نواسخ القرآن ناسخ القرآن ومنسوخه ت آل زهوي الباب الثامن والعشرون باب ذكر الآيات
اللواتي ادّعي عليهن النسخ في سورة الفرقان
ذكر الآيات الأولى
: قوله تعالى: أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا [الفرقان:
43].
زعم الكلبي أنها منسوخة بآية السيف، وليس بصحيح، لأن المعنى:
أفأنت تكون حفيظا عليه تحفظه من اتباع هواه؟ فليس للنسخ وجه
(1).
ذكر الآية الثانية
: قوله تعالى: وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً
[الفرقان: 63].
قال الحسن في تفسيرها: لا يجهلون على أحد وإن جهل عليهم حلموا،
وهذه الآية محكمة عند الجمهور، وقد زعم قوم: أن المراد بها
أنهم يقولون للكفار، ليس بيننا وبينكم غير السلام، وليس المراد
السلام الذي هو التحية، وإنما المراد بالسلام التسليم، أي:
تسلما منكم ومتاركة لكم، كما يقول:
براءة منك؛ أي: لا التبس بشيء من أمرك. ثم نسخت بآية السيف،
وهذا باطل، لأن اسم الجاهل يعم المشرك وغيره، فإذا خاطبهم
مشرك، قالوا:
السداد والصواب في الرد عليه، وحسن المحاورة في الخطاب لا
ينافي القتال، فلا وجه للنسخ.
__________
(1) انظر «صفوة الراسخ» (ص 123).
(1/177)
ذكر الآية الثالثة
: قوله تعالى: وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ
اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ إلى قوله: إِلَّا مَنْ تابَ
[الفرقان: 68 - 70] للعلماء فيها قولان:
القول الأول: أنها منسوخة
، ولهؤلاء في ناسخها ثلاثة أقوال:
الأول: أنه قوله: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً
فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ [النساء:
93]، قاله ابن عباس رضي الله عنهما. والأكثرون على خلافه في أن
القتل لا يوجب الخلود.
وقال أبو جعفر النحاس، من قال: إن قوله: وَلا يَقْتُلُونَ
النَّفْسَ الآيات نسخها قوله: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً
مُتَعَمِّداً فمعناه نزل بنسختها والآيتان واحد، لأن هذا لا
يقع فيه ناسخ ولا منسوخ، لأنه خبر.
والثاني: قوله: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ
[النساء: 48] الآية وهذا لا يصح، لأن الشرك لا يغفر إذا مات
المشرك عليه.
والثالث: أنه نسخت بالاستثناء في قوله: إِلَّا مَنْ تابَ وهذا
باطل، لأن الاستثناء ليس بنسخ.
والقول الثاني: أنها محكمة
، والخلود إنما كان لانضمام الشرك إلى القتل والزنا.
... الباب التاسع والعشرون باب ذكر ما ادّعي عليه النسخ في
سورة الشعراء
قوله تعالى: وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ [الشعراء:
224].
[189]- أخبرنا ابن ناصر، قال: ابنا ابن أيوب، قال: ابنا ابن
شاذان، قال:
ابنا أبو بكر النجاد، قال: ابنا أبو داود السجستاني، قال: بنا
أحمد بن محمّد، قال: بنا علي بن الحسين، عن أبيه، عن يزيد
النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما وَالشُّعَراءُ
يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ فنسخ من ذلك واستثنى، فقال:
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا
اللَّهَ كَثِيراً [الشعراء: 227].
قلت: وقد بينا أن الاستثناء ليس بنسخ، ولا يعول على هذا، وإنما
هذه الألفاظ من تغيير الرواة وإلا.
(1/178)
[190] (1) - فقد أخبرنا المبارك بن علي،
قال: ابنا أحمد بن الحسين، قال:
ابنا البرمكي، قال: ابنا محمّد بن إسماعيل، قال: ابنا أبو بكر
بن داود، قال: بنا يعقوب بن سفيان، قال: بنا أبو صالح، قال:
حدّثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي
الله عنهما وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ ثم استثنى
المؤمنين فقال: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحاتِ.
فهذا هو اللفظ الصحيح، عن ابن عباس رضي الله عنهما وإن هذا هو
استثناء لا نسخ وإنما الرواة تنقل، بما تظنه المعنى فيخطئون.
... الباب الثلاثون باب ذكر ما ادّعي عليه النسخ في سورة النمل
قوله تعالى: فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ
[النمل: 92].
روي علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن هذا منسوخ
بآية السيف، وكذلك قال قتادة، وقد تكلمنا على جنس هذا وبينا أن
الصحيح أنه ليس بمنسوخ.
... الباب الحادي والثلاثون باب ذكر ما ادّعي عليه النسخ في
سورة القصص
قوله تعالى: وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ
وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ
عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ [القصص: 55].
اختلف المفسرون في المراد باللغو هاهنا، فقال: مجاهد: هو الأذى
والسب، وقال الضحاك: الشرك، فعلى هذا يمكن ادعاء النسخ. وقوله:
لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ قال المفسرون: لنا
حلمنا ولكم سفهكم، وقال بعضهم: لنا ديننا ولكم دينكم.
__________
(1) أخرجه النحاس في «ناسخه» (ص 201).
(1/179)
وقوله: سَلامٌ عَلَيْكُمْ قال الزجاج: لم
يريدوا التحية، وإنما أرادوا بيننا وبينكم المتاركة وهذا قبل
أن يؤمر المسلمون بالقتال وقوله: لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ
أي: لا نطلب مجاورتهم قال الأكثرون: فنسخت هذه الآية بآية
السيف (1).
... الباب الثاني والثلاثون باب ذكر ما ادّعي عليه النسخ في
سورة العنكبوت
ذكر الآية الأولى
: قوله تعالى: وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا
بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [العنكبوت: 46] اختلفوا فيها على
قولين:
القول الأول: أنها نسخت
بقوله: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ إلى قوله:
وَهُمْ صاغِرُونَ [التوبة: 29] قاله قتادة وابن السائب.
[191] (2) - أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: ابنا عمر بن عبيد
الله، قال: ابنا ابن بشران، قال: ابنا إسحاق بن أحمد، قال: بنا
عبد الله بن أحمد، قال: بنا أبي، وابنا المبارك بن علي، قال:
ابنا أحمد بن الحسين، قال: ابنا البرمكي، قال: ابنا محمّد بن
إسماعيل: قال: بنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا أحمد بن يحيى
بن مالك، قال: بنا عبد الوهاب عن سعيد، وابنا ابن ناصر، قال:
ابنا ابن أيوب، قال: ابنا ابن شاذان، قال: ابنا أبو بكر
النجاد، قال: ابنا أبو داود السجستاني، قال: بنا أحمد بن
محمّد، قال: بنا أبو رجاء، عن همام كلاهما عن قتادة، وَلا
تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ ثم نسخ بقوله: قاتِلُوا الَّذِينَ
لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ [التوبة:
29] فلا مجادلة أشد من السيف.
والقول الثاني: أنها ثابتة الحكم
، وهو مذهب جماعة منهم ابن زيد (3).
[192] (4) - أخبرنا المبارك بن علي، قال: ابنا أحمد بن الحسين،
قال: ابنا
__________
(1) انظر «صفوة الراسخ» (ص 125) و «الإيضاح» (ص 375) و «جمال
القراء» (2/ 783).
(2) أخرجه ابن أبي حاتم (9/ 3068/ 17355) من طريق: عبد الرزاق،
ثنا معمر، عن قتادة به.
والنحاس (ص 204) من طريق أخرى عن قتادة.
(3) انظر «تفسير ابن أبي حاتم» (9/ 3068/ 17356).
(4) أخرج نحوه ابن أبي حاتم (9/ 3069/ 17357، 17360، 17361) من
طرق؛ عن مجاهد به.
(1/180)
البرمكي، قال: ابنا محمّد بن إسماعيل، قال: بنا أبو بكر بن أبي
داود، قال: بنا قيس، عن حصين، عن مجاهد وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ
الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ قال: من أدّى منهم
الجزية فلا تقل له إلا حسنا.
ذكر الآية الثانية
: قوله تعالى: وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ [العنكبوت: 50]
زعم بعضهم أنه منسوخ بآية السيف، وهذا لو كان في قوله وما أنا
إلا نذير احتمل، فأما هاهنا فلا، لأن هذه الآية أثبتت أنه
نذير، ويؤيد إحكامها أنها خبر.
... الباب الثالث والثلاثون باب ذكر ما ادّعي عليه النسخ في
سورة الروم
قوله تعالى: فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ [الروم: 60]
زعم السدي: أنها نسخت بآية السيف، وهذا إنما يصح له أن لو كان
الأمر بالصبر عن قتالهم فأما إذا احتمل أن يكون صبرا على ما
أمر به أو عما نهى عنه لم يتصور نسخ. |