فقه اللغة وسر العربية الفصل الخامس
والأربعون: في السينات.
السين تزاد في استفعل ويقال للتي في اسْتَهْدى واسْتَوهَبَ
واسْتَعْظَمَ واسْتَسْقى سين السؤال وتُخْتَصرُ من سوف أفعل فيقال:
سأفعل ويقال لها: سين سوف. ومنها سين الصيرورة كما يقال: اسْتَنْوَقَ
الجَمَلُ واسْتَنْسَرَ البِغاثُ3 يُضربان مثلا للقويِّ يَضْعُف
وللضَّعيف يقوى. وتقارب هذه السين سين استقدم واستأخر: أي صار متقدما
ومتأخرا.
__________
1 سورة آل عمران الآية: 188.
2 سورة الانبياء الآية: 57.
3 البغاث: ما يصاب من الطيور.
(1/243)
الفصل السادس
والأربعون: في الفاءات.
منها فاء التعقيب كقولهم: مررت بزيدٍ فعمرو أي مررت بزيد وعلى عقبه
بعمرو وكما قال امرؤ القيس: [من الطويل]
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بِسِقطِ اللوى بينَ الدَّخول
فَحَومَلِ.
ومنها الفاء تكون جوابا للشرط كما يقال: إن تأتني فحسنٌ جميل وإن لم
تأتني فالعذرُ مَقبول ومنه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا
فَتَعْساً لَهُمْ} 1 وقال صاحب كتاب الإيضاح2: الفاء التي تجيء بعد
النفي والأمر والنهي والاستفهام والعرض والتمني ينتصب بها الفعل فمثال
النَّفي: ما تأتيني فأُعْطيك ومنه قوله تعالى: {وَمَا مِنْ حِسَابِكَ
عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ}
3 ومثال آخر كقولك: ائتني فأعرِفَ بك ومثال النَّهي كقولك: لا
تَنْقَطِعْ عنَّا فَنَجْفوَك. وفي القرآن: {وَلا تَطْغَوْا فِيهِ
فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} 4 ومثال الاستفهام كقولك: أما تأتينا
فتُحَدِّثَنا ومثال العرض: ألا تنزِلُ عندنا فَتُصيبُ خَيراً ومثال
التمنِّي: ليتَلي مالا فأعطيك.
الفصل السابع والأربعون: في الكافات.
تقع الكاف في مخاطبة المذكّر مفتوحة وفي مخاطبة المؤنَّث مكسورة نحو
قولك: لكَ ولَكِ. وتدخل في أول الإسم للتشبيه فتخفضه نحو قولك: زيد
كالأسد وهند كالقمر. قال الأخفش5: قد تكون الكاف دالَّة على القرب
والبعد كما تقول: للشيء القريب منك: ذا وللشيء البعيد منك: ذاك. وقد
تكون الكاف زائدة كقوله عزَّ وجلَّ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} 6
وتكون للتّعجب كما يقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبّأة.
الفصل الثامن والأربعون: في اللامات.
اللام تقع زائدة في قولك: وإنَّما هو ذلك. ومنها لام التأكيد وإنّما
يقال لهذه اللام لام
__________
1 سورة محمد الآية: 8.
2 وهو الإيضاح في النحو لأبي القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي.
3 سورة الأنعام الآية: 52.
4 سورة طه الآية: 81.
5 لقب الأخفش أطلق على ثلاثة من كبار النحويين: وهم الأخفش الأكبر توفي
سنة 77 هـ 792م الأخفش الأوسط 215هـ 839م والأخفش الأصغر 315هـ 927م.
6 سورة الشورى الآية: 11.
(1/244)
الإبتداء نحو قوله عزّ وجلّ: {لَأَنْتُمْ
أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ} 1. ومنها في خبر إنَّ
نحو قولك: إنَّ زيداً لقائم وفي خبر الإبتداء كما قال القائل: [من
الرجز]
أُمُّ الحُلَيسِ لَعَجوزٌ شَهْرَبَهْ.
ومنها لام الاستغاثة "بالفتح" كقولك: يا للناس فإذا أردت التعجب
"فبالكسر". ومنها لام المُلك كقولك: هذه الدّار لزيد. ولام المُلك
كقوله تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} 2
ولام السبب كقوله تعالى: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} 3
أي من أجله. عن الكسائي. وكقوله تعالى {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي}
4 أي من أجل ذكري ولام عند وكقوله عزّ وجلّ: {أَقِمِ الصَّلاةَ
لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} 5 أي عند دلوكها. ومنها
لام "بَعْدَ" كقوله صلى الله عليه وسلم: " صوموا لِرُؤيتِهِ وأفْطِروا
لِرؤيته" 6. ومنها لام التخصيص كقولك: الحمد لله فهذه لام مختصَّة في
الحقيقة بالله ومثلها قوله تعالى: {وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} 7.
ومنها لام الوقت كقولهم: لِثَلاثٍ خَلَونَ من شهرِ كذا أو لِأربع
بَقينَ من كذا قال النّابغة: [من الطويل]
تَوَهَّمتُ آياتٍ لها فعرفتها ... لِسِتَّةِ أعوام وذا العام سابعُ.
ومنها لام التعجب كقوله: لله درُّهُ ويقال: يا للعجب معناه: يا قوم
تعالوا إلى العجب وقد تجتمع التي للنداء والتي للتعجب كما قال الشاعر:
[من المتقارب]
ألا يا لَقَوْمِي لطَيْفِ الخيالِ.
ومنها لام الأمر كما تقول: ليفعل كذا وليطلق كذا وفي القرآن العزيز:
{ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} 8. ومنها لام
الجزاء كقوله عزَّ وجلَّ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً,
لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}
9.
ومنها لام العاقبة كما قال الله عز وجل: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ
لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً
__________
1 سورة الحشر الآية: 13.
2 سورة البقرة الآية: 284.
3 سورة الانسان الآية: 9.
4 سورة طه الآية: 14.
5 سورة الاسراء الآية: 78.
6 صحيح أخرجه البخاري 1909 ومسلم 1081 ح 19 من حديث أبي هريرة.
7 سورة الانفطار الآية: 19.
8 سورة الحج الآية: 29.
9 سورة الفتح: الآية 1،2.
(1/245)
وَحَزَناً} 1 وهم لم يلتقطوه لذلك ولكن صارت العاقبة إليه. وقال سابق
البربري: [من الطويل]
ولِلموتِ تَغْزو الوالداتُ سِخالَها ... كما لخراب الدّهر تبنى
المساكن.
الفصل التاسع والأربعون: في الميمات.
الميم تزاد في مِفعل ومَفعل ومُفاعلة وغيرها. وتزاد في أواخر الأسماء
للمبالغة كما زيدت في زُرقم وسُتهُم وشدقم. وقرأت في رساله الصاحب بن
عباد ولكن للتَّبَظْرم خفة. وفي "تبظرَم" زَعم غلام ثعلب أن البظر:
الخاتم وأن قولهم: "تبظرم" مشتق من ذلك وأحسبه حسب الميم تزاد في
التصاريف كما زيدت في زرقم وستهم. |