الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي

باب ذكر الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل التفقه والأمر به والحث عليه والترغيب فيه قوله عليه السلام: من يرد الله به خيرا يفقهه الدين

باب بيان الفقه، باب بيان أصول الفقه أصول الفقه: الأدلة التي يبنى عليها الفقه , وهي: كتاب الله سبحانه , وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , مما حفظ عنه خطابا وفعلا وإقرارا , وإجماع الأمة من أهل الاجتهاد , فهي ثلاثة أصول , ونحن نذكر كل أصل منها على التفصيل , وكيف يرتب بعضها

باب القول في المحكم والمتشابه

باب القول في الحقيقة والمجاز كل كلام مفيد فإنه ينقسم إلى حقيقة ومجاز: فأما الحقيقة , فهو الأصل في اللغة , وحده: كل لفظ استعمل فيما وضع له من غير نقل , فقد يكون للحقيقة مجاز , كالبحر , فإنه حقيقة في الماء المجتمع الكثير , ومجاز في الرجل العالم والفرس

باب القول في الأمر والنهي الأمر هو: قول يستدعي به القائل الفعل ممن هو دونه فأما الأفعال التي ليست بقول فإنها تسمى أمرا على سبيل المجاز , وكذلك ما ليس فيه استدعاء , كالتهديد مثل قوله تعالى: اعملوا ما شئتم , وكالتعجيز مثل قوله: قل فأتوا بعشر سور مثله

باب القول في العموم والخصوص العموم: كل لفظ عم شيئين فصاعدا , وقد يكون متناولا لشيئين , كقولك: عممت زيدا وعمرا بالعطاء , وقد يتناول جميع الجنس كقولك: عممت الناس بالعطاء , فأقله ما يتناول شيئين , وأكثره ما يستغرق الجنس وله صيغة إذا تجردت اقتضت العموم

باب القول في المبين والمجمل أما المبين فهو: ما استقل بنفسه , في الكشف عن المراد , ولم يفتقر في معرفة المراد إلى غيره , وذلك على ضربين: ضرب يفيد بنطقه , وضرب يفيد بمفهومه فالذي يفيد بنطقه هو: النص , والظاهر , والعموم فالنص: كل لفظ دل على الحكم بصريحه

باب القول في الناسخ والمنسوخ

باب القول في سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ليس فيها نص كتاب , هل سنها بوحي أم بغير وحي قال بعض أهل العلم: لم يسن رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة إلا بوحي , واحتج من قال هذا بظاهر قول الله تعالى: وما ينطق عن الهوى , إن هو إلا وحي يوحى

باب القول في السنة المسموعة من النبي صلى الله عليه وسلم والمسموعة من غيره عنه السنة على ضربين: ضرب يؤخذ من النبي صلى الله عليه وسلم مشافهة وسماعا , فهذا يجب على كل أحد من المسلمين قبوله واعتقاده , على ما جاء به من وجوب وندب , وإباحة وحظر , ومن لم يقبله

باب القول في وجوب العمل بخبر الواحد العدل قال الله سبحانه فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون

باب أوصاف وجوه السنن ونعوتها قد مضى الكلام في الإسناد , والكلام ها هنا في المتن وجملته: أن في سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم , مثل ما في كتاب الله من الحقيقة والمجاز , والخاص والعام , والمجمل والمبين , والناسخ والمنسوخ ونحن نورد من كل معنى ذكرناه شيئا

باب من العام والخاص إذا تعارض لفظان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , وكان أحدهما عاما والآخر خاصا مثل ما:

باب من المجمل والمبين

باب من الناسخ والمنسوخ

باب القول في أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخلو فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن يكون قربة أو ليس بقربة فإن لم يكن قربة فهو يدل على الإباحة , كما:

باب القول فيما يرد به خبر الواحد

باب القول في الصحابي يروي حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يعمل بخلافه إذا روى الصحابي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا , ثم روى عن ذلك الصحابي خلاف لما روى , فإنه ينبغي الأخذ بروايته , وترك ما روي عنه من فعله , أو فتياه , لأن الواجب علينا

باب تعظيم السنن والحث على التمسك بها والتسليم لها والانقياد إليها وترك الاعتراض عليها

باب القول في أن إجماع أهل كل عصر حجة وأنه لا يقف على الصحابة خاصة إذا أجمع أهل عصر على شيء , كان إجماعهم حجة , ولا يجوز اجتماعهم على الخطأ وقال داود بن علي: الإجماع: إجماع الصحابة دون غيرهم , واحتج بقوله تعالى: وكذلك جعلناكم أمة وسطا , وبقوله: كنتم

باب القول فيما يعرف به الإجماع ومن يعتبر قوله ومن لا يعتبر اعلم أن الإجماع يعرف بقول , وبفعل , وبقول وإقرار , وبفعل وإقرار فأما القول: فهو أن يتفق قول الجميع على الحكم , بأن يقولوا كلهم , هذا حلال أو حرام وأما الفعل: فهو أن يفعلوا كلهم الشيء وأما القول

باب القول في أنه يجب اتباع ما سنه أئمة السلف من الإجماع والخلاف , وأنه لا يجوز الخروج عنه إذا اختلف الصحابة في مسألة على قولين , وانقرض العصر عليه , لم يجز للتابعين أن يتفقوا على أحد القولين , فإن فعلوا ذلك لم يزل خلاف الصحابة والدليل عليه أن الصحابة

باب ما جاء في القول الواحد من الصحابة إذا قال بعض الصحابة قولا , ولم ينتشر في علماء الصحابة , ولم يعرف له مخالف , لم يكن ذلك إجماعا , وهل هو حجة أو لا؟ فيه قولان: أحدهما: أنه حجة والقول الثاني: أنه ليس بحجة فمن ذهب إلى القول الأول احتج بأن الصحابي ل

باب القول في الاحتجاج لصحيح القياس ولزوم العمل به قال الله سبحانه: يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم فنص الله تعالى على وجوب الجزاء من النعم في المقتول من الصيد , ولم ينص على ما يعتبر من

باب في سقوط الاجتهاد مع وجود النص

باب الكلام في ذكر ما يشتمل القياس عليه القياس يشتمل على أربعة أشياء: على: الفرع , والأصل , والعلة , والحكم فأما الفرع: فهو ما ثبت حكمه بغيره وأما الأصل: فهو ما عرف حكمه بلفظ تناوله , أو ما عرف حكمه بنفسه , ويستعمل الفقهاء هذا الاسم , أعني الأصل في

باب بيان ما يدل على صحة العلة اعلم أن العلة الشرعية أمارة على الحكم , ودلالة عليه , ولا بد في رد الفرع إلى الأصل من علة تجمع بينهما , ويلزم أن يدل على صحتها , أن العلة شرعية كما أن الحكم شرعي , فكما لا بد من الدلالة على الحكم , فكذلك لا بد من الدلالة على

باب بيان ما يفسد العلة يفسد العلة أشياء: منها: أن لا يكون على صحتها دليل , فيدل ذلك على فسادها , لأنا قد بينا فيما تقدم , أن العلة شرعية , فإذا لم يكن على صحتها دليل من قبل الشرع , دل على أنها ليست بعلة , ووجب الحكم بفسادها ومنها: أن تكون منتزعة من

باب القول في تعارض العلتين وترجيح إحداهما على الأخرى اعلم أن الترجيح لا يقع بين دليلين موجبين للعلم , لأن العلم لا يتزايد , وإن كان بعضه أقوى من بعض وكذلك لا يقع الترجيح بين دليل موجب للعلم أو علة موجبة له , وبين دليل أو علة يوجب كل واحد منهما الظن لما

باب الكلام في: استصحاب الحال استصحاب الحال ضربان: أحدهما: استحباب حال العقل والثاني: استصحاب حال الإجماع فأما استصحاب حال العقل فهو: الرجوع إلى براءة الذمة في الأصل , وذلك طريق يفزع المجتهد إليه عند عدم أدلة الشرع , مثاله: أن يسأل شافعي عن الوتر

باب القول في: حكم الأشياء قبل الشرع اختلف أهل العلم في الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع فمنهم من قال: هي على الحظر , فلا يحل الانتفاع بها ولا التصرف فيها ومنهم من قال: هي على الإباحة , فمن رأى شيئا جاز له تناوله وتملكه ومنهم من قال: إنها على الوقف

باب ترتيب استعمال الأدلة واستخراجها

باب ذكر ما تعلق به من أنكر المجادلة وإبطاله احتج من ذهب إلى إبطال الجدال , بقول الله تعالى: الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص , وبقوله تعالى: فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن

باب القول في السؤال عن الحادثة والكلام فيها قبل وقوعها

باب أدب الجدال ينبغي للمجادل , أن يقدم على جداله تقوى الله تعالى , لقوله سبحانه: فاتقوا الله ما استطعتم ولقوله: إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون

باب في السؤال والجواب وما يتعلق بهما من الكراهة والاستحباب

باب تقسيم الأسئلة والجوابات , ووصف وجوه المطاعن والمعارضات السؤال على أربعة أضرب , يقابل كل ضرب منها ضرب من الجواب من جهة المسئول فأولها: السؤال عن المذهب , بأن يقول السائل: ما تقول في كذا؟ فيقابله جواب من جهة المسئول , فيقول: كذا والثاني: السؤال عن

باب الكلام في أقوال المجتهدين , وهل الحق في واحد أو كل مجتهد مصيب إذا اختلف المجتهدون من العلماء في مسألة على قولين أو أكثر , فقد ذكر عن أبي حنيفة أنه قال: كل مجتهد مصيب والحق ما غلب على ظن المجتهد , وهو ظاهر مذهب مالك بن أنس , وذكر عن الشافعي أن له في

باب الكلام في التقليد وما يسوغ منه وما لا يسوغ قد ذكرنا الأدلة التي يرجع إليها المجتهد في معرفة الأحكام , وبقي الكلام في بيان ما يرجع إليه العامي في العمل وهو التقليد وجملته أن التقليد هو: قبول القول من غير دليل والأحكام على ضربين عقلي وشرعي، فأما

باب القول فيمن يسوغ له التقليد ومن لا يسوغ أما من يسوغ له التقليد فهو العامي: الذي لا يعرف طرق الأحكام الشرعية , فيجوز له أن يقلد عالما , ويعمل بقوله , قال الله تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون

باب في فضل العلم والعلماء

باب: إخلاص النية والقصد بالتفقه وجه الله عز وجل ينبغي لمن اتسع وقته وأصح الله تعالى له جسمه , وحبب إليه الخروج من طبقة الجاهلين , وألقى في قلبه العزيمة على التفقه في الدين , أن يغتنم المبادرة إلى ذلك , خوفا من حدوث أمر يقتطعه عنه , وتجدد حال يمنعه منه ,

باب التفقه في الحداثة وزمن الشبيبة

باب حذف المتفقه العلائق كان بعض الفلاسفة لا يعلم أحدا يتعلق بشيء من الدنيا , ويقول: العلم أجل من أن يشتغل عنه بغيره

باب اختيار الفقهاء الذين يتعلم منهم ينبغي للمتعلم أن يقصد من الفقهاء من اشتهر بالديانة , وعرف بالستر والصيانة

باب تعظيم المتفقه الفقيه وهيبته إياه وتواضعه له

باب: ترتيب أحوال المبتدئ بالتفقه ينبغي للمبتدئ إذا حضر مجلس التفقه , أن يقرب من الفقيه , حتى يكون بحيث لا يخفى عنه شيء مما يقوله , ويصمت ويصغي إلى كلامه

باب القول في التحفظ وأوقاته وإصلاح ما يعرض من علله وآفاته اعلم أن للحفظ ساعات , ينبغي لمن أراد التحفظ أن يراعيها وللحفظ أماكن ينبغي للمتحفظ أن يلزمها فأجود الأوقات: الأسحار , ثم بعدها وقت انتصاف النهار , وبعدها الغدوات دون العشيات , وحفظ الليل أصلح من

باب: ذكر مقدار ما يحفظه المتفقه اعلم أن القلب جارحة من الجوارح , تحتمل أشياء , وتعجز عن أشياء , كالجسم الذي يحتمل بعض الناس أن يحمل مائتي رطل , ومنهم من يعجز عن عشرين رطلا , وكذلك منهم من يمشي فراسخ في يوم , لا يعجزه , ومنهم من يمشي بعض ميل , فيضر ذلك

باب: ذكر أخلاق الفقيه وآدابه وما يلزمه استعماله مع تلاميذه وأصحابه يلزم الفقيه أن يتخير من الأخلاق أجملها , ومن الآداب أفضلها , فيستعمل ذلك مع البعيد والقريب , والأجنبي والنسيب , ويتجنب طرائق الجهال , وخلائق العوام والأرذال

باب آداب التدريس إذا أراد الفقيه الخروج إلى أصحابه ليذكر لهم دروسهم فينبغي له أن يتفقد حاله قبل خروجه , فإن كان جائعا أصاب من الطعام ما يسكن عنه فورة الجوع

باب: القول فيمن تصدى لفتاوى العامة وما ينبغي أن يكون عليه من الأوصاف ويستعمله من الأخلاق والآداب

باب ذكر شروط من يصلح للفتوى أول أوصاف المفتي الذي يلزم قبول فتواه: أن يكون بالغا , لأن الصبي لا حكم لقوله ثم يكون عاقلا لأن القلم مرفوع عن المجنون لعدم عقله ثم يكون عدلا ثقة , لأن القلم مرفوع عن المجنون لعدم عقله ثم يكون عدلا ثقة , لأن علماء المسلمين لم

باب الزجر عن التسرع إلى الفتوى مخافة الزلل قال الله تبارك وتعالى: ستكتب شهادتهم ويسألون وقال تعالى: ليسأل الصادقين عن صدقهم , وقال تعالى: ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد , وكانت الصحابة رضوان الله عليهم , لا تكاد تفتي إلا فيما نزل ثقة منهم بأن الله

باب ما جاء في الإحجام عن الجواب إذا خفي على المسئول وجه الصواب قال الله تعالى: وفوق كل ذي علم عليم فإذا سئل المفتي عن حكم نازلة فأشكل عليه , وهناك من هو عارف به , لزمه أن يرشد السائل إليه , ويدله عليه

باب أدب المستفتي أول ما يلزم المستفتي إذا نزلت به نازلة أن يطلب المفتي , ليسأله عن حكم نازلته فإن لم يكن في محلته وجب عليه أن يمضي إلى الموضع الذي يجده فيه فإن لم يكن ببلده لزمه الرحيل إليه , وإن بعدت داره , فقد رحل غير واحد من السلف في مسألة

باب ما يفعله المفتي في فتواه إذا لم يكن بالموضع الذي هو فيه مفت سواه لزمه فتوى من استفتاه , لقول الله تبارك وتعالى: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون

باب التمحل في الفتوى متى وجد المفتي للسائل مخرجا في مسألته , وطريقا يتخلص به , أرشده إليه , ونبهه عليه كرجل حلف أن لا ينفق على زوجته , ولا يطعمها شهرا , أو شبه هذا , فإنه يفتيه بإعطائها من صداقها , أو دين لها عليه , أو يقرضها ثم يبرئها , أو يبيعها سلعة

باب في خزن بعض ما يسمع من العلم والإمساك عنه لعذر في ذلك

باب رجوع المفتي عن فتواه إذا تبين له أن الحق في غيرها

[ معلومات الكتاب - فهرس المحتويات ]