معاني القرآن للنحاس تفسير سورة النمل
مكية وآياتها 93 آية
(5/111)
بسم الله الرحمن الرحيم سورة النمل وهي
مكية 113 - من ذلك قوله جل وعز طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين
آية 1 تلك أي هذه آيات القرآن الذي كنتم توعدون به وكتاب مبين
أي وآيات كتاب مبين 2 - وقوله جل وعز إن الذين لا يؤمنون
بالآخرة زينا لهم أعمالهم آية 4 قال أبو إسحق أي جعلنا جزاءهم
على الكفر هذا وقيل أي زينا لهم الطاعة والإيمان لأنهما من
أعمال الخلق
(5/113)
3 - ثم قال جل وعز فهم يعمهون آية 4 روى
ابن أبي نجيح عن مجاهد قال فهم يترددون في
الضلالة 4 - ثم قال جل وعز وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم
آية 6 أي يلقى عليك فتتلقاه 5 - وقوله جل وعز إذ قال موسى
لأهله إني آنست نارا آية 7 قال أبو عبيدة أي أبصرت قال أبو
جعفر ومنه قيل إنس لأنهم مرئيون 6 - ثم قال جل وعز سأتيكم منها
بخبر أو آتيكم بشهاب قبس آية 7
(5/114)
قال أبو عبيدة الشهاب النار قال أبو إسحق
يقال لكل ذي نور شهاب قال أحمد بن يحيى أصل الشهاب عود في أحد
طرفيه جمرة والآخر لا نار فيه والجذوة كذلك إلا أنها أغلظ من
الشهاب وسميت جذوة لأنها أصل الشجرة كما هي قال أبو جعفر يقال
قبست النار أقبسها قال قبسا والاسم القبس 7 - ثم قال جل وعز
لعلكم تصطلون آية 7 روى عكرمة عن ابن عباس قال كانوا شاتين
وكانوا قد أخطأوا الطريق 8 - ثم قال جل وعز فلما جاءها نودي أن
بورك من في النار ومن
حولها آية 8
(5/115)
أي فلما جاءها موسى نودي أن بورك من في
النار ومن حولها روى عطاء بن السائب عن سعبد بن جبير عن ابن
عباس قال النار نور الله جل وعز نادى موسى صلى الله عليه وسلم
وهو في النور ومن حولها الملائكة وروى موسى بن عبيدة عن محمد
بن كعب النار نور الله جل وعز ومن حولها موسى والملائكة صلى
الله عليه وسلم وقيل من في النار الملائكة الموكلون بها ومن
حولها الملائكة أيضا والمعنى يقولون سبحان الله رب العالمين
(5/116)
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد ولم يعقب ولم
يرجع 9 - وقوله جل وعز إني لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم
آية 10 في معناه أقوال أ - منها أن في الكلام حذفا والمعنى إني
لا يخاف لدي المرسلون إنما يخاف غيرهم ممن ظلم إلا من ظلم ثم
تاب فإنه لا يخاف
ب وقيل المعنى لا يخاف لدي المرسلون لكن من ظلم من المرسلين
وغيرهم ثم تاب فليس يخاف ج - وقيل إلا بمعنى الواو وذا ليس
بجيد في العربية 10 - وقوله جل وعز وأدخل يدك في جيبك تخرج
بيضاء آية 12 المعنى وأخرجها تخرج بيضاء وروى مقسم عن ابن عباس
من غير سوء من غير برص
(5/117)
11 - ثم قال جل وعز في تسع آيات آية 12
المعنى من تسع آيات وفي بمعنى من لقربها منها كما تقول خذ لي
عشرا من الإبل فيها فحلان أي منها وقال الأصمعي في قول امرئ
القيس وهل ينعمن من كان آخر عهده ثلاثين شهرا في ثلاثة أحوال
في بمعنى من ويجوز أن تكون بمعنى مع والمعنى وألق عصاك وأدخل
يدك في جيبك آيتان من تسع آيات والتسع الآيات فيما روي كون
العصا حية وكون يده بيضاء من غير سوء والجدب الذي أصابهم في
بواديهم ونقص الثمرات والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم
12 - ثم قال جل وعز إلى فرعون وقومه آية 12
(5/118)
تخرج بيضاء إلى فرعون وقومه وقيل المعنى
إلى فرعون وقومه مبعوث ومرسل وهذا قول الفراء 13 - وقوله جل
وعز فلما جاءتهم آياتنا مبصرة آية 13 أي واضحة ومبصرة أي مبينة
14 - وقوله جل وعز وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا
آية 14 أي تكبرا أن ؤمنوا عن بموسى صلى الله عليه وسلم وقد
جاءهم بالبراهين والآيات 15 - وقوله جل وعز وورث سليمان داود
آية 16 سبيل الولد أن يرث أباه فالفائدة في هذا أنه من وراثة
العلم والقيام بأمر الناس ومن هذا العلماء ورثة الأنبياء
(5/119)
ويروى أنه كان لداود عليه السلام تسعة عشر
ولدا فورثه سليمان في النبوة والملك دونهم وقال يا أيها الناس
علمنا منطق الطير 16 - ثم قال جل وعز وأوتينا من كل شئ آية 16
أي من كل شئ يؤتاه الأنبياء والناس وهذا على التكثير كما يقال
ما بقيت أحدا حتى كلمته في
أمرك 17 - وقوله جل وعز فهم يوزعون آية 17 روى معمر عن قتادة
قال يرد أولهم على آخرهم قال أبو جعفر أصل وزعته كففته ومنه لا
بد للناس من وزعة ومنه لما يزع السلطان أكثر مما يزع القرآن
(5/120)
روى عطاء الخراساني عن ابن عباس فهم يوزعون
قال على كل صنف منهم وزعة يرد أولاها على أخراها لئلا يتقدموا
في المسير كما يصنع الملوك فهذا قول بين ومنه وزع فلان فلانا
عن الظلم إذا كفه عنه كما قال النابغة على حين عاتبت المشيب
على الصبا وقلت ألما يصح والشيب وازع 18 - ثم قال جل وعز حتى
إذا أتوا على واد النمل آية 18 يروى أنه واد كان بالشام نمله
على قدر الذباب وقرأ سليمان التيمي يا أيها النمل ادخلوا
مساكنكن لا يحطمنكن من سليمان بجنوده
(5/121)
19 - وقوله جل وعز فتبسم ضاحكا من قولها
آية 19 ويقرأ فتبسم ضحكا من قولها ويقال كذلك ضحك الأنبياء 20
- وقوله جل وعز وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك
آية 19 قال أهل التفسير أوزعني أألهمني وهو مأخوذ من الأول أي
كفني عن الأشياء إلا عن شكر نعمتك أي كفني عما يباعد منك 21 -
وقوله جل وعز وتفقد الطير فقال مالي لا أرى الهدهد آية 20 قال
أبو مجلز قال ابن عباس لعبد الله بن سلام أريد أن أسألك عن
ثلاث مسائل قال أتسألني وأنت تقرأ القرآن قال نعم ثلاث مرات
قال لم تفقد سليمان الهدهد دون سائر الطير
(5/122)
قال احتاج إلى الماء ولم يعرف عمقه أو قال
مسافته وكان الهدهد يعرف ذلك دون الطير فتفقده وفي غير هذا عن
ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له كيف هذا والصبي يصيده فقال
له ابن عباس إذا وقع القضاء عمي البصر وقال عطاء حدثنا مجاهد
عن ابن عباس قال كان سليمان يجلس وتجعل السرر بين يديه ويأمر
الإنس فيجلسون عليها ثم يأمر الجن فيجلسون من ورائهم ثم يأمر
الشياطين فيجلسون من ورائهم ثم يظلهم الطير وتقلهم في الريح
مسيرة شهر
(5/123)
ورواحها شهر فتفقد الهدهد من الطير فقال
لأعذبنه عذابا
شديدا آية 21 وكان تعذيبه إياه نتفه وإلقاءه إياه في الأرض لا
يمتنع من نملة ولا هامة قال عبد الله بن شداد كان تعذيبه اياه
أن ينتفه ويلقيه في الشمس ثم قال جل وعز أو ليأتيني بسلطان
مبين آية 21 أي بحجة بينة 22 - وقوله جل وعز فمكث غير بعيد آية
22 أي غير وقت بعيد والتقدير فمكث سليمان غير طويل من حين سأل
عن الهدهد حتى جاء الهدهد فقال أي فقال الهدهد حين سأله سليمان
عن تخلفه أحطت بما لم تحط به في الكلام حذف والمعنى ثم جاء
فسأله سليمان عن غيبته فقال أحطت بما لم تحط به
(5/124)
ومعنى أحطت بالشئ علمته من جميع جهاته 23 -
وقوله جل وعز وجئتك من سبأ بنبأ يقين آية 22 قيل سبأ اسم رجل
وقيل هي مدينة قرب اليمن 24 - وقوله جل وعز إني وجدت امرأة
تملكهم آية 23 قال قتادة هي امرأة يقال لها بلقيس ابنة شراحيل
وكان أحد أبويها من الجن ومؤخر قدمها كحافر الحمار
25 - ثم قال جل وعز وأوتيت من كل شئ ولها عرش عظيم آية 23 أي
من كل شئ يؤتاه مثلها ولها عرش عظيم أي سرير كبير عظيم الخطر
(5/125)
26 - وقوله جل وعز ألا يسجدوا لله آية 25
هي أن دخلت عليها لا والمعنى لئلا يسجدوا لله ويجوز أن يكون أن
بدلا من أعمالهم وقرأ ابن عباس وعبد الرحمن السلمي والحسن وأبو
جعفر وحميد الأعرج ألا يا اسجدوا لله والمعنى على هذه القراءة
ألا يا هؤلاء اسجدوا لله كما قال الشاعر يا لعنة الله والأقوام
كلهم والصالحين على سمعان من جار فالمعنى يا هؤلاء لعنة الله
(5/126)
وعلى هذه القراءة هي سجدة وعلى القراءة
الأولى ليست بسجدة لأن المعنى وزين لهم الشيطان أن لا يسجدوا
لله والكلام على القراءة الأولى متسق وعلى القراءة الثانية قد
اعترض في الكلام شئ ليس منه 27 - ثم قال جل وعز الذي يخرج
الخبء في السموات
والأرض آية 25 روى ابن نجيح عن مجاهد قال الخبء ما غاب وروى
معمر عن قتادة قال الخبء السر وقيل الخبء في السموات المطر وفي
الأرض النبات والأول أولى أي ما غاب في السموات والأرض ويدل
عليه قوله ويعلم ما يخفون وما يعلنون
(5/127)
وفي قراءة عبد الله يخرج الخبء من السموات
والأرض 28 - وقوله جل وعز إذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول
عنهم فانظر ماذا يرجعون آية 28 قيل المعنى فألقه إليهم فانظر
ماذا يرجعون ثم تول عنهم وقيل إنما أدبه بأدب الملوك أي فألقه
إليهم ولا تقف منتظرا ولكن تول ثم ارجع 29 - وقوله جل وعز قالت
يا أيها الملأ آية 29 في الكلام حذف والمعنى فذهب فألقاه إليهم
فسمعها تقول يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم قيل قالت
كريم لكرم صاحبه وشرفه وقيل لأنه كان مختوما
(5/128)
وقيل قالت كريم من أجل ما فيه
وكان فيه بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله سليمان إلى بلقيس
ألا تعلوا علي وائتوني مسلمين وكانت كتب الأنبياء مختصرة
واحتذى الناس عليه من عبد الله قال عاصم عن الشعبي قال كتب
النبي صلى الله عليه وسلم أربعة كتب كان يكتب باسمك اللهم فلما
نزلت بسم الله مجريها ومرساها كتب بسم الله فلما نزلت قل ادعوا
الله أو ادعوا الرحمن كتب بسم الله الرحمن فلما نزلت إنه من
سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم كتب بسم الله الرحمن
الرحيم قال عاصم قلت للشعبي أنا رأيت كتاب النبي صلى الله عليه
وسلم فيه بسم الله الرحمن الرحيم فقال ذاك الكتاب الثالث
(5/129)
30 - وقوله جل وعز ألا تعلوا علي وائتوني
مسلمين آية 31 أي أن لا تتكبروا ويجوز أن يكون المعنى بأن لا
تعلوا علي أي كتب بترك العلو ويجوز على مذهب الخليل وسيبويه أن
تكون أن بمعنى أي مفسرة كما قال وانطلق الملأ منهم أن امشوا
ويجوز أن يكون المعنى إني ألقي إلي أن لا تعلوا علي 31 - وقوله
جل وعز قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها آية 34 أي إذا
دخلوها عنوة
ويقال لكل مدينة يجتمع الناس فيها قرية من قريت الشئ أي جمعته
32 - وقوله جل وعز وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون آية 34
(5/130)
يجوز أن يكون وكذلك يفعلون من قول الله جل
وعز ويجوز أن يكون من قولها 33 - وقوله جل وعز وإني مرسلة
إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون آية 35 روى ابن أبي نجيح
عن مجاهد قال وجهت بغلمان عليهم لبس الجواري وبجوار عليهن لبس
الغلمان وروى يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير قال أرسلت بمائتي
وصيف ووصيفة وقالت إن كان نبيا فسيلعم بن الذكور من الإناث
فأمرهم فتوضؤوا فمن توضأ منهم فبدأ بمرفقه قبل كفه قال هو من
الإناث ومن بدأ بكفه قبل مرفقه قال هو من الذكور قال أبو جعفر
وقيل وجهت إليه بلبنة من ذهب في خرقة حرير فأمر سليمان صلى
الله عليه وسلم بلبن من ذهب فألقي تحت الدواب حتى وطأته
(5/131)
وهذا أشبه لقوله أتمدونني بمال ويجوز أن
يكون وجهت بهما جميعا ومعنى قوله تعالى لا قبل لهم بها أي لا
يطيقونها ولا يثبتون
لها 34 - وقوله عز وجل قال يا أيها الملأ أيكم يأتني بعرشها
قبل أن يأتوني مسلمين آية 38 قيل إنما قال سليمان هذا لانهم
إذا أسلموا لم يحل لهم أن يأخذ لهم شيئا وقيل إنما أراد أن
يظهر بذلك آية معجزة 35 - وقوله جل وعز قال عفريات سنة من الجن
أنا آتيك به قبل أن تكون من مقامك آية 39 وقرأ أبو رجاء قال
عفرية بتحريك الياء قال قتادة هو الداهية
(5/132)
قال أبو جعفر يقال للشديد إذا كان معه خبث
ودهاء عفر وعفرية وعفريت وعفارية وقيل عفريت أي رئيس قال وهب
إن العفريت اسمه كوذن عمرو وقوله أنا آتيك به قبل أن تقوم من
مقامك أي من مجلسك الذي تقضي فيه بين الناس قال أبو جعفر يقال
مقام ومقامة للموضع الذي يقام فيه 36 - وقوله جل وعز قال الذي
عنده علم من الكتاب آية 40 في معنى هذا اقوال روى ابن أبي نجيح
عن مجاهد قال كان يعرف اسم الله جل
وعز الذي إذا دعي به أجاب وهو يا ذا الجلال والإكرام
(5/133)
وقال غيره اسمه آصف بن برخيا وهو من بني
إسرائيل فهذا قول وقيل إن الذي عنده علم من الكتاب هو سليمان
نفسه لما قال له الجني أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وادعى
شيئا يبعد أن يكون مثله قال له سليمان أنا آتيك به في وقت أقرب
من هذا بقدرة الله جل وعز على أن نهلكه وتعيده موضعنا هذا من
قبل أن تطرف وقال إبراهيم النخعي هو جبريل صلى الله عليه وسلم
(5/134)
37 - وفي قوله جل وعز قبل أن يرتد إليك
طرفك آية 40 فيه قولان أيضا روى إسماعيل بن أبي خالد عن سعيد
بن جبير قال فرفع طرفه ثم رده فإذا بالعرش وقال مجاهد من قبل
مد الطرف ثم قال مجاهد كما بيننا وبين الحيرة وهو يومئذ
بالكوفة في كندة واستدل من قال إن قائل هذا سليمان بقوله قال
هذا من فضل ربي إلى آخر الآية
(5/135)
قال عبد الله بن شداد فظهر العرش من نفق
تحت
الأرض 38 - وقوله جل وعز قال نكروا لها عرشها تنظر أتهتدي آية
41 أي غيروه قيل جعل أعلاه أسفله وأسفله أعلاه وقال قتادة
نكروا لها عرشها غيروه بزيادة أو نقصان ننظر أتهتدي قال مجاهد
أي أتعرفه 39 - وقوله جل وعز قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو آية
42 قال قتادة شبهته به لأنها خلفته خلفها وخرجت
(5/136)
40 - ثم قال جل وعز وأوتينا العلم من قبلها
وكنا مسلمين آية 42 قال مجاهد يقوله سليمان عليه السلام 41 -
وقوله جل وعز وصدها ما كانت تعبد من دون الله آية 43 قال مجاهد
أي كفرها قال أبو جعفر والمعنى على هذا وصدها اعتيادها ما كانت
عليه من الكفر وبين ذلك بقوله إنها كانت من قوم كافرين وقال
يعلى بن مسلم قرأت على سعيد بن جبير إنها
كانت من قوم كافرين فقال أنها بالفتح وقال إنما وصفها وليس
يستأنف وفي معناه قول آخر وهو أن يكون المعنى وصدها عما كانت
تعبد من دون الله ثم حذف عن كما تحذف حروف الخفض مع ما يتعدى
إلى مفعولين أحدهما بحرف
(5/137)
42 - وقوله جل وعز قيل لها ادخلي الصرح آية
44 قال مجاهد هو بركة ماء ألبسها سليمان زجاجا وقال قتادة كان
من قوارير خلفه ماء فلما رأته حسبته لجة أي ماء وقيل الصرح
القصر عن أبي عبيدة كما قال تحسب أعلامهن الصروحا وقيل الصرح
الصحن كما نقل هذه صرحة الدار وقاعتها بمعنى وحكى أبو عبيد في
الغريب المصنف أن الصرح كل بناء عال مرتفع وأن الممرد الطويل
(5/138)
قال أبو جعفر أصل هذا أنه يقال لكل ما عمل
عملا واحدا صرح من قولهم لبن صريح إذا لم يشبه ماء ومن قولهم
صرح بالأمر ومنه عربي صريح وقال الفراء الصرح الممرد هو الأملس
أخذ من قول العرب شجرة مرداء إذا سقط ورقها عنها
قال الفراء وتمرد الرجل إذا أبطأ خروج لحيته بعد إدراكه وقال
غيره ومنه رملة مرداء إذا كانت لا تنبت ورجل أمرد وقيل الممرد
المطول ومنه قيل لبعض الحصون مارد 43 - وقوله جل وعز فإذا هم
فريقان يختصمون آية 45 قال مجاهد أي مؤمن وكافر قال والخصومة
قولهم قالوا أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه فهذه الخصومة
(5/139)
وقيل تقول كل فرقة نحن على الحق 44 - وقوله
جل وعز قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة آية 46 قال
مجاهد أي بالعذاب قبل الرحمة قال أبو جعفر وفي الكلام حذف
والمعنى والله أعلم فاستعجلت الفرقة الكافرة بالعذاب فقال لهم
صالح لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله أي
هلا تستغفرون الله 45 - وقوله جل وعز قالوا اطيرنا بك وبمن معك
آية 47 قال مجاهد اطيرنا أي تشاءمنا 46 - وقوله جل وعز قال
طائركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون آية 47 قال الضحاك أي
الأمر الذي أصابكم عند الله
أي الأمر لله أصابكم به بما قدمت أيديكم
(5/140)
وقيل ما تطيرتم به عقوبته عند الله تلحقكم
وقيل طائركم ما يطير لكم بل أنتم قوم تفتنون أي تختبرون 47 -
وقوله جل وعز وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا
يصلحون آية 48 قال جعفر بن سليمان تلا مالك بن دينار هذه الآية
فقال كم في كل حي وقبيلة ممن يفسد وقال عطاء بن أبي رباح بلغني
أنهم كانوا يقرضون الدراهم 48 - وقوله جل وعز قالوا تقاسموا
بالله لنبيتنه وأهله آية 49
(5/141)
قال قتادة تحالفوا على أن يفتكوا بصالح
ليلا فمروا يتعانقون أي يسرعون فأرسل الله عليهم صخرة فأهلكتهم
قال مجاهد تقاسموا على أن يأتوا صالحا ليلا فأهلكوا وهلك قومهم
أجمعون 49 - وقوله جل وعز ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة
وأنتم تبصرون آية 54 أي واذكر لوطا أو وأرسلنا لوطا ثم قال
أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون أي وأنتم تبصرون أي تعلمون أنها
فاحشة فذلك أعظم لذنبكم
وقيل يرى بعضكم ذلك من بعض ولا يكتمه منه
(5/142)
قال مجاهد في قوله تعالى إنهم أناس يتطهرون
أي عن أدبار الرجال والنساء على الاستهزاء بهم وقال قتادة
عابوهم والله بغير عيب فإنهم يتطهرون من أعمال السوء 50 -
وقوله جل وعز قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آية 59
وروى الحكم بن ظهير عن السدي ووكيع وأبو عاصم عن سفيان وسلام
على عباده الذين اصطفى قالا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم
اصطفاهم الله لنبيه صلى الله عليه وسلم 51 - وقال جل وعز آلله
خير أم ما يشركون آية 59 وليس فيما يشركون خير فالمعنى أثواب
الله خير أم ثواب ما يشركون
(5/143)
وجواب آخر أجود من هذا يكون المعنى الخير
قبل في هذا أم في هذا الذي يشركون به في العبادة كما قال
أتهجوه ولست له بكفء فشركما لخيركما الفداء وحكى سيبويه
السعادة أحب إليك أم الشقاء وهو يعلم أن السعادة أحب إليه
والمعنى أم ما تشركون بالله خير أم الذي يهديكم في
ظلمات البر والبحر إذا ضللتم الطريق 52 - وقوله جل وعز بل هم
قوم يعدلون آية 60 أي يعدلون عن القصد والحق ويجوز أن يكون
المعنى يعدلون بالله جل وعز
(5/144)
53 - وقوله جل وعز فأنبتنا به حدائق ذات
بهجة آية 60 روى معمر عن قتادة قال النخل الحسان قال أبو جعفر
وهو من قولهم حدق به أي أحيط به كما قال وقد حدقت بي المنية
واستبطأت أنصاري 54 - وقوله جل وعز بل ادارك علمهم في الآخرة
آية 66 ويقال بل ادرك أي كمل لأنهم عاينوا الحقائق وروى شعبة
عن أبي حمزة عن ابن عباس أنه قرأ بلى
(5/145)
أدارك بفتح الهمزة على الاستفهام وبتشديد
الدال علمهم في الآخرة وقال أي لم يدرك وروى علي بن أبي طلحة
عن ابن عباس أي غاب والمعروف من قراءته بلى ادارك أي تتابع
يقولون تكون ولا تكون وإلى كذا تكون قال أبو جعفر في آدارك
يحيى هذه ألف التوقيف أي أدارك علمهم في الدنيا حقيقة الآخرة
أي لم يدرك وربما جاء مثل هذا
بغير ألف استفهام وقرأ ابن محيصن بل أدارك علمهم وأنكر هذا أبو
عمرو قال لأن بل لا يقع بعدها إلا ايجاب قال أبو جعفر وهو جائز
على أن يكون المعنى بل لم يدرك علمهم وبل يقال لهم هذا
(5/146)
55 - وقوله جل وعز قل عسى أن يكون ردف لكم
بعض الذي تستعلجون آية 72 قال مجاهد أي أعجلكم الرحمن وروى علي
بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله ردف لكم أي اقترب لكم قال أبو
جعفر وهو من ردفه إذا اتبعه وجاء في أثره وتكون اللام أدخلت
لأن المعنى اقترب لكم ودنا لكم أو تكون متعلقة بمصدر 56 -
وقوله جل وعز وإذا وقع القول عليهم آية 82 أي وجب قال الفراء
أي وقع السخط عليهم 57 - وقوله جل وعز أخرجنا لهم دابة من اأرض
تكلمهم آية 82 وقرأ ابن عباس تكلمهم
(5/147)
وقرأ أبو زرعة بن عمرو بن جرير تكلمهم وقرأ
أبي
تنبئهم قال إبراهيم تخرج الدابة من مكة وروى أبو الطفيل عن
حذيفة بن اليمان قال تخرج الدابة ثلاث خرجات خرجة بالبوادي ثم
تنكمي وخرجة بالقرى يتقاتل فيها الأمراء حتى تكثر الدماء وخرجة
من أفضل المساجد وأشرفها وأعظمها حتى ظننا أنه يسمى المسجد
الحرام ولم يسمه فيتهارب وكان الناس وتبقى جميعة من المسلمين
فتخرج فتجلو وجوههم ثم لا ينجو منها هارب ولا يلحقها طالب
وإنها لتأتي الرجل وهو يصلي فتقول له أتمتنع روى بالصلاة فتخطه
ولم وتخطم وجه الكافر وتجلو وجه المؤمن
(5/148)
59 - وقوله جل وعز ووقع القول عليهم بما
ظلموا فهم لا ينطقون آية 85 روى عطية عن ابن عمر قال ذلك إذا
لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر وقوله جل وعز ويوم
ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء
الله آية 87 حدثنا أحمد بم محمد البراثي قال حدثنا علي بن
الجعد عن مقاتل بن حيان في قوله تعالى إلا من شاء الله قال
جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت وحدثنا الحسين بن عمر
الكوفي قال حدثنا هناد بن
السري قال حدثنا وكيع عن شعبة عن عمارة بن أبي حفصة عن حجر
الهجري عن سعيد بن جبير في قوله إلا من شاء الله قال هم
الشهداء هم ثنية الله جل وعز متقلدوا السيوف حول العرش
(5/149)
60 - ثم قال جل وعز وكل أتوه داخرين آية 87
قال قتادة أي صاغرين 61 - ثم قال جل وعز وترى الجبال تحسبها
جامدة وهي تمر مر السحاب آية 88 لأنها قد بست وجمعت 62 - وقوله
جل وعز من جاء بالحسنة فله خير منها آية 89 قال عبد الله بن
مسعود لا إله إلا الله وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس من
جاء بالحسنة قال لا إله إلا الله فله خير منها وصل إليه
(5/150)
الخير ومن جاء بالسيئة وهي الشرك فكبت
وجوههم في النار وقال الحسن ومجاهد وقيس بن سعد من جاء بالحسنة
ب لا إله إلا الله ومن جاء بالسيئة الشرك قال أبو جعفر ولا
نعلم أحدا من أهل التفسير قال غير هذا
63 - وقوله جل وعز وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها آية
93 أي في أنفسكم وغيرها تمت بعونه تعالى سورة النمل
(5/151)
تفسير سورة القصص
مكية وآياتها 88 آية
(5/153)
بسم الله الرحمن الرحيم سورة القصص وهي
مكية 1 - من ذلك قوله جل وعز طسم آية 1 قال قتادة طسم اسم من
أسماء القرآن 2 - ثم قال جل وعز تلك آيات الكتاب المبين آية 2
أي المبين بركته وخيره والمبين الحق من الباطل والحلال من
الحرام وقصص الأنبياء صلوات الله عليهم ونبوة محمد صلى الله
عليه وسلم ويقال أبان الشئ وبان وأبان اتضح 3 - ثم قال جل وعز
نتلوا عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق آية 3 النبأ الخبر
(5/155)
4 - وقوله جل وعز إن فرعون علا في الأرض
آية 4 قال السدي أي تجبر
5 - ثم قال جل وعز وجعل أهلها شيعا آية 4 قال مجاهد أي فرقهم
قال السدي أي فرقهم في الأعمال القذرة وقال قتادة شيعا أي ذبح
بعضهم واستحيا بعضهم وقتل بعضهم والشيع عند أهل اللغة جمع شيعة
والشيعة الفرقة التي بعضها مساعد لبعض ومؤازر 6 - وقوله جل وعز
ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض آية 5 يعني بني
إسرائيل صلى الله عليه ونجعلهم أئمة أي
(5/156)
ولاة ونجعلهم الوارثين أي الوارثين فرعون
وملأه 7 - وقوله جل وعز ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما
كانوا يحذرون آية 6 قال قتادة كان حاز لفرعون والحازي المنجم
قال له إنه يولد في هذه السنة مولود يذهب بملكك فأمر فرعون
بقتل الولدان في تلك السنة قال فذلك قول الله جل وعز ونري
فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون 8 - وقوله جل وعز
وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم
آية 7 روى معمر عن قتادة قال قذف في نفسها وقيل هي رؤيا رأتها
(5/157)
وقال غيره بل كان ضمانا من الله عز وجل قال
أبو جعفر والوحي في اللغة إعلام في خفاء فلذلك جاز أن يقال
للإلهام وحي كما قال تعالى وأوحى ربك إلى النحل وقال وإذ أوحيت
إلى الحواريين والقول الثالث يدل على صحته قوله تعالى إنا
رادوه إليك وقوله جل وعز ولتعلم أن وعد الله حق واليم البحر 9
- وقوله جل وعز فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا لما كان
التقاطهم إياه يئول إلى هذا قيل التقطوه له كما يقال لمن كسب
ماله فأوبقه أهل إنما كسبه ليهلكه وهذا مذهب الخليل
(5/158)
وسيبويه ومن يرضى قوله من النحويين وهو
كثير في كلام العرب 10 - وقوله جل وعز وقالت امرأة فرعون قرة
عين لي ولك آية 9 هذا تمام الكلام والدليل على ذلك أنه في
قراءة عبد الله بن مسعود وقالت امرأة فرعون لا تقتلوه قرة عين
لي ولك ومعنى قرة عين قرت عينه من القر وهو البرد أي لم تسخن
بالبكاء وقيل قرت من قر في المكان أي لم تبك
11 - وقوله جل وعز وأصبح فؤاد أم موسى فارغا آية 10 قال أبو
جعفر فيه أربعة أقوال
(5/159)
أمنها ما حدثنا أحمد بن محمد البراثي قال
حدثنا عمرو بن الهيثم عن يونس بن أبي اسحق عن أبيه عن عمرو بن
ميمون عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى وأصبح فؤاد أم موسى
فارغا قال فرغ من كل شئ في الدنيا إلا من ذكر موسى صلى الله
عليه وسلم ب - قال أبو جعفر وكذا قال ابن عباس وأبو عبيدة وأبو
عمران الجوني والحسن ومجاهد وعكرمة وقتادة والضحاك ج وقال
الكسائي فارغا أي ناسيا ذاهلا كما يقال لمن لم تقض حاجته فرغ
وللميت قد فرغ وأنكر الكسائي أن يكون المعنى فارغا من كل شئ
إلا من ذكر موسى وليس المعنى عليه وقال الأخفش سعيد وأصبح فؤاد
أم موسى
(5/160)
فارغا من الوحي إن كادت لتبدي به أي بالوحي
د وقال أبو عبيدة وأصبح فؤاد أم موسى فارغا أي من الحزن لما
علمت أنه لم يغرق قال أبو جعفر أصح هذه الأقوال الأول والذين
قالوه أعلم بكتاب الله جل وعز وإذا كان فارغا من كل شئ إلا من
ذكر موسى فهو فارغ من الوحي وقولهم قد فرغ الميت من هذا أي فرغ
مما يجب عليه أن بعلمه
وقول أبي عبيدة فارغا من الغم غلط قبيح لأن بعده إن كادت لتبدي
به لولا أن ربطنا على قلبها
(5/161)
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كادت
تقول واإبناه حديث قال أبو جعفر ومعنى ربطنا شددنا وقوينا قال
قتادة لولا أن ربطنا على قلبها أي ربطنا على قلبها بالإيمان 12
- وقوله جل وعز وقالت لأخته قصيه آية 11 قال مجاهد أي اتبعي
أثره وقال ابن عباس أي قصي أثره واطلبيه 13 - ثم قال جل وعز
فبصرت به عن جنب آية 11 قال مجاهد أي عن بعد ومنه الأجنبي قال
الشاعر فلا تحرمني نائلا عن جنابة فإني امرؤ وسط القباب غريب
والمعنى تبصرته من بعيد لئلا يفطنوا بها
(5/162)
وقال أبو عمرو وقال بعض المفسرين فبصرت به
عن جنب أي عن شوق قال وهي لغة الجذام يقولون جنبت إلى لقائك أي
اشتقت ثم قال وهم لا يشعرون أي لا يشعرون أنها أخته 14 - ثم
قال جل وعز وحرمنا عليه المراضع من قبل آية 12
أي من قبل رده إلى أمه قال قتادة لم يكن يقبل ثديا فقالت أخته
هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون قال السدي
فاسترابوا عند بها لما قالت لهم وهم له ناصحون فقالت إنما أردت
وهم للملك ناصحون فدلتهم
(5/163)
على أمه فدفعوه إليها لترضعه لهم في
حسبانهم فذلك قوله جل وعز فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا
تحزن ولتعلم أن وعد الله حق لقوله عز وجل إنا رادوه إليك 15 -
وقوله جل وعز ولما بلغ أش ده واستوى آية 14 قال مجاهد عن ابن
عباس وقتادة لما بلغ أشده أي ثلاثا وثلاثين سنة واستوى بلغ
أربعين سنة قال أبو جعفر سيبويه يذهب إلى أن واحد الأشد شدة
وقال الكسائي وبعض البصريين الواحد شد وقال أبو عبيدة لا واحد
لها
(5/164)
16 - وقوله جل وعز آتيناه حكما وعلما آية
14 روى ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله جل وعز آتيناه حكما قال
فقها وعقلا وعلما يعني النبوة
17 - وقوله جل وعز ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها آية 15
قال سعيد بن جبير وقتادة وقت الظهيرة والناس نيام 18 - وقوله
جل وعز فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه آية
15 قال أبو مالك أحدهما من بني إسرائيل والآخر قبطي قال أبو
جعفر فإن قيل كيف قيل هذا لغائب
(5/165)
فالجواب أن المعنى يقول الناظر إذا نظر
إليهما هذا من شيعته وهذا من عدوه 19 - وقوله جل وعز فاستغاثه
الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى آية 15 عليه
فاستغاثه الذي من شيعته يعني الإسرائيلي على الذي من عدوه يعني
القبطي فوكزه موسى يعني القبطي قال مجاهد ضربه بجمع كفه وكذلك
هو في اللغة يقال وكزه إذا ضربه بجمع كفه في صدره وفي قراءة
عبد الله فنكزه موسى والمعنى واحد وكذلك لكمه ولكزه لأنه ولهزه
(5/166)
وروى معمر عن قتادة قال وكزه بالعصا فقضى
عليه أي قتله قال هذا من عمل الشيطان فدل هذا أن قتله كان خطأ
وأنه لم يؤمر بقتل ولا قتال 20 - وقوله جل وعز قال رب بما
أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين آية 17 أي معينا للمجرمين
قال ابن عباس لم يستثن فابتلي أي فابتلي بأن الإسرائيلي كان
سبب الإخبار عنه بما صنع وقال الكسائي فلن أكون ظهيرا للمجرمين
فيه معنى الدعاء وفي قراءة عبد الله فلا تجعلني ظهيرا للمجرمين
(5/167)
21 - وقوله جل وعز فأصبح في المدينة خائفا
يترقب آية 18 قال قتادة أي يترقب الطلب فإذا الذي استنصره
بالأمس يستصرخه أي يستغيث به من رجل آخر قال موسى إنك لغوي
مبين من أجل أنه كان سبب القتل 22 - وقوله جل وعز فلما أن أراد
أن يبطش بالذي هو عدو لهما آية 19 في معناه قولان أ - فمذهب
سعيد بن جبير وأبي مالك أن المعنى فلما أراد موسى أن يبطش
بالقبطي توهم الإسرائيلي أن موسى صلى الله عليه وسلم
يريده على أن يبطش به لأنه أغلظ له في القول فقال الإسرائيلي
يا موسى أتريد أن تقتلني فسمع القبطي الكلام فذهب فأفشى على
موسى
(5/168)
ب - وقيل المعنى فلما أراد الإسرائيلي أن
يبطش موسى بالذي هو عدو لهما ويروى عن ابن نجيح فلما أن أراد
الإسرائيلي أن يبطش بالقبطي نهاه موسى عليه السلام ففرق
الإسرائيلي منه فقال أتريد أن تقتلني الآية فسعى به القبطي 23
- وقوله جل وعز وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى آية 20 روى معمر
عن قتادة قال هو مؤمن آل فرعون قال يا موسى إن الملأ يأتمرون
بك ليقتلوك قال أبو عبيدة يأتمرون أي يتشاورون وأنشد
(5/169)
أحار بن عمرو كأني خمر ويعدو على المرء ما
يأتمر قال أبو جعفر وهذا القول غلط ولو كان كما قال لكان
يتآمرون فيك أي يتشاورون فيك أي يستأمر بعضهم بعضا ومعنى
يأتمرون يهمون من قوله جل وعز وائتمروا بينكم بمعروف وكذلك
معنى ويعدو على المرء ما يأتمر
كما يقال من وسع حفرة وقع فيها 24 - وقوله جل وعز ولما توجه
تلقاء مدين آية 22 قال أبو عبيدة أي نحو مدين
(5/170)
25 - وقوله جل وعز قال عسى ربي أن يهديني
سواء السبيل آية 22 قال مجاهد أي طريق مدين قال أبو مالك فوجه
فرعون في طلبه وقال لهم اطلبوه في بنيات الطرق فإن موسى لا
يعرف الطريق فجاء ملك راكب فرسا ومعه عنزة فقال لموسى اتبعني
فاتبعه فهداه إلى الطريق 26 - وقوله جل وعز ولما ورد ماء مدين
وجد عليه أمة من الناس يسقون آية 23 أي جماعة ووجد من دونهم
امرأتين تذودان وفي قراءة عبد الله ودونهم امرأتان حابستان
فسألهما عن حبسهما فقالتا لا نقوى على السقي مع الناس حتى
يصدروا
(5/171)
ومعنى تذودان فيما روى علي بن أبي طلحة عن
ابن عباس تحبسان وروى سفيان بن أبي الهيثم عن سعيد بن جبير
تذودان قال حابستان وروى هشيم عن حصين عن أبي مالك ووجد من
دونهم
امرأتين تذودان قال تحبسان غنمهما حتى يفرغ الناس فتخلو لهم
البئر قال أبو جعفر وهذا قول بين يقال ذاد يذود إذا حبس وذدت
يا الشئ حبسته ثم يحذف المفعول إما إيهاما على المخاطب وإما
استغناء بعلمه
(5/172)
ومذهب قتادة أنهما كانتا تذودان الناس عن
غنمهما والأول أولى لأن بعده قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء
ولو كانتا تذودان عن غنمهما الناس لم تخبرا عن سبب تأخر سقيهما
إلى أن يصدر الرعاء قال ما خطبكما أي ما حالكما وما أمركما
قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء ومن قرأ بضم الياء يصدر حذف
المفعول أي حتى يصدروا غنمهم وأبونا شيخ كبير والفائدة في هذا
أنه لا يقدر على السقي لكبره فلذلك خرجنا ونحن نساء
(5/173)
27 - وقوله جل وعز فسقى لهما ثم تولى إلى
الظل آية 24 روى عمرو بن ميمون عن عمر بن الخطاب أنه قال لما
استقى الرعاء غطوا على البئر صخرة لا يقلها إلا عشرة رجال فجاء
موسى صلى الله عليه وسلم فاقتلعها وسقى ذنوبا واحدا لم يحتج
إلى غيره فسقى لهما 28 - وقوله جل وعز ثم تولى إلى الظل فقال
رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير آية 24 روى عكرمة عن ابن
عباس قال ما سأل إلا الطعام وقال مجاهد لم يكن له ما يأكل
(5/174)
29 - ثم قال جل وعز فجاءته إحداهما تمشي
على استحياء آية 25 المعنى فذهبتا إلى أبيهما قبل وقتهما
فخبرتاه لو بخبر موسى وسقيه فأرسل إحداهما فجاءت تمشي على
استحياء قال عمرو بن ميمون قال تمشي ويدها على وجهها حياء ليست
بسلفع خراجة ولاجة 30 - وقوله جل وعز فلما جاءه وقص عليه القصص
آية 25 أي قص عليه خبره وعرفه بقتله النفس وخوفه قال لا تخف
نجوت من القوم الظالمين لأن مدين لم تكن في ملكة فرعون 31 -
وقوله جل وعز قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت
القوي الأمين آية 26 روى عمرو بن ميمون عن عمر قال فقال لها من
أين عرفت قوته وأمانته
(5/175)
قالت أما قوته فإنه أقل حجرا لا يحمله إلا
عشرة وأما أمانته فإنه لما جاء معي مررت بين يديه فقال لي كوني
خلفي ودليني على الطريق لئلا تصفك الريح لي 32 - وقوله جل وعز
قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين آية 27 وفي الحديث أنه
أنكحه الصغيرة منهما واسمها طوريا ثم قال على أن تأجرني ثماني
حجج أي تكون لي أجيرا فإن أتممت عشرا فمن عندك أي فذلك تفضل
منك قال ذلك بيني وبينك أي لك ما شرطت ولي مثله أيما الأجلين
قضيت فلا عدوان علي العدوان المجاوزة في الظلم
(5/176)
33 - وقوله جل وعز فلما قضى موسى الأجل
وسار بأهله آية 29 روى الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال سألت جبريل أي الأجلين قضى موسى
فقال أتمهما وأكملهما ومعنى لعلي آتيكم منها بخبر لعلي أعلم لم
أوقدت جذوة من النار قال قتادة الجذوة أصل الشجرة فيها نار قال
أبو جعفر وكذلك الجذوة بضم الجيم وكسرها وفتحها والجذوة القطعة
من الخشب الكبيرة فيها نار ليس فيها لهب
(5/177)
وقال جل وعز في البقعة المباركة من الشجرة
لأنه جل وعز كلمه فيها 34 - وقوله جل وعز أسلك يدك في جيبك
تخرج بيضاء من غير سوء آية 32 معنى أسلك أدخل 35 - ثم قال جل
وعز واضمم إليك جناحك من الرهب آية 32 قال الفراء الجناح ههنا
العصا ولم يقل هذا أحد من أهل التفسير ولا من المتقدمين علمته
وحكى أكثر أهل اللغة أن الجناح من أسفل العضد إلى آخر الإبط
وربما قيل لليد جناح ولهذا قال أبو عبيدة جناحك أي يدك
(5/178)
قال مجاهد من الرهب من الفرق 36 - وقوله جل
وعز فذانك برهانان من ربك آية 32 قال مجاهد يعني اليد والعصا
والبرهان الحجة قال ابن عباس جناحك يدك وقال أبو زيد العضد هو
الجناح حدثني محمد بن أيوب قال أنبأنا عبد الله بن سليمان بن
الأشعث قال حدثنا محمد بن عامر عن أبيه عن بشر بن الحصين عن
الزبير بن عدي عن
الضحاك عن ابن عباس واضمم إليك جناحك من الرهب أي أدخل يدك
فضعها على صدرك حتى يذهب عنك الرعب قال فقال ابن عباس ليس من
أحد يدخله رعب بعد موسى ثم يدخل يده فيضعها على صدره إلا ذهب
عنه الرعب 37 - وقوله جل وعز فأرسله معي ردءا يصدقني
(5/179)
الردء العون وقد أردأه وردأه يكون أي أعانه
وقوله تعالى سنشد عضدك آية 35 أي سنعينك ونقويك وهو تمثيل لأن
قوة اليد بالعضد ونجعل لكما سلطانا قال سعيد بن جبير أي حجة
فلا يصلون إليكما بآياتنا أي تمنعان بآياتنا ويجوز أن يكون
المعنى ونجعل لكما سلطانا بآياتنا أي بالعصا واليد وما أشبههما
38 - وقوله جل وعز فأوقد لي يا هامان على الطين آية 38 روى
سعيد بن جبير عن ابن عباس قال حتى يصير آجرا قال قتادة بلغني
أنه أول من صنع الآجر
(5/180)
ثم قال تعالى فاجعل لي صرحا قيل بنيانا
مرتفعا 39 - وقوله جل وعز ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما
أهلكنا القرون الأولى بصائر اي بيانا
40 - وقوله جل وعز وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا الى موسى
الأمر آية 44 قال قتادة هو جبل وقوله وما كنت ثاويا اي مقيما
41 - وقوله جل وعز وما كنت بجانب الطور إذ نادينا آية 46
(5/181)
روى عبد الرزاق عن الثوري عن الأعمش عن علي
بن مدرك عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير رفع الحديث في قوله جل
وعز وما كنت بجانب الطور إذ نادينا قال نودوا يا أمة محمد
أجبتكم قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني فذلك قوله وما
كنت بجانب إذ نادينا 42 - وقوله جل وعز ولكن رحمة من ربك آية
46 أي لم تشهد قصص الأنبياء ولا تليت عليك ولكنا بعثناك
وأوحيناها إليك للرحمة لتنذر قوما فتعرفهم هلاك من هلك وفوز من
فاز لعلهم يتذكرون 43 - وقوله جل وعز ولولا أن تصيبهم مصيبة
بما قدمت أيديهم آية 47 أي لولا هذا لم نحتج إلى إرسال الرسل
وتواتر الاحتجاج
(5/182)
44 - وقوله جل وعز فلما جاءهم الحق من
عندنا آية 48 أي الحجج الظاهرة البينة التي كان يجوز أن يحتجوا
بتأخرها قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى يعني من العصا
وانفلاق
البحر وما أشبه ذلك وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال أمرت يهود
قريشا أن يسألوا صلى الله عليه وسلم مثل ما أوتي موسى محمدا
فقال الله جل وعز لمحمد صلى الله عليه وسلم قل لهم يقولوا لهم
أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل 45 - ثم قال جل وعز قالوا
ساحران تظاهرا آية 48 روى سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد قال
سمعت سعيد بن
(5/183)
جبير يقول قالوا ساحران تظاهرا قال موسى
وهارون صلى الله عليهما وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال يعنون
موسى وهارون عليهما السلام وروى شعبة عن أبي حمزة عن ابن عباس
قالوا ساحران تظاهرا قال موسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم وكذا
روى شعبة عن أبي حمزة عن ابن عباس وكذلك قال الحسن وقرأ عكرمة
وعطاء الخرساني وأبو رزين قالوا سحران تظاهرا
(5/184)
قال عكرمة يعني كتابين وقال أبو رزين يعني
التوراة والإنجيل وقال الفراء يعني التوراة والقرآن واحتج بعض
من يقرأ هذه القراءة بقوله قل فاتوا بكتاب
من عند الله هو أهدى منهما أتبعه والمعنى على القراءة الأولى
هو أهدى من كتابيهما 46 - وقوله جل وعز ولقد وصلنا لهم القول
لعلهم يتذكرون آية 51 أي أتبعنا بعضه بعضا قال مجاهد يعني
لقريش
(5/185)
وقرأ الحسن وصلنا مخففا ومعنى إنا كنا من
قبله مسلمين أنهم وجدوا صفة النبي صلى الله عليه في كتابهم من
قبل أن يبعث فآمنوا به ثم آمنوا به بعد ما بعث 47 - ثم قال
الله جل وعز أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا آية 54 يجوز أن
يكون المعنى من قبل النبي صلى الله عليه وسلم وأن يكون من قبل
القرآن ومعنى قوله تعالى ويدرءون بالحسنة السيئة أي يدفعون
بعملهم الحسنات السيئات التي عملوها 48 - وقوله جل وعز وإذا
سمعوا اللغو أعرضوا عنه آية 55 أي ما لا يجوز وما ينبغي أن
يلغى
(5/186)
قال مجاهد هؤلاء قوم من أهل الكتاب أسلموا
فكان المشركون يؤذونهم
ومعنى سلام عليكم قد تاركناكم مع وليس من التحية في شئ وهذا
كلام متعارف عند العرب 49 - وقوله جل وعز إنك لا تهدي من أحببت
ولكن الله يهدي من يشاء أية 56 روى الزهري عن سعيد بن المسيب
عن أبيه قال جاء أبو جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية بن
المغيرة إلى أبي طالب في العلة التي مات فيها وجاء النبي صلى
الله عليه وسلم فقال يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك
بها عند الله جل وعز فقال له أبو جهل يا أبا طالب أترغب عن دين
عبد المطلب فكان آخر ما قال لهما هو على ملة عبد المطلب فقال
النبي صلى الله عليه وسلم لا أدع الاستغفار لك
(5/187)
فأنزل الله جل وعز إنك لا تهدي من أحببت
ونزل فيه ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو
كانوا أولي قربى قال أبو جعفر يجوز أن يكون معنى من أحببت أن
تهدي ويجوز أن يكون المعنى من أحببت لقرابته ثم قال جل وعز
ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين آية 56
(5/188)
أي الله أعلم بمن يستحق الهداية ممن يستحق
الغواية ولله
الحكمة التامة 50 - وقوله جل وعز وقالوا إن نتبع الهدى معك
نتخطف من أرضنا آية 57 قال الضحاك هذا قول المشركين الذين بمكة
وقال غيره قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم نحن نعلم أن ما جئت
به حق ولكنا نكره أن نتبعك فتقصد ونتخطف سعيد لمخالفتنا الناس
قال الله جل وعز أو لم نمكن لهم حرما آمنا آية 57 أي قد كانوا
آمنين قبل الإسلام فلو أسلموا لكانوا أوكد قال قتادة كان أهل
الحرم آمنين يخرج أحدهم فإذا عرض له قال أنا من أهل الحرم
فيترك وغيرهم يقتل ويسلب
(5/189)
قال مجاهد عن ابن عباس يجبى إليه ثمرات كل
شئ آية 57 أي ثمرات الأرضين 51 - وقوله جل وعز وكم أهلكنا من
قرية بطرت معيشتها آية 58 البطر الطغيان بالنعمة قال أبو إسحق
المعنى بطرت في معيشتها قال الفراء أبطرتها معيشتها 52 - ثم
قال جل وعز فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا
قال الفراء والمعنى أنها خربت فلم يسكن منها إلا القليل
والباقي خراب
(5/190)
53 - وقوله جل وعز وما كان ربك مهلك القرى
حتى يبعث في أمها رسولا آية 59 أي في أعظمها وأم القرى مكة 54
- وقوله جل وعز أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو اقيه كمن متعناه
متاع الحياة الدنيا آية 61 يعني به المؤمن والكافر وقيل نزلت
في النبي صلى الله عليه وسلم وأبي جهل 55 - وقوله تعالى ثم هو
يوم القيامة من المحضرين آية 61 قال مجاهد أي أهل النار أحضروا
(5/191)
56 - وقوله جل وعز ويوم يناديهم فيقول أين
شركائي آية 62 أي ويوم ينادي الله الإنس أين شركائي أي على
قولكم 57 - وقوله جل وعز قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء
الذين أغوينا آية 63 قال قتادة حق عليهم القول يعني الشياطين
وقال غيره حق عليهم القول أي وجبت عليهم الحجة فعذبوا
ربنا هؤلاء الذين أغوينا أي دعوناهم إلى الغي أغويناهم كما
غوينا أي أضللناهم كما ضللنا
(5/192)
تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون فبرئ
بعضهم من بعض وعاداه كما قال تعالى الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض
عدو إلا المتقين 58 - وقوله جل وعز فدعوهم فلم يستجيبوا لهم
ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون آية 64 أي دعوهم فلم
يجيبوهم بحجة ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون جواب لو محذوف
أي لو أنهم كانوا يهتدون ما دعوهم 59 - وقوله جل وعز فعميت
عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون آية 66 روى ابن أبي نجيح
عن مجاهد قال الأنباء الحجج
(5/193)
فهم لا يتساءلون قال بالأنساب 60 - وقوله
جل وعز وربك يخلق ما يشاء ويختار آية 68 هذا التمام أي ويختار
الرسل ماكان لهم الخيرة آية 68 أي ليس برسل من اختاروه هم
61 - وقوله جل وعز قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا
إلى يوم القيامة آية 72 قال مجاهد سرمدا أي دائما من إله غير
الله يأتيكم بضياء أي بنهار تتعيشون فيه ويصلح ثماركم وزرعكم
(5/194)
62 - وقوله جل وعز ومن رحمته جعل لكم الليل
والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله آية 73 فيه قولان أحدهما
أن المعنى لتسكنوا في الليل ولتبتغوا من فضله بالنهار والقول
الآخر أن يكون المعنى لتسكنوا فيهما وقال فيه لأن الليل
والنهار ضياء وظلمة كما تقول في المصادر ذهابك ومجيئك يؤذيني
فيكون المعنى جعل لكم الزمان لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله
والقول الأولى أعرف في كلام العرب يأتون بالخبرين ثم يجمعون
تفسيرهما إذا كان السامع يعرف ذاك كما روى عن عبيد الله بن عبد
الله بن عتبة أنه قال ما أحسن الحسنات في إثر السيئات وما أقبح
السيئات في إثر
(5/195)
الحسنات وأحسن من ذا وأقبح من ذا السيئات
في آثار
السيئات والحسنات في آثار الحس نات قال أبو جعفر فجاء بالتفسير
مجملا وهذا فصيح كثير 63 - وقوله جل وعز ونزعنا من كل أمة
شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم آية 75 قال مجاهد شهيدا أي نبيا
فقلنا هاتوا برهانكم قال أي حجتكم بما كنتم تقولون وتعملون
فعلموا أن الحق لله أي أن الله واحد وأن الحق ما جاءت به
الأنبياء
(5/196)
وضل عنهم ما كانوا يفترون أي لم ينتفعوا
بما عبدوا من دون الله بل ضرهم 64 - وقوله جل وعز إن قارون كان
من قوم موسى فبغى عليهم آية 76 قال إبراهيم النخعي كان ابن عمه
65 - وقوله جل وعز فبغى عليهم آية 76 أي تجاوز الحد في مساندة
موسى صلى الله عليه وسلم والتكذيب به 66 - وقوله جل وعز
وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة روى
الأعمش عن خيثمة قال كانت مفاتحه من جلود كل مفتاح منها على
قدر الإصبع لخزانة يحملها ستون بغلا إذا ركب
(5/197)
وقال مجاهد كانت من جلود الإبل قال أبو
صالح كانت تحملها أربعون بغلا وروى علي بن الحكم عن الضحاك قال
كانت مفاتيح قارون يحملها أربعون رجلا قال ابن عيينة العصبة
أربعون رجلا وقال مجاهد العصبة من العشرة إلى الخمسة عشر قال
أبو جعفر العصبة في اللغة الجماعة الذين يتعصب بعضهم لبعض قال
أبو عبيدة لتنوء بالعصبة تأويله أن العصبة لتنوء بها كما قال
وتشقى الرماح بالضياطرة الحمر
(5/198)
الضياطرة التباع والأجراء قال أبو جعفر
يذهب أبو عبيدة إلى أن هذا من المقلوب وهذا غلط والصحيح فيه ما
قال أبو زيد قال يقال نؤت بالحمل إذا نهضت به على ثقل وناءني
وفي إذا أثقلني قال أبو العباس سئل الأصمعي عن قوله وتشقى قال
نعم هي تشقى بالرجال 67 - ثم قال جل وعز إذ قال له قومه لا
تفرح إن الله لا يحب الفرحين آية 76 روى ابن أبي نجيح عن مجاهد
قال الفرحين
البطرين الذين لا يشكرون الله جل وعز فيما أعطاهم 68 - وقوله
جل وعز ولا تنس نصيبك من الدنيا آية 77 روى ابن أبي نجيح عن
مجاهد قال نصيبه من الدنيا العمل
(5/199)
بطاعة الله جل وعز الذي يثاب عليه يوم
القيامة وروى أشعث عن الحسن قال أمسك القوت وقدم ما فضل وروى
معمر عن قتادة قال ابتغ الحلال قال أبو جعفر قول مجاهد حسن جدا
لأن نصيب الإنسان في الدنيا على الحقيقة هو الذي يؤديه إلى
الجنة وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ولا تنس نصيبك من
الدنيا يقول لا تترك أن تعمل لله جل وعز في الدنيا وقد قيل
المعنى ولا تنس شكر نصيبك
(5/200)
69 - وقوله جل وعز قال إنما أوتيته على علم
عندي آية 78 يروى أن قارون كان من قراء بني إسرائيل للتوراة
والمعنى إنما أوتيته على علم فيما أرى فأما ما روي أنه كان
يعمل الكيمياء فلا يصح وقيل المعنى على علم بالوجوه التي تكسب
منها الأموال وترك الشكر وقال ابن زيد قال أي قارون لولا رضى
الله عني
ومعرفته بفضلي ما أعطاني هذا وهذا اولاها يدل عليه ما بعده
(5/201)
202 - وقوله جل وعز ولا يسأل عن ذنوبهم
المجرمون آية 78 قال مجاهد هو مثل قوله تعالى يعرف المجرمون
بسيماهم زرقا سود الوجوه لا تسأل عنهم الملائكة لأنها تعرفهم
وقال قتادة ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون أي يدخلون النار بغير
حساب قال محمد بن كعب ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون أي لا يسأل
الآخر لم هلك الأول فيعتبر وقيل لا يسأل عنها سؤال استعلام
(5/202)
71 - وقوله جل وعز فخرج على قومه في زينته
آية 79 روى عثمان بن الأسود عن مجاهد قال خرج هو وأصحابه على
براذين بيض عليها سروج أرجوان وعليهم المعصفر قال قتادة خرجوا
على أربعة آلاف دابة عليها ثياب حمرة منها ألف بغل بيض عليها
قطف حمر 72 - وقوله جل وعز ولا يلقاها إلا الصابرون أي لا يلقى
هذه الفعلة وهي القول ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا إلا
الصابرون
73 - وقوله جل وعز فخسفنا به وبداره الأرض آية 81 قال ابن عباس
خسف به إلى الأرض السفلى فما كان له من فئة أي من فرقة 74 -
وقوله جل وعز وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون
(5/203)
ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده
ويقدر آية 82 قوله ويكأن قيل هي ويك أن ويك بمعنى ويلك قال أبو
جعفر وهذا لا يصح لأن هذه اللام لا تحذف ولو كان هكذا لوجب أن
يقال ويلك إنه ولا يجوز أن يضمر إعلم وليس ههنا مخاطبة لواحد
والصحيح في هذا ما قال الخليل وسيبويه والكسائي قال الكسائي وي
ههنا صلة وفيها معنى التعجب وقال سيبويه سألت الخليل عن قوله
جل وعز ويكأنه لا يفلح الكافرون وقوله ويكأن الله فزعم أنها وي
مفصولة من كأن والمعنى وقع على أن القوم انتبهوا فتكلموا على
قدر علمهم
(5/204)
أو نبهوا فقيل لهم أما يشبه أن يكون ذا
عندكم هكذا والله أعلم وأما المفسرون فقالوا معناها ألم تر أن
الله
قال قتادة ويكأن المعنى أو لا تعلم قال أبو جعفر وقول الخليل
موافق لهذا وأنشد أهل اللغة وي كأن من يكن له نشب * يحبب ومن
يفتقر يعش عيش ضر وقد كتبت في المصحف متصلة كأنهم لما كثر
استعمالهم إياها جعلوها مع ما بعدها بمنزلة شئ واحد 75 - وقوله
جل وعز تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض
ولا فسادا آلية 83 روى سفيان عن منصور عن مسلم البطين قال
العلو
(5/205)
التكبر بغير الحق والفساد أخذ الأموال بغير
الحق قال الثوري ولا فسادا المعاصي 76 - وقوله جل وعز إن الذي
فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد آية 75 روى عكرمة عن ابن عباس
قال إلى معاد إلى مكة وكذلك روى يونس بن إسحاق عن مجاهد وروى
سعيد بن جبير عن ابن عباس قال إلى الموت وروى ابن أبي نجيح عن
مجاهد قال إلى أن يحييك يوم القيامة وقال الزهري والحسن المعاد
يوم القيامة
(5/206)
قال أبو جعفر وهذا معروف في اللغة يقال
بيني وبينك
المعاد أي يوم القيامة لأن الناس يعودون فيه أحياء والقول
الأول حسن كثير والله أعلم بما أراد ويكون المعنى إن الذي نزل
عليك القرآن وما كنت ترجو أن يلقى إليك لرادك إلى معاد أي إلى
وطنك ومعادك يعني مكة ويقال رجع فلان إلى معاده أي الى بيته 77
- وقوله جل وعز كل شئ هالك إلا وجهه آية 88 قال سفيان أي إلا
ما أريد به وجهه قال محمد بن يزيد حدثني الثوري قال سألت أبا
عبيدة عن قوله تعالى كل شئ هالك إلا وجهه فقال إلا جاهه كما
تقول لفلان وجه في الناس أي جاه
(5/207)
وقيل إلا وجهه أي إلا إياه جل وعز وتقول
أكرم الله وجهه وفلان وجه القوم وقول سفيان معروف في اللغة أي
كل ما فعله العباد يهلك إلا الوجه الذي يتوجهون به إلى الله جل
وعز تمت صورة القصص
(5/208)
|