعطف النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنُ أم مكتوم، وأكرمه بعد هذه الآية حتَّى استخلفه عَلَى الصلاة، وَقَدِ اجتمع القراء عَلَى: «فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى» (4) بالرفع، ولو كَانَ نصبًا «4» عَلَى جواب الفاء للعل- كَانَ صوابًا.
أنشدني بعضهم «5»
علَّ صروفَ الدَّهر أَوْ دولاتِها ... يُدلْنَنَا اللَّمَّةَ من لَمَّاتها
فتستريحَ النفسُ من زَفْراتها ... وتُنْقعَ الغلَّةُ من غلاتها
__________
(1) كذا فى ب، وفى ش: أشد، وما أثبتناها أرجح.
(2) ورد تعليق الفراء على هذه الآية فى تفسير القرطبي (19: 210) نقلا عنه، ولكن بعبارة يخالف آخرها أولها، وروى الشاهد، وبين بيتيه جردا تعادى طرفى نهارها فانظره هناك.
(3) فى ب، ش: «لعله أن يزكى» وهو خطأ.
(4) قرأ الجمهور بالرفع: فتنفعه، أو يذكر، وقرأ عاصم فى المشهور، والأعرج، وأبو حيوة، وابن أبى عبلة- بنصبهما (البحر المحيط: 8/ 427) . [.....]
(5) فى شرح شواهد المغني 1/ 454: أنشده الفراء ولم يعزه إلى أحد، ومثله فى شرح شواهد الشافية: 129.
وعل: أصله لعل، وصروف الدهر: حوادثه ونوائبه، ويدلننا الله: من أدالنا الله من عدونا إدالة، وهى: الغلبة يقال: أدلنى على فلان وانصرني عليه. واللّمة: الشدة..

(3/235)


فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6)

و «1» قد قَرَأَ بعضهم: «أأن جاءَه الأعمى» «2» بهمزتين مفتوحتين، أي: أن جاءَه عبس، وهو «3» مثل قوله: «أأَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ «4» » .
وقوله عزَّ وجل، فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) .
ولو قرأ قارئٌ: «تَصَدَّى» «5» كان صوابًا.
وقوله عز وجل: كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ (11) .
هَذِهِ السُّورة تذكرة، وإن شئت جعلت الهاء عمادا لتأنيث التذكرة.
«فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ «6» » (12) ذكر القرآن رجع «7» التذكير إلى الوحي.
«فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ» (13) .
لأنها نزلت من اللوح «8» المحفوظ مرفوعة عند ربك هنالك مطهرة، لا يمسها إلا المطهرون، وهذا مثل قوله: «فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً «9» » .
جعل [126/ ب] الملائكة والصحف مطهرة لان الصحف يقع عليها التطهير، فجعل التطهير لمن حملها أيضًا.
وقوله عز وجل: بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) .
وهم الملائكة، واحدهم سافر، والعرب تَقُولُ: سفرت بين القوم إِذَا أصلحت بينهم، فجعلت الملائكة إِذَا نزلت بوحي اللَّه تبارك وتعالى وتأديبه كالسفير الَّذِي يصلح بين القوم، قَالَ «10» الشَّاعِر
وما أدعُ السِّفارةَ بينَ قومي ... وما أمْشي يغشّ إن مشيت «11»
__________
(1، 4) ورد فى ش قبل قوله: وقد اجتمع القراء على: «فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى» والآية فى سورة القلم: 14.
(2) قرأ الجمهور «أن» بهمزة واحدة ومدة بعدها وبعض القراء بهمزتين محققتين (البحر المحيط 8/ 427) .
(3) فى ش وهل.
(5) قراءة العامة: «تَصَدَّى» بالتخفيف، على طرح التاء الثانية تخفيفا، وقرأ نافع وابن محيصن بالتشديد على الإدغام القرطبي (19/ 214)
(6) سقط فى ش.
(7) فى ش: ثم رجع.
(8) كذا فى ش.
(9) سورة النازعات الآية: 5
(10) فى ش: وقال.
(11) ورد فى القرطبي 19/ 216 ولم ينسبه، وفيه (فما) مكان (وما) - فى صدر البيت-، وفيه: (ولا) مكان، (وما) فى عجزه. وفى البحر المحيط 8/ 425: (فما) مكان (وما) فى صدر البيت، وما أسعى مكان: (وما أمشى) فى عجزه.

(3/236)


والبررة: الواحد منهم فِي قياس العربية بار لأن العرب لا تَقُولُ: فَعَلة يَنْوُونَ بِهِ الجمع إلا والواحد مِنْهُ فاعل مثل: كافر وكفرة، وفاجر فجرة. فهذا الحكم عَلَى واحده بار، والذي تَقُولُ العرب:
رَجُل بَرّ، وامرأة برة، ثُمَّ جمع عَلَى تأويل فاعل، كما قَالُوا: قوم خَيَرَة بَرَرَة. سمعتها من بعض «1» العرب، وواحد الخَيرَة: خيّر، والبررة: برٌّ. ومثله: قوم سَراةٌ، واحدهم: سِرى. كَانَ ينبغي أن يكون ساريًا. والعرب إِذَا جمعت: ساريًا جمعوه بضم أوله فقالوا: سُراة وغُزاة. فكأنهم إذ قَالُوا: سُرَاة: كرهوا أن يضموا أوله. فيكون الواحد كأنه سارٍ، فأرادوا أن يفرقوا بفتحة أول سراة بين: السرىّ والساري.
وقوله عز وجل: ما أَكْفَرَهُ (17) يكون تعجبًا، ويكون: ما الَّذِي أكفره؟. وبهذا الوجه الآخر جاء التفسير، ثُمَّ عجّبه، فَقَالَ:
«مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ» (18) ثم [127/ ا] فسّر فقال: «مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ» (19) أطورا نطفة، ثُمَّ علقة إلى آخر خلقِه، وشقيًا أَوْ سعيدًا، وذكرًا أَوْ أنثى.
وقوله عزَّ وجل: ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ «2» (20) معناه: ثُمَّ يسره للسبيلِ، ومثله: «إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ» ، أي: أعلمناه طريق الخير، وطريق الشر.
وقوله عز وجل: ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) جعله مقبورا، ولم يجعله ممن يُلْقَى للسباع والطير، ولا ممن يلقى فِي النواويس، كأن القبر مما أكرم المسلم بِهِ، ولم يقل: فقبره لأنّ القابر هُوَ الدافن بيده، والمُقبِر: اللَّه تبارك وتعالى لأنه صيره ذا قبر، وليس فعله كفعل الآدمي. والعرب تَقُولُ: بترتُ ذنب البعير، والله أبتره.
وعضبت قرن الثور، والله أعضبه، وطردت فلانًا عني، والله أطرده «3» صيّره طريدًا، ولو قَالَ قائل:
فقبره، أَوْ قَالَ فِي الآدمي: أقبره إِذَا وجهه لجهته صلح، وكان صوابًا ألا ترى أنك تَقُولُ: قتل فلان أخاه، فيقول الآخر: اللَّه قتله. والعرب تَقُولُ: هَذِهِ كلمة مُقتلة مُخيفة إِذَا كانت من قالها قُتِل قيلت هكذا، ولو قيل فيها: قاتلة خائفة كَانَ صوابًا، كما تَقُولُ: هَذَا الداء قاتِلك.
__________
(1) كرر فى ش: بعض.
(2) سورة الإنسان الآية: 3.
(3) كذا فى ش، وفى ب، ح: وصيره، تحريف. [.....]

(3/237)


كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23)

وقوله تبارك وتعالى: كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23) لم يقض بعض ما أمره.
وقوله عزَّ وجل: أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا (25) قَرَأَ الْأَعْمَش وعاصم (أَنَا) «1» يجعلانها فِي موضع خفض أي: فلينظر إلى صبِّنَا الماء إلى أن صَبَبْنا، وفعلنا وفعلنا. وقرأ أهل الحجاز والحسن الْبَصْرِيّ: (إنا) «2» يخبر عنْ صفة الطعام بالاستئناف، وكلٌّ حسن، وكذلك قوله جل وعز: «فَانْظُرْ كَيْفَ [127/ ب] كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ «3» » ، و «إنا دمرناهم «4» . وَقَدْ يكون موضع «أَنَا» هاهنا فى (عبس) إِذَا فتحتْ رفعًا كأنه استأنف فَقَالَ: طعامُه، صَبُّنا الماء، وإنباتُنا كذا وكذا.
وقوله تبارك وتعالى: حَبًّا (27) .
الحب: كل الحبوب: الحنطة والشعير، وما سواهما. والقضب: الرَّطبة، وأهل مكَّة يسمون القتَّ: القضب.
والحدائق: كل بستان كَانَ عَلَيْهِ حائط فهو حديقة. وما لم يكن عَلَيْهِ حائط لم يُقَلْ:
حديقة. والغُلْب: ما غلظ من النخل. والأبّ: ما تأكله الأنعام. كذلك قَالَ ابْنُ عَبَّاس.
وقوله تبارك وتعالى: مَتاعاً لَكُمْ (32) أي: خلقناه متعةً لكم ومنفعة. ولو كَانَ رفعًا جاز عَلَى ما فسرنا.
وقوله عزَّ وجل: الصَّاخَّةُ (33) : القيامة.
وقوله عزَّ وجلَّ: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) .
يفر عنْ أخيه: من، وعن فِيهِ سواء.
وقوله عزَّ وجلَّ: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) .
أي: يشغله عنْ قرابته، وَقَدْ قَرَأَ بعض القراء: «يعنيه» «5» وهى شاذة.
__________
(1) وهى قراءة الأعرج، وابن وثاب، والكوفيين، ورويس. (البحر المحيط: 8/ 429) .
(2) وهى أيضا قراءة الجمهور (البحر المحيط: 8/ 429) .
(3) سورة النمل الآية: 51.
(4) فى ش: وإنا دمرناهم.
(5) هى قراءة ابن محيصن، قال ابن جنى: وهذه قراءة حسنة إلا أن التي عليها الجماعة أقوى معنى، وذلك أن الإنسان قد يعنيه الشيء، ولا يغنيه عن غيره (المحتسب: 2/ 353) .

(3/238)


إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1)

وقوله تبارك وتعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) .
مشرقة مضيئة، وإذا ألقت المرأة نقابها، أَوْ برقعها قيل: سفرت فهي سافرٌ، ولا يُقال:
أسفرت.
وقوله عز وجل: تَرْهَقُها قَتَرَةٌ (41) .
ويجوز فِي الكلام: قَتْرة بجزم التاء. ولم يقرأ بها أحد «1» .