ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن

وَمن سُورَة الْأَنْعَام
{ثمَّ الَّذين كفرُوا برَبهمْ يعدلُونَ} أَي: يسوون، وَهُوَ: الْكفْر الصراح، أَي: يجْعَلُونَ لله عدلا، أَي: مثلا، عز وَجل عَن ذَلِك. {وَله مَا سكن فِي اللَّيْل وَالنَّهَار} أَي: مَا حل فِي اللَّيْل

(1/217)


وَالنَّهَار. {فاطر السَّمَاوَات} : خَالق. {وَمن بلغ} أَي: وَمن بلغه الْقُرْآن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. {يعرفونه} أَي: يعْرفُونَ مُحَمَّدًا - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فِي التَّوْرَاة بِصفتِهِ ونعته، بشرعه وشرائعه. قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: وَمِنْه قَول عمر
بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ
لعبد الله بن سَلام: مَا هَذِه الْمعرفَة، الَّتِي وصفهَا الله - عز

(1/218)


وَجل - فِي صفة مُحَمَّد - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: نعرفه كَمَا نَعْرِف أبناءنا، ونعرفه بعد هَذَا معرفَة أبين من معرفَة أَوْلَادنَا، قَالَ: فَقَالَ عمر: كَيفَ؟ قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن أَحَدنَا ليشك فِي وَلَده، حَتَّى يَقُول: هُوَ ابْني، لَيْسَ هُوَ ابْني، وَنحن لَا نشك فِي مُحَمَّد - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - أَنه صَادِق مُصدق. {بل بدا لَهُم} أَي: ظهر لَهُم، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: (ثُمَّ

(1/219)


بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الأياتِ} أَي: ظهر لَهُم من الرَّأْي أَن يسجنوه. {نَمُوتُ وَنَحْيَا} قَالَ ثَعْلَب: اخْتلف النَّاس، فَقَالَت طَائِفَة: هُوَ مقدم ومؤخر، [5 / أ] وَمَعْنَاهُ: نحيا وَنَمُوت وَلَا نحيا بعد ذَلِك. وَقَالَت طَائِفَة: مَعْنَاهُ: نحيا وَنَمُوت وَلَا نحيا أبدا، وتحيا أَوْلَادنَا بَعدنَا، فَجعلُوا حَيَاة أَوْلَادهم بعدهمْ كحياتهم، ثمَّ

(1/220)


قَالُوا: وَيَمُوت أَوْلَادنَا بَعدنَا، فَلَا نحيا نَحن وَلَا هم. {فَذُوقُوا الْعَذَاب} قَالَ: الذَّوْق كَون بالفم وَبِغير الْفَم. {وهم يحملون أوزارهم} أَي: أثقال الآثام. {فَلَمَّا نسوا مَا ذكرُوا بِهِ} أَي: تركُوا. {وَيعلم مَا جرحتم بِالنَّهَارِ} أَي: مَا كسبتم. {وهم لَا يفرطون} أَي: لَا يقصرون.

(1/221)


{أَن تبسل} أَي: أَن تحبس فِي جَهَنَّم. {عَذَاب الْهون} أَي: عَذَاب الهوان. وَقَالَ: هان يهون هونا، والهون الِاسْم. وَمن الرِّفْق: هان يهون هونا، يتَّفق فيهمَا المصدران. وَقَوله - جلّ وَعز: {يَمْشُونَ على الأَرْض هونا} أَي: بِرِفْق وَسُكُون ووقار. {لقد تقطع بَيْنكُم} أَي: تقطع وصلكم، وَمن قَرَأَ:

(1/222)


{بَيْنكُم} أَي: انْقَطع الَّذِي بَيْنكُم. {وخرقوا} أَي: كذبُوا.
وليقولوا دارست: أَي: ذاكرت وقارأت، و {درست} أَي: قَرَأت أَنْت وَحدك حَتَّى حفظت. {وَمَا يشعركم} أَي: وَمَا يعلمكم.

(1/223)


{زخرف القَوْل غرُورًا} أَي: حسن القَوْل بترقيش الْكَذِب، والزخرف فِي غير هَذَا الْموضع: الذَّهَب. {ولتصغى إِلَيْهِ} أَي: لتميل إِلَيْهِ، وَمِنْه قَوْله - جلّ وَعز: {فقد صغت قُلُوبكُمَا} أَي: مَالَتْ. {صغَار عِنْد الله} أَي: ذل.

(1/224)


{ضيقا حرجا} الْحَرج: أَشد الضّيق. {حمولة وفرشا} : الحمولة: القوية على الْحمل، والفرش: الصَّغِيرَة الضعيفة عَن الْحمل
والفرش - أَيْضا: القوية على الْحمل وَالسير الْكثير، وَلم تأت الحمولة بِمَعْنى الصغار
. {مسفوحا} أَي: مصبوبا.

(1/225)


{أَو الحوايا} فالحوايا: بَنَات اللَّبن، واحدتها: حاوية وحوية. {من إملاق} أَي: من فقر. {وصدف عَنْهَا} : أعرض عَنْهَا.

(1/226)


وَمن سُورَة الْأَعْرَاف
قَوْله _ عز وَجل: (بَيَاتاً) أَي: لَيْلًا. {أَو هم قَائِلُونَ} أَي: نصف النَّهَار، وَقت النّوم. {مَذْءُوماً} أَي: معيبا، ومذموماً، أَي مَهْجُورًا، يُقَال: ذممته، أَي: هجرته، وذأمته، أَي: عبته.

(1/227)


{مَدْحُورًا} [5 / ب] أَي: مطروداً، وَيُقَال: منفيا. {وريشا} كل شَيْء يعِيش بِهِ الْإِنْسَان، فَهُوَ ريش من مَال أَو مَتَاع أَو مَأْكُول أَو مشروب، قَالَ: والرياش مثله. {ولباس التَّقْوَى} قَالَ: هُوَ الْحيَاء.

(1/228)


{من غل} أَي: من حقد. {الَّذين يصدون} قَالَ: يصدون: يعرضون، ويصدون، أَي: يضجون. {أَو مِمَّا رزقكم الله} قَالَ: يَعْنِي الْخبز وَالطَّعَام، قَالَ أَبُو عبد الله: فَلم يُصَرح الله - عز وَجل - بِذكر الْخبز وَالطَّعَام، لقلته عِنْده، وَصرح بِذكر المَاء، لِأَنَّهُ شرفه، لِأَن كل شَيْء خلقه - من الْحَيَوَان والفاكهة وَغير ذَلِك - حَيَاته بِالْمَاءِ، وَهُوَ قَوْله - جلّ

(1/229)


وَعز: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيّ} . وَقَوله: {أولم يهد للَّذين يَرِثُونَ الأَرْض} : أَي: أولم يبين. {نزع يَده} أَي: أخرج يَده. {إِن هَؤُلَاءِ متبر مَا هم فِيهِ} أَي: مهلك مَا هم فِيهِ، ومدمر عَلَيْهِم. {لَهُ خوار} أَي: صياح.

(1/230)


{وَلما سقط فِي أَيْديهم} أَي: ندموا عِنْدَمَا فعلوا. قَالَ أَبُو عبد الله: وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {لم يرَوا أَنه لَا يكلمهم} أَي: عَابَ الْعجل بذلك، وَهَذَا دَلِيل على أَن الله يتَكَلَّم، وَلم يزل متكلماً، لِأَنَّهُ لَا يكون هُوَ بِصفة مَا عَابَ.

(1/231)


{غَضْبَان أسفا} أَي: ممتلئ غيظاً. قَالَ أَبُو عبد الله: وَقَوله: جلّ وَعز {وَكَذَلِكَ نجزي المفترين} قَالَ يَعْنِي: أهل الْبدع. {وَلما سكت عَن مُوسَى الْغَضَب} أَي: سكن. {وَيَضَع عَنْهُم إصرهم} اْْلإصر: الثّقل فِي كل شَيْء من الْكَلَام والفعال وَالدّين. {بِعَذَاب بئيس} أَي: شَدِيد.

(1/232)


{فخلف من بعدهمْ خلف} الْخلف: الرَّدِيء من كل شَيْء. {وَإِذ نتقنا الْجَبَل} أَي: رفعناه. {وَلكنه أخلد إِلَى الأَرْض} أَي: مَال.

(1/233)


{وَالْآصَال} : العشيات.

(1/234)


وَمن سُورَة الْأَنْفَال
أخبرنَا أَبُو عمر - قَالَ أخبرنَا ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي - قَالَ: {الْأَنْفَال} : الْغَنَائِم والأنفال - أَيْضا: مَا يدْفع بعد قسْمَة الْغَنَائِم، والنافلة: مَا يكون بعد الْفَرِيضَة. {وجلت قُلُوبهم} أَي: اقشعرت، وخافت من الْوَعيد.

(1/235)


قَوْله - جلّ وَعز: {وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ [6 / أ] قُلُوبُكُمْ} أَي: ترجو وتلين عِنْد الْوَعيد، وَذكر الله - عز وَجل. و {الشَّوْكَة} : السِّلَاح، وحدة الْحَرْب وخشونتها. {أَمَنَة مِنْهُ} قَالَ: الأمنه والأمان والأمن كُله بِمَعْنى وَاحِد، وَقد حكيت: إمن - بِالْكَسْرِ - وَالْأول أفْصح. {الرعب} : الْفَزع.

(1/236)


{وَاتَّقوا فتْنَة لَا تصيبن الَّذين ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة} قَالَ: تصيب الظَّالِمين وَالْمُؤمنِينَ، فالظالمون معذبون، وَالْمُؤمنِينَ ممتحنون ممحصون. {إِلَّا مكاء وتصدية} قَالَ: المكاء: الصفير، والتصدية: التصفيق. {بالعدوة الدُّنْيَا} : جَانب الْوَادي مِمَّا يَلِي النَّاس.

(1/237)


و {العدوة القصوى} : الْبَعِيدَة من النَّاس، لَيْسَ بِسَمَاع.

(1/238)


{وَتذهب ريحكم} الرّيح: الْغَلَبَة.
والفشل: الكسل، يُقَال مِنْهُ: فعل يفعل فعلا. {نكص على عَقِبَيْهِ} أَي: مَشى إِلَى خَلفه مُنْهَزِمًا. وَقَوله: {وَإِن جنحوا للسلم فاجنح لَهَا} أَي: إِذا مالوا إِلَى

(1/239)


الصُّلْح، فاجنح لَهَا: أَي فمل أَنْت: - أَيْضا - إِلَى الصُّلْح، لِأَنَّهُ قَالَ - جلّ وَعز: {وَالصُّلْح خير} . {حَتَّى يثخن فِي الأَرْض} : حَتَّى يغلب وَيقتل. {تُرِيدُونَ عرض الدُّنْيَا} أَي: تُرِيدُونَ مَتَاع الدُّنْيَا.

(1/240)