فقه اللغة وسر العربية

الفصل والثمانون: في اقتصارهم على بعض الشيء وهم يريدون كله.
ذلك من سنن العرب في قولهم: قَعَدَعلى ظهر راحلته وقول الشاعر: [من الكامل]
الواطِئينَ على صُدورِ نِعالِهِمْ.
وقول لبيد: [من الكامل]
تراك أمكنة إذا لم أرضها ... أو يَرْتَبِطْ بَعْضَ النفوسِ حِمامُها.
أراد: كلَّ النفوس وفي القرآن: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} 4 و "من" هذه للتبعيض والمراد: يَغُضُّوا أبصارهم كلَّها. وقال عزَّ ذكره: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ} 5 وقال الشاعر:
امَّا أتى خَبَرُ الزُّبَيرِ تَواضَعَتْ ... سُورُ المَدينةِ والجِبالُ الخُشَّعُ.
يعني أسوار المدينة.
الفصل الحادي والثمانون: في الاثنين يُعبَّر عنهما مرَّة وبأحدهما مرَّة.
قال الفرَّاء: تقول العرب: رأيتُ بِعَيني ورأيتُ بِعَينَيَّ والدّارُ في يَدِي وفي يَدَيَّ. وكلُّ اثنين لا يكاد أحدهما ينفرد فهو على هذا المثال كاليدين والرجلين. قال الفرزدق: [من الوافر]
ولو بَخِلَتْ بهِ وَضَنَّتْ ... لَكان عَلَيَّ لِلقَدَرِ الخِيارُ.
فقال "ضنَّت" بعد قوله يدايَ. وقال الآخر: [من الكامل]
وكأنَّ في العَينَينِ حَبَّ قَرَنْفُل ... أو سُنْبُلاً كُحِلَتْ به فانهلَّتِ.
__________
1 سورة الشعراء: الآية 173.
2 سورة الفرقان الآية: 40.
3 سورة الاحقاف الآية: 24.
4 سورة النور الآية: 30.
5 سورة الرحمن: الآية 27.

(1/267)


فقال كُحِلَت به بعد قوله "في العينينِ" وقال به. وقد ذكر القَرَنفُلَ والسُّنْبُلَ. وقال آخر: [من الطويل]
إذا ذَكَرَتْ عَيْني الزَّمانَ الذي مَضى ... بِصَحْراءَ فَلْجٍ ظَلَّتا تَكِفانِ.
وقال بعض المحدّثين: [من الطويل]
فَدَتْكَ بِعَيْنَيها المعالي فإنَّها ... بِمَجْدِكَ والفَضْلِ الشَّهير كَحيلُ.
ويقال: وقعت عينه عليه أي عيناه وفلان حسن الحاجب أي الحاجبين وأخذ بيده أي بيديه وقام على رجله أي رجليه.
الفصل الثاني والثمانون: في الجمع الذي لا واحد له من لفظه.
النِّساءُ والنَّعَم والغَنَمُ والخَيل والإبل والعالَم والرَّهطُ والنَّفَرُ والمَعْشَرُ والجُندُ والجَيشُ والثُّلَّةُ والعوذُ والمساوي والمحاسن ومُراقُ البَطنِ والمسامّ والحواسّ.