معاني القرآن للفراء

ومن سورة العاديات
قوله عز وجل: وَالْعادِياتِ ضَبْحاً (1) .
قَالَ ابْنُ عَبَّاس: هِيَ الخيلُ، والضبيح: أصوات أنفاسها إذا عدون. قال: حدثنا [الفراء قال] «3» : حدثني بذلك حِبَّان بإسناده عَنِ ابْنِ عَبَّاس.
وقوله عز وجل: فَالْمُورِياتِ قَدْحاً (2) .
أورت النار بحوافرها، فهي نار الحُباحب. قَالَ الكلبي بإسناده: وكان الحباحب من أحياء العرب، وكان من أبخل النَّاس، فبلغ بِهِ البخل، أَنَّهُ كَانَ لا يوقد نارًا إلَّا بليل، فإذا انتبه منتبه ليقتبس منها «4» أطفأها، فكذلك ما أورت الخيل من النار لا ينتفع بها، كما لا ينتفع بنار الحباحب.
وقوله عز وجل: فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (3) .
أغارت الخيل صبحا، وإنما كانت سريَّة بعثها رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بني كنانة، فأبطأ عَلَيْهِ خبرها، فنزل عَلَيْهِ الوحي بخبرها فِي العاديات، وكان عليّ بْن أَبِي طَالِب رحمه اللَّه يَقُولُ:
هِيَ الإبلُ، وذهب إلى وقعة بدر، وقَالَ: ما كَانَ معنا يومئذ إلا فرس عَلَيْهِ المقداد بْن الأسود.
وقوله عزَّ وجلَّ: فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً (4) .
والنقع: الغبار، ويقال: التراب.
__________
(1) قرأ: ليروا: الحسن والأعرج وقتادة وحماد بن سلمة والزهري وأبو حيوة وعيسى ونافع فى رواية (البحر 8/ 501) .
(2) قرأ (يره) معا بإسكان الهاء هشام وابن وردان من طريق النهرواني عن ابن شبيب، وقرأهما بالاختلاس يعقوب ... والباقون بالإشباع. الإتحاف: 273.
(3) سقط فى ش.
(4) فى ش: بها.

(3/284)


وقوله عز وجل: بِهِ نَقْعاً «1» يريد [146/ ب] : بالوادي، ولم يذكره قبل ذَلِكَ، وهو جائز لأن الغبار لا يثار إِلّا من موضع وإن لم يذكر، وإذا عرف اسم الشيء كُني عَنْهُ وإن لم يَجْرِ لَهُ ذكر.
قَالَ اللَّه تبارك وتعالى: «إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ «2» » ، يعنى: القرآن، وهو مستأنف سورة، وما استئنافه فِي سورة إلّا كذكره فِي آية قَدْ جرى ذكره فيما قبلها، كقوله: «حم، وَالْكِتابِ الْمُبِينِ، إِنَّا أَنْزَلْناهُ
«3» » ، وقَالَ اللَّه تبارك وتعالى: «إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ «4» » يريد: الشمس ولم يجر لها «5» ذكر.
وقوله عز وجل: فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً (5) .
اجتمعوا عَلَى تخفيف (فوسطن) ، ولو قرئت «فَوَسَطْنَ» كَانَ صوابًا «6» لأن العرب تَقُولُ: وسَطت الشيء، ووسّطته وتوسَّطته، بمعنى واحد.
وقوله عزَّ وجلَّ: إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6) .
قَالَ الكلبي وزعم «7» أنها فِي لغة كندة وحضرموت: «لَكَنُودٌ» : لَكفور بالنعمة.
وقَالَ الْحَسَن: «إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ» قَالَ: لَوّام لربه يُعد المسيئات، وينسى النعم.
وقوله عزَّ وجلَّ: وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ (7) .
يَقُولُ: وإن اللَّه عَلَى ذَلِكَ لشهيد.
وقوله تبارك وتعالى: وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8) .
قَدِ اختلف فِي هَذَا قَالَ الكلبي بإسناده: لشديد: لبخيل، وقَالَ آخر: وَإِنَّهُ لحب الخير لقويٌّ، والخير: المال. ونرى والله أعلم- أن المعنى: وَإِنَّهُ لِلْخير لشديد الحب، والخير: المال،
__________
(1) سقط فى ش.
(2) سورة القدر الآية 1. [.....]
(3) سورة الدخان الآيات: 1، 2، 3.
(4) سورة ص الآية 32.
(5) كذا فى ش: وفى ب، ح: له.
(6) هى قراءة على بن أبى طالب، وابن أبى ليلى، وقتادة (المحتسب: 2/ 370) .
(7) فى ش: زعم.

(3/285)


يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4)

وكأن الكلمة لما تقدم فيها الحب، وكان موضعه أن يضاف إِلَيْه شديد حذف الحب من آخره لمّا جرى ذكره فِي أوله، ولرءوس الآيات، ومثله فى سورة إِبْرَاهِيم: «أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ «1» » والعصُوف لا يكون للَأيام إنَّما يكون للريح [147/ ا] فلما جرى ذكر الريح قبل اليوم طرحت من آخره، كأنه قيل: فِي يَوْم عاصف الريح.
وقوله عزَّ وجلَّ: أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ (9) .
رأيتها فِي مصحف عَبْد اللَّه: «إِذَا بحث ما فِي القبور «2» » ، وسمعت بعض أعراب بني أسد، وقرأها فَقَالَ: «بحثر» «3» وهما لغتان: بحثر، وبعثر.
وقوله عزَّ وجلَّ: وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) بُيّن.
وقوله عزَّ وجلَّ: إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (11) .
وهي «4» فِي قراءة عبد اللَّه: «بأنه يومئذ بهم خبير «5» »

ومن سورة القارعة
قوله عزَّ وجلَّ: يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ (4) .
يريد: كغوغاء الجراد يركب بعضه بعضًا، كذلك النَّاس يومئذ يجول بعضهم فِي بعض.
وقوله عز وجل: كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5) وفي قراءة عَبْد اللَّه: «كالصوف المنفوش» وذكِر:
أن صُوَر الجبال تسّير عَلَى الأرض، وهي فى صور الجبال كالهباء.
__________
(1) سورة إبراهيم الآية: 18.
(2) وقرأ بها أيضا الأسود بن زيد (البحر 8/ 505) .
(3) وقرأ بها عبد الله بن مسعود (البحر 8/ 505) .
(4) سقط من ش.
(5) يروى: أن الحجاج قرأ هذه السورة على المنبر يحضهم على الغزو فجرى على لسانه: «إِنَّ رَبَّهُمْ» بفتح الألف، ثم استدركها فقال: «لَخَبِيرٌ» بغير لام. (تفسير القرطبي 20/ 163) .

(3/286)


أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)

وقوله عز وجل: كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ.
لأن ألوانها مختلفة، كألوان العهن.
وقوله عزَّ وجل: فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ (6) .
ووزنه، والعرب تَقُولُ: هَلْ لَكَ فِي درهم بميزان درهمك ووزن درهمك، ويقولون: داري بميزان دارك ووزن دارك، وقَالَ الشَّاعِر:
قَدْ كنتُ قبلَ لقائِكم ذا مِرَّةٍ ... عندي لكلٍ مخاصم ميزانه «1»
يريد: عندي وزن كلامه ونقضه.
وقوله جل وعز: فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ (9) .
صارت مأواه، كما تؤوي المرأة ابنها، فجعلها إِذ لا مأوى لَهُ غيرها أمًّا لَهُ.

ومن سورة التكاثر
قوله عز وجل: أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (1) .
نزلت فى حيين من قريش تفاخروا: أيهم أكثر عددًا؟ وهما: بنو عَبْد مناف وبنو سهم فكثرت [147/ ب] بنو عَبْد مناف بني سهم، فَقَالَت بنو سهم: إن البغي أهلكنا فِي الجاهلية، فعادّونا بالأحياء وَالأموات فكثَرتهم بنو سهم، فأنزل اللَّه عز وجل: «أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ» حتَّى ذكرتم الأموات، ثُمَّ قَالَ لهم: «كَلَّا» (3) ليس الأمر عَلَى ما أنتم [عَلَيْهِ «2» ] ، وقَالَ: [ «سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ] «3» » (4) . والكلمة قَدْ تكررها العرب عَلَى التغليظ والتخويف، فهذا من ذاك.
وقوله عزَّ وجلَّ: عِلْمَ الْيَقِينِ (5) .
مثل قوله: «إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ «4» » ، المعنى فيه: لو تعلمون علما يقينا.
__________
(1) فى تفسير القرطبي: 20/ 166: وقيل: إن الموازين الحجج والدلائل، قاله عبد العزيز بن يحيى، واستشهد بقول الشاعر: قد كنت قبل لقائكم..... البيت.
(2) زيادة فى ش.
(3) اضطربت العبارة التي بين الرقمين فى ش.
(4) سورة الواقعة: 95. [.....]

(3/287)


وقوله عز وجل: لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) .
«ثُمَّ لَتَرَوُنَّها» (7) مرتين من التغليظ أيضًا. «لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ» (7) عينًا لستم عَنْهَا بغائبين، فهذه قراءة العوام أهل المدينة، وأهل الكوفة وأهل «1» البصرة بفتح التاء من الحرفين.
[حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ «2» ] حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْفَضْلِ عنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَرَأَ «لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ، ثُمَّ لَتَرَوُنَّها» ، بِضَمِّ التَّاءِ الأُولَى، وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ «3» . وَالأَوَّلُ أَشْبَهُ بِكَلامِ الْعَرَبِ، لأَنَّهُ تَغْلِيظٌ، فَلا يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ لَفْظُهُ، أَلا تَرَى قوله: «سَوْفَ تَعْلَمُونَ، ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ» ؟ وقوله عز وجل: «فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً «4» » .
ومن التغليظ قوله فى سورة: «قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ، لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ «5» » مكرر، كرر فيها وهو معنى واحد، ولو رفعت التاء فِي الثَّانية، كما رفعت الأولى كَانَ وجهًا جيدًا.
وقوله عزَّ وجلَّ: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8) .
قَالَ «6» : إنه الأمن والصحة. وَذَكَرَ الْكَلْبِيُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا فِي أَمْرٍ فَرَجَعُوا جِيَاعًا، فَدَخَلُوا عَلَى رجل من الأنصار، فأصابوا تمرا وماءا بَارِدًا، فَلَمَّا خَرَجُوا قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَا إِنَّكُمْ سَتُسْأَلُونَ عَنْ هَذِهِ وَعَنْ هَذَا فَقَالُوا: فَمَا شُكْرُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْ تَقُولُوا: الْحَمْدُ لله [148/ ا] .
وَذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «7» (ثَلَاثٌ لَا يُسْأَلُ عَنْهُنَّ الْمُسْلِمُ: طَعَامٌ يُقِيمُ صُلْبَهُ، وَثَوْبٌ يُوَارِي عورته، وبيت يكنه من الحر والبرد) .
__________
(1) سقط من ش.
(2) ما بين الحاصرتين زيادة من ش.
(3) هى قراءة الكسائي وابن عامر، من أريته الشيء، أي: تحشرون إليها فترونها. (القرطبي 20/ 174) .
(4) سورة الشرح: 6، 7 وأول الآية الأولى: (فإن) بالفاء.
(5) سورة الكافرون الآيتان: 1، 2.
(6) فى ش: يقال.
(7) فى تفسير القرطبي 20/ 176: هذا الحديث بنص آخر رواه أبو نعيم الحافظ عن أبى عسيب مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وفيه الثلاث التي لا يسأل عنهن المسلم: (كسرة يسد بها جوعته، أو ثوب يستر به عورته، أو جحر يأوى فيه من الحر والقر) .

(3/288)


وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)

ومن سورة العصر
قوله عز وجل: وَالْعَصْرِ (1) .
هُوَ الدهر أقسم بِهِ.
وقوله عزَّ وجلَّ: لَفِي خُسْرٍ (2) .
لفي عقوبة بذنوبه، وأن يخسر أهله، ومنزله فى الجنة.

ومن سورة الهمزة
قوله عزَّ وجلَّ: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) .
وإنما نزلت فِي رَجُل واحد كَانَ يهمز الناس، ويلمِزهم: يغتابهم ويعيبهم، وهذا جائز فِي العربية أن تذكر الشيء العام وأنت تقصد «1» قصد واحد من هذا وأنت قائل فِي الكلام عند قول الرجل:
لا أزورك أبدًا، فتقول أنت: كل من لم يزرني فلست بزائره، وأنت تريد الجواب «2» ، وتقصد قصده، وهي فِي قراءة عَبْد اللَّه: «وَيْلٌ لِلْهُمَزَةِ اللُّمَزَةِ» .
وقوله عز وجل: الَّذِي جَمَعَ مالًا (2) .
ثقّل «3» : جمّع. الْأَعْمَش وأبو جَعْفَر الْمَدَنِيّ، وخففها عاصم ونافع والحسن البصري «4» ،
__________
(1) زاد فى ش: به.
(2) فى ش: تريد به الجواب.
(3) فى ش: وثقّل الأعمش، سقط.
(4) اختلف فى «جمع» فابن عامر وحمزة والكسائي وأبو جعفر وروح وخلف بتشديد الميم على المبالغة، وافقهم الأعمش، والباقون بتخفيفها. الإتحاف: 443.

(3/289)


الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7)

واجتمعوا جميعا على (وعدّده) بالتشديد، يريدون: أحصاه. وقرأها الْحَسَن: «وَعَدَّدَهُ» خفيفة «1» فَقَالَ بعضهم فيمن خفف: جمَع مالًا وأحصى عدده، مخففة «2» يريد: عشيرته.
وقوله عزَّ وجلَّ: يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (3) يريد: يخلده وأنت «3» قائل للرجل: أتحسب أنّ مالك أنجاك من عذاب اللَّه؟ ما أنجاك من عذابه إلّا الطاعة، وأنت تعني: ما ينجيك. ومن ذَلِكَ قولك للرجل يعمل الذنب الموُبق: دخل والله النار، والمعنى: وجبت لَهُ النار.
وقوله عزَّ وجلَّ: لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) .
قرأها العوام: «لَيُنْبَذَنَّ» على التوحيد، وقرأها الحسن البصري وحده [148/ ب] «لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ» يريد: الرجل وماله، والحطمة: اسم من أسماء النار، كقوله: جهنم، وسقر، ولظى.
فلو ألقيت منها الألف واللام إِذ كانت اسمًا لم يَجرِ.
وقوله عزَّ وجلَّ: تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) .
يَقُولُ: يبلغ ألمها الأفئدة، والاطلاع والبلوغ قَدْ يكونان بمعنى واحد. العرب تَقُولُ: مَتَى طلعتَ أرضنا، وطلعت أرضى، أي: بلغت.
وقوله جل وعز: مُؤْصَدَةٌ (8) .
وهي المطبَقة، تهمز ولا تهمز.
وقوله عزَّ وجل: فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9) .
[حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ «4» ] قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر الْمَدَنِيّ قَالَ: كَانَ أصحابنا يقرءون: (فِي عَمَد) بالنصب، وكذلك الْحَسَن. وحدثني «5» . بِهِ الكِسَائِيّ عنْ سُلَيْمَان بْن أرقم عن الحسن: (فى عمد) .
__________
(1) قراءة الجمهور: «وَعَدَّدَهُ» بشد الدال الأولى، أي: أحصاه وحافظ عليه (البحر 8/ 510) ، «وَعَدَّدَهُ» بتخفيف الدال الأولى أي: وجمع عدد ذلك المال (الاتحاف: 443) .
(2) جاء فى هامش ب عند كلمة مخففة: خفيفة، وجمع قد يكون فى مذهب: حفظ. وقال الكلبي بإسناده:
جمع مالا وعدده.
(3) فى ش: وأنت للرجل سقط. [.....]
(4) ما بين الحاصرتين زيادة من ش.
(5) فى ش: حدثنى.

(3/290)


أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1)

[حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ] «1» قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ: وَحَدَّثَنِي قيس بن الربيع عن أبى اسحق عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ السَّلُولِيِّ عَنْ عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَرَأَهَا: «فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ» «2» .
[حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ] «3» قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْفَضْلِ عنْ عَطَاءٍ عنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُمَا قَرَآ: «فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ» .
قَالَ الْفَرَّاءُ: وَالْعُمُدُ، وَالْعَمَدُ جَمْعَانِ لِلْعَمُودِ، مِثْلُ: الأَدِيمِ، وَالأُدُمِ، وَالأَدَمِ. وَالإِهَابِ «4» ، وَالأُهُبِ، وَالأَهَبِ، وَالْقَضِيمِ وَالْقَضَمِ وَالْقُضُمِ «5» وَيُقَالُ: إِنَّهَا عُمُدٌ من نار.