إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَاب الثَّانِي حكم تَصْحِيح الْأَحَادِيث وتضعيفها فِي الْأَعْصَار الْمُتَأَخِّرَة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لقد ثَبت أَن الإجتهاد من الْفُرُوض الدِّينِيَّة والشعائر الإسلامية وَيسْتَمر إِلَى مَا شَاءَ الله عز وَجل حسب الوقائع والأحداث وَلَا يَنْتَهِي بِتَغَيُّر الظروف وَالْأَحْوَال وَلَا يبْلى بمرور الزَّمَان وَلَا يخْتَص بعصر دون عصر بل هُوَ منحة ربانية عَامَّة فَإِذا كَانَ كَذَلِك فَيجب الْقطع بِأَنَّهُ غير مُتَعَذر فِي أَي مجَال من المجالات لِأَن المتعذر غير مطاق والإجتهاد فِي الْمسَائِل الْفِقْهِيَّة وَطلب الحَدِيث النَّبَوِيّ وتمييزه من حَيْثُ الصِّحَّة وَالْحسن والضعف والوضع مَطْلُوب شرعا وواجب على الْعلمَاء الْأَكفاء فَلَو أوجبه الله تَعَالَى وَهُوَ مُتَعَذر لَكَانَ الله سُبْحَانَهُ قد كلف الْإِنْسَان مَا لَا يطيقه وَهَذَا يسْتَلْزم القَوْل بتكليف مَا لَا يُطَاق وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُول {وَلَا نكلف نفسا إِلَّا وسعهَا ولدينا كتاب ينْطق بِالْحَقِّ وهم لَا يظْلمُونَ} الْمُؤْمِنُونَ 62
فكرة تعذر التَّصْحِيح والتضعيف فِي مصطلح الحَدِيث

عرفنَا مِمَّا مضى فِي الْبَاب الأول من جِنَايَة التَّقْلِيد على الإجتهاد فِي الْمسَائِل الْفِقْهِيَّة فَكَانَ من الطبيعي أَن يتأثر الِاجْتِهَاد فِي تَصْحِيح الحَدِيث وتضعيفه بِشَيْء من جفوة التَّقْلِيد الجامد وتلحقه بعض رواسب القَوْل بسد بَاب الإجتهاد

(1/45)


صَاحب هَذِه الفكرة

مَعْلُوم أَن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين أَبَا عَمْرو عُثْمَان بن عبد الرحمن الشهرزوري الْمَعْرُوف بِابْن الصّلاح 577 - 643 هـ الَّذِي هُوَ أحد رواد مصطلح الحَدِيث كَانَ مِمَّن يرى وجوب تَقْلِيد الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وسد بَاب الِاجْتِهَاد فِي الْفِقْه بعدهمْ فَأدْخل فكرة منع الإجتهاد فِي التَّصْحِيح والتضعيف أَيْضا فِي كِتَابه عُلُوم الحَدِيث الْمَعْرُوف بمقدمة ابْن الصّلاح الَّذِي هُوَ من أشهر الْكتب فِي مصطلح الحَدِيث فقد قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر فِي تَعْرِيف كِتَابه وَهُوَ يبين التأريخ العلمي لعلوم الحَدِيث إِلَى أَن جَاءَ الْحَافِظ الْفَقِيه تَقِيّ الدّين أَبُو عَمْرو عُثْمَان بن الصّلاح عبد الرحمن الشهرزوري نزيل دمشق فَجمع لما ولى تدريس الحَدِيث بِالْمَدْرَسَةِ الأشرفية كِتَابه الْمَشْهُور فهذب فنونه وأملاه شَيْئا بعد شَيْء فَلهَذَا لم يحصل ترتيبه على الْوَضع المتناسب واعتنى بتصانيف الْخَطِيب المتفرقة فَجمع شتات مقاصدها وَضم إِلَيْهَا من غَيرهَا نخب فوائدها فَاجْتمع فِي كِتَابه مَا تفرق فِي غَيره فَلهَذَا عكف النَّاس عَلَيْهِ وَسَارُوا بسيره فَلَا يحصي كم ناظم لَهُ ومختصر ومستدرك عَلَيْهِ ومقتصر ومعارض لَهُ ومنتصر حَقًا هُوَ كَذَلِك كل من كتب بعده فِي عُلُوم الحَدِيث عَال على كِتَابه وَعَكَفَ عَلَيْهِ وَسَار بسيره وَوَافَقَ على مَا أثبت وقلما يُخَالف فِيمَا دون إِلَّا فِي مَسْأَلَة تعذر التَّصْحِيح فِي الْأَعْصَار المتأخره حَيْثُ قَالَ فِي مقدمته

(1/46)


إِذا وجدنَا فِيمَا يرْوى من أَجزَاء الحَدِيث وَغَيرهَا حَدِيثا صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم نجده فِي أحد الصَّحِيحَيْنِ وَلَا مَنْصُوصا على صِحَّته فِي شَيْء من مصنفات أَئِمَّة الحَدِيث الْمُعْتَمدَة الْمَشْهُورَة فَإنَّا لَا نتجاسر على جزم الحكم بِصِحَّتِهِ فقد تعذر فِي هَذِه الْأَعْصَار الِاسْتِقْلَال بِإِدْرَاك الصَّحِيح بِمُجَرَّد اعْتِبَار الْأَسَانِيد لِأَنَّهُ مَا من إِسْنَاد من ذَلِك إِلَّا وتجد فِي رِجَاله من اعْتمد فِي رِوَايَته على مَا فِي كِتَابه عريا عَمَّا يشْتَرط فِي الصَّحِيح من الْحِفْظ والضبط والإتقان فآل الْأَمر إِذا فِي معرفَة الصَّحِيح وَالْحسن إِلَى الِاعْتِمَاد على مَا نَص عَلَيْهِ أَئِمَّة الحَدِيث فِي تصانيفهم الْمُعْتَمدَة الْمَشْهُورَة الَّتِي يُؤمن فِيهَا لشهرتها من التَّغْيِير والتحريف وَصَارَ مُعظم الْمَقْصُود بِمَا يتداول من الْإِسْنَاد خَارِجا عَن ذَلِك إبْقَاء سلسلة الْإِسْنَاد الَّتِي خصت بهَا هَذِه الْأمة زَادهَا الله تَعَالَى شرفا آمين فقد خُولِفَ ابْن الصّلاح فِي هَذِه الْمقَالة من قبل كل من جَاءَ بعده من رواد عُلُوم الحَدِيث ومشاهير عُلَمَاء المصطلح كَمَا نَص عَلَيْهِ ابْن حجر قَائِلا قد اعْترض على ابْن الصّلاح كل من اختصر كَلَامه
مشاهير عُلَمَاء المصطلح يردون على ابْن الصّلاح

جزى الله تَعَالَى عُلَمَاء الْأمة خير الْجَزَاء على أَنهم لَا يخَافُونَ فِي الْحق لومة لائم وَلَا يداهنون فِي الرَّد على مَا يُخَالف الْوَاقِع وَلَا يسكتون على مَا يظْهر بُطْلَانه وأيا كَانَ قَائِله حَتَّى ينْكَشف زيفه وَيرد الْحق إِلَى نصابه انطلاقا من هَذَا المبدأ الْأَصِيل أَفَاضَ مشاهير عُلَمَاء مصطلح الحَدِيث فِي الرَّد على ابْن الصّلاح أَيْضا فِي قَوْله يتَعَذَّر التَّصْحِيح فِي الْأَعْصَار الْمُتَأَخِّرَة كَمَا أَفَاضَ

(1/47)


الْعلمَاء الرواد فِي الْفِقْه فِي الرَّد على القَوْل بسد بَاب الِاجْتِهَاد فِي الْمسَائِل الْفِقْهِيَّة وإليكم الْآن مآخذ رواد عُلَمَاء المصطلح فِي عصورهم على مقَالَة ابْن الصّلاح ليَكُون الدارس الفاحص على هدى وبصيرة من الْأَمر قَالَ محيي الدّين يحيى بن شرف النَّوَوِيّ ت 676 هـ مُعَلّقا على كَلَام ابْن الصّلاح وَالْأَظْهَر عِنْدِي جَوَازه أَي التَّصْحِيح لمن تمكن وقويت مَعْرفَته وَقَالَ أَحْمد بن عبد الحليم بن تَيْمِية ت 728 هـ وَهُوَ بصدد ذكر الْأَحَادِيث الثَّلَاثَة عِنْد البُخَارِيّ الَّتِي نازعه فِيهَا الْعلمَاء وَالْمَقْصُود هُنَا التَّمْثِيل بِالْحَدِيثِ الَّذِي يروي فِي الصَّحِيح وينازع فِيهِ بعض الْعلمَاء وَأَنه قد يكون الرَّاجِح تَارَة وَتارَة الْمَرْجُوح وَمثل هَذَا من موارد الِاجْتِهَاد فِي تَصْحِيح الحَدِيث كموارد الإجتهاد فِي الْأَحْكَام وَهَذَا لَا يكون إِلَّا صدقا وَجُمْهُور متون الصَّحِيح من هَذَا الضَّرْب نصر الإِمَام ابْن تَيْمِية على أَن الإجتهاد فِي تَصْحِيح الحَدِيث كالاجتهاد فِي الْأَحْكَام وَقَالَ بدر الدّين بن جمَاعَة ت 733 هـ وَأما مَا صَحَّ سَنَده فِي كتاب أَو جُزْء وَلم يُصَحِّحهُ إِمَام مُعْتَمد فَلَا يحكم بِصِحَّتِهِ لِأَن مُجَرّد الْإِسْنَاد لَا يَكْفِي فِيهِ والاستقلال بِهِ مُتَعَذر فِي هَذِه الْأَعْصَار قلت مَعَ غَلَبَة الظَّن أَنه لَو صَحَّ لما أهمله أَئِمَّة الْأَعْصَار الْمُتَقَدّمَة لشدَّة فحصهم واجتهادهم فَإِن بلغ أحد فِي هَذِه الْأَعْصَار أَهْلِيَّة ذَلِك والتمكن من

(1/48)


مَعْرفَته احْتمل استقلاله وَقَالَ أَيْضا بَعْدَمَا ذكر قَول ابْن الصّلاح فِي مُسْتَدْرك الْحَاكِم بِأَن فِيهِ تساهلا وَمَا انْفَرد بِتَصْحِيحِهِ لَا يجْزم بِهِ بل يَجْعَل حسنا إِلَّا أَن يظْهر ضعفه لعِلَّة أَو غَيرهَا قلت فِي قَوْله يَجْعَل حسنا نظر بل يَنْبَغِي أَن يتتبع فِي أَصله وَسَنَده وسلامته ثمَّ يحكم عَلَيْهِ لحاله وَقَالَ أَبُو الْفِدَاء إِسْمَاعِيل بن كثير الدِّمَشْقِي ت 774 هـ كَذَلِك يُوجد فِي معجمي الطَّبَرَانِيّ الْكَبِير والأوسط ومسندي أبي يعلى وَالْبَزَّار وَغير ذَلِك من المسانيد والمعاجم والفؤاد والأجزاء مَا يتَمَكَّن المتبحر فِي هَذَا الشَّأْن من الحكم بِصِحَّة كثير مِنْهُ بعد النّظر فِي حَال رِجَاله وسلامته من التَّعْلِيل الْفَاسِد وَقَالَ زين الدّين عبد الرحيم بن الْحُسَيْن الْعِرَاقِيّ ت 802 هـ لما تقدم أَن البُخَارِيّ وَمُسلمًا لم يستوعبا إِخْرَاج الصَّحِيح فَكَأَنَّهُ قيل فَمن أَيْن يعرف الصَّحِيح الزَّائِد على مَا فيهمَا فَقَالَ أَي ابْن الصّلاح خُذْهُ إِذْ تنص صِحَّته أَي حَيْثُ ينص على صِحَّته إِمَام مُعْتَمد كَأبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ والخطابي وَالْبَيْهَقِيّ فِي مصنفاتهم الْمُعْتَمدَة كَذَا قَيده ابْن الصّلاح فِي مصنفاتهم وَلم أقيد بهَا بل إِذا صَحَّ الطَّرِيق إِلَيْهِم صححوه وَلَو فِي غير مصنفاتهم أَو صَححهُ من لم يشْتَهر لَهُ تصنيف من الْأَئِمَّة كيحيى بن سعيد الْقطَّان وَابْن معِين وَنَحْوهمَا فَالْحكم كَذَلِك على الصَّوَاب

(1/49)


وَإِنَّمَا قَيده ابْن الصّلاح بالمصنفات لِأَنَّهُ ذهب إِلَى أَنه لَيْسَ لأحد فِي هَذِه الْأَعْصَار أَن يصحح الْأَحَادِيث فَلهَذَا لم يعْتَمد على صِحَة السَّنَد إِلَى من صَححهُ فِي غير تصنيف مَشْهُور وَقَالَ أَيْضا وَهُوَ بصدد الرَّد على قَول ابْن الصّلاح فِي تساهل الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك حَيْثُ حكم على مَا فِيهِ مَا لم يكن من قبيل الصَّحِيح فَهُوَ من قبيل الْحسن يحْتَج بِهِ وَيعْمل بِهِ إِلَّا أَن تظهر فِيهِ عِلّة توجب ضعفه إِن الحكم عَلَيْهِ بالْحسنِ فَقَط تحكم فَالْحق أَن مَا انْفَرد بِتَصْحِيحِهِ يتتبع بالكشف عَنهُ وَيحكم عَلَيْهِ بِمَا يَلِيهِ بِحَالهِ من الصِّحَّة وَالْحسن والضعف وَلَكِن ابْن الصّلاح رَأْيه أَنه لَيْسَ لأحد أَن يصحح فِي هَذِه الْأَعْصَار فَلهَذَا قطع النّظر عَن الْكَشْف عَلَيْهِ وَقَالَ أَيْضا مَا رَجحه النَّوَوِيّ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ عمل أهل الحَدِيث فقد صحّح جمَاعَة من الْمُتَأَخِّرين أَحَادِيث لم نجد لمن تقدمهم فِيهَا تَصْحِيحا فَمن المعاصرين لِابْنِ الصّلاح ت 643 هـ أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الملك بن الْقطَّان ت 628 هـ صَاحب كتاب بَيَان الْوَهم وَالْإِيهَام الواقعين فِي كتاب الْأَحْكَام وَقد صحّح فِي كِتَابه الْمَذْكُور عدَّة أَحَادِيث ثمَّ ذكر الْأَمْثِلَة وَمِمَّنْ صحّح أَيْضا من المعاصرين لَهُ الْحَافِظ ضِيَاء الدّين مُحَمَّد بن عبد الواحد الْمَقْدِسِي ت 643 هـ جمع كتابا سَمَّاهُ المختارة الْتزم فِيهِ الصِّحَّة

(1/50)


وَذكر فِيهِ أَحَادِيث لم يسْبق إِلَى تصحيحها فِيمَا أعلم وَتُوفِّي الضياء الْمَقْدِسِي فِي السّنة الَّتِي مَاتَ فِيهَا ابْن الصّلاح ت 643 هـ وَصحح الْحَافِظ زكي الدّين عبد العظيم بن عبد القوي الْمُنْذِرِيّ ت 656 هـ حَدِيث غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر فِي جُزْء جمع فِيهِ مَا ورد فِي ذَلِك وَتُوفِّي الزكي الْمُنْذِرِيّ سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة ثمَّ صحّح الطَّبَقَة الَّتِي تلِي هَذِه أَيْضا فصحح الْحَافِظ شرف الدّين عبد المؤمن بن خلف الدمياطي ت 705 هـ وَذكر مِثَال ذَلِك ثمَّ صحّح الطَّبَقَة الَّتِي تلِي هَذِه وهم شُيُوخنَا فصحح الشَّيْخ تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ ت 756 هـ ثمَّ ذكر مِثَال ذَلِك وَلم يزل ذَلِك دأب من بلغ أَهْلِيَّة ذَلِك مِنْهُم إِلَّا أَن فيهم من لَا يقبل ذَلِك مِنْهُم وَكَذَا كَانَ المتقدمون رُبمَا صحّح بَعضهم شَيْئا فَأنْكر عَلَيْهِ تَصْحِيحه وَالله أعلم وَقَالَ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْوَزير الْيَمَانِيّ ت 840 هـ

(1/51)


الضَّرْب الثَّانِي من ضربي التَّصْحِيح أَن لَا ينص على صِحَة الحَدِيث أحد من الْمُتَقَدِّمين وَلَكِن تبين لنا رجال إِسْنَاده وعرفناهم من كتب الْجرْح وَالتَّعْدِيل الصَّحِيحَة بِنَقْل الثِّقَات سَمَاعا أَو غَيره من طرق النَّقْل كالإجازة والوجادة فَهَذَا وَقع فِيهِ خلاف لِابْنِ الصّلاح فَإِنَّهُ ذكر أَنا لَا نجزم بِصِحَّة ذَلِك لعدم خلو الْإِسْنَاد فِي هَذِه الْأَعْصَار مِمَّن يعْتَمد على كِتَابه من غير تَمْيِيز لما فِيهِ وَخَالفهُ فِي دَعْوَاهُ النَّوَوِيّ فَقَالَ الْأَظْهر عِنْدِي جَوَازه لمن تمكن وقويت مَعْرفَته وَقَالَ زين الدّين هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ عمل أهل الحَدِيث وَقد ناقش شيخ الْإِسْلَام الْحَافِظ ابْن حجر ت 852 هـ رَأْي الشَّيْخ ابْن الصّلاح ورأي الْمُخَالفين لَهُ مناقشة علمية دقيقة مفصلا كَمَا نَقله السُّيُوطِيّ فَقَالَ قَالَ شيخ الْإِسْلَام قد اعْترض على ابْن الصّلاح كل من اختصر كَلَامه وَكلهمْ دفع فِي صدر كَلَامه من غير إِقَامَة دَلِيل وَلَا بَيَان تَحْلِيل وَمِنْه من احْتج بمخالفة أهل عصره وَمن بعده لَهُ فِي ذَلِك كَابْن الْقطَّان ت 628 هـ والضياء الْمَقْدِسِي ت 643 هـ والزكي الْمُنْذِرِيّ ت 656 هـ وَمن بعدهمْ كَابْن الْمواق ت 721 هـ والدمياطي ت 750 هـ والمزي ت 742 هـ وَنَحْوهم وَلَيْسَ بوارد لِأَنَّهُ لَا حجَّة على ابْن الصّلاح بِعَمَل غَيره وَإِنَّمَا يحْتَج عَلَيْهِ بِإِبْطَال دَلِيل أَو معارضته بِمَا هُوَ أقوى مِنْهُ وَمِنْهُم من قَالَ لَا سلف لَهُ فِي ذَلِك وَلَعَلَّه بناه على جَوَاز خلو الْعَصْر من الْمُجْتَهد وَهَذَا إِذا انْضَمَّ إِلَى مَا قبله من أَنه لَا سلف لَهُ فِيمَا ادَّعَاهُ وَعمل أهل عصره

(1/52)


وَمن بعدهمْ على خلاف مَا قَالَ انتهض دَلِيلا للرَّدّ عَلَيْهِ قَالَ ثمَّ إِن فِي عباراته مناقشات مِنْهَا قَوْله فَإنَّا لَا نتجاسر ظَاهره أَن الأولى ترك التَّعَرُّض لَهُ لما فِيهِ من التَّعَب وَالْمَشَقَّة وَإِن لم ينْهض إِلَى دَرَجَة التَّعَذُّر فَلَا يحسن قَوْله بعد تعذر وَمِنْهَا أَنه ذكر مَعَ الضَّبْط الْحِفْظ والإتقان وَلَيْسَت مُتَغَايِرَة وَمِنْهَا أَنه قَابل بِعَدَمِ الْحِفْظ وجود الْكتاب فأفهم أَنه يعيب من حدث من كِتَابه ويصوب من حدث عَن ظهر قلبه وَالْمَعْرُوف من أَئِمَّة الحَدِيث خلاف ذَلِك وَحِينَئِذٍ فَإِذا كَانَ الرَّاوِي عدلا وَلَكِن لَا يحفظ مَا يسمعهُ عَن ظهر قلب وَاعْتمد مَا فِي كِتَابه فَحدث مِنْهُ فقد فعل اللَّازِم لَهُ فَحَدِيثه على هَذِه الصُّورَة صَحِيح قَالَ وَفِي الْجُمْلَة مَا اسْتدلَّ بِهِ ابْن الصّلاح من كَون الْأَسَانِيد مَا مِنْهَا إِلَّا وَفِيه من لم يبلغ دَرَجَة الضَّبْط المشترطة فِي الصَّحِيح إِن أَرَادَ أَن جَمِيع الْإِسْنَاد كَذَلِك فَهُوَ مَمْنُوع لِأَن من جملَته من يكون من رجال الصَّحِيح وَقل أَن يَخْلُو إِسْنَاد عَن ذَلِك وَإِن أَرَادَ بعض الْإِسْنَاد كَذَلِك فَمُسلم وَلَكِن لَا ينْهض دَلِيلا على التَّعَذُّر إِلَّا فِي جُزْء ينْفَرد بروايته من وصف بذلك أما الْكتاب الْمَشْهُور الْغَنِيّ بشهرته عَن اعْتِبَار الْإِسْنَاد منا إِلَى مُصَنفه كالمسانيد وَالسّنَن مِمَّا لَا يحْتَاج فِي صِحَة نسبتها إِلَى مؤلفها إِلَى اعْتِبَار إِسْنَاد معِين فَإِن المُصَنّف مِنْهُم إِذا روى حَدِيثا وَوجدت الشَّرَائِط فِيهِ مَجْمُوعَة وَلم يطلع الْمُحدث المتقن المطلع فِيهِ على عِلّة لم يمْتَنع الحكم بِصِحَّتِهِ وَلَو لم ينص عَلَيْهَا أحد من الْمُتَقَدِّمين

(1/53)


قَالَ ثمَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامه من قبُول التَّصْحِيح من الْمُتَقَدِّمين ورده من الْمُتَأَخِّرين قد يسْتَلْزم رد مَا هُوَ صَحِيح وَقبُول مَا لَيْسَ بِصَحِيح فكم من حَدِيث حكم بِصِحَّتِهِ إِمَام مُتَقَدم اطلع الْمُتَأَخر فِيهِ على عِلّة قادحة تمنع من الحكم بِصِحَّتِهِ وَلَا سِيمَا إِن كَانَ ذَلِك الْمُتَقَدّم مِمَّن لَا يرى التَّفْرِقَة بَين الصَّحِيح وَالْحسن كَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان قَالَ وَالْعجب مِنْهُ أَي من ابْن الصّلاح كَيفَ يَدعِي تَعْمِيم الْخلَل فِي جَمِيع الْأَسَانِيد الْمُتَأَخِّرَة ثمَّ يقبل تَصْحِيح الْمُتَقَدّم وَذَلِكَ التَّصْحِيح إِنَّمَا يتَّصل للمتأخر بِالْإِسْنَادِ الَّذِي يَدعِي فِيهِ الْخلَل فَإِن كَانَ ذَلِك الْخلَل مَانِعا من الحكم بِصِحَّة الْإِسْنَاد فَهُوَ مَانع من الحكم بِقبُول ذَلِك التَّصْحِيح وَإِن كَانَ لَا يُؤثر فِي الْإِسْنَاد فِي مثل ذَلِك لشهرة الْكتاب كَمَا يرشد إِلَيْهِ كَلَامه فَكَذَلِك لَا يُؤثر فِي الْإِسْنَاد الْمعِين الَّذِي يتَّصل بِهِ رِوَايَة ذَلِك الْكتاب إِلَى مُؤَلفه وينحصر النّظر فِي مثل أَسَانِيد ذَلِك المُصَنّف مِنْهُ فَصَاعِدا وَلَكِن قد يقوى مَا ذهب إِلَيْهِ ابْن الصّلاح بِوَجْه آخر وَهُوَ ضعف نظر الْمُتَأَخِّرين بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُتَقَدِّمين وَقيل إِن الْحَامِل لِابْنِ الصّلاح على ذَلِك أَن الْمُسْتَدْرك للْحَاكِم كتاب كَبِير جدا يصفو لَهُ مِنْهُ صَحِيح كثير وَهُوَ مَعَ حرصه على جمع الصَّحِيح غزير الْحِفْظ كثير الِاطِّلَاع وَاسع الرِّوَايَة فيبعد كل الْبعد أَن يُوجد حَدِيث بشرائط الصِّحَّة لم يُخرجهُ وَهَذَا قد يقبل لكنه لَا ينْهض دَلِيلا على التَّعَذُّر قلت والأحوط فِي مثل ذَلِك أَن يعبر عَنهُ بِصَحِيح الْإِسْنَاد وَلَا يُطلق التَّصْحِيح لاحْتِمَال عِلّة للْحَدِيث خفيت عَلَيْهِ وَقد رَأَيْت من يعبر خشيَة من ذَلِك

(1/54)


بقوله صَحِيح إِن شَاءَ الله وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الرحمن السخاوي ت 902 هـ بعد ذكر قَول ابْن الصّلاح فِي الْمُسْتَدْرك للْحَاكِم وَأَنه جعل مَا لم يكن مردودا من أَحَادِيثه دائرا بَين الصِّحَّة وَالْحسن احْتِيَاطًا وَحِينَئِذٍ فَلم يتحكم بِغَيْر دَلِيل نعم جر سَده بَاب التَّصْحِيح إِلَى عدم تَمْيِيز أَحدهمَا من الآخر لاشْتِرَاكهمَا كَمَا صرح بِهِ فِي الحجية وَالْحق كَمَا أرشد إِلَيْهِ الْبَدْر بن جمَاعَة أَن يتتبع الْكتاب ويكشف عَن أَحَادِيثه وَيحكم بِمَا يَلِيق بِهِ من الصِّحَّة أَو الْحسن أَو الضعْف وَقد تنبه السُّيُوطِيّ إِلَى نُكْتَة جَدِيدَة فِي هَذَا المبحث حَيْثُ قَالَ لم يتَعَرَّض المُصَنّف أَي النَّوَوِيّ وَمن بعده كَابْن جمَاعَة وَغَيره مِمَّن اختصر ابْن الصّلاح والعراقي فِي الألفية والبلقيني وَأَصْحَاب النكت إِلَّا للتصحيح فَقَط وسكتوا عَن التحسين وَقد ظهر لي أَن يُقَال فِيهِ إِن من جوز التَّصْحِيح فالتحسين أولى وَمنع منع فَيحْتَمل أَن يجوزه وَقد حسن الْمزي حَدِيث طلب الْعلم فَرِيضَة مَعَ تَصْرِيح الْحفاظ بتضعيفه وَحسن جمَاعَة كَثِيرُونَ أَحَادِيث صرح الْحفاظ بتضعيفها ثمَّ تَأَمَّلت كَلَام ابْن الصّلاح فرأيته سوى بَينه وَبَين التَّصْحِيح حَيْثُ قَالَ فآل الْأَمر إِذا فِي معرفَة الصَّحِيح وَالْحسن إِلَى الِاعْتِمَاد على مَا نَص عَلَيْهِ أَئِمَّة الحَدِيث فِي كتبهمْ إِلَى آخِره

(1/55)


وَقد منع وَوَافَقَ عَلَيْهِ المُصَنّف وَغَيره أَن يجْزم بِتَضْعِيف الحَدِيث اعْتِمَادًا على ضعف إِسْنَاده لاحْتِمَال أَن يكون لَهُ إِسْنَاد صَحِيح غَيره فَالْحَاصِل أَن ابْن الصّلاح سد بَاب التَّصْحِيح والتحسين والتضعيف على أهل هَذَا الزَّمَان لضعف أهليتهم وَإِن لم يُوَافق على الأول وَلَا شكّ أَن الحكم بِالْوَضْعِ أولى بِالْمَنْعِ قطعا إِلَّا حَيْثُ لَا يخفى كالأحاديث الطوَال الرَّكِيكَة الَّتِي وَضعهَا الْقصاص أَو مَا فِيهِ مُخَالفَة لِلْعَقْلِ أَو الْإِجْمَاع وَأما الحكم للْحَدِيث بالتواتر أَو الشُّهْرَة فَلَا يمْتَنع إِذا وجدت الطّرق الْمُعْتَبرَة فِي ذَلِك وَيَنْبَغِي التَّوَقُّف على الحكم بالفردية والغرابة وَعَن الْعِزَّة أَكثر وَقَالَ زين الدّين زَكَرِيَّا بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ السنكي ت 925 هـ فَابْن الصّلاح جعل مَا انْفَرد الْحَاكِم بِتَصْحِيحِهِ وَلم يكن مردودا دائرا بَين الصَّحِيح وَالْحسن احْتِيَاطًا لَا حسنا مُطلقًا كَمَا اقْتَضَاهُ النّظم وَإِن جرى عَلَيْهِ النَّوَوِيّ وَغَيره مَعَ أَن فِي ذَلِك تحكما وَيُمكن تَصْحِيح ذَلِك بِأَن يُقَال إِنَّه حسن فِي الحكم من حَيْثُ الحجية وَإِن لم يتَمَيَّز فِيهِ الصَّحِيح من الْحسن اصْطِلَاحا وَالْحق أَن يتتبع كِتَابه بالكشف عَنهُ وَيحكم بِمَا يَلِيق بِهِ من الصِّحَّة وَالْحسن والضعف وَلما كَانَ رَأْي ابْن الصّلاح أَنه لَيْسَ لأحد فِي هَذِه الْأَعْصَار أَن يصحح حَدِيثا قطع النّظر عَن تتبع ذَلِك وَقَالَ جمال الدّين القاسمي ت 1332 هـ بعد مَا نقل كَلَام ابْن الصّلاح فِي تعذر التَّصْحِيح

(1/56)


وَقد اقتفى أثر ابْن الصّلاح فِي كل مَا ذكره من جَاءَ بعده إِلَّا فِي تعذر التَّصْحِيح فِي الْأَعْصَار الْمُتَأَخِّرَة فخالفه فِيهِ جمع مِمَّن لحقه ثمَّ ذكر ردود الْعلمَاء على ابْن الصّلاح فِي هَذَا الْأَمر وَقَالَ أَحْمد مُحَمَّد شَاكر ذهب ابْن الصّلاح إِلَى أَنه قد تعذر فِي هَذِه الْأَعْصَار الِاسْتِقْلَال بِإِدْرَاك الصَّحِيح بِمُجَرَّد اعْتِبَار الْأَسَانِيد وَمنع بِنَاء على هَذَا من الْجَزْم بِصِحَّة حَدِيث لم نجده فِي أحد الصَّحِيحَيْنِ وَلَا مَنْصُوصا على صِحَّته فِي شَيْء من مصنفات أَئِمَّة الحَدِيث الْمُعْتَمدَة الْمَشْهُورَة وَبنى على قَوْله هَذَا أَن مَا صَححهُ الْحَاكِم من الْأَحَادِيث وَلم نجد فِيهِ لغيره من المعتمدين تَصْحِيحا وَلَا تضعيفا حكمنَا بِأَنَّهُ حسن إِلَّا أَن يظْهر فِيهِ عِلّة توجب ضعفه وَقد رد الْعِرَاقِيّ وَغَيره قَول ابْن الصّلاح هَذَا وأجازوا لمن تمكن وقويت مَعْرفَته أَن يحكم بِالصِّحَّةِ أَو بالضعف على الحَدِيث بعد الفحص عَن إِسْنَاده وَعلله وَهُوَ الصَّوَاب وَالَّذِي أَرَادَ أَن ابْن الصّلاح ذهب إِلَى مَا ذهب إِلَيْهِ بِنَاء على القَوْل بِمَنْع الِاجْتِهَاد بعد الْأَئِمَّة فَكَمَا حظروا الِاجْتِهَاد فِي الْفِقْه أَرَادَ ابْن الصّلاح أَن يمْنَع الِاجْتِهَاد فِي الحَدِيث وهيهات فَالْقَوْل بِمَنْع الِاجْتِهَاد قَول بَاطِل لَا برهَان عَلَيْهِ من كتاب وَلَا سنة وَلَا تَجِد لَهُ شبه دَلِيل هَكَذَا أبطل الْعلمَاء الفطاحل دَعْوَى تعذر الِاجْتِهَاد فِي الْمسَائِل الْفِقْهِيَّة وَفِي

(1/57)


الحكم على الحَدِيث فِي الْأَعْصَار الْمُتَأَخِّرَة على السوَاء وَقد ألف الْأَمِير الصَّنْعَانِيّ ت 1182 هـ رِسَالَة مُسْتَقلَّة فِي بطلَان هَذِه الدَّعْوَى أسماها بإرشاد النقاد إِلَى تيسير الِاجْتِهَاد فأجاد وَأفَاد وَقَالَ إِنَّه لَا مانه لمن وجد فِي هَذِه الْأَعْصَار حَدِيثا لم يسْبق عَلَيْهِ كَلَام إِمَام من الْأَئِمَّة بتصحيح وَلَا غَيره فتتبع كَلَام أَئِمَّة الرِّجَال فِي أَحْوَال رُوَاته حَتَّى حصل لَهُ من كَلَامهم ثِقَة رِوَايَته أَو عدمهَا فَجزم بِأَيِّهِمَا على الحَدِيث كَمَا جزم من قبله من أَئِمَّة التَّصْحِيح والتضعيف من مثل البُخَارِيّ وَغَيره ومستنده فِي ذَلِك مُسْتَند من قبله غَايَة الْفرق أَنه كثر الوسائط فِي حَقه لتأخر عصره وَهَذَا مُوجب لمَشَقَّة الْبَحْث عَلَيْهِ لِكَثْرَة الروَاة الَّذين يبْحَث عَن أَحْوَالهم وَلَكِن رُبمَا كَانَ ثوابهم أَكثر لزِيَادَة مشقة الْبَحْث هَذَا إِذا كَانَت طَرِيق الْمُتَأَخر هِيَ الرِّوَايَة وَأَرَادَ معرفَة أَحْوَال شُيُوخه وتحقيقها حَتَّى يبلغ إِلَى مؤلف الْكتاب الَّذِي قَرَأَهُ وَأما إِذا كَانَت طَريقَة الْإِجَازَة أَو الوجادة فَإِنَّهُ لَا كَثْرَة للوسائط أصلا بل هُوَ كالقدماء فِي ذَلِك وَحِينَئِذٍ فَيكون مُجْتَهدا فِيمَا حكم بِصِحَّتِهِ مثلا فَإِنَّهُ كَمَا أَنه لَا محيص عَن القَوْل بِأَن تَصْحِيح الْأَئِمَّة الْأَوَّلين اجْتِهَاد فَإِنَّهُ إِنَّمَا بنوه على مَا بلغ إِلَيْهِم من أَحْوَال الروَاة ففرعوا عَلَيْهِ التَّصْحِيح وجعلوه عبارَة عَن ثِقَة الروَاة وضبطهم كَذَلِك لَا محيص عَن القَوْل بَان مَا صَححهُ من بعدهمْ إِلَى يَوْمنَا هَذَا أَو ضَعَّفُوهُ أَو حسنوه حكمه مَا قَالَه الْأَولونَ من الْأَئِمَّة إِذْ الأَصْل فِي الْكل وَاحِد وَهُوَ قبُول أَخْبَار من سلف عَن أَحْوَال الروَاة وصفاتهم وَإِلَّا كَانَ القَوْل بِخِلَاف هَذَا تحكما لَا يَقُول بِهِ عَالم وَإِذا عرفت هَذَا عرفت ضعف مَا قَالَه ابْن الصّلاح بل بُطْلَانه من أَنه

(1/58)


لَيْسَ لنا الْجَزْم بالتصحيح فِي هَذِه الْأَعْصَار وَقد خَالفه النَّوَوِيّ وَرجح زين الدّين كَلَام النَّوَوِيّ وَهُوَ الْحق إِن كَلَام الْأَمِير هَذَا حَقًا أَمِير الْكَلَام فِي هَذَا الْمَوْضُوع ومسك الختام هُنَا انْتهى مَا أردْت تَقْيِيده وأسأل الله تَعَالَى أَن أكون قد وفقت لإِثْبَات مَا رَأَيْت من الْحق فَإِن أصبت فَمِنْهُ سُبْحَانَهُ وَإِن أَخْطَأت فمني وَمن الشَّيْطَان ونعوذ بِاللَّه من ذَلِك وأدعو الله عز وَجل أَن يرينا الْحق ويرزقنا اتِّبَاعه ويرينا الْبَاطِل بَاطِلا ويرزقنا اجتنابه كي نَكُون مِمَّن قَالَ فيهم {الَّذين يَسْتَمِعُون القَوْل فيتبعون أحْسنه أُولَئِكَ الَّذين هدَاهُم الله وَأُولَئِكَ هم أولُوا الْأَلْبَاب} الزمر 18 اللَّهُمَّ اجْعَل عَمَلي هَذَا خَالِصا لوجهك الْكَرِيم يَوْم لَا ينفع مَال وَلَا بنُون إِلَّا من أَتَى الله بقلب سليم الْحَمد لله أَولا وآخرا وَصلى الله على سيدنَا وعَلى آله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا

(1/59)