الإعراب المحيط من تفسير البحر المحيط سورة الحاقة
اثنتان وخمسون آية مكية
والحاقة مبتدأ، وما مبتدأ ثان، والحاقة
خبره، والجملة خبر عن الحاقة، والرابط تكرار المبتدأ بلفظه
نحو: زيد ما زيد، وما استفهام لا يراد حقيقته بل التعظيم،
وأكثر ما يربط بتكرار المبتدأ إذا أريد، يعني التعظىم
والتهويل.
وما استفهام أيضاً مبتدأ، وأدراك {لِّلْعَالَمِينَ} الخبر،
والعائد على ما ضمير الرفع في {أدراك} ، وما مبتدأ، والحاقة
خبر، والجملة في موضع نصب بأدراك، وأدراك معلقة. وأصل درى أن
يعدى بالباء، وقد تحذف على قلة، فإذا دخلت همزة النقل تعدى إلى
واحد بنفسه وإلى الآخر بحرف الجر، فقوله: {ما الحاقة} بعد
أدراك في موضع نصب بعد إسقاط حرف الجر.
{حسوماً} وقال الزمخشري: وإن كان مصدراً، فإما أن ينتصب بفعل
مضمر، أي تحسم حسوماً بمعنى تستأصل استئصالاً، أو تكون صفة،
كقولك: ذات حسوم، أو تكون مفعولاً له، أي سخرها عليهم
للاستئصال. وقرأ السدّي: حسوماً بالفتح: حالاً من الريح، أي
سخرها عليهم مستأصلة.
وقال ابن الأنباري: من باقية {خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُم
مِّن بَاقِيَةٍ * وَجَآءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ
وَالْمُؤْتَفِكَتُ بِالْخَاطِئَةِ * فَعَصَوْاْ رَسُولَ
رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً * إِنَّا لَمَّا
طَغَا الْمَآءُ حَمَلْنَكُمْ فِى الْجَارِيَةِ} : أي من باق،
والهاء للمبالغة. وقال أيضاً: من فئة باقية. وقيل: {من باقية}
: من بقاء مصدر جاء على فاعلة كالعاقبة.
{ومن قبله} : ظرف زمان.
وقرأها علي رضي الله عنه: وتعيها، بكسر
العين وتخفيف الياء العامة؛ وابن مصرف وأبو عمرو في رواية
هارون وخارجة عنه؛ وقنبل بخلاف عنه: بإسكانها؛ وحمزة: بإخفاء
الحركة، ووجه الإسكان التشبيه في الفعل بما كان على وزن فعل في
الاسم والفعل. نحو: كبد وعلم. وتعي ليس على وزن فعل، بل هو
مضارع وعي، فصار إلى فعل وأصله حذفت واوه. وروي عن عاصم عصمة
وحمزة الأزرق: وتعيها بتشديد الياء، قيل: وهو خطأ وينبغي أن
يتأول على أنه أريد به شدة بيان الياء إحترازاً ممن سكنها، لا
إدغام حرف في حرف، ولا ينبغي أن يجعل ذلك من باب التضعيف في
الوقف، ثم أجرى الوصل مجرى الوقف، وإن كان قد ذهب إلى ذلك
بعضهم.
وقرأ الجمهور: نفخة واحدة {الْجَارِيَةِ * لِنَجْعَلَهَا
لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَعِيَةٌ} ، برفعهما،
ولم تلحق التاء نفخ، لأن تأنيث النفخة مجازى ووقع الفصل. وقال
ابن عطية: لما نعت صح رفعه. انتهى. ولو لم ينعت لصح، لأن نفخة
مصدر محدود ونعته ليس بنعت تخصيص، إنما هو نعت توكيد. وقرأ أبو
السمال: بنصبهما، أقام الجار والمجرور مقام الفاعل.
والتشديد على أن تكون للتكثير، أو يكون التضعيف للنقل، فجاز أن
تكون الأرض والجبال {وَحِدَةٌ * وَحُمِلَتِ الأٌّرْضُ
وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَحِدَةً} المفعول الأول أقيم
مقام الفاعل، والثاني محذوف، أي ريحاً تفتتها أو ملائكة أو
قدرة. وجاز أن يكون الثاني أقيم مقام الفاعل، والأول محذوف،
وهو واحد من الثلاثة المقدرة.
{فيومئذ} معطوف على {فإذا نفخ في الصور} ، وهو منصوب بوقعت،
كما أن إذا منصوب بنفخ على ما اخترناه وقررناه واستدللنا له في
أن العامل في إذا هو الفعل الذي يليهما لا الجواب، وإن كان
مخالفاً لقول الجمهور. والتنوين في إذ للعوض من الجملة
المحذوفة، وهي في التقدير: فيوم إذ نفخ في الصور وجرى كيت
وكيت.
وقال الزمخشري: فإن قلت: ما الفرق بين
قولك: {والملك} ، وبين أن يقال: والملائكة؟ قلت: الملك أعم من
الملائكة. ألا ترى أن قولك: ما من ملك إلا وهو شاهد، أعم من
قولك: ما من ملائكة؟ انتهى. ولا يظهر أن الملك أعم من
الملائكة، لأن المفرد المحلى بالألف واللام الجنسية قصاراه أن
يراد به الجمع المحلى بهما، ولذلك صح الاستثناء منه، فقصاراه
أن يكون كالجمع المحلى بهما. وأما دعواه أنه أعم منه بقوله:
ألا ترى الخ، فليس دليلاً على دعواه، لأن من ملك نكرة مفردة في
سياق النفي قد دخلت عليها من المخلصة للاستغراق، فشملت كل ملك
فاندرج تحتها الجمع لوجود الفرد فيه فانتفى كل فرد فرد، بخلاف
من ملائكة، فإن من دخلت على جمع منكر، فعم كل جمع جمع من
الملائكة، ولا يلزم من ذلك انتفاء كل فرد فرد من الملائكة. لو
قلت: ما في الدار من رجال، جاز أن يكون فيها واحد، لأن النفي
إنما انسحب على جمع، ولا يلزم من انتفاء الجمع أن ينتفي
المفرد.
والملك في الآية ليس في سياق نفي دخلت عليه من فيكون أعم من
جمع دخلت عليه من، وإنما جيء به مفرداً لأنه أخف، ولأن قوله:
{على أرجائها} يدل على الجمع، لأن الواحد بما هو واحد لا يمكن
أن يكون على أرجائها في وقت واحد، بل في أوقات.
{وتعرضون} هو جواب قوله: {فإذا نفخ} . فإن كانت النفخة هي
الأولى، فجاز ذلك لأنه اتسع في اليوم فجعل ظرفاً للنفخ ووقوع
الواقعة وجميع الكائنات بعدها؛ وإن كانت النفخة هي الثانية،
فلا يحتاج إلى اتساع لأن قوله: {فيومئذ} معطوف على فإذا، و
{يومئذ تعرضون} بدل من {فيومئذ} ، وما بعد هذه الظروف واقع في
يوم القيامة.
أما: حرف تفصيل فصل بها ما وقع في يوم العرض.
وهاؤم إن كان مدلولها خذ، فهي متسلطة على
كتابيه بغير واسطة، وإن كان مدلولها تعالوا، فهي متعدية إليه
بواسطة إلى، وكتابيه يطلبه هاؤم واقرؤا. فالبصريون يعملون
اقرؤا، والكوفيون يعملون هاؤم، وفي ذلك دليل على جواز التنازع
بين اسم الفعل والقسم.
وهنيئاً {خَافِيَةٌ * فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَبَهُ
بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ} ، تقدم الكلام عليه في أول النساء.
وقال الزمخشري: هنيئاً أكلاً وشرباً هنيئاً، أو هنيتم هنيئاً
على المصدر. انتهى فقوله: أكلاً وشرباً هنيئاً يظهر منه جعل
هنيئاً صفة لمصدرين، ولا يجوز ذلك إلا على تقدير الإضمار عند
من يجيز ذلك، أي أكلاً هنيئاً وشرباً هنيئاً.
وهو أنه إذا جعلنا الخبر هاهنا، كان له واليوم متعلقين بما
تعلق به الخبر، وهو العامل في ههنا، وهو عامل معنوي، فلا يتقدم
معموله عليه. فلو كان العامل لفظياً جاز، كقوله تعالى: ولم يكن
له كفواً أحد {الْمِسْكِينِ * فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَهُنَا
حَمِيمٌ} ، فله متعلق بكفواً وهو خبر ليكن.
وانتصب {قليلاً} على أنه صفة لمصدر محذوف أو لزمان محذوف، أي
تؤمنون إيماناً قليلاً أو زماناً قليلاً.
وقال ابن عطية: ونصب {قليلاً} بفعل مضمر يدل عليه {تؤمنون} ،
وما تحتمل أن تكون نافية فينتفي إيمانهم البتة. ويحتمل أن تكون
ما مصدرية، والمتصف بالقلة هو الإيمان اللغوي.
أمّا قوله: ونصب قليلاً بفعل مضمر يدل عليه
تؤمنون فلا يصح، لأن ذلك الفعل الدال عليه {تؤمنون} إما أن
تكون ما نافية أو مصدرية، كما ذهب إليه. فإن كانت نافية، فذلك
الفعل المضمر الدال عليه تؤمنون المنفي بما يكون منفياً، فيكون
التقدير: ما تؤمنون قليلاً ما تؤمنون، والفعل المنفي بما لا
يجوز حذفه ولا حذف ما لا يجوز زيداً ما أضربه، على تقدير ما
أضرب زيداً ما أضربه، وإن كانت مصدرية كانت ما في موضع رفع على
الفاعلية بقليلاً، أي قليلاً إيمانكم، ويبقى قلىلاً لا يتقدمه
ما يعتمد عليه حتى يعمل ولا ناصب له؛ وإما في موضع رفع على
الابتداء، فيكون مبتدأ لا خبر له، لأن ما قبله منصوب لا مرفوع.
وقال الزمخشري: والقلة في معنى العدم، أي لا تؤمنون ولا تذكرون
البتة، والمعنى: ما أكفركم وما أغفلكم. انتهى. ولا يراد
بقليلاً هنا النفي المحض، كما زعم، وذلك لا يكون إلا في أقل
نحو: أقل رجل يقول ذلك إلا زيد، وفي قل نحو: قلّ رجل يقول ذلك
إلا زيد. وقد تستعمل في قليل وقليلة إذا كانا مرفوعين، نحو ما
جوزوا في قوله:
قليل بها الأصوات إلا بغاتها
أما إذا كان منصوباً نحو: قليلا ضربت، أو قليلاً ما ضربت، على
أن تكون ما مصدرية، فإن ذلك لا يجور، لأنه في: قليلاً ضربت
منصوب بضربت، ولم تستعمل العرب قليلاً إذا انتصب بالفعل نفياً،
بل مقابلاً لكثير. وأمّا في قليلاً ما ضربت على أن تكون ما
مصدرية، فتحتاج إلى رفع قليل، لأن ما المصدرية في موضع رفع على
الابتداء.
وقرىء: {ولو تقول} مبنياً للمفعول، وحذف الفاعل وقام المفعول
مقامة، وهو بعض، إن كان قرىء مرفوعاً؛ وإن كان قرىء منصوباً
بعلينا قام مقام الفاعل، والمعنى: ولو تقول علينا متقول.
والظاهر في {حاجزين} أن يكون خبراً لما على
لغة الحجاز، لأن حاجزين هو محط الفائدة، ويكون منكم لو تأخر
لكان صفة لأحد، فلما تقدّم صار حالاً، وفي جواز هذا نظر. أو
يكون للبيان، أو تتعلق بحاجزين، كما تقول: ما فيك زيد راغباً،
ولا يمنع هذا الفصل من انتصاب خبر ما. وقال الحوفي والزمخشري:
حاجزين نعت لأحد على اللفظ، وجمع على المعنى لأنه في معنى
الجماعة يقع في النفي العام للواحد والجمع والمذكر والمؤنث،
ومنه: {لا نفرّق بين أحد من رسله} ، وقوله: {لستن كأحد من
النساء} ، مثل بهما الزمخشري، وقد تكلمنا على ذينك في
موضعيهما. وفي الحديث: «لم تحل لأحد سود الرؤوس قبلكم» . وإذا
كان حاجزين نعتاً فمن أحد مبتدأ والخبر منكم، ويضعف هذا القول،
لأن النفي يتسلط على الخبر وهو كينونته منكم، فلا يتسلط على
الحجز. وإذا كان حاجزين خبراً. تسلط النفي علىه وصار المعنى:
ما أحد منكم يحجزه عن ما يريد به من ذلك.
سورة المعارج
أربع وأربعون آية مكية
واللام للعلة، أي نازل بهم لأجلهم، أي لأجل كفرهم، أو على أن
اللام بمعنى على، قاله بعض النحاة.
واقع. و {ليس له دافع} : جملة اعتراض بين العامل والمعمول.
وقيل: يتعلق بدافع.
والظاهر أن قوله: {في يوم} متعلق بتعرج. وقيل: بدافع، والجملة
من قوله: {تعرج} اعتراض.
{يوم تكون} : منصوب بإضمار فعل، أي يقع يوم تكون، أو {يوم تكون
السماء كالمهل} كان كيت وكيت، أو بقريباً، أو بدل من ضمير نراه
إذا كان عائداً على يوم القيامة. وقال الزمخشري: أو هو بدل من
{في يوم} فيمن علقه بواقع. انتهى. ولا يجوز هذا، لأن {في يوم}
وإن كان في موضع نصب لا يبدل منه منصوب لأن مثل هذا ليس من
المواضع التي تراعي في التوابع، لأن حرف الجر فيها ليس بزائد
ولا محكوم له بحكم الزائد كرب، وإنما يجوز مراعاة المواضع في
حرف الجر الزائد كقوله:
يا بني لبينى لستما بيدإلا يداً ليست لها
عضد ولذلك لا يجوز: مررت بزيد الخياط، على مراعاة موضع بزيد،
ولا مررت بزيد وعمراً، ولا غضبت على زيد وجعفراً، ولا مررت
بعمرو أخاك على مراعاة الموضع. فإن قلت: الحركة في يوم تكون
حركة بناء لا حركة إعراب، فهو مجرور مثل {في يوم} . قلت: لا
يجوز بناؤه على مذهب البصريين لأنه أضيف إلى معرب، لكنه يجوز
على مذهب الكوفيين، فيتمشى كلام الزمخشري على مذهبهم إن كان
استحضره وقصده.
قيل: حميماً منصوب على إسقاط عن، أي عن حميم.
{ثم ينجيه} : عطف على {يفتدي من عذاب يومئذ} .
و {لظى} بدل من الضمير، و {نزاعة} خبر إن أو خبر مبتدأ، و
{لظى} خبر إن: أي هي نزاعة، أو بدل من {لظى} ، أو خبر بعد خبر.
كل هذا ذكروه، وذلك على قراءة الجمهور برفع نزاعة. وقال
الزمخشري: ويجوز أن يكون ضميراً مبهماً ترجم عنه الخبر. انتهى.
ولا أدري ما هذا المضمر الذي ترجم عنه الخبر؟ وليس هذا من
المواضع التي يفسر فيها المفرد الضمير، ولولا أنه ذكر بعد هذا
أو ضمير القصة، لحملت كلامه عليه. وقرأ ابن أبي عبلة وأبو حيوة
والزعفراني وابن مقسم وحفص واليزيدي: في اختياره نزاعة بالنصب،
فتعين أن يكون لظى خبراً لأن، والضمير في إنها عائد على النار
الدال عليها عذاب، وانتصب نزاعة على الحال المؤكدة أو المبينة،
والعامل فيها لظى، وإن كان عاملاً لما فيه من معنى التلظي، كما
عمل العلم في الظرف في قوله:
أنا أبو المنهال بعض الأحيان
أي: المشهور بعض الاحيان، أو على الاختصاص للتهويل، قاله
الزمخشري، وكأنه يعني القطع. فالنصب فيها كالرفع فيها، إذا
أضمرت هو فتضمر هنا.
{إلا المصلين} : استثناء كما قلنا من الإنسان.
و {يوم} بدل من {يومهم} .
{ذلك اليوم} : برفع الميم مبتدأ وخبر.
سورة نوح
ثمان وعشرون آية مكية
من ذنوبكم: من للتبعيض، لأن الإيمان إنما
يجب ما قبله من الذنوب لا ما بعده. وقيل: لابتداء الغاية.
وقيل: زائدة، وهو مذنب، قال ابن عطية: كوفي، وأقول: أخفشي لا
كوفي، لأنهم يشترطون أن تكون بعد من نكرة، ولا يبالون بما
قبلها من واجب أو غيره، والأخفش يجيز مع الواجب وغيره. وقيل:
النكرة والمعرفة. وقيل: لبيان الجنس، ورد بأنه ليس قبلها ما
تبينه.
وجواب لو محذوف تقديره: لو كنتم تعلمون، لبادرتم إلى عبادته
وتقواه وطاعتي فيما جئتكم به منه تعالى.
وانتصب جهاراً بدعوتهم، وهو أحد نوعي الدعاء، ويجيء فيه من
الخلاف ما جاء في نصب هو يمشي الخوزلى.
قال الزمخشري: أو لأنه أراد بدعوتهم: جاهرتهم، ويجوز أن يكون
صفة لمصدر دعا بمعنى دعاء جهاراً: أي مجاهراً به، أو مصدراً في
موضع الحال، أي مجاهر.
ومدراراً {مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَآءَ لاَ
يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ} : من الدر، وهو صفة يستوي فيها المذكر
والمؤنث، ومفعال لا تلحقه التاء إلا نادراً، فيشترك فيه المذكر
والمؤنث. تقول: رجل محدامة ومطرابة، وامرأة محدابة ومطرابة.
{لا ترجون} : حال، {وقد خلقكم أطواراً} : جملة حالية.
يقال: القمر في السماء الدنيا، وصح كون السموات ظرفاً للقمر،
لأنه لا يلزم من الظرف أن يملأه المظروف. تقول: زيد في
المدينة، وهو في جزء منها، ولم تقيد الشمس بظرف.
وانتصاب نباتاً بأنبتكم مصدراً على حذف الزائد، أي إثباتاً، أو
على إضمار فعل، أي فنبتم نباتاً. وقال الزمخشري: المعنى أنبتكم
فنبتم، أو نصب بأنبتكم لتضمنه معنى نبتم.
{ويخرجكم اخراجاً} : أي يوم القيامة، وأكده بالمصدر وسبلاً:
ظرف.
وقرأ الجمهور: {ولا يغوث ويعوق} بغير
تنوين، فإن كانا عربيين، فمنع الصرف للعلمية ووزن الفعل، وإن
كانا عجميين، فللعجمة والعلمية. وقرأ الأشهب: ولا يغوثا ويعوقا
بتنوينهما. قال صاحب اللوامح: جعلهما فعولاً، فلذلك صرفهما.
فأما في العامة فإنهما صفتان من الغوث والعوق بفعل منهما، وهما
معرفتان، فلذلك منع الصرف لاجتماع الفعلين اللذين هما تعريف
ومشابهة الفعل المستقبل. انتهى، وهذا تخبيط. أما أولاً، فلا
يمكن أن يكونا فعولاً، لأن مادة يغث مفقودة وكذلك يعق؛ وأما
ثانياً، فليسا بصفتين من الغوث والعوق، لأن يفعلا لم يجىء
اسماً ولا صفة، وإنما امتنعا من الصرف لما ذكرناه. وقال ابن
عطية: وقرأ الأعمش: ولا يغوثا ويعوقا بالصرف، وذلك وهم لأن
التعريف لازم ووزن الفعل. انتهى. وليس ذلك بوهم، ولم ينفرد
الأعمش بذلك، بل قد وافقه الأشهب العقيلي على ذلك، وتخريجه على
أحد الوجهين، أحدهما: أنه جاء على لغة من يصرف جميع ما لا
ينصرف عند عامة العرب، وذلك لغة وقد حكاها الكسائي وغيره؛
والثاني: أنه صرف لمناسبة ما قبله وما بعده من المنون، إذ قبله
{ودّاً ولا سواعاً} ، وبعده {ونسراً} ، كما قالوا في صرف
{سلاسلاً} ، و {قواريراً قواريراً} ، لمن صرف ذلك للمناسبة.
وقال الزمخشري: وهذه قراءة مشكلة، لأنهما إن كانا عربيين أو
أعجميين ففيهما منع الصرف، ولعله قصد الازدواج فصرفهما
لمصادفته أخواتهما منصرفات {وداً وسواعاً ونسراً} ، كما قرىء:
{وضحاها} بالإمالة لوقوعه مع الممالات للازدواج. انتهى. وكان
الزمخشري لو يدر أن ثم لغة لبعض العرب تصرف كل ما لا ينصرف عند
عامتهم، فلذلك استشكلها.
{ولا تزد} : وهي معطوفة على {وقد أضلوا} ، إذ تقديره: وقال وقد
أضلوا كثيراً، فهي معمولة لقال المضمرة المحكي بها قوله: {وقد
أضلوا} ، ولا يشترط التناسب في عطف الجمل، بل قد يعطف، جملة
الإنشاء على جملة الخبر والعكس، خلافاً لمن يدعي التناسب.
|