معاني القرآن للنحاس تفسير سورة العنكبوت
مكية وآياتها 69 آية
(5/209)
بسم الله الرحمان الرحيم سورة العنكبوت وهي
مكية 1 - وقوله جل وعز الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا
آمنا
وهم لا يفتنون آية 2 هذا استفهام فيه معنى التقرير والتوبيخ أي
أحسب الناس أن يقنع منهم بأن يقولوا آمنا فقط ولا يختبروا حتى
يعرف حقيقة إيمانهم وصبرهم وصدقهم وكذبهم ويظهر ذلك منهم
فيجازوا عليه وأما الغيب فقد علمه الله جل وعز منهم ثم قال أن
يقولوا آمنا أي على أن يقولوا ولأن يقولوا وبأن يقولوا آمنا
وهم لا يفتنون قال مجاهد وقتادة أي لا يبتلون
(5/211)
2 - ثم قال جل وعز ولقد فتنا الذين من
قبلهم آية 3 أي ابتليناهم 3 - وقوله جل وعز أم حسب الذين
يعملون السيئات أن يسبقونا آية 4 قال مجاهد أي أن يعجزونا 4 -
وقوله جل وعز من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت آية 5
قال أبو إسحق المعنى من كان يرجو لقاء ثواب الله جل وعز 5 -
وقوله جل وعز ووصينا الإنسان بوالديه حسنا آية 8 أي ما يحسن 6
- ثم قال جل وعز وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم
فلا تطعهما
(5/212)
قال أبو إسحق المعنى وإن جاهداك أيها
الإنسان والداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما 7 -
وقوله جل وعز ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله
جعل فتنة الناس كعذاب الله آية 10 قال مجاهد فإذا أوذي في الله
أي عذب خاف من عذاب الناس كما يخاف من عذاب الله جل وعز قال
الضحاك هؤلاء قوم قالوا آمنا فإذا أوذي أحدهم أشرك وروى ابن
عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة قال كان قوم بمكة قد شهدوا أن
لا إله إلا الله فلما خرج المشركون إلى بدر أكرهوهم على الخروج
معهم فقتل بعضهم فأنزل الله
(5/213)
جل وعز فيهم إن الذين توفاهم الملائكة
ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم إلى قوله فأولئك عسى الله أن يعفو
عنهم وكان الله عفوا غفورا فكتب بها المسلمون الذين بالمدينة
إلى المسلمين الذين بمكة فخرج مسلمون من مكة فلحقهم المشركون
فافتتن بعضهم فأنزل الله جل وعز فيهم ومن الناس من يقول آمنا
بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله قال الشعبي
نزلت فيهم عشر آيات من قوله تعالى الم أحسب الناس أن يتركوا
قال عكرمة فكتب بها المسلمون
الذين بالمدينة إلى المسلمين الذين كانوا بمكة قال رجل من بني
ضمرة كان مريضا أخرجوني إلى الروح فأخرجوه فمات فأنزل الله جل
وعز فيه ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه
الموت فقد وقع أجره على الله إلى آخر
(5/214)
الآية وأنزل في المسلمين الذين كانوا
افتتنوا ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا إلى آخر
الآية 8 - وقوله جل وعز وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا
سبيلنا ولنحمل خطاياكم آية 12 قال الضحاك هؤلاء القادة من
المشركين قال مجاهد هم مشركو اأهل مكة قالوا لمن آمن منهم نحن
وأنتم لا نبعث فاتبعونا فإن كان عليكم وزر فهو علينا قال أبو
جعفر هذا كما تقول قلدني هذا إن كان فيه وزر أي ليس فيه وزر
قال الفراء وفيه معنى المجازاة وأنشد فقلت ادعي وادع فإن أندى
لصوت أن ينادي داعيان
(5/215)
قال المعنى ادعي ولأدع أي إن دعوت دعوت 9 -
وقوله جل وعز وما هم بحاملين من خطاياهم من شئ آية 12 المعنى
وما هم بحاملين عنهم شيئا يخفف ثقلهم
10 - ثم قال جل وعز وليحملن كل أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم آية
13 قال أبو أمامة الباهلي يؤتى بالرجل يوم القيامة وهو كثير
الحسنات فلا يزال يقتص منه حتى تفنى حسناته ثم يطالب ثم يقول
الله جل وعز اقتصوا من عبدي فتقول الملائكة ما بقيت له حسنات
فيقول خذوا من سيئات المظلوم فاجعلوها عليه قال أبو أمامة ثم
تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وليحملن أثقالهم وأثقالا مع
أثقالهم وقال قتادة في قوله عز وجل وليحملن أثقالهم وأثقالا مع
أثقالهم
(5/216)
قال من دعا إلى ضلالة كتب عليه وزرها ووزر
من يعمل بها ولا ينقص ذلك منها شيئا قال أبو جعفر وأهل التفسير
على أن معنى الآية كما قال قتادة ومثله قوله جل وعز ومن أوزار
الذين يضلونهم بغير علم 11 - وقوله جل وعز فأخذهم الطوفان وهم
ظالمون آية 14 يقال لكل كثير مطيف بالجميع من مطر أو قتل أو
موت طوفان وقوله جل وعز وتخلقون إفكا آية 17 أي وتنحتون
(5/217)
والمعنى على هذا إنما تعبدون من دون الله
أوثانا وأنتم تصنعونها وقال مجاهد إفكا أي كذبا والمعنى على
هذا ويختلقون الكذب وقرأ أبو عبد الرحمن وتخلقون إفكا والمعنى
واحد 12 - وقوله جل وعز وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في
السماء آية 22 قال محمد بن يزيد المعنى ولا من في السماء ومن
نكرة وأنشد غيره فمن يهجو رسول الله منكم ويمدحه وينصره سواء
وقال غير أبي العباس المعنى وما أنتم بمعجزين في الأرض ولو
كنتم في السماء وخوطب الناس على ما يعرفون وهذا أولى والله
أعلم
(5/218)
13 - وقوله جل وعز فما كان جواب قومه إلا
أن قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجاه الله من النار آية 24 المعنى
فحرقوه فأنجاه الله من النار ويروى أنه لم تحرق إلا وثاقه 14 -
وقوله جل وعز فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي آية 26
قال الضحاك إبراهيم هاجر وهو أول من هاجر وقال قتادة هاجر من
كوثى إلى الشام 15 - وقوله جل وعز وآتيناه أجره في الدنيا آية
27
(5/219)
روى سفيان عن حميد بن قيس قال أمر سعيد بن
جبير إنسانا أن يسأل عكرمة عن قوله تعالى وآتيناه أجره في
الدنيا فقال عكرمة أهل الملل كلها تدعيه وتقول هو منا فقال
سعيد بن جبير صدق وقال قتادة هو مثل قوله تعالى وآتيناه في
الدنيا حسنة أي عافية وعملا صالحا وثناء حسنا وذاك أن أهل كل
دين يتولونه وقيل وآتيناه أجره في الدنيا إن أكثر الأنبياء من
ولده
(5/220)
16 - وقوله جل وعز ولوطا إذ قال لقومه إنكم
لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين آية 28 يروى
أنهم أول من نزا على الرجال 17 - ثم قال جل وعز أئنكم لتأتون
الرجال وتقطعون السبيل آية 29 استفهام فيه معنى التوبيخ
والتقرير
وقوله جل وعز وتقطعون السبيل آية 29 قيل كانوا يتلقون الناس من
الطرق للفساد وقيل أي تقطعون سبيل الولد 18 - ثم قال جل وعز
وتأتون في ناديكم المنكر
(5/221)
قال مجاهد النادي المجلس والمنكر فعلهم
بالرجال قال أبو جعفر المنكر في اللغة يقع على القول الفاحش
وعلى الفعل حدثنا محمد بن إدريس بن الأسود قال حدثنا إبراهيم
بن مرزوق قال حدثنا عبد الله بن بكر قال حدثنا حاتم بن أبي
صغيرة عن سماك عن أبي صالح مولى أم هانئ ابنة أبي طالب رضي
الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت قلت يا
رسول الله أرأيت قول الله عز وجل وتأتون في ناديكم المنكر ما
كان ذلك المنكر الذي كانوا يأتونه في ناديهم قال كانوا يضحكون
بأهل الطريق ويحذفونهم
(5/222)
قال أبو جعفر فسمى الله جل وعز هذا منكرا
لأنه لا ينبغي للناس أن يتعاشروا به وحدثنا أسامة بن أحمد قال
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم عن يزيد بن بكير عن
القاسم بن محمد في قوله تعالى وتأتون في ناديكم المنكر قال
كانوا يتفاعلون في مجالسهم يفعل بعضهم على بعض
قال أبو جعفر قالها الشيخ بالضاد والطاء
(5/223)
19 - وقوله عز وجل قال إن فيها لوطا قالوا
نحن أعلم بمن فيها آية 32 روى أبو نصر عن عبد الرحمن بن سمرة
قال قال إبراهيم صلى الله عليه وسلم للملائكة إن كان فيهم مائة
يكرهون هذا أتهلكونهم قالوا لا قال فإن كان فيهم تسعون قالوا
لا إلى أن بلغ عشرين قال إن فيها لوطا قالت الملائكة صلى الله
عليهم نحن أعلم بمن فيها قال عبد الرحمن وكانوا أربعمائة ألف
20 - وقوله جل وعز ولما أن جاءت رسلنا لوطا سئ بهم وضاق بهم
ذرعا آية 33 قال قتادة أي ساء ظنه بقومه وضاق درعه بضيفه
(5/224)
قال أبو جعفر يقال ضقت به ذرعا أي لم أطقه
مشتق من الذراع لأن القوة فيه 21 - وقوله جل وعز ولقد تركنا
منها آية بينة لقوم يعقلون قال مجاهد آية بينة أي عبرة وقال
قتادة هي الحجارة التي أبقيت وقال غيره يرجم بها قوم من هذه
الأمة 22 - ثم قال جل وعز وإلى مدين أخاهم شعيبا آية 36
قال قتادة أرسل شعيب صلى الله عليه وسلم مرتين إلى أمتين إلى
أهل مدين وإلى أصحاب الأيكة
(5/225)
23 - وقوله عز وجل وعادا وثمود وقد تبين
لكم من مساكنهم آية 38 أي وأهلكنا عادا وثمود وقيل التقدير
واذكر عادا وثمود 24 - وقوله جل وعز وكانوا مستبصرين آية 38
قال مجاهد أي في الضلالة وقال قتادة أي معجبين بضلالتهم وقيل
وكانوا مستبصرين أي قد علموا أنهم معذبون وقد فعلوا ما فعلوا
(5/226)
25 - وقوله عز وجل فمنهم من أرسلنا عليه
حاصبا آية 40 أي حصبا وهي الحجارة وهم قوم لوط ومنهم من أخذته
الصيحة هم ثمود وأهل مدين ومنهم من خسفنا به الأرض قارون
وأصحابه ومنهم من أغرقنا قوم نوح وفرعون وأصحابه 26 - ثم أخبر
تعالى أنه لم يظلمهم في ذلك فقال وما كان الله ليظلمهم ولكن
كانوا أنفسهم يظلمون آية 40 27 - وقوله جل وعز مثل الذين
اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا آية 41
قال قتادة هذا مثل ضربه الله عز وجل أي إنه لا ينفع لضعفه كما
أن بيت العنكبوت لا ينفع ولا يقي
(5/227)
28 - ثم قال جل وعز وإن أوهن البيوت لبيت
العنكبوت لو كانوا يعلمون آية 41 لو متعلقة بقوله مثل الذين
اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت لو كانوا يعلمون أن
أولياءهم لا يغنون عنهم شيئا وأن هذا مثلهم 29 - وقوله جل وعز
وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر آية 45 روى
يونس عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم
تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد بها من الله إلا بعدا
وروى علي بن طلحة عن ابن عباس قال في الصلاة منتهى ومزدجر عن
المعاصي
(5/228)
قال أبو جعفر قيل معنى هذا إن العبد مادام
في الصلاة فليس في فحشاء ولا منكر 30 - ثم قال جل وعز ولذكر
الله أكبر والله يعلم ما تصنعون روى سفيان عن ابن مسعود وروى
عن سلمان وسعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله جل وعز ولذكر الله
أكبر قالوا ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه زاد ابن عباس
إذا ذكرتموه بعد قوله إياكم
(5/229)
31 - وقوله جل وعز ولا تجادلوا أهل الكتاب
إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم روى ابن أبي نجيح عن
مجاهد قال من قاتلك ولم يعطك الجزية فقاتله بالسيف وروى معمر
عن قتادة هي منسوخة نسخها فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ولا
مجادلة أشد من السيف قال أبو جعفر قول قتادة أولى بالصواب لأن
السورة مكية
(5/230)
وإنما أمر بالقتال بعد الهجرة وأمر بأخذ
الجزية بعد ذلك بمدة طويلة وأيضا فإنه قال وهم صاغرون 32 -
وقوله جل وعز وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم روى
سفيان عن سعد بن إبراهيم عن عطاء بن يسار قال كان قوم من
اليهود يجلسون مع المسلمين فيحدثونهم فأخبروا بذلك النبي صلى
الله عليه وسلم فقال لهم لا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا آمنا
بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم إلى آخر الآية 33 - وقوله جل وعز
وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك وكذا صفته صلى
الله عليه وسلم في التوراة
(5/231)
ثم قال تعالى إذا لارتاب المبطلون قال
مجاهد قريش 34 - ثم قال جل وعز بل هو آيات بينات في صدور الذين
أوتوا العلم آية 49 في معناه ثلاثة أقوال ا - قال الحسن بل
القرآن آيات بينات في صدور المؤمنين ب - وقال قتادة بل النبي
صلى الله عليه وسلم آية بينة كذا قرأ قتادة في صدور الذين
أوتوا العلم من أهل الكتاب ج - وقال الضحاك كانت صفة النبي صلى
الله عليه وسلم أنه لا يكتب بيمينه ولا يتلو كتابا فذلك آية
بينة
(5/232)
35 - وقوله جل وعز أولم يكفهم أنا أنزلنا
عليك الكتاب يتلى عليهم آية 51 روى ابن عيينة عن عمرو بن دينار
عن يحيى بن جعدة قال أتي النبي صلى الله عليه وسلم بكتف فيها
كتاب فقال كفى بقوم حمقا أو ضلالة أن يرغبوا عن نبيهم إلى نبي
غيره أو إلى كتاب غير كتابهم فأنزل الله جل وعز أولم يكفهم أنا
أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم الاية 36 - وقوله جل وعز يا
عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون آية 56 قال
سعيد بن جبير إذا أمرتم بالمعاصي فاهربوا
وقال عطاء إذا رأيتم المعاصي فاهربوا
(5/233)
وقال مجاهد هاجروا واعتزلوا الأوثان قال
أبو جعفر القولان يرجعان إلى شئ واحد فقول مجاهد أنهم أمروا
بالهجرة ومجانبة أصحاب الأوثان وقال العلماء كذلك إذا لم يقدر
أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر خرج وكان حكمه حكم أولئك
وقيل أي إن أرض الجنة واسعة فاعبدوني حتى أعطيكموها 37 - وقوله
جل وعز والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا
آية 58 أي لننزلنهم ومعنى لنثوينهم لنعطينهم منازل يثوون فيها
يقال ثوى إذا أقام
(5/234)
38 - وقوله جل وعز وكأين من دابة لا تحمل
رزقها آية 60 قال مجاهد الطير والبهائم لا تحمل رزقها وروى
الحميدي عن سفيان لا تحمل لا تخبئ قال وليس شئ يدخر إلا
الإنسان والنملة والفأرة قال أبو جعفر دابة تقع لكل الحيوان
مما يعقل ولا يعقل إلا أن معناه ههنا الخصوص أي وكم من دابة
عاجزة الله
يرزقها وإياكم
(5/235)
39 - وقوله جل وعز وإن الدار الآخرة لهي
الحيوان آية 64 قال مجاهد لا موت فيها وقال قتادة الحيوان
الحياة قال أبو جعفر يقال حيوان وحياة وحي كما قال * وقد ترى
إذ الحياة حي 40 - وقوله جل وعز فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله
مخلصين له الدين آية 65 أي فإذا أصابتهم شدة دعوا الله وحده
وتركوا ما يعبدون من دونه وقوله جل وعز فلما نجاهم إلى البر
إذا هم يشركون أي يدعون معه غيره
(5/236)
41 - وقوله جل وعز ليكفروا بما آتيناهم
وليتمتعوا فسوف يعلمون وليتمتعوا على التهديد وكسر اللام 42 -
وقوله جل وعز والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا أي لنزيدنهم
هدى 43 - ثم أخبرنا جل وعز أنه ينصرهم فقال وإن الله لمع
المحسنين تمت سورة العنكبوت
(5/237)
تفسير سورة الروم
مكية وآياتها 60 آية
(5/239)
بسم الله الرحمن الرحيم سورة الروم وهي
مكية 1 - من ذلك قوله جل وعز آلم غلبت الروم في أدنى الأرض آية
2 قال مجاهد هي الجزيرة كانت أقرب أرض الروم إلى فارس حدثنا
محمد بن سلمة الأسواني قال حدثنا محمد بن سنجر قال حدثنا
معاوية بن عمرو قال حدثنا أبو إسحق الفزاري عن سفيان الثوري عن
حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن
(5/241)
ابن عباس في قول الله جل وعز آلم غلبت
الروم قال كان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم لأنهم
أهل أوثان وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس لأنهم
أهل الكتاب فذكر لأبي بكر فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إنهم سيغلبون
قال فذكره أبو بكر لهم فقالوا اجعل بيننا وبينك أجلا فإن ظهرنا
كان لنا كذا وكذا وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا فجعل أجلا خمس
سنين فلم يظهروا فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال الا
جعلتها ما دون أراه قال دون العشر قال سعيد والبضع ما دون
العشر ثم ظهرت الروم بعد ذلك فذلك قوله جل وعز آلم
غلبت الروم في أدنى الأرض إلى قوله ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر
الله قال الشعبي وكان القمار ذلك الوقت حلالا قال وقال النبي
صلى الله عليه وسلم لأبي بكر كم البضع قال ما بين الثلاث إلى
التسع
(5/242)
وقرأ عبد الله بن عمر غلبت الروم بفتح
الغين واللام وقال غلبت على أدنى ريف قال أبو جعفر المعنى على
قراءة من قرأ غلبت الروم وهم من بعد غلبهم سيغلبون الروم من
بعد غلبهم أي من بعد أن غلبوا سيغلبون ومن قرأ سيغلبون فالمعنى
عنده وفارس من بعد غلبهم أي من بعد أن غلبوا سيغلبون 2 - وقوله
جل وعز في بضع سنين آية 4 البضع عند قتادة أكثر من الثلاث ودون
العشر وعند الأخفش والفراء ما دون العشر وعند أبي عبيدة ما بين
ثلاث وخمس
(5/243)
وحكى أبو زيد بضع وهو مشتق من قولهم بضعة
إذا قطعه ومنه بضعة من لحم ومنه هو يملك فلا بضع المرأة إنما
هو كناية عن عضوها وفي رواية ابن أبي طلحة عن ابن عباس في أدنى
الأرض قال يقول في طرف الشام قال أبو جعفر التقدير في أدنى
الأرض من فارس 3 - ثم قال جل وعز لله الأمر من قبل ومن بعد آية
4 قال محمد بن يزيد إذا قلت من قبل ومن بعد فمعناه من قبل ما
تعلم ومن بعد ما تعلم ومن قبل كل شئ ومن بعد كل شئ قال أبو
جعفر المعنى لله القضاء بالغلبة من قبل الغلبة ومن بعدها
(5/244)
4 - ثم قال جل وعز ويومئذ يفرح المؤمنون
بنصر الله آية 4 أي يفرحون بنصر الله الروم لأنهم أهل كتاب على
فارس وهم مجوس ويفرحون بالآية العظيمة التي لا يعلمها إلا الله
جل وعز لأنه خبرهم بما سيكون 5 - وقوله جل وعز يعلمون ظاهرا من
الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون آية 7 قال عكرمة
وإبراهيم أي يعلمون أمر معايشهم ومصلحة دنياهم
(5/245)
6 - وقوله جل وعز أولم يتفكروا في أنفسهم
ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق آية 8 أي إلا
لإقامة الحق
7 - وقوله جل وعز وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها آية 9
وأثاروا الأرض أي حرثوها وزرعوها وليس بمكة حرث ولا زرع وقال
تعالى تثير الأرض 8 - وقوله جل وعز ثم كان عاقبة الذين أساءوا
السوءى وقرأ الأعمش ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوء برفع
السوء
(5/246)
قال أبو جعفر السوء أشد الشر والسوءى أي
الفعلي منه وقيل السوءى ههنا النار كما أن الحسنى الجنة ومعنى
اساءوا ههنا أشركوا يدل على ذلك قوله تعالى أن كذبوا بآيات
الله قال الكسائي أي لأن كذبوا بآيات الله 9 - وقوله جل وعز
ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد
قال يكتئبون منه وروى أبو يحيى عن مجاهد قال الإبلاس الفضيحة
(5/247)
قال أبو جعفر يقال أبلس الرجل إذا تحير
وحزن وانقطعت حجته فلم يهتد لها ويئس من الخير كما قال
قال نعم أعرفه وأبلسا 10 - وقوله جل وعز فأما الذين آمنوا
وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون قال مجاهد يحبرون أي
ينعمون قال أبو جعفر حقيقته أنهم تتبين عليهم أثر النعمة من
ذلك الحبر وعلى أسنانه حبرة وروى الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير
في روضة يحبرون قال السماع في الجنة
(5/248)
11 - وقوله جل وعز فسبحان الله حين تمسون
وحين تصبحون آية 17 قال ابن عباس الصلوات الخمس في كتاب الله
جل وعز وتلا الآية فسبحان الله حين تمسون قال المغرب والعشاء
وحين تصبحون قال الفجر وعشيا العصر وحين تظهرون الظهر
(5/249)
12 - وقوله جل وعز يخرج الحي من الميت
ويخرج الميت من الحي ويحي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون آية 19
في معناه أقوال قال عبد الله بن مسعود أي يخرج النطفة من الرجل
والرجل من النطفة
قال الضحاك وكذلك البيضة وقال سلمان يخرج المؤمن من الكافر
والكافر من المؤمن وكذلك قال الحسن وقيل يميت الحي ويحيي الميت
ويحي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون
(5/250)
أي كما يحيي الأرض بالنبات 13 - وقوله جل
وعز ومن آياته أن خلقكم من تراب آية 20 المعنى أن خلق أصلكم
وهو آدم عليه السلام كما قال تعالى واسأل القرية ويجوز أن يكون
الماء مخلوقا من تراب 14 - وقوله جل وعز ومن آياته أن خلق لكم
من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها فيه قولان أحدهما أن حواء خلقت
من آدم والآخر أن المعنى خلق لكم من جنسكم أزواجا لأن الإنسان
(5/251)
بجنسه آنس وإليه أسكن ومثله قوله جل وعز هو
الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها في معناه
القولان جميعا أي جعل من جنسها روجها ودل هذا على الجنسين
جميعا
ويكون الضمير في قوله تعالى جعلا له شركاء فيما آتاهما يعود
على الجنسين والضمير في قوله يشركون يعود على الجنسين لأنهما
جماعة 15 - وقوله جل وعز وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك
لآيات لقوم يتفكرون آية 21
(5/252)
قال مجاهد المودة الجماع والرحمة الولد
وقيل المودة والرحمة عطف قلوب بعضهم على بعض والمعنى ومن آياته
التي تدل على وحدانيته وأنه لا شريك له ولا نظير 16 - وقوله جل
وعز إن في ذلك لآيات للعالمين آية 22 للعالمين أي للجن والإنس
وحكى للعالمين وهو حسن 17 - وقوله جل وعز ومن آياته يريكم
البرق خوفا وطمعا آية 24 والمعنى ويريكم البرق من آياته وعطفت
جملة على جملة ويجوز أن يكون المعنى ومن آياته آية يريكم بها
البرق كما قال الشاعر
(5/253)
وما الدهر إلا تارتان فمنهما أموت وأخرى
أبتغي العيش أكدح والخوف للمسافر والطمع للمقيم
18 - وقوله جل وعز ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره آية
25 أي أن تدوما قائمتين 19 - وقوله جل وعز وله من في السموات
والأرض كل له قانتون آية 26 وهذا أيضا من آياته وحذف لأن في
الكلام دليلا عليه والقانت القائم بالطاعة والقيام ههنا
الانقياد لله جل وعز على ما حب العباد أو كرهوا
(5/254)
20 - وقوله جل وعز وهو الذي يبدأ الخلق ثم
يعيده وهو أهون عليه آية 27 في معناه ثلاثة أقوال في رواية
صالح عن ابن عباس وهو أهون عليه وهو أهون على المخلوق لأنه
ابتدأ خلقه من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة والإعادة بأن يقول
له كن فيكون فذلك أهون على المخلوق وقال مجاهد الإعادة أهون
عليه من البدأة وكل عليه هين والمعنى على هذا وهو أهون عليه
عندكم وفيما تعرفون على التمثيل وبعده وله المثل الأعلى
(5/255)
وقال قتادة وهو أهون عليه أي هين
وهذا قول حسن ومنه الله أكبر أي كبير ومنه قول الشاعر لعمرك ما
أدري وإني لأوجل على أينا تعدو المنية أول وقول الآخر إن الذي
سمك السماء بنى لنا بيتا دعائمه أعز وأطول وروى معمر عن قتادة
قال في قراءة عبد الله بن مسعود وهو هين عليه
(5/256)
21 - ثم قال جل وعز وله المثل الأعلى في
السموات والأرض آية 27 روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال يقول
ليس كمثله شئ وقيل يعني لا إله إلا الله وحقيقته في اللغة وله
الوصف الأعلى 22 - وقوله جل وعز ضرب لكم مثلا من أنفسكم آية 28
قال قتادة هذا مثل ضربه الله عز وجل للمشركين فقال هل لكم مما
ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواء أي هل يرضى
أحدكم أن يكون مملوكه في ماله ونفسه مثله فإذا لم ترضوا بهذا
فكيف جعلتم لله جل وعز شريكا
(5/257)
قال أبو جعفر هذا قول حسن أي هل يرضى أحدكم
أن يجعل مملوكه مثل نفسه أي مثل شريكه الحر الذي لا يقطع أمرا
دونه كما قال تعالى ولا تلمزوا أنفسكم أي لا يعب بعضكم بعضا
وكذا قوله تعالى كخيفتكم أنفسكم وكما قال جل وعز لولا إذ
سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وكما قال تعالى
فاقتلوا أنفسكم وقيل كما يخاف من قبلكم إنفاقها
(5/258)
أي فأنتم لا تجعلون مماليككم مثلكم وأنتم
كلكم أرقاء لله جل وعز فكيف تجعلون لله جل وعز شريكا وليس
كمثله شئ 23 - وقوله جل وعز فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله
التي فطر الناس عليها آية 30 الفطرة ابتداء الخلق ومنه فاطر
السموات ومنه فطر ناب البعير ومنه فطرت البئر أي ابتدأت حفرها
أي ابتدأ خلقهم على أنهم يعلمون أن لهم خالقا ومدبرا وفي
الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة
حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه وينصرانه
(5/259)
قال الأوزاعي وحماد بن سلمة هذا مثل قوله
تعالى وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم والمعنى على
هذا كل مولود يولد على العهد الذي أخذ
عليه وفي الحديث أخرجهم أمثال الذر فأخذ عليهم العهد فكل مولود
يولد على ذلك العهد وإن نسب عبادته إلى غير الله جل وعز أو
ووصفه بغير صفته حتى يكون أبواه يعلمانه اليهودية والنصرانية
وقيل على الخلقة التي تعرفونها لا تميز شيئا
(5/260)
وقال عبد الله بن المبارك هذا لمن يكون
مسلما يذهب إلى أنه مخصوص وقال محمد بن الحسن هذا من قبل أن
تنزل الفرائض ويؤمر بالجهاد قال أبو جعفر وأولاها القول الأول
وهو قول أهل السنة وهو موافق للغة ولا يجوز أن يكون منسوخا
لأنه خبر ولا يكون خاصا وإنما أشكل معنى الحديث لأنهم تأولوا
الفطرة على الإسلام وإنما هي ابتداء الخلق 24 - وقوله جل وعز
منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين
منيبين إليه أي راجعين إليه بالطاعة والمعنى فأقيموا وجوهكم
منيبين إليه
(5/261)
ومعنى كل حزب بما لديهم فرحون
كل يقول إني على الهدى 25 - ثم قال جل وعز وإذا مس الناس ضر
دعوا ربهم منيبين إليه آية 33 أي لم يلتجئوا: إلا إليه وتركوا
ما كانوا يعبدون من دونه 26 - ثم قال جل وعز ليكفروا بما
آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون فخرج من الإخبار إلى المخاطبة
وهذا على التهديد والوعيد كما قال جل وعز وقل الحق من ربكم فمن
شاء فيؤمن ومن شاء فليكفر
(5/262)
27 - ثم قال جل وعز أم أنزلنا عليهم سلطانا
فهو يتكلم بما كانوا به يشركون آية 35 روى سعيد بن جبير عن ابن
عباس قال كل سلطان في القرآن فهو عذر وحجة قال أبو جعفر المعنى
أم أنزلنا عليهم كتابا فيه عذر أو حجة أو برهان يدلهم على
الشرك 28 - ثم قال جل وعز أذقنا الناس رحمة فرحوا بها أي نعمة
فرحوا بها وإن تصبهم سيئة أي وإن تصبهم مصيبة 29 - وقوله جل
وعز فلت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل آية 38
(5/263)
قال قتادة إذا لم تعط ذا قرابتك وتمشي إليه
برجليك فقد قطعته 30 - وقوله جل وعز وما آتيتم من ربا ليربو في
أموال الناس فلا يربوا عند الله قال مجاهد وابن عباس هو الرجل
يهدي إلى الرجل الهدية فيطلب ما هو أفضل منها فليس له أجر ولا
عليه إثم قال عكرمة الربا ربوان فربا حلال وربا حرام فأما
الحلال فأن يعطي الرجل الآخر شيئا ليعطيه أكثر منه فلا يربوا
عند الله والحرام في النسيئة
(5/264)
وقال ابراهيم كان هذا في الجاهلية يعطي
الرجل ذا قرابته المال ليكثر عنده فلا يربو عند الله 31 - ثم
قال جل وعز وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم
المضعفون آية 39 قال ابن عباس من زكاة أي من صدقة ثم قال
فأولئك هم المضعفون أي الذين يجدون أضعاف ذلك أي ذوو الإضعاف
كما تقول رجل مقو أي ذو قوة 32 - وقوله جل وعز ظهر الفساد في
البر والبحر بما كسبت أيدي الناس آية 41 قال مجاهد في البر قتل
ابن آدم أخاه والبحر أخذ السفينة غصبا
(5/265)
وقال عكرمة وقتادة البر البوادي والبحر
القرى قال قتادة والفساد الشرك قال أبو جعفر والتقدير على هذا
وفي مواضع البحر أي التي على البحر وأحسن ما قيل في هذه الآية
والله أعلم قول ابن عباس حدثنا بكر بن سهل قال حدثنا عبد الله
بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ظهر
الفساد في البر والبحر يقول نقصان البركة بأعمال العباد كي
يتوبوا والمعنى على هذا ظهر الجدب في البر والبحر بذنوب الناس
(5/266)
33 - وقوله جل وعز فأقم وجهك للدين القيم
من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون آية 43 أي
اجعل قصدك إلى الدين القيم من قبل أن يأتي يوم القيامة فلا
ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل ومعنى يصدعون يتفرقون
فريقا في الجنة وفريقا في السعير 34 - وقوله جل وعز ومن عمل
صالحا فلأنفسهم يمهدون آية 44 روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال
فلأنفسهم
يمهدون في القبر
(5/267)
قال أبو جعفر معنى يمهدون في اللغة يوطئون
لأنفسهم بعمل الخير من المهاد وهو الفراش 35 - وقوله جل وعز
ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله آية 48 ويجعله كسفا جمع
كسفة وهي القطعة فترى الودق قال مجاهد أي القطر يخرج يخرج من
خلاله أي من بين السحاب 37 - وقوله جل وعز وإن كانوا من قبل أن
ينزل عليهم من قبله لمبلسين آية 49 في تكرير قبل ههنا ثلاثة
أقوال أ - قال الأخفش سعيد هذا على التوكيد وأكثر النحويين على
هذا القول
(5/268)
ب - وقال قطرب أي وإن كانوا من قبل التنزيل
من قبل المطر ج والقول الثالث عندي أحسنها وهو أن يكون المعنى
من قبل السحاب أي من قبل رؤية السحاب ليائسين وقد تقدم ذكر
السحاب 37 - وقوله جل وعز فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيى
الأرض بعد موتها آية 50
رحمة الله أي المطر الذي هو من رحمة الله كيف يحيى الأرض بعد
موتها
(5/269)
وقرأ محمد اليماني كيف تحيى الأرض بعد
موتها والمعنى على قراءته كيف تحيي الرحمة الأرض أو الآثار
ويحيي بالياء أي يحيي الله أو المطر أو الأثر فيمن قرأ هكذا 38
- وقوله جل وعز ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده
يكفرون قال النحويون فرأوه مصفرا أي فرأوا النبات مصفرا
وحقيقته فرأوا الأثر مصفرا لظلوا من بعده يكفرون أي ليظلن هذا
قول الخليل قال أبو جعفر وهذا يقع في حروف المجازاة
(5/270)
39 - ثم قال جل وعز فإنك لا تسمع الموتى
ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين آية 52 أي إنهم بمنزلة
الموتى والصم لأنهم لا يقبلون لمعاندتهم 40 - وقوله جل وعز إن
تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون آية 53 أي ما تسمع إلا من
كان قابلا غير معاند
41 - وقوله جل وعز الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف
قوة آية 54 خلقكم من ضعف أي من المني أي خلقكم في حال ضعف ثم
جعل من بعد ضعف قوة أي الشباب
(5/271)
42 - وقوله جل وعز ويوم تقوم الساعة يقسم
المجرمون ما لبثوا غير ساعة أي يحلفون ما لبثوا في القبور إلا
ساعة واحدة 43 - ثم قال تعالى كذلك كانوا يؤفكون آية 55 أي
كذلك كانوا يكذبون في الدنيا يقال إفك الرجل إذا صرف عن الصدق
والخير وأرض مأفوكة ممنوعة من المطر 44 - وقوله جل وعز وقال
الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم
البعث آية 56 قيل المعنى في خبر كتاب الله أنكم لبثتم في
قبوركم إلى يوم القيامة وقيل في الكلام تقديم وتأخير
(5/272)
والمعنى وقال الذين أوتوا العلم في كتاب
الله لقد لبثتم إلى يوم البعث 45 - وقوله جل وعز فاصبر إن وعد
الله حق ولا يستخفنك الذين
لا يوقنون آية 60 ولا يستخفنك أي لا يستفزنك الذين لا يوقنون
أي الشاكون انتهت سورة الروم
(5/273)
|